مقالات

أوقفوا إبادة غزة وانصروا الشعب الفلسطيني

مر شهر على العدوان الغاشم على قطاع غزة، الذي تتصاعد معه يوماً بعد يوم وحشية العدو الإسرائيلي – الأمريكي في تدمير كل أوجه الحياة في القطاع، عبر القتل الجماعي للبشر فيه، أطفالًا ونساءً وشيوخًا وشبابًا، وارتكاب المجازر بلا توقف، وتدمير كل المنشآت الحضرية والخدمية والثقافية بلا تمييز، بين مسكن ومدرسة ومشفى ومسجد وكنيسة ونادٍ ثقافي ورياضي، وقطع كل موارد الحياة عن القطاع، بما فيها الماء والدواء، وخلق وضع لا يمكن وصفه بأقل من الإبادة الجماعية، بوسائل قتل تتجاوز توقعات الفعل البشري العاقل وتصوراته الميثولوجية لاصطفائه العرقي ونزعته الغريزية لصراع البقاء.

كل ذلك يحدث في قطاع غزة في ظل خنوع مريب في النظام الرسمي العربي، يبلغ لدى بعض أطرافه حدود التواطؤ، أو الجبن لدى البعض الآخر، أو الشجب الهزيل لدى بعض ثالث لا يتجاوز حدود المواقف البيانية الخجولة قياسًا على إدانات المجتمع الدولي، العاجزة عن اتخاذ أي إجراء فعلي لإيقاف هذا العدوان الوحشي، الذي تقوده وتباركه وتزوِّده بأبشع وسائل القتل وأحدثها وأذكاها، أقوى دولة “عظمى” في العالم طالما خاضت وتخوض حروبها المتنقلة في مختلف بقاع الأرض، بذريعة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الاستبداد والإرهاب، تحت شعارات “حداثية” و”تنويرية” ليبرالية مزيَّفة، كل ذلك بهدف تثبيت سيطرتها الإمبريالية على العالم، التي تمثل “إسرائيل” إحدى أشرس أذرعها العسكرية وأكثرها دموية وعنصرية، وأكثرها تهديداً واستنزافاً للوطن العربي منذ تأسيسها على أرض فلسطين عام 1948 وتحويلها إلى أكبر قوة عسكرية وقاعدة اقتصادية استعمارية وتوسعية في الشرق الأوسط.

ومع هول ما يجري في غزة من إبادة جماعية في حق مليونين وربع مليون إنسان فلسطيني، ومن سحق وتدمير للمنطقة الوحيدة المحررة من أرض فلسطين، انتقامًا منها لمقاومتها الاحتلال وإصرارها على تحرير بقية أرضها، حريٌّ بالنظام الرسمي العربي، أن يتّخذ المواقف التي تحفظ له الحد الأدنى من كرامته وشرعيته الأخلاقية والوطنية والقومية، وحتى مبرر وجوده القانوني والسياسي والمؤسسي، وأن تقطع أنظمته المطبِّعة علاقاتها مع الكيان الصهيوني المجرم، وأن تفتح الحدود أمام أي مبادرة شعبية لدعم شعب فلسطين بكل الوسائل المتاحة، وأن تستخدم ما تمتلكه من عناصر قوة سياسية أو اقتصادية للضغط عليه لوقف هذه الإبادة التي يرتكبها في غزة، بدلًا من أن تستخدم هذه الأنظمة أسلحة الدفاع الجوي لديها دفاعًا عن الكيان الصهيوني.

لكن في ظل هذا الموقف المخزي للنظام الرسمي العربي اليوم العاجز، كعادته، عن استخدام ما يملك من قوة عسكرية أو سياسية أو اقتصادية… لإيقاف حرب الإبادة في غزة، فإننا ندعو إلى أكبر عملية استنهاض شعبي، عربية وعالمية، لمختلف الفئات المهنية والعمرية، لنصرة فلسطين وأطفالها وشعبها ولوقف حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة، عبر مختلف الوسائل الصحافية والإعلامية والتواصلية والأنشطة الثقافية والملاحقات القانونية، وحملات التطوع الإغاثية والطبية، ولرفع الحصار عنها وإيصال ما يمكن إيصاله من مواد صحية وغذائية، ولدخول فرق تطوعية طبية وإغاثية، تساعد من لن تقتله قنابل الموت على البقاء حيًا.

أما بالنسبة إلى المقاومة الأبية في غزة فنؤكد أن هذه المقاومة هي الرد الطبيعي والتاريخي على غياب النظام الرسمي العربي عن القيام بدوره في تحرير الأراضي العربية المحتلة والحفاظ على الأمن القومي العربي، وهي الذراع العسكرية التحريرية لحركة التحرر العربية، وهي الأداة الفعلية المدافعة عمَّا تبقَّى من أمن قومي عربي، بعدما طغت المصالح الضيقة والمرتهنة للغرب لدى معظم الأنظمة العربية، وهي الوسيلة الأساسية لتحرير فلسطين وبقية الأراضي العربية المحتلة، بعدما تخلت الجيوش العربية، أو معظمها على الأقل، عن القيام بهذا الدور.

إن صمود المقاومة في غزة وانتصار دمها على سيف العدوان الإسرائيلي – الأمريكي سيكون انتصارًا لكل الشعب العربي ولمستقبل الأمة العربية وربما مستقبل النظام العالمي برمته.

والصبر والعون لأهل غزة وكل فلسطين

والعزة للشهداء

والنصر للمقاومة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *