الرؤية والأهداف

نبذة تاريخية
شهدت المنطقة العربية منذ بدايات القرن الماضي وعقب الحرب العالمية الأولى بروز اتجاهات ثقافية وفكرية عروبية تبحث عن مشروع نهضوي لهذه المنطقة من العالم، التي يجمعها تاريخ مشترك وهوية مشتركة ولغة مشتركة ومصالح مشتركة إلى حد بعيد، يُخرجها من حالة الركود والتخلّف والتبعية التي سادت فيها على مدى قرون من الهيمنة الخارجية. ودفعت الأحداث الدرامية التي شهدتها المنطقة العربية عقب الحرب العالمية الثانية وإبان حقبة الحرب الباردة، وبخاصة احتلال فلسطين وتأسيس الكيان الصهيوني التوسعي على أرضها، إلى تنامي الشعور في أوساط شعوب الأمة العربية ونخبها بضرورة تحقيق الوحدة العربية كسبيل لتحقيق النهضة والاستقلال ولمواجهة التحديات واستعادة الحقوق المسلوبة. وفي ظل هذا المناخ العربي الباحث عن مشروع نهضوي استقلالي، أخذت تتبلور فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية يساهم في تعميق الوعي وتراكم المعرفة في قضايا الأمة العربية والتحديات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، الداخلية والخارجية، التي تواجهها وتحول دون نهضتها.


انطلاقة المركز
فجاء الإعلان عن ولادة مركز دراسات الوحدة العربية لهذا الهدف من بيروت عام 1975 بيان تأسيس مركز دراسات الوحدة العربية ليصبح اليوم من أعرق مراكز الأبحاث العربية كمركز متخصص في قضايا الأمة العربية ووحدتها. وقد أصدر المركز حتى الآن أكثر من 1200 كتاب، فضلاً عن أكثر من 517 عدداً من مجلته الشهرية المستقبل العربي، وعشرات الأعداد من المجلات الفصلية العلمية المتخصصة، كما نظم المركز عشرات الندوات والمؤتمرات حول قضايا الأمة العربية وعلاقاتها الإقليمية والدولية. وتنطلق أهداف المركز من العناصر الستة للمشروع النهضوي العربي، وهي: الوحدة العربية، والديمقراطية، والتنمية المستقلة، والعدالة الاجتماعية، والاستقلال الوطني والقومي، والتجدد الحضاري. ويسعى المركز لتحقيق أهدافه من خلال جملة من المشاريع والبرامج والأنشطة، أبرزها: (1) إعداد الدراسات، الفردية أو الجماعية، (2) نشر الكتب المعدّة سلفاً من جانب باحثين عرب في المجالات التي تتقاطع مع أهداف المركز؛ (3) ترجمة الكتب المهمة الصادرة في بلدان وحضارات أخرى، يكون لنقلها إلى العربية أهمية في الاطلاع على تجارب الشعوب والحضارات والدول الأخرى والإفادة من هذه التجارب؛ (4) نشر المجلات البحثية العلمية المحكّمة، الفكرية والمتخصصة في العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية؛ (5) عقد الندوات والمؤتمرات والحلقات النقاشية المصغّرة لمتابعة القضايا الساخنة أو المحورية في المنطقة والعالم.


إنجازات المركز
لا شك أن المركز قد حقق منذ تأسيسه إنجازات رفيعة وضعته على قمة المراكز البحثية العربية المستقلة وجعلت من إصداراته مرجعاً رئيسياً للباحثين والمثقفين العرب في شتى القضايا المحورية التي تناولتها هذه الإصدارات. ويستمر في إصدار مجلته الشهرية المستقبل العربي، وهي تعبِّر إلى حدّ كبير عن حركة الفكر العربي في مواجهة قضايا الأمة العربية ومشكلاتها والتحديات المعاصرة التي تواجهها، إضافة إلى دورها في تبادل الخبرات والأفكار بين المثقفين العرب، على النحو الذي يمكن أن يساهم في تعزيز دورهم في مواجهة التحديات المعاصرة والمساهمة في صناعة مستقبل أفضل لمجتمعاتهم وأمتهم.


التحديات
مع التحولات الأخيرة التي يشهدها العالم في الألفية الجديدة، يجد المركز نفسه أمام ظروف موضوعية محلية وعالمية تتجدد معها الحاجة إلى تحقيق الأهداف التي وضعها المركز لنفسه منذ تأسيسه. ففي عالم تتقلص بين أقطابه المسافات وتحكمه التكتلات الجيواقتصادية والجيوسياسية الكبرى، تتقلص الفرص أمام الكيانات الصغيرة لتحقيق تنميتها واستقلالها ولتحررها من آفات الفقر والأمية والبطالة والهجرة القسرية والمواطنة الهشّة. وبعدما انضوت معظم مناطق العالم في تكتلات إقليمية قارية أو شبه قارية، تجد المنطقة العربية نفسها أكثر من أي وقت مضى في أمس الحاجة إلى مشروع وحدوي اليوم يحفظ لها وجودها بين الشعوب والأمم ويوفر لها شروط تحقيق نهضتها وخروجها من براثن التخلف والفقر والأمية والتشرذم والاستبداد والعنف.


رؤية المركز
وفي هذا الإطار، يسعى المركز إلى تطوير رؤيته وهيئاته الحاكمة والإدارية ونظم وأدوات عمله وآليات التواصل مع المفكرين والمثقفين العرب والشبّان والشابات العرب في داخل الوطن العربي وخارجه. ويخطط المركز للقيام ببحوث ودراسات تتعلق بقضايا عربية مهمة لها صلة بالعرب واقعاً ومستقبلاً ولها أبعاد تتجاوز المستويين الفكري والسياسي- الاقتصادي إلى المجال أو الأفق الاستراتيجي بما له من صلة وثيقة بالمستقبل والمصير.