المراحل الانتقالية الديمقراطية في العالم العربي و تحديات التغيير الجارى (تقرير)
الجلسة الأولى: الديمقراطية، بناء ما بعد التغيير.
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكركم على دعوتي للمشاركة في هذا المحفل الهام ، منتدى الدوحة الرابع عشر، و موْتمر إثراء المستقبل الإقتصادى للشرق الأوسط، لتبادل بعض الأفكار حول التجربة العربية والدولية في تحولات و تحديات التغيير السياسي الديمقراطي.
ولكن قبل أن نناقش جوانب هذا التحول أو الانتقال الديمقراطى، اسمحوا لي أن أستغل هذه الفرصة لأحيي جميع المؤطرين والمشاركين فى هذا المنتدى، متمنيا النجاح الكامل لأعمالكم و خصوصا لمبادراتكم المتنوعة للنهوض بعالمنا العربى وتعزيز نهجه الإصلاحى الديمقراطى.
فيما يتعلق بعملية التحول الديمقراطى فى الدول العربية، سأقدم ملخصا موجزا عن ورقتِـــى حول هذا الموضوع، متناولا أولا تعربف التحول أو الانتقال الديمقراطي ؟ و ثانيا تطوره و أبعاده فى محورين أساسيين المحور الأول يتعلق بالتحول الديمقراطي فى بعده الدولى و آثاره على التحولات الديمقراطية العربية التى سنقدمها فى المحور الثانى.
ما هو المقصود بالتحول أو الإنتقال الديمقراطي ؟
” التحول الديمقراطي” هو العملية السياسية التي تسمح بالانتقال التدريجي من النظام اشمولى أو الدكتاتوري أو الاستبدادي إلى نظام ديمقراطي فى بلدٍ ما ، و يتخذ التحول أو الانتقال الديمقراطى أشكالا مختلفة تجرى وتتجسد فى الواقع على مدى عدة سنوات. و تقيم المرحلة الانتقالية على أساس معايير متعددة من أهمها الفترة الزمنية التى تستغرق و التساع الإجماع السياسى التى تبنا عليه و عادة ما تتبع ذلك مرحلة توطيدٍ للديمقراطية بهدف ضمان الاستقرار.
تنتهي مرحلة الانتقال عندما تتحقق الديمقراطية في بلدٍ ما عن طريق التعددية الحزبية وتعزيز ثقافة التناوب السلمى علي السلطة ، و المشاركة الفعلية من طرف جميع القوى السياسية فى اختيار قادتها عبر انتخابات تنافسية حرة ونزيهة مقبولة من طرف الجميع ، تحت إشراف هيئات رقابية مستقلة، و اعتماد مبدأ فصل السلطات و الاستقلال الفعلى للقضاء، و استعمال مسطرة المراقبة الدستورية للقوانين، و تكريس دولة القانون و المواطنة و المساواة و حرية الصحافة، و ممارسة الحريات الفردية والجماعية ، و ترقية المرأة و الأقليات.
يبين التاريخ أن التحول الديمقراطي هو الحركة التي لا تتوقف أبدا ، لأنها مشروع مجتمع مثالى يتطلب باستمرار متابعة البناءَ و التحسين لأن الديمقراطية هى “سلطة الشعب التى تــــُـــمارَس من طرفه و من أجله”، وفقا للتعريف الذي قدمه الرئيس الأمريكي الراحل أبراهام لينكولن سنة 1863.
I/ التحول الديمقراطي فى بعده الدولى
- النماذج الأوروبية الأصلية و النموذج الأمريكي
تسود الثقافة الديمقراطية فى أوروبا الغربية الليبرالية و الصناعية، وقد بدأت منذ مدة طويلة بالثورات البريطانية 1688، و الفرنسية 1789 ، و تتوطد فيها بشكل متزايد، بحيث يبقى الشعب وحده السيد الحقيقي في اختيار ممثليه و قياداته السياسية، فى نظام يكرس الحرية في جميع العلاقات بين المواطنين و الدولة.
و أنجبت ابريطانيا عبر تطورها التاريخى الطويل كمملكة دستوريه ،أول نموذج ديمقراطى برلمانى عرف انتشارا واسعا فى أوروبا و العالم، بينما أنجبت فرنسا نمطا شبه رئاسى برلمانى.
أما فى أمريكا الشمالية ، فإن ثورة 1776 و دستور 1787 ، بلورا ديمقراطية متميزة عبر تاريخ طويل أدى إلى تشكل النظام الديمقراطى الرئاسى الحالى.
وقد أدى تأثير هذه الأنماط إلى اتساع تطبيقها في اوروبا الغربية و اليابان بعد الحرب العالمية الثانية و فى اوروبا الجنوبية المتوسطة فى السبعينات من القرن الماضى أى فى البرتغال، المملكة الإسبانية و اليونان و أمريكا الجنوبية و فى التسعينات فى أوروبا الشرقية وإفريقيا وبعض الدول العربية.
ب. بعض التجارب الانتقالية الديمقراطية الناجحة
فى هذا المجال سأذكِّـــر ببعض التجارب شبه المثالية أو الناجحة فى وقت قصير, فى بعض الدول لتكون معا مرجعا للاقتباس و الاستئناس للتجارب الانتقالية العربية الجارية. و قد اخترتُ من بين هذه النماذج التحول الديمقراطي للمملكة الإسبانية و أوروبا الشرقية والحالة الخاصة لجمهورية جنوب أفريقيا.
التحول الديمقراطي للمملكة الإسبانية
بعد وفاة فرانكو في نوفمبر تشرين الثاني 1975، شكل بناء الديمقراطية الهدف المشترك للغالبية العظمى من القوى السياسية بقيادة الملك اخوان كارلوس، ومثل أيضا تحديا سياسيا كبيرا، بسبب مختلف الأطراف الفاعلة المعنية وأهمية القضايا المعلقة: طبيعة النظام والمؤسسات ، الأزمة الاقتصادية ، مع الأخذ بعين الاعتبار تطلعات المناطق الانفصالية وصياغة العلاقة بين الدين / الدولة ، ودور القوات المسلحة و ممارسة ا لتعددية و الحرية.
و يمكن لنا، من وجهة نظر مؤسساتية دستورية، أن نعتبر أن المرحلة الإنتقالية تمتد من وفاة الجنرال فرانكو 1975 ، وحتى وصول فيليبي غونزاليس ، قائد حزب العمال الاشتراكي الإسباني للحكم سنة 1982.
و قد بذل الملك الجديد جهود مثمرة تجسدت فى الحصول على إجماع القوى السياسية الإسبانية في اعتمادها على عدة قرارات مهمة من بينها الاجرائات التالية:
– ما يعرف بميثاق “النسيان”)1977( فيما يخص مخلفات الحرب الأهلية بين الملكيين والجمهوريين،
– اتفاقات مونكلوا الاجتماعية بين الأحزاب السياسية والحكومة 25 أكتوبر 1977 لاستعادة القدرة على نمو الاقتصاد الإسباني ،
– قانون العفو العام بتاريخ 14 أكتوبر 1977 ،
– وأخيرا اعتماد الدستور الاسبانى 06 ديسمبر 1978.
و شكل النموذج الإسباني منذ عام 1980 مرجعا للبلدان في أوروبا الوسطى وأمريكا اللاتينية ودول البحر الأبيض المتوسط، حيث أن عملية الانتقال الاسبانية اتخذت شكل الانتقال “الممنوح” أو “الهيبة” من قبل الملك اخوان كارلوس و المجموعة المسيطرة على السلطة و في سياق استمرارية مؤسسات فرانكو التي من خلالها وضعت طريقة للديمقراطية الليبرالية ،و تسوية تفاوضية بين الإصلاحيين و المعتدلين من مهندسى الملك الجديد و قوى المعارضة من جمهوريين اشتراكيين و شيوعيين. و مكن هذا النهج الحذر و البراغماتي من التعبير المعتدل عن الارادة الشعبية بعيدا عن التطرف.
التحولات الديمقراطية في أوروبا الشرقية أو نموذج الحزب الواحد
بدأ التحول الديمقراطي في أوروبا الشرقية مع نهاية احتكار الحزب الواحد أى الأحزاب الشيوعية للسلطة السياسية وإدخال التعددية الحزبية فى النظام السياسى الجديد .
إن إرساء الديمقراطية في هذه الدول بعد الثورات السياسية فى التسعينات من القرن الماضى مثل مرحلة جديدة و قد حدث بتباطؤ و تسارع، حسب طبيعة النظام الشمولي في هذه الدولة أو تلك. و بني النظام الجديد فى المجال التشريعي على النموذج الأوروبي. و قد شهد ثلاثة إصلاحات رئيسية متداخلة : إصلاح سياسي وإصلاح اقتصادي و إصلاح تربوى.
فى هذا السياق السياسي، و تحت غطاء الديمقراطية والحرية، بدا التحول الديمقراطي بتشكيل طبقة سياسية جديدة ، تتكون من مجموعتين رئيسيتين من الأحزاب السياسية : أحزاب ليبرالية محافظة قومية و أحزاب ديمقراطية اشتراكية.
ويتميز المشهد السياسي الحالى فى أغلب هذه البلدان بالصراع بين هذين القطبين من خلال التناوب السلمى على السلطة معززا البناء الديمقراطى و مسهلا اندماجها التدريجى فى المجموعة الأروبية.
حالة جنوب إفريقيا الخاصة
عرفت جنوب أفريقيا أول انتخابات ديمقراطية 1994. و اليوم وبعد عشرين سنة أى مايو 2014 ها هى تنظم بنجاح انتخاباتها الخامسة، مكرسة تحقيق هدفها المتمثل في توطيد الديمقراطية.
إن التوترات القوية التي ظهرت في نهاية نظام الفصل العنصري والتى مكنت الأقلية البيضاء بممارسة أبشع الجرائم ضد الإتسانية فى حق الأكثرية السوداء، لم تعرقل التحضير المحكم للانتقال السلمي الديمقراطي الذى لم يتوقعه أحد.
اختارت جنوب أفريقيا تنظيم كل تفاصيل الانتقال والتحول معتمدة على القانون و الإجماع. في الواقع إن استخدام أدوات مثل، الدستور و لجنة الحقيقة و سياسات المساواة أظهرت أهمية سن قوانين جديدة لإعادة بناء الدولة للسماح بالمرور من نظام الفصل العنصري إلى نظام ديمقراطي.
إلا أنها سجلت أيضا بصفة لم يسبق لها مثيل أساسيات العدالة الانتقالية من خلال لجنة الحقيقة والمصالحة من نوع جديد . كما بدأت أيضا سياسة إصلاح ، يعتمد على مبدأ المساواة ، و مشروع إعادة الإعمار الشامل للدولة.
وتشكل جنوب أفريقيا و إعادة بناء الدولة فيها مصدر إلهام لكثير من الدول التي تمر بمرحلة انتقالية ديمقراطية.
أهم ما في هذه التجربة هو آلية ” الحقيقة والمصالحة ” التي جنبت البلد ويلات الإنتقام تحت قيادة الزعيم نلسون مانديلا الذى قاد البلاد كأول رئيس أسود لهذا البلد الإفريقى بعد نهاية نظام الفصل العنصري ، مكنته من بناء أمة ” قوس قزح “، حيث االأسود و الأبيض و الأصفر يتعايشون بسلام كمواطنين في نفس البلد .
II/التحولات الديمقراطية في العالم العربي
يبين التطور التاريخي أن بعض الدول العربية قد شهدت مرحلتين من التحول الديمقراطي.
المرحلة الأولى فى الثمانينات و التسعينات من القرن الماضى (1980-1990) ، مع التحولات الديمقراطية في جنوب المتوسط ، و المرحلة الثانية هى التحولات الديمقراطية الجارية منذ 2011.
أ. التحولات الديمقراطية العربية الأولى
تعنى هذه المرحلة الأولى أساسا مصر وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، واليمن والأردن ، أى إما أنظمة عسكرية تحولت الى نظام الحزب الواحد مثل موريتانيا، اليمن، مصر، الجزائر، تونس ، سوريا والعراق أوالى ملكيات شبه دستورية ( المغرب والأردن).
و قد أقرت بعض هذه الدول تدريجيا وعلى استحياء إصلاحات التعددية الحزبية وتعيين السلطات عن طريق الإ نتخابات و إعطاء بعض الحريات.
وعلى الرغم من هذه الإصلاحات تابعت القوى السياسية المطالب بإصلاحات ديمقراطية أعمق و إنشاء نظام أكثر انفتاحا مع التركيز على حقوق الإنسان، وحرية التعبير، وانتخابات حرة وشفافة و تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
في الواقع ، تميزت هذه الأنظمة بتركيز السلطة و عدم الانفتاح على المعارضة. كما تمت التضحية بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبعبارة أخري فإن هذه الأنظمة بدل تلبية هذه المطالب و بناء ديمقراطية حقيقية لم تهتم إلا بمحاولة توطيد استقرارها و نظامها السياسى المنقوص.
ب. طبيعة التحولات العربية الجارية منذ 2011
يبدو العالم العربي اليوم من موريتانيا إلى سوريا ، فى موجة ديمقراطية عنيفة وهشة فى نفس الوقت . إذ تسببت الثورة التونسية و المصرية فى صدمة حقيقية للإنسان العربي، و مع ذلك لم توْدي إلى حدوث تأثير الدومينو-كما كان معتقدا – الذي من شأنه تغيير كل الأنظمة الشمولية أو الاستبدادية في العالم العربي.
إن العالم العربي في الواقع، ليس كتلة متجانسة. بالتوازي مع ثورات 2011، شهدت بعض الأنظمة العربية احتجاجات شعبية محدودة مثل الجزائر، موريتانيا، ألأردن و المغرب و دول الختيج العربى.
وبالتالي فإنه من الصعب إصدار حكم مسبق على الوضع العام ، ومن المهم أن نتذكر أنه إذا كانت كلمة ديمقراطية هي الآن المصطلح السائد فى مجال السياسة ،بعد أن كانت شبه محظورة، يبقى من الأساسي تحديد و تعريف الديمقراطية التي نحلم ببنائها فى دولنا.
إن عملية تحول الأنظمة الشمولية أو العسكرية العربية ، إلى أنظمة ديمقراطية ستكون طويلة الأجل بسبب الدور الرئيسي للجيش الذى يريد الحفاظ على درجة عالية من التحكم في العملية الديمقراطية الانتقالية.
وفي هذا الصدد ، فإن حالة مصر والجزائر و موريتانيا واليمن وسوريا توضح هذا الاتجاه : إن الانتقال الديمقراطى سيكون شبه ” منحة ” من قبل الجيش أو مشروع سياسى تفاوضى معه . لأنه اذا كان قد فقد السيطرة على بعض جوانب العملية الانتقالية، فإنه ما زال يسيطر على جزء مهم منها يسعي من خلالها لإقامة نظام ديمقراطي يتوافق مع معاييره المتعلقة بالأمن القومي من خلال فرض نوع من الحكم الذاتي له في إدارة السياسة و الدولة والمجتمع.
لذا يجب على القوى السياسية معرفة التكيف مع هذه الاشكالية لانجاز المرحلة الانتقالية فى هذه الدول.
حالة سوريا والعراق
خلافا للثورتين التونسية والمصرية ، يتميز الصراع فى العراق وسوريا بطابعه الدينى –الطائفي، الذي بلور انقسامات فى المجتمع بين السنة و الشيعة (الأقلية الشيعية في العراق ، ولأقلية العلوية في سوريا) و المهيمن بين المؤيدين والمناهضين إذ تحولت السلطة السياسية والعسكرية و الإدارية ومؤسسات الدولة إلي أدوات في أيدي جماعات محاربة مانعة أي شكل من أشكال الاحتجاج للمواطنين السنة.
و المفارقة من حيث المنطق الديمقراطي لتوازن السلطة السياسية ،أن الحكم فى الدولتين، بيد الاقلية.
حالة ليبيا
يوضح الوضع في ليبيا أيضا أهمية الخصوصيات الوطنية والمحلية و هشاشة النظام السابق الذى عمل على تضعيف وتمزيق الجيش الوطنى وتهميش التعليم لكى لا تتكون نخبة قادرة على تغيير النظام و لا جيش يحمى ذلك التغيير.
إذ تواجه البلاد الآن شبه حرب أهلية وتقسيم وفوضى تغذيه مختلف القوى السياسية المتواجدة.
و يقوم المجلس الوطني الانتقالي ببطء كبير و صراع طفيلى بين مكوناته بمحاولة فرض سلطته الغائبة على التراب الوطني.
و يتميز الوضع الحالى بانعدام الأمن و تعطل الحكومة فى أداء الواجبات المسندة عادة إلى السلطات العامة (الشرطة ، المرور) و تعدد الميليشيات المسلحة والنزاع علي شرعية المجلس الوطني الانتقالي و عدم وضوح البرنامج الانتقالى وغياب خارطة طريق لتحقيق انتقال ديمقراطى.
حالة المغرب
في المغرب ، بعد موجة من الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية التي قادتها ” حركة 20 فبراير ” ، برهن الملك على نوع من المهارة السياسية والقدرة على التكيف .
فقد قام النظام الملكي بتقديم تنازلات في مواجهة الانتقادات من أهمها مسألة الفصل بين السلطات ، و الاعتراف بحقوق الإنسان الأساسية ومكافحة التمييز ، والمساواة بين الرجل والمرأة ، و حرية الرأي ، و حرية الصحافة والحق في الحصول على المعلومات ، وجعْل اللغة البربرية لغة رسمية ثانية.
اتخذت ردة فعل النظام شكل الإصلاح ألدستوري و كان الابتكار الرئيسي تعيين رئيس وزراء من الحزب السياسي الذي يحتل المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية. وبعبارة أخري بدأ بناء ملكية دستورية برلمانية حقيقية.
حالة تونس
منذ انتخابات أكتوبر 2011، انقسم المجتمع التونسي إلى قطبين متعارضين تدفعهما قيم الفئوية و المصالح الشخصية في بعض الأحيان على حساب المصلحة الوطنية و الثقافة الديمقراطية.
إن أسباب هذه الفجوة تكمن أولا في سياسة الحكومات المتعاقبة منذ الانتخابات الأخيرة ى، والتي تجاهلت طبيعة المرحلة الانتقالية. الخطأ الأول تجلى فى دفع العديد من قادة الترويكا إلى إعطاء الأولوية لتعزيز الحفاظ على السلطة و لم يأخذوا بعين الاعتبار الخصوصيات التي تحرك عملية الانتقال الديمقراطى التونسى.
على هذا الزخم ، قامت جماعات المعارضة بتطوير منهجية جديدة ضد السياسة المتبعة من قبل الترويكا و النهضة . و تميز الصراع السياسى بينهم كما لو كان الهدف هو القضاء على ” الاخر ” مهما كانت التكاليف و غير مهتمين بالظروف لنجاح العملية الديمقراطية.
على هذه الخلفية المحفوفة بالمخاطر واغتيال القادة السباسيين شكرى بلعيد و محمد ابراهمى 2013 ، بدأت الأزمة السياسية بتكوين تحالف أحزاب المعارضة مع الجبهة الشعبية والاتحاد العام التونسي للشغل الذى شكل تطورا جديدا يزن وزنه ضد الترويكا مما مهد الطريق لعملية انتقالية توافقية عبرت عن مستوى الوعى لدى الإنسان التونسى.
في يناير كانون الثاني 2014، اتخذت القوى السياسية التونسية خطوة جريئة على طريق الديمقراطية موْسسة بها الجمهورية التونسية الثانية.
اعتمد نص الدستور من قبل الجمعية التأسيسية باجماع القوى السياسية ،و استقالت الحكومة التونسية التي يهيمن عليها الاسلاميون في هدوء، و شكلت حكومة انتقالية مؤلفة من تكنوقراط مسؤولة عن تنظيم انتخابات جديدة في أواخر 2014 ( الرئاسية والتشريعية ) لإنشاء مؤسسات دستورية جديدة.
ج. آليات نجاح التحولات الديمقراطية العربية
يدخل العالم العربي مرحلة جديدة من تاريخه، تتميز بالرغبة في القطيعة مع ماض اتسم بالقمع والظلم و انعدام الأمن، وعدم اعتماد مبدأ التعددية السياسية والتنوع العرقي والديني و ممارسة الحريات الفردية و الجماعية. و يمكن لكل هذه العوامل أن تعرقل هذه التجربة الديمقراطية الجديدة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار:
– أن الانتفاضات الشعبية العربية نمت و تطورت بدون قاعدة إيديولوجية أو قائد، وغالبا ما بدأها شباب ونساء الطبقة الوسطى فى هذه المجتمعات؛ و تهدف إلى تغيير فى أغلب الأحيان نظام فردى وشمولى قمعي يقبض على السلطة السياسية والاقتصادية عن طريق أقلية نافذة.
– أن التطلعات الأولية للانتفاضات الشعبية كانت على حد سواء اجتماعية (توزيع أكثر عدلا للثروة ) وسياسية (دعوة من أجل الحرية و الكرامة ).
– أظهرت هذه الانتفاضات الشعبية العربية انقسامات اجتماعية و دينية متجذره و قوية في المجتمعات العربية (سوريا، العراق ، ليبيا، اليمن … ) : و أكدت أن الحركات الإسلامية لديها مزيد من النفوذ على حركات الاحتجاج السياسي والانتخابي (تونس، ليبيا ، مصر ، المغرب و موريتانيا ) مع أنها لم تكن هى القوة المبادرة لهذه الانتفاضات. ومع ذلك فإن التحول الديمقراطي في العالم العربي لا يمكن أن ينجح بدون التأكيد على البعد الحضارى و الثقافي و الهوية ،الذي تلعب فيه التيارات السياسية، الاسلامية والقومية و الليبرالية مكانة هامة.
– توْدى الانتفاضات الشعبية ضد الأنظمة القائمة إ لى تكلفة اقتصادية واجتماعية باهظة، توقف الحركة الاقتصادية ، انخفاض الاستثمار الخاص ، ارتفاع معدلات البطالة .وهذا أيضا يجعل منها مصدرا لخيبة أمل المواطنين .
إن التقارير المختلفة للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة توْكد هذا البعد، وبصفة خاصة الحاجة إلى إعادة بناء المجتمعات العربية من خلال إصلاحات في مجالات الحريات المدنية وحقوق الإنسان، و إدماج المرأة واكتساب المعرفة.
وقد ألهم تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن التنمية البشرية في العالم العربي 2002 المبادرة الأمريكية للشرق الأوسط الكبير 2004 . و كشف هذا التقرير ثغرات ضخمة في عدة مجالات : عدم وجود المشاركة السياسية، و الحرية والمعرفة و حقوق المرأة و التساع الفقر.
بعض الأرقام في هذا التقرير: 40 ٪ من الأمية، و البطالة( 50 مليون الشباب في سوق العمل) ، والفقر (ثلث السكان يعيشون على أقل من دولارين في اليوم) ، 6.1 ٪ تمثل استخدامات السكان الانترنت ، 5.3 ٪ فقط من النواب من النساء. كما تلاحظ عدم وجود المشاركة السياسية و النقص في الحرية؛ الفارق الكبير بين مستوى محو الأمية ومستوى الثروة و انخفاض معدل الاستثمار في البحث العلمى والتطوير ( 0.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي ) .
إن استمرار هذه الوضعية السيئة تعوق لا محالة التنمية و لا توْدى إلا لتغذية بيروقراطية مفرطة و أقلية نافذة وقضاء غير مستقل. وبعبارة أخري فإن بعض الدول العربية تعاني من فشل كبير في النظم السياسية والاقتصادية و الاجتماعية.
في ضوء هذا الوضع السيئ يتطلب التغلب على العديد من تحديات التحولات العربية الجارية، نقاش و بلورة الإقتراحات التسع التالية: 1- بلورة أجندة أو خارطة طريق انتقالية لبناء مشروع مجتمع ديمفراطى، على أساس التشاور و الإجماع بين جميع القوى السياسية من تيارات سياسية، إسلامية و قومية و ليبرالية، تتلاءم مع وضع بلدهم و عدم إعطاء الأسبقية للاستفادة الحصرية من الشرعية الانتخابية للأغلبية البرلمانية فقط . و على المدى الطويل، تطوير التربية الديمقراطية بعناية من أجل توطيد ثقافة الحوار و احترام رأى الآخر. هذا التحدي يعنى بنفس القدر الحكومات ومجموعات المعارضة و عناصر المجتمع المدني.
2-تحسين بناء النظام السياسي من خلال إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والأحزاب السياسية و المجتمع المدني. وبعبارة أخرى، فتح مجال المشاركة و تعميق النقاش بين الدولة و الشباب و المواطنين لمنحهم الخيارات السياسية الضرورية للمرحلة الانتقالية.
3- إعادة بناء الوحدة الوطنية والمصالحة مع الماضي من خلال استعادة العدالة لإعادة تثبيت الثقة بين السكان؛
4- استخدام استفتاء شعبي لإ قرار الدستور مع العلم أن اعتماد دستور ليس كافيا لبناء سياسة أمنية أو لحل الأزمة الاقتصادية وإنما هو خطوة هامة في بناء و تجسيد المشروع الديمقراطي.
5- تحديد و حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية العاجلة للسكان.لأن تأخير تلبية الاحتياجات الأساسية ، يمكن أن يؤدي إلى خيبة أمل ، وإلى اضطرابات اجتماعية أو حتى إلى العداء تجاه السلطات الانتقالية الجديدة.
6- معاملة أعضاء النظام السابق من كبار المسئولين بطريقة عادلة ومبررة و ربما حظر إعادة انتخابهم موْقة على أساس اجماع أو على الأقل توافق سياسى واسع.
7- إصلاح قانون الانتخابات لضمان انتخابات ديمقراطية وإقرار فى هذا المجال “التمثيل النسبي” في الانتخابات البرلمانية لتمثيل معظم القوى السياسية و إقرار سلطة إدارية مستقلة لتسيير انتخابات حرة وشفافة.
8- السماح للجيش بالقيام بدوره الهام في المرحلة الانتقالية باعتباره الضامن للعملية الامنية، في حين إ خضاعه للسلطات السياسية المدنية المشروعة بعد انتخابها.
9- هناك بالتأكيد القيم العالمية التي يجب الوفاء بها : إنشاء نظام قانوني لترقية و حماية حقوق الإنسان و إدخال مادة التربية الديمقراطية فى المناهج التربوية ليضمن أكبر قدر ممكن من ممارسة الحريات الفردية و الجماعية و حرية التجمع ، والتعبير…
وبعبارة أخرى، يجب أن تكون الصيغة النهائية للانتقال الديمقراطي أى خارطتها ، وتوقيتها ، محل إجماع القوى السياسية.
هذا هو السبب في أنني أعتقد أن كل دولة عربية و بصفة خاصة قواها و أحزابها السياسية يجب أن تعرف كيفية صياغة مسارها الديمقراطى.لأن كل بلد يشكل حالة فريدة و عليه القيام بتحليل شامل لوضعه السياسى من أجل بلورة لنفسه مشروعه المجتمعي الديمقراطي الخاص به.
هذا هو ما تكرسه التجارب الانتفالية الحالية فى تونس والمغرب التى تمكنت حكوماتها و أحزابها و قواها السياسية من بلورة أجندة أو خارطة طريق انتقالية، على أساس التشاور و الإجماع، تتلاءم مع و اوضاعهم ألخاصة آملين لهم ألنجاح، ففى طريق التشاور يكمن النجاح.
هذا ما نرجوه لهم آملين أيضا أن تكون تجاربهم الجارية مجال إلهام و اقتباس للآخرين. لأنه لا يوجد شيء أسوأ في التحول إلى الديمقراطية، من محاولة تطبيق نموذج مستورد و غير مطابق للحالة الخاصة للبلد.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الدوحة 12 مايو 2014
Les transitions démocratiques dans le monde arabe et les défis des changements en cours.
Je vous remercie de m’avoir invité à participer à cet important Forum, le 14ème Forum de Doha pour partager avec vous quelques réflexions sur l’expérience internationale et arabe en matière de transitions démocratiques et les défis des changements politiques actuels.
Mais avant d’aborder les aspects de cette transition, permettez-moi de saluer l’ensemble des superviseurs, encadreurs et participants et de souhaiter plein succès à ce 14ème Forum de Doha.
Pour ce qui est du processus de transition arabe, voici un bref résumé de ma communication sur ce thème :
Que faut-il entendre par Transition démocratique ?
On appelle « transition démocratique », un processus politique qui permet un passage progressif d’un régime totalitaire ou dictatorial à une démocratie pluraliste.
Selon les pays, cette transition peut prendre des formes très différentes et se dérouler en général sur plusieurs années. Elle est généralement suivie d’une phase de consolidation de la démocratie pour en assurer la stabilité.
Une transition se termine quand le pays atteint une démocratie soutenue et consolidée à travers des canaux de participation permanents, régis par le suffrage universel, le respect des élections libres, l’existence d’alternatives politiques (l’alternance pacifique), compétitives et équitables et des instances de contrôle pour valider ou annuler des élections.
Toute l’histoire de la démocratie prouve que c’est un mouvement continu, qui ne s’arrêtera jamais, car pour les hommes qui la suscitent, c’est un idéal. La démocratie n’est pas seulement une formule d’organisation politique ou une modalité d’aménagement des rapports sociaux, elle est également, un projet de société en perpétuelle construction, une valeur humaine ou « le pouvoir est exercé par le peuple et pour le peuple » conformément à la définition donnée par l’ancien Président américain Abraham Lincoln en 1863.
- Expériences internationales de transition démocratique
- Les modèles originaux européens : Britannique et Français
En Europe occidentale, la culture démocratique date de longtemps : les révolutions britanniques de 1688 et française de 1789 qui ont conduit à la construction de deux modèles démocratiques distincts : le régime parlementaire britannique et le régime semi présidentiel-parlementaire français.
Aujourd’hui, l’Europe occidentale est libérale, et consolide de plus en plus sa démocratie en consacrant le peuple comme seul souverain dans le choix de ses représentants et de ses dirigeants politiques à travers l’organisation d’élections libres, équitables et transparentes.
- Le modèle américain
La Révolution américaine de 1776 et la constitution de 1787: L’Amérique du nord, à l’instar de la Grande Bretagne à la fin du 18ème siècle, s’est dotée, elle aussi d’une véritable démocratie de type régime présidentiel. La démocratie américaine est en fait le produit d’une longue histoire qui a consacré le simple fait que les hommes sont nés égaux et se ressemblent et c’est à eux que revient le choix de désigner librement leur dirigeants politiques pour un mandat déterminé.
- La transition démocratique espagnole
A la mort de Franco en novembre 1975, la construction de la démocratie apparaissait certes comme une aspiration partagée par l’immense majorité de la population, mais elle représentait aussi un défi politique en raison des différents acteurs en présence et de l’importance des questions en attente : nature du régime et des institutions, crise économique, prise en compte des aspirations autonomistes des régions, reformulation des rapports Religion/Etat, rôle des forces armées, positionnement au plan international. D’un point de vue institutionnel, on peut considérer qu’elle s’étend de la mort du général Franco, en 1975, jusqu’à la première alternance politique, en 1982, avec l’arrivée au pouvoir de Felipe González, leader du Parti socialiste ouvrier espagnol .
Le contexte à haut risque et le souvenir de la guerre civile et des affrontements passés sont à l’origine du consensus espagnol qui a été construit sur les éléments suivants :
- Pacte d’oubli et de compromis conclu entre les élites politiques qui allait déboucher sur des élections libres (juin 1977) ;
- Les pactes économiques et sociaux de la MONCLOA signés entre les différents partis politiques et le gouvernement le 25 octobre 1977 visant à rétablir la capacité de croissance de l’économie espagnole ;
- La loi d’amnistie du 14 octobre 1977 et enfin la Constitution pluraliste espagnole du 06 décembre 1978.
Le modèle espagnol va à partir des années 1980 servir de référence pour différents pays en Europe Centrale et en Amérique Latine.
Il faut rappeler que la transition espagnole a pris la forme d’une transition octroyée par ceux qui contrôlaient le pouvoir. C’est dans le cadre d’une continuité institutionnelle et politique post franquiste que s’est dessinée la voie vers une démocratie libérale, une voie négociée entre les réformistes franquistes et les forces modérées de l’opposition (républicains, socialistes et communistes). Cette démarche faite de prudence et de pragmatisme répondait à la volonté populaire loin des extrémismes de droite ou de gauche.
- Cas de l’Afrique du Sud
En 1994, l’Afrique du Sud connaissait ses premières élections démocratiques. Aujourd’hui, vingt ans après, le pays semble avoir réussi son pari d’une Afrique du Sud démocratique lors des élections de mai 2014, marquées par la cinquième victoire consécutive de l’ANC.
Les fortes tensions qui subsistaient au sortir du régime d’apartheid ne laissaient en rien présager une transition démocratique et pacifique. La volonté des parties présentes aux négociations de parvenir à un compromis optimum et la confiance dans un État de droit ont guidé le pays dans ses choix.
L’Afrique du Sud a choisi d’encadrer les moindres détails de sa transition et de sa transformation par le droit. En effet, en faisant appel autant à des éléments caractéristiques des transitions démocratiques, comme le constitutionnalisme, qu’à des instruments plus spécifiques, tels qu’une Commission vérité et des politiques égalitaires, la République Sud-Africaine a démontré l’importance que peut revêtir le droit dans la reconstruction de l’État ( voir les deux constitutions, « intérimaire » et « définitive ») en permettant non seulement le passage du régime d’apartheid vers un régime démocratique, mais également en inscrivant les bases d’une justice transitionnelle inédite, au travers d’une Commission vérité et réconciliation d’un genre nouveau.
Les deux constitutions, « intérimaire » et « définitive » ont enfin permis l’amorcé d’une politique de réparation, aux visées égalitaires, et inscrite dans un projet global de reconstruction de l’État.
Les choix faits par l’Afrique du Sud en matière de transition et de reconstruction de l’État peuvent être source d’inspiration pour nombre d’États en transition.
Le plus instructif dans cette expérience est le mécanisme « vérité et conciliation » mis en œuvre par Mandela après la fin de l’apartheid et les élections démocratiques qui l’ont amené au pouvoir, pour construire une nation « arc en ciel » où noirs, blancs, jaunes coexistent pacifiquement en tant que citoyens d’un même pays.
- Les transitions démocratiques dans le monde arabe
- Les premières transitions arabes
Depuis le milieu des années 1970, avec les transitions démocratiques du Portugal et de l’Espagne, le vent de la démocratisation souffle dans le monde. L’évolution historique des pays arabes montre que certains pays arabes ont connu deux moments de transition démocratique. Le premier part des années 1970, avec les transitions démocratiques du sud méditerranéen, du Portugal, de l’Espagne et de la Grèce, et le deuxième, est celui des transitions démocratiques en cours depuis 2011.
Les années 1980 et 90, concerne principalement l’Egypte, la Tunisie, l’Algérie, le Maroc, la Mauritanie et la Jordanie, qui étaient soit sous des régimes autoritaires militaires ou transformés en régimes de partis uniques Egypte, Algérie, Tunisie, Mauritanie, Syrie, Iraq et Yémen, soit sous des monarchies constitutionnelles plus ou moins réformistes (Maroc, Jordanie). Ils introduiront timidement, de façon progressive, le multipartisme et les élections pluralistes.
Malgré ces premières réformes, les contestations s’exprimaient régulièrement dans ces pays pour exiger des réformes démocratiques plus profondes pour mettre en place un régime plus ouvert accordant une large place aux droits de l’homme, à des élections plus libres et transparentes et à l’amélioration des conditions de vie des citoyens.
En effet, ces régimes étaient caractérisés par la concentration des pouvoirs dans l’exécutif incarné par le guide, à travers des constitutions, souvent taillés sur mesure. Comme corollaire, les droits civils et politiques y sont nécessairement sacrifiés au profit, semble-t-il, des droits économiques, sociaux et culturels dont on peut s’interroger sur leur réalisation effective. Autrement dit, ces régimes à quelques rares exceptions, se sont plus préoccupés de la recherche de la stabilité que du bien-être de leurs populations et de la construction d’une véritable démocratie.
- Nature des transitions arabes en cours depuis 2011
De la Mauritanie à la Syrie, le monde arabe semble traversé aujourd’hui par un souffle démocratique à la fois puissant et fragile. Si la révolution tunisienne a provoqué une véritable onde de choc, elle n’a pas engendré un effet de domino qui aurait transformé tous les régimes autoritaires du monde arabe.
En fait, le « monde arabe » ne constitue pas un bloc homogène. Parallèlement aux révolutions de 2011, certains régimes arabes n’ont connu que des contestations populaires limitées (Algérie, Mauritanie, Jordanie, Maroc). Il est donc difficile de porter un jugement univoque sur la situation globale et il est important de rappeler que si le mot démocratie est désormais d’actualité dans une aire politique où il était banni, la démocratie reste à construire.
Pour les pouvoirs arabes d’origine militaire, les transitions démocratiques seront des processus à long terme en raison du rôle majeur de l’armée qui tient à garder un haut degré de contrôle du processus.
A cet égard, les cas de l’Egypte, de l’Algérie, de la Mauritanie, de la Syrie et du Yémen illustrent cette volonté : La transition est soit « octroyée » par les militaires, soit négociée et construite avec eux. Si les militaires, à l’occasion de ces changements, ont certes perdu le contrôle de certains aspects du processus, ils sont restés globalement maîtres de la situation et cherchent à forger un régime démocratique conforme à leurs critères en matière de sécurité nationale, en imposant une sorte d’autonomie de l’armée dans la gestion politique et le pilotage de l’Etat et de la société.
Cas de la Syrie, Iraq
Alors que la donne communautaire était absente des révolutions tunisienne et égyptienne, elle est au cœur de la problématique politique en Iraq, en Syrie et en Libye. Le fait que le pouvoir politique, militaire et administratif soit accaparé par une communauté religieuse (Chiite en Iraq, minorité Alaouite en Syrie cristallise les tensions et les clivages entre pro et anti communauté dominante. Les institutions du pays sont autant d’instruments aux mains du régime pour lutter contre toute forme de protestation ou de rébellion de citoyens sunnites.
Paradoxe au regard de la logique démocratique, en Syrie, le rapport de force intercommunautaire est favorable à une communauté largement minoritaire.
Cas de la Libye
La situation en Libye témoigne également de la prégnance des spécificités nationales et locales. Le pays est aujourd’hui confronté à deux spectres : la guerre civile et la partition. Le Conseil national de transition (CNT), « pouvoir central » provisoire, a du mal à imposer son autorité à Tripoli comme sur l’ensemble du territoire national.
Face à la désorganisation des pouvoirs publics, des milices armées exercent les fonctions dévolues normalement aux autorités publiques (police, circulation). La légitimité même du CNT est contestée par la population civile, qui constate son inefficacité en matière de maintien de l’ordre. Enfin, la situation financière en Libye est toujours précaire et l’économie tarde à redémarrer, mais les autorités ont pu bénéficier d’une reprise très rapide de la production d’hydrocarbures.
Cas du Maroc
Au Maroc, face à la vague de contestations sociales et politiques emmenée par le « Mouvement du 20 février », le Roi a fait montre d’une habilité politique et d’une capacité d’adaptation garantissant la pérennité de son pouvoir. Malgré cela, la monarchie a dû faire des concessions, face à des critiques de plus en plus radicales. Outre la question de la séparation des pouvoirs, des avancées sont à noter sur le plan de la reconnaissance des droits fondamentaux de la personne : la présomption d’innocence, la lutte contre les discriminations, l’égalité entre l’homme et la femme, la liberté d’opinion, le droit d’accès à l’information, le statut de seconde langue officielle pour le berbère.
La réaction du régime a pris la forme d’une réforme constitutionnelle, dont la principale innovation réside dans la désignation d’un Premier ministre issu de la formation politique qui arrive en première position lors des élections législatives. Autrement dit, une parlementarisation de la monarchie se dessine, qui reste cependant à confirmer. Des élections législatives ont été organisées fin novembre 2011, au terme desquelles un parti islamiste est arrivé en tête du scrutin avec la volonté de « moraliser la vie publique », de réduire les inégalités sociales et de rompre avec des pratiques politiques moralement inacceptables. Son programme va désormais être confronté à l’exercice du pouvoir et aux rapports avec un Roi dont les attributions le placent encore au sommet de l’État et au cœur du jeu institutionnel et politique du royaume.
Cas de la Tunisie.
Depuis les élections d’octobre 2011, la société tunisienne tend à se scinder en deux pôles quasi antagoniques où l’ancrage aux territoires, aux identités, aux intérêts catégoriels et personnels prennent de l’ampleur et se déploient parfois au détriment de l’intérêt national et de la culture démocratique.
Les raisons de ce clivage gisent d’abord dans la politique suivie par les gouvernements successifs depuis les dernières élections, qui font fi d’ignorer la nature même de la phase de transition en cours. La première erreur commise par Ennahdha et ses alliés de la Troïka est de remettre à plat le dispositif créé par les instances qui avaient initié, entre le 14 janvier et le 23 octobre 2011, le cadre juridique et institutionnel de la transition.
La primauté est donc donnée au renforcement de l’instinct de conservation qui anime bon nombre des dirigeants de la Troïka et non à la prise en compte des particularités et des spécificités qui animent la transition en cours.
Sur cette lancée, les formations de l’opposition dans leur ensemble développent des positions publiques qui se situent pour l’essentiel en opposition quasi systématique à la politique suivie par la troïka et Ennahdha. Une sorte de surenchère s’installe dans le débat public, comme si l’objectif était d’éliminer “l’adversaire” coûte que coûte et non de se focaliser sur les conditions de la réussite du processus démocratique.
Sur cette toile de fond périlleuse marquée par l’assassinat de deux dirigeants de l’opposition démocratique, Choukri Belaid et Mohamed El Ibrahimi, la crise politique de 2013 apporte une nouveauté de première importance: L’alliance de partis tels Nidaa Tounes, Joumhouri ou Massar avec le Front Populaire et l’UGTT. Cette évolution pèse son poids face à la troïka ouvrant la voie à un nouveau processus négocié de transition consensuelle.
En janvier 2014, la Tunisie a fait un pas de plus vers une démocratie plus consolidée, et inaugure sa Deuxième République, entre le doute et l’espoir. Le texte de la Constitution a été adopté par l’Assemblée constituante, le gouvernement tunisien dominé par les islamistes a démissionné dans le calme, un gouvernement de transition constitué de technocrates a été chargé d’organiser fin 2014 de nouvelles élections (législatives et présidentielles) pour mettre en place les nouvelles institutions du pays.
- Les urgences à circonscrire pour des transitions démocratiques arabes réussies
Le monde arabe entame une nouvelle phase de son histoire, en ayant la volonté de rompre avec un passé marqué par la répression et l’injustice. L’absence de sécurité, la non-adoption par certains courants islamistes (surtout salafistes) d’une vision pluraliste de la communauté politique, la diversité ethnique et confessionnelle, sont des facteurs qui pourraient faire avorter la nouvelle expérience démocratique.
Au-delà des particularismes de chacune des situations nationales de ces régimes, un certain nombre d’éléments permettent d’inscrire ceux-ci dans un seul et même mouvement historique :
– les insurrections populaires arabes visent à abattre tout à la fois un système d’exercice du pouvoir personnel, totalitaire et répressif, de captation du pouvoir politique et économique par une minorité, voire par des clans familiaux ; Elles se développent sans assise idéologique, ni leader charismatique, initiées souvent par la jeunesse et les femmes des classes moyennes ;
– les aspirations initiales des insurrections populaires sont à la fois d’ordre social (répartition plus juste des richesses) et politique (appel à la liberté et à la dignité) ;
– les insurrections sont révélatrices des clivages sociaux et religieux (Syrie, Iraq, Libye, Yémen …) qui structurent les pays concernés : fortes de leur ancrage dans la société et de leur opposition historique aux différents régimes en place, les différents courants islamistes ont le plus tirer parti sur le plan politique et électoral des mouvements de contestation (Tunisie, Libye, Égypte, Maroc et Mauritanie) dont ils ne furent pourtant ni les penseurs ni les instigateurs. Cependant, la démocratisation du monde arabe ne peut réussir sans une réaffirmation identitaire et culturelle dans laquelle les courants islamistes, nationalistes et libéraux occuperont une place relativement importante.
– les insurrections populaires et la remise en cause de l’ordre établi ont un coût économique et social, économie nationale déstructurée, investissements privés en baisse, chômage en hausse. Ce qui les rend également une source de désenchantement ;
Les différents rapports des Nations Unies de ces dernières années, dénoncent souvent le dysfonctionnement structurel des institutions et affirment la nécessité de reconstruire les sociétés arabes par des réformes dans les domaines des libertés civiques et des droits de l’homme, de l’intégration des femmes et de l’acquisition des savoirs.
Le rapport du PNUD de 2002 sur le développement humain dans le monde arabe a inspiré l’initiative américaine du Grand Moyen Orient de 2004. Ce rapport révèle d’immenses carences dans trois domaines : la liberté, le savoir et les droits des femmes.
Quelques chiffres de ce rapport : 40%d’analphabétisme, chômage avec 50 millions de jeunes sur le marché du travail, la pauvreté avec un tiers de la population qui vit avec moins de deux dollars par jour, 6,1% de la population utilise internet, 5,3% seulement des parlementaires dans les pays arabes sont des femmes. Il relève également, le manque de participation politique et le déficit de liberté ; le désaccord entre le taux d’alphabétisation et le niveau de richesse des pays, et le faible taux de l’investissement dans la recherche et le développement (0,5% du PNB) ; la persistance de modèles étatiques qui contraignent le développement des acteurs privés, et nourrissent des bureaucraties excessives et des systèmes judiciaires non indépendants.
En d’autres termes, les pays arabes souffrent d’une immense défaillance dans les systèmes politiques, économiques et sociaux.
A la lumière de ce constat, plusieurs défis sont à surmonter par les transitions arabes en cours :
1- L’attitude raisonnable dans cette première phase fragile de transition serait de privilégier le consensus dans la prise des décisions importantes en recueillant l’assentiment du plus grand nombre, et non de se prévaloir de façon exclusive de la sacro-sainte légitimité électorale (majorité parlementaire). Dans le même temps et à long-terme, il importe de concevoir une pédagogie mûrement réfléchie en vue d’inoculer la culture de la concertation. Ce défi se pose tout autant au gouvernement qu’aux formations de l’opposition démocratique et aux composantes de la société civile.
2- reconstruire le système politique en redéfinissant les rapports entre l’Etat, les partis et la société civile. En d’autres termes, en ouvrant complètement le champ de la participation, et en approfondissant le débat entre l’Etat et les citoyens pour accorder à ces derniers de véritables choix politiques.
3- reconstruire l’unité nationale et la conciliation avec le passé en rétablissant la justice pour réinstaller la confiance parmi la population ;
4- recourir à un référendum populaire pour l’adoption de la Constitution tout en sachant que l’adoption d’une Constitution ne suffit pas à renforcer une politique sécuritaire ou à régler la crise économique. Mais c’est une étape importante dans la construction de la transition démocratique.
5- régler en urgence les problèmes économiques et sociaux de la population. Les lenteurs à répondre aux besoins de première nécessité, peuvent entraîner des déceptions, des troubles sociaux voire une hostilité envers les nouvelles autorités de transition.
6- traiter les responsables de l’ancien régime de façon juste et justifiée en interdisant dans certains cas, pour une courte période aux anciens principaux responsables de se représenter aux élections sur la base d’un large consensus ou d’une majorité qualifiée des forces politiques.
7- réformer le code électoral pour garantir une élection démocratique en instituant une autorité administrative indépendante pour contrôler la régularité du scrutin et en intégrant la représentation proportionnel qui permet la présence au parlement de l’essentiel des forces politiques.
8- permettre à l’armée d’assurer son rôle important dans la phase transitoire comme garant du processus, tout en étant subordonné à un pouvoir politique démocratique légitime une fois mis en place.
9- Il y a certainement des valeurs universelles qui doivent être respectées : la création d’un système juridique garantissant les droits de l’homme ; l’assurance de la plus grande liberté d’information possible ; la garantie de la liberté d’association, de réunion, et de formation des partis politiques.
En d’autres termes, le format final de la transition démocratique, son calendrier, son envergure, les institutions qui régiront le processus de transition, doit être l’œuvre exclusive de chaque pays, et ce, avec la plus grande participation de toutes ses forces politiques présentes.
C’est la raison pour laquelle j’estime que chaque société arabe doit savoir comment forger son propre chemin. Chaque pays est unique et doit être capable de faire une autoanalyse approfondie afin de se proposer à lui-même un nouveau projet de société démocratique. Plus la participation de l’ensemble de la communauté est importante, plus les institutions qu’on construit sont fortes.
C’est ce que les expériences en cours du Maroc et de la Tunisie sont en train de consacrer. Espérons que les autres s’en inspirent. Car, au niveau de la transition vers la démocratie, il n’y a rien de pire que de calquer des modèles importés.