قراءة في أسباب الطلاق في المجتمعات العربية
إعداد : د / ديدي ولد السالك
إن المهتم بالوضع الاجتماعي العربي، يكتشف دون عناء أن هذه المجتمعات، تعاني أزمات واختلالات اجتماعية ويأتي على رأس هذه الاختلالات ظاهرة الطلاق التي باتت تؤرق الجميع، ذلك أن أرقام الطلاق تظهر واقعا مفزعا، حيث تجاوزت هذه الظاهرة في بعض الإقطارالعربية 40% رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف الطلاق بقوله :” إن ابغض الحلال إلى لله الطلاق”[1] ويعني هذا الوصف بشكل واضح وجلي خطورة الطلاق والتضييق عليه إسلاميا واعتباره استثناء وليس هو القاعدة ،كما أن القرآن الكريم وصف العلاقة الزوجية بالحميمية بقوله:” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ” [2] وهو ما يعنى تحصين العلاقات الزوجية بسياج معنوي يحميها ويبعدها عن الكثير من الاضطرابات التي تؤدي في النهاية إلي الطلاق والأمر هنا لا يقف عند الإسلام فقط، بل إن كل الشرائع السماوية حددت لكل من الزوجين حقوقه وواجباته اتجاه بعضهما البعض.
حيث دلت كثير من النصوص الإسلامية على أن مقصد الشارع هو التقليل من الإقدام على الطلاق وفي حالة حصوله وضع سياسة شرعية لتحديد إجراءاته لحفظ الحقوق المترتبة عليه.
وفي نفس الاتجاه سارت قوانين الأحوال الشخصية التي تستند في أغلبية الأقطار العربية إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وإن كانت تختلف من بلد عربي إلى آخر وفقا للمذاهب الإسلامية المعروفة ، وتتراوح بين التشدد والمرونة وحاولت في مجملها إحاطة الطلاق بكثير من القيود والضمانات، وإن تفاوتت تلك القيود والضمانات من قطر عربي إلي آخر ،رغم كل هذه المرجعيات التي تضع الكثير من القيود على الطلاق، إلا أن البشر بطبعهم لا يلتزمون دائما بما لهم وما عليهم لاختلاف طبائعهم وأمزجتهم وكذلك اختلاف مصدر وتأثير ضغوطات الحياة عليهم، وهو ما يفسر في جزء منه استمرار وانتشار ظاهرة الطلاق في مختلف المجتمعات ،فظاهرة الطلاق ظاهرة اجتماعية ،ترتبط بالإنسان في كل زمان ومكان وتعرفها كل المجتمعات المتقدمة منها والمتخلفة على حد سواء وإن كانت تختلف من مجتمع إلي آخر.
لكن هذه الظاهرة في الواقع العربي إفراز طبيعي، لما تتعرض له المجتمعات العربية من مشاكل اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية وحتى أخلاقية، وهذه الظاهرة في المجتمعات العربية أصبحت مقلقة في العقود الثلاثة الأخيرة، لكثرتها وأتساع انتشارها، مما يستدعي الاهتمام بها والاهتمام بأسبابها، لأهمية الدفاع عن كيان الأسرة العربية بوصفها الخلية الأساسية للمجتمع، حيث نصت أغلبية دساتير الأقطار العربية على: (أن الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأساسية) أي أنها هي الوحدة الأساسية للمجتمع باعتبارها مجتمعا مصغرا بصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد، مما يعني أن استقرارها يساهم في استقرار المجتمع، ومن ثم فإن سلامتها تعني سلامته، وبالتالي فأي خلل تتعرض له سوف يؤثر بالتأكيد علي البناء الاجتماعي.
ومن هنا تكمن أهمية الدفاع عن كيان الأسرة كمنطلق لتأسيس علاقات اجتماعية أكثر رسوخا وتفاديا لتفكك المجتمعات العربية، وذلك لن يكون متاحا إلا بحصر أسباب الطلاق ودراستها دراسة علمية ومحاولة تقديم التصورات الملائمة لمعالجتها، رغم انتشار هذه الظاهرة واتساع نطاقها أفقيا وعموديا وتداخل أسبابها، وهو ما يزيد من صعوبة حصر أسبابها في المجتمعات العربية وما يؤكد ذلك أن بعض الدراسات التي اهتمت بهذه الظاهرة، أظهرت أن هناك أكثر من عشرين سببا من أسباب الطلاق، ولتناول أسباب هذه الظاهرة بشيء من التفصيل سنقسم هذا الموضوع إلى أربعة محاور: في أولها نتناول مفهوم الطلاق من خلال بعض التعريفات التي قدمت له فقها وقانونا.
أما في المحور الثاني فنتناول فيه الأسباب المباشرة للطلاق.
في حين أتناول في المحور الثالث الأسباب غير المباشرة للطلاق.
وأخيرا أقدم في المحور الرابع بعض المقترحات والإجراءات التي أراها ضرورية للحد من هذه الظاهرة.
المحور الأول / تأصيل مفاهيمي :
سنحاول في هذا المحور تقديم أهم التعريفات التي تناولت الطلاق لغة واصطلاحا من خلال تعريفات قسما من الفقهاء، الذين اهتموا قديما بهذه الظاهرة الاجتماعية وأصلوها في الفقه الإسلامي، كما سنتناول تعريف الطلاق في بعض مدونات الأحوال الشخصية العربية وكيف عرفته هذه المدونات وكذلك مدي تأثرها بالفقه الإسلامي أو على الأصح مدى تقيدها به.
أولاً : الطلاق لغة :
الطلاق والإطلاق لغة رفع القيد مطلقا سواء كان هذا القيد حسيا أو معنويا، ويقال طلق رجل زوجته وأطلق زوجته إذا رفع قيد الزواج المعنوي، والعرف قصر استعمال لفظ الطلاق وما اشتق منه على حل القيد المعنوي.[3]
ثانياً : تعريف الطلاق اصطلاحا:
لقد عرفه صاحب “البهجة في شرح التحفة” بقوله:” وفي الشرع: رفع القيد الثابت حكما بعقد الزواج”[4]
أما ابن عرفة فقد عرفه في كتابه “الحدود”بقوله:”الطلاق صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بزوجته..” [5]
في حين عرفه ابن رشد في كتابه “المقدمات” بقوله:”الطلاق حل العصمة المنعقدة بين الزوجين”[6]
وقد عرفه ابن قدامه المقدسي بأنه:”حل قيد النكاح”[7]
أما محمد الخطيب الشربيني فعرفه بأنه:” حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه”[8].
بينما عرفه أحد الباحثين المعاصرين بقوله: “هو رفع قيد الزواج الصحيح في الحال أوفي المآل بلفظ يفيد ذلك صراحة أو كناية أو بما يقوم مقام اللفظ من الكتابة أو الإشارة”[9]وهذا يعني أن الطلاق هو رفع أحكام قيد الزواج الصحيح ويمنع من استمرارها.
ثالثاً: تعريف الطلاق من خلال بعض مدونات الأحوال الشخصية العربية:
يجب التنبيه بداية إلى أن الشريعة الإسلامية تشكل المرجعية الأساسية لكل قوانين الأحوال الشخصية العربية بل أن بعض قوانين الأحوال الشخصية العربية ليست إلا تنظيما قانونيا للفقه الإسلامي ، وتكتسي قوانين الأحوال الشخصية أهمية خاصة في حماية الأسرة خاصة حقوق أطراف العلاقة الزوجية،بعد انقضاء العلاقة بينهما وهو ما سنوضحه من خلال تقديم بعض التعريفات التي أوردتها مدونات الأحوال الشخصية العربية وكيف تناولت الطلاق؟
لقد قدمت مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية الصادرة حديثا, تعريفا للطلاق من خلال المادة 83 في فقرتها الأولى جاء فيه:(( الطلاق هو حل العصمة بواسطة الإرادة المنفردة للزوج))[10].
أما المدونة المغربية للأحوال الشخصية المعدلة في عام 1993, فقد قدمت تعريفا للطلاق في فصلها (44)
جاء فيه أن الطلاق هو:(حل عقد النكاح بإيقاع الزوج أو وكيله)[11].
في حين عرف قانون الأحوال الشخصية المصري الطلاق بالقول هو:(حل رابطة الزوجية الصحيحة بلفظ الطلاق الصريح أو بعبارة تقوم مقامه تصدر ممن يملك حق الطلاق وهو الزوج
أو وكيله)[12].
كماعرفه قانون الأحوال الشخصية السورى بالقول:(الطلاق هو إنهاء الحياة الزوجية…)[13]
أما مدونة الأحوال الشخصية التونسية فعرفت الطلاق تعريفا مقتصرا في فصلها 39 والذى جاء فيه:(الطلاق هو حل عقدة الزواج)[14].
وبمقارنة التعريفات السابقة التي تضمنتها بعض مدونات الأحوال الشخصية العربية مع بعض التعريفات التي أوردناها لقسم من فقهاء الشريعة الإسلامية للطلاق يتضح أن هناك بعض الملاحظات من المهم التعرض لها:
أولى هذه الملاحظات: عدم وجود فرق جوهري بين تعريفات الفقه الإسلامي وتعريفات مدونات الأحوال الشخصية العربية التي أوردوها للطلاق إذ يكاد المضمون أن يكون واحدا.
الملاحظة الثانية هي: أن أغلبية التعريفات التي أوردتها مدونات الأحوال الشخصية العربية أعطت مسؤولية الطلاق للرجل بدون قيود باستثناء مدونة الأحوال الشخصية التونسية.
أما الملاحظة الثالثة فهي أننا لم نقدم نموذجا من أقطار الخليج وذلك أن هذه الأقطار تستند في مجال الأحوال الشخصية على الشريعة الإسلامية، حتى أن بعضها لم يصدر بعد مدونات للأحوال الشخصية.
وبصفة عامة يمكن القول إن عدم وضع قيود صارمة على موضوع الطلاق في مدونات الأحوال الشخصية العربية قد يكون سببا رئيسا من أسباب الطلاق.
المحور الثاني: الأسباب المباشرة للطلاق:
تعتبر الأسباب المباشرة للطلاق، عموما متقاربة في أغلبية المجتمعات العربية، لكن ذلك لا يعنى أنها متماثلة، فمنها ما هو ذات طبيعة عامة، تشترك فيها كل المجتمعات العربية بحيث تكون الأسباب هي نفس الأسباب، في حين تكون فيه بعض الأسباب المباشرة للطلاق ذات طبيعة خاصة أي تختلف من قطر لأخر ومن مجتمع لآخر، وعليه سنقسم هذا المحور إلي الأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة العامة والأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة الخاصة.
أولا:الأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة العامة:
أ) ارتفاع تكاليف الحياة والالتزامات المالية:
بعد انتشار ظاهرة الاستهلاك المفرطة في العقود الأخيرة زادت الأعباء والالتزامات المالية علي الرجل، حتى أصبح عاجزا عن الوفاء بها في كافة المجتمعات العربية، و يستوي في ذلك المجتمعات الغنية والمجتمعات الفقيرة، فالمطالب المالية الكثيرة للمرأة العربية في ظل تنامي المشاكل الاقتصادية الخانقة التي تحاصر أغلبية الأقطار العربية، تجعل الزوج يفقد الشعور بالسعادة الزوجية بل تتحول العلاقة الزوجية إلي جحيم بالنسبة له، لأن دخله لم يعد يغطي متطلبات البيت والعائلة، ذلك أن متطلبات الحياة لم تعد تقتصر على الضروريات، بل أصبحت الكماليات في غاية الأهمية، خاصة بالنسبة للزوجة، والتي غالبا ما تكون هي السبب الجوهري في هذه الخلافات، مما يضطره إلى التفكير في الطلاق والإقدام عليه بالنتيجة.
ويمثل هذا العامل نسبة مرتفعة من أسباب الطلاق تصل حسب بعض الدراسات إلي 58%من أسباب الطلاق[15].
ب) عدم التوافق بين الزوجين:
تعتبر بعض الدراسات أن عدم التوافق بين الزوجين يأتي في المرتبة الثانية، ليحتل نسبة 25%كسبب من أسباب الطلاق في المجتمعات العربية [16] سواء كان عدم التوافق بين الزوجين سببه ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي أو نفسي أو لأي سبب أخر، فعدم التوافق بين طرفي العلاقة الزوجية يؤدي إلى إثارة الخلافات لأتفه الأسباب و شعور الطرفين بالملل والتبرم لكثرة هذه الخلافات بينهما، ومما يزيد في صعوبة الوضعية أن الزواج في المجتمعات العربية ليس مبنيا على أسس موضوعية، من حيث التوافق الثقافي والنفسي والتعليمي عكس الزواج في المجتمعات المتقدمة التي في الغالب يتم الزواج فيها بناء على أسس و عوامل موضوعية يختارها الشريكين دون أي ضغوط من محيطهم العائلي.
ج) تدخل الأهل:
يعتبر تدخل الأهل في الحياة الزوجية لأبنائهم من الأسباب الرئيسة للطلاق، ذلك أن الزواج في أغلبية المجتمعات العربية لا يتم بين الشريكين بعد تعارف وحب بينهما، وإنما يتم ترتيبه من طرف الأهل بما يتناسب مع مصالحهم [17] وبالتالي يجبر الشاب والفتاة على زواج لا يرغبان فيه، وهذا النوع من الزواج هو الزواج الشائع والمنتشر في المجتمعات العربية، فالطابع القبلي والعشائري والعائلة الممتدة من أبرز سمات الحياة العربية خاصة في بعدها الاجتماعي، و هو ما يعني استمرار تدخل الأهل في أدق تفاصيل حياة الأزواج الشباب باعتبار أنهم جزء من العائلة الكبيرة وليسوا مستقلين بذواتهم، مما يعقد حياتهم ويضطر أحدهم الانفصال عن الآخر بسبب هذه التدخلات المستمرة.
د) الزواج المبكر و الفارق في السن:
ما يزال الزواج المبكر منتشرا في أغلبية المجتمعات العربية ويعتبر سببا من أسباب الطلاق في هذه المجتمعات باعتباره زواجا مختلا وغير متكافئ، للهوة الفاصلة بين الزوجين من الناحية العمرية وقلة الخبرة في الحياة عند الزوجة، فالزوجة في هذه الحالة غالبا ما يكون يفصلها عن الزوج أجيال من الناحية العمرية وكذلك من التطلعات، و بالتالي فالعلاقة الزوجية في هذه الحالة هي عبارة عن ورقة زواج اختارها الطرف الأول وهو الرجل ووافق عليها الطرف الثاني وهي الفتاة التي غالبا ما تجبر على رجل لا ترغب فيه ولا تحبه وإنما استجابة لرغبة الأهل واختياراتهم، والنتيجة هي الطلاق، لأن الزوجة في هذه السن الصغيرة لا تدرك معني المسؤولية الزوجية لعدم نضجها فهي لا تزال تطمح إلى مساحة من الحرية و الانطلاق في عالم الطفولة، وهو ما يحاول الزوج المسن الحد منه، الذي قد تجاوز هذه المراحل العمرية، ولم يعد يقدر أهميتها.
و يحصل هذا النوع من الزواج لاعتبارات اجتماعية منها:
1) المحافظة على شرف العائلة:لأن زواج البنت وهي صغيرة يحميها من الأخطاء التي قد تمس من شرف العائلة، هذا طبعا حسب فهم المجتمعات التقليدية التي ما تزال تحكمها أعراف و تقاليد من عصور التخلف التي خيمت طويلا على أغلبية المجتمعات العربية.
2) ثقافة المفاخرة:التي ما تزال تحكم بعض المجتمعات العربية والتي تعني أن زواج البنت في سن مبكرة نوع من الحظوة والوجاهة الاجتماعية.
3) الحاجة الاقتصادية: كما قد يحصل هذا النوع من الزواج غير المتكافئ نتيجة الحاجة الاقتصادية وما أكثرها في المجتمعات العربية التي تعيش أغلبها في حالة من الفقر والحرمان، وهو ما قد يضطر الفتاة للارتباط بزوج يكبرها كثيرا، قد حقق مكاسب مادية أو يمتلك ثروة، تتصور أنه سوف يخرجها من وضع الفقر والحرمان الذي تعيش فيه.
والنتيجة الطبيعية لكل هذه الأنواع من الزواج هو الفشل، و رغم كل ذلك ما يزال هذا النوع من الزواج منتشرا حيث أكدت دراسة ميدانية أجريت في اليمن أن نسبة الزواج المبكر تشكل ما بين 65% و 70% [18] في حين أن أحدى الباحثات من تونس ترفع هذا الرقم بعيدا قائلا أن نسبة 90%[19] من الفتيات العربيات يرغمن على الزواج المبكر و المفارقة أن اليمن وتونس يمثلان طرفي نقيض في هذه الحالة، ففي الوقت الذي ما يزال فيه أغلب الفتيات اليمنيات يتزوجن في سن 15سنة كمتوسط، فإن مدونة الأحوال الشخصية في تونس وضعت السن الأدنى لزواج الفتاة 17 سنة بينما الواقع يشير إلى أن سن الزواج في الوقت الحاضر في تونس هو ما بين 29_30سنة[20].
هـ) العنف ضد المرأة:
لا يزال العنف ضد المرأة يمارس على نطاق واسع داخل المجتمعات العربية وإن تفاوتت حدته ودرجته من مجتمع إلى آخر وكذلك اختلفت أسبابه ودوافعه.
فقد يكون العنف جسدي مادي كما قد يكون معنوي و نفسي و في الغالب يقعان معا على المرأة العربية.
فالعنف الجسدي عادة ما يمارس بطريقة مباشرة وملموسة إما عن طريق الاعتداء بالضرب بمختلف أنواعه و صنوفه، بينما يمارس العنف المعنوي والنفسي بطرق مستترة وعبر أشكال مختلفة، لكن نتائجه قد تكون أكثر إيلاما من العنف المادي، وغالبا ما تكون المرأة هي ضحية هذا العنف في المجتمعات العربية[21] لأن المرأة في هذه المجتمعات تجد نفسها محاطة بسياج من الأعراف والتقاليد، تكبلها وتحد من حرية تصرفاتها في حين يجد الرجل نفسه في هذه المجتمعات حرا طليقا وغير مسئول عن كثير من التصرفات خاصة اتجاه المرآة.
حيث تشير إحدى الدراسات الصادرة في مصر أن أكثر من 35%من النساء يتعرض للعنف[22] .
ومن أسباب العنف الذي يمارس ضد المرأة العربية الموروث الاجتماعي الذي يتوارثه الأبناء عن الأجداد كواقع اجتماعي ترسخ في العادات والتقاليد و التي تعتبر المرأة شخصا قاصرا يجب توجيهه و تطويعه ولو أقتضى الأمر استخدام العنف بمختلف أشكاله ضدها، لكن هناك أسباب أخرى تختلف حدتها من مجتمع عربي إلي آخر، من بينها الفقر والأزمات الاقتصادية التي تحاصر أغلبية المجتمعات العربية، وكذلك الإفراط في استهلاك الخمور والمخدرات حيث تشير بعض الدراسات إلى أن تناول الخمور في كل من تونس والجزائر يعتبر السبب الأول للعنف ضد المرآة[23].
و) التنشئة الاجتماعية الخاطئة:
التنشئة الاجتماعية في أغلبية المجتمعات العربية، تنشئة خاطئة بسبب التفريق بين الأولاد والبنات ومن أمثلته ما تمارسه العائلات من ضغوط على البنات بوصفهم عارا وعبئا اجتماعيا بينما تحيط الابن بكل الرعاية والاهتمام، في حين أنه من المفترض عدم إقامة أي تمييز بين الاثنين أي بين البنت والابن مهما كانت الأسباب، لأن هذه التنشئة الاجتماعية الخاطئة ستؤثر في مستقبل علاقات الرجل بالمرأة خاصة في مجال العلاقات الزوجية، لما لها من تأثير على سلوك الرجل وتصرفاته التي تتحول في هذه الحالة إلى نظرة استعلاء، تنعكس في معاملة الرجل لزوجته، بوصفها شخصا أقل منه درجة وهو ما يشكل مصدرا مستمرا للخلافات بينهما التي تنتهي في النهاية بالطلاق.
ثانياً: الأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة الخاصة:
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن العرب بصفة عامة يشتركون في كثير من الخصوصيات كما يشتركون في كثير من المشاكل والقضايا التي تواجههم، فإن ذلك لا يمنع من وجود أسباب لظاهرة الطلاق ذات خصوصية وتختلف من مجتمع عربي لآخر وهو ما سنحاول تبيانه فيما يلي:
أ) الزواج بالطرق التقليدية في الخليج العربي “الزواج عن طريق الخاطبة”:
ما تزال المجتمعات في الخليج العربي مجتمعات محافظة يتم فيها الزواج بالطرق التقليدية، أي يتم عن طريق الأهل بواسطة ما يسمي “الخاطبة”ولا دخل فيه لأطراف العلاقة الزوجية مباشرة، حيث أظهرت دراسة أعدتها وزارة التخطيط السعودية2002 أن 65%من الزيجات التي تتم عن طريق الخاطبة تنتهي بالطلاق وهذا الأمر منطقي لأن طرفي العلاقة الزوجية لم يكن لهما أي دور في حصول الزواج بينهما، ناهيك عن عدم حصول معرفة سابقة وتفاهم على أساسيات الحياة الزوجية، وهو ما أدي إلى ظهور نمط الشخصية المتمردة على القيم الاجتماعية التي يمارسها الشباب اليوم في بلدان الخليج مما يجعلهم يطلقون لأتفه الأسباب[24]، لأن حياة عصر الانترنت والفضائيات تختلف كليا عن الحياة التقليدية التي كانت تعتمد على الروابط العائلية و الاجتماعية.
وليس فيها عنصرا أجنبيا يؤثر على هذه العلاقات الاجتماعية، بينما تلعب العوامل الأجنبية الجديدة الوافدة على المجتمعات العربية في الوقت الحاضر دورا سلبيا في التأثير على منظومة القيم الاجتماعية وهو ما ينعكس بشكل مباشر على حياة الشباب وعلى نظرتهم لهذه الحياة.
ب) إهمال المرأة لمسؤولياتها المنزلية والاعتماد على المربيات:
أدت التغيرات الاقتصادية والمالية والثقافية التي عرفتها المجتمعات الخليجية في العقود الثلاثة الأخيرة، إلى تعليم المرأة و بالتالي خروجها إلى العمل، وهو ما انجر عنه انشغالها عن مسؤولياتها المنزلية، وقد ساهم في هذه الوضعية الوفرة المالية التي ساعدتها على استقدام الكثير من المربيات من شرق آسيا ليحلوا مكانها في البيت، لخدمته وتربية الأطفال، ومن ثم انصراف اهتمامها عن منزلها والاهتمام بدلا عنه بصالونات التجميل والزينة ومتابعة أخبار الموضة، وقد ترتب على هذه الوضعية الكثير من المشاكل الاجتماعية، كان من بينها ارتفاع نسبة الطلاق في مجتمعات الخليج العربي[25]
ج) تعدد الزوجات:
يعتقد على نطاق واسع أن تعدد الزوجات من الأسباب المباشرة للطلاق لأن الكثير من النساء لا يقبلن به ويفضلن عليه الطلاق[26]، وظاهرة تعدد الزوجات، تنتشر في مجتمعات منطقة الخليج العربي أكثر من غيرها من المناطق العربية الأخرى حيث تشير الإحصائيات إلى أن ما بين 36% إلى40%من حالات الطلاق تقع في بلدان الخليج بسبب تعدد الزوجات[27]، ويعود ذلك إلى جملة من الأسباب من بينها:
1) أن بلدان منطقة الخليج تستند في مجال الأحوال الشخصية على الشريعة الإسلامية مباشرة، وبالتالي لا تفرض أية قيود على تعدد الزوجات.
2 ) أن الوفرة المالية في بلدان الخليج، تمكن الرجال في هذه المنطقة من الزواج بأكثر من إمرأة واحدة.
3) أن أغلبية الأقطار العربية غير الخليجية، وضعت في مدوناتها للأحوال الشخصية قيودا علي تعدد الزوجات، في حين منعته تونس منعا باتا في مدونتها للأحوال الشخصية، وقد سارت على نهجها المغرب في مدونتها للأحوال الشخصية بعد تعديلها الأخير، والذي تمت المصادقة عليه في 24 يناير 2004.
د) ترف الشباب وعدم تحملهم لمسؤوليتهم:
لقد كان لظهور ريع النفط العربي في عقد السبعينيات من القرن العشرين تأثيرا كبيرا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خاصة في منطقة الخليج العربي، لما صاحبه من أنماط استهلاكية ترفية لا تهتم بقيمة العمل ولا الإنتاج، وإنما تعتمد الاستهلاك والترف كنمط حياة لما وفره ريع النفط من عائدات مالية كبيرة تساعد على هذا النمط من الحياة الاستهلاكية المترفة، وفي هذا الجو، ترعرعت أجيال شابة مرفهة، لم تبذل جهدا في تحصيل ما تستهلكه ولم تعرف لصعوبات الحياة معني، وهو ما يجعل هؤلاء الشباب صغيري السن، يستسهلون الأقدام علي الزواج، و عند أول شعور بثقل مسؤولياته يتخلصون منه بسرعة بتطليق شريكة الحياة التي هي الضحية هنا، لقلة خبرتهم في الحياة وكذلك لأنهم لم يتعودوا المسؤولية وهو ما يجعلهم يفشلون عند أول مواجهة مع متاعب الحياة، هذا بالإضافة إلى أن الشباب اليوم في عجلة من أمرهم، تكيفا مع سرعة الحياة وتطور أدوات التكنولوجيا التي تزيد من هذه السرعة، الأمر الذي يجعل الشباب يتعامل مع كل مفردات الحياة بنفس السرعة والتي من بيتها العلاقات الزوجية التي يتخلصون منها بنفس السرعة لأن العلاقة الزوجية تضع على عواتق هؤلاء الشباب مسؤوليات ثقيلة، مع ما يصاحب الحياة الزوجية من رتابة وملل تضطرهم في النهاية إلى التطليق.
هـ) الفقر والبطالة:
لقد دخلت أغلبية اقتصاديات الأقطار العربية منذ نهاية عقد الثمانيات في أزمة اقتصادية خانقة نتيجة فشل مشروعات التنمية الاقتصادية الوطنية في جل البلدان العربية، وكذلك تراكم المديونية الخارجية التي باتت تضغط على اقتصاديات المنطقة العربية، وهذا الوضع الاقتصادي الصعب ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاجتماعية، وخاصة الأوضاع الأسرية بزيادة نسبة الطلاق في هذه المجتمعات فالبطالة والفقر يزيد من حدة الأزمة الاجتماعية، مما يضطر الكثير من الرجال إلى الانفصال عن زوجاتهم بتطليقهم.
لكن هذه الوضعية تختلف حدتها من بلد إلى آخر حيث تشير الدراسات إلى: أن هناك خمسة أقطار عربية أكثر تضررا من غيرها بسبب البطالة والفقر[28] وهذه الأقطار هي موريتانيا وجيبوتي والجزائر ومصر وفلسطين، ولكل منها أسبابه الخاصة ففي جيبوتي، ينتشر الطلاق بفعل الفقر المدقع الذي يعيش فيه مجتمع هذا البلد لقلة موارده، أما في موريتانيا فالفقر والبطالة يأتيان علي رأس أسباب الطلاق في هذا البلد لكن هناك عوامل أخري اقتصادية و اجتماعية وثقافية تساهم في انتشار هذه الظاهرة الاجتماعية.
بينما في الجزائر ،جاءت الأزمة المتعددة الأوجه التي عاشتها الجزائر في العقد الأخير من القرن العشرين، لتنشر البطالة و الفقر حيث سجلت الجزائر أكبر نسبة للبطالة في المنطقة العربية أي حوالي 4.5 مليون مواطن عاطل عن العمل[29]، مما أنعكس بدوره على الوضع الاجتماعي بزيادة نسبة الطلاق في هذا البلد.
وكل العوامل السابقة تتوفر في مصر وتزيد عليها مصر بالكثافة السكانية الكبيرة التي تزيد من حدة الأوضاع الاجتماعية في هذا البلد.
أما الوضع الاجتماعي في فلسطين فقد فاقمته سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي أتبعتها لمواجهة انتفاضة الأقصى، التي انطلقت منذ ديسمبر 2000، وما صاحبها من أزمات اقتصادية، زادت من حدة البطالة والفقر حيث سجلت المحاكم الشرعية زيادة كبيرة في نسبة الطلاق تجاوزت 20%[30] ، وينبغي التذكير أن ما سبقت الإشارة إليه لا يعني أن البطالة والفقر، ليست سببا من أسباب الطلاق في مناطق أخري من الوطن العربي، لكن هذين العاملين أكثر تأثيرا عن غيرهم من العوامل الأخرى في الأقطار العربية آنفة الذكر، ذلك أن أغلبية الأقطار العربية تعاني مشاكل اقتصادية وإن بدرجات متفاوتة.
و) دور الخلع في زيادة الطلاق في بعض الأقطار العربية:
إذا كان الخلع يوفر مخرجاً للمرأة من الزواج المتعثر والتخلص من علاقة مع رجل لا ترغب في الاستمرار معه، فإنه في نفس الوقت يسلب منها الكثير من حقوقها ويجعلها تتنازل عن هذه الحقوق مقابل التفريق بينها وبين زوجها، لكن إقرار مبدأ حق الخلع، قد زاد من نسب الطلاق في بعض الأقطار العربية، خاصة مصر والأردن، بشكل واضح في السنوات الثلاثة الأخيرة، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أنه بعد سماح قانون الأحوال الشخصية المصري المعدل عام 2000 بحق الخلع، زادت حالات الطلاق بـ7000 آلاف حالة طلاق تمت بموجب هذا القانون.[31]
ونفس الشيء في الأردن تقريبا، حيث خلصت دراسة صادر حديثا إلى ارتفاع معدل حالات الطلاق في الأردن، حيث وصل خلال العام 2003إلى 885(حالة طلاق مسجلا زيادة مقدارها 1.63%عن العام الذي سبقه)[32].
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان قانون الأحوال الشخصية في كل من مصر والأردن بعد تعديلهما، قد زادا من نسبة الطلاق فإن مدونة الأحوال الشخصية في تونس قد ساعدت على الحد من الطلاق بما وضعته من قيود على الطلاق.
ونشير في نهاية هذه الفقرة إلى أن الاختلاف في المجتمعات العربية لا ينحصر فقط في أسباب الطلاق، بل هناك اختلاف في نسب الطلاق من مجتمع إلى أخر، حيث تشير الدراسات إلى أن اكبر نسبة للطلاق توجد في منطقة الخليج العربي، وتأتى في القمة دولة الأمارات العربية حيث تجاوزت نسبة الطلاق فيها 40%، وتليها قطر حيث تصل فيها نسبة الطلاق حدود36%.
أما المجموعة الثانية من الأقطار العربية فنسبة الطلاق فيها في حدود30%، وعلى رأس هذه المجموعة موريتانيا.
أما المجموعة الثالثة فنسبة الطلاق فيها في حدود20% وتتقدمها كل من مصر والمغرب.
بينما لا تتجاوز نسبة الطلاق في المجموعة الرابعة والأخيرة نسبة 5% ومن ضمنها هذه المجموعة تونس.
المحور الثالث:الأسباب غير المباشرة للطلاق:
و إلى جانب الأسباب المباشرة للطلاق ،هناك عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ،قد يكون لها تأثير كبير على وضع الأسرة لما تعرضها له من ضغوط تساهم في زيادة نسبة الطلاق باعتبارها أسباب غير مباشرة لهذه الظاهرة .
وفيما يلي سنحاول تقديم أهم هذه الأسباب:
أ) النزعة الأبوية في مواجهة سعي المرأة للتحرر:
تعتبر أغلبية المجتمعات المعاصرة مجتمعات أبوية عموما، لكن المجتمعات العربية هي الأكثر أبوية بين هذه المجتمعات والأشد قسوة ومحاصرة وتهميشا للمرأة[33]، فالأبوية العربية ما تزال متجذرة في العشائرية القبلية في جل المجتمعات العربية، و تؤثر على وضع المرأة و تبقيها في وضعية بعيدة عن التحولات البنيوية الكبيرة التي حدثت في القرن العشرين والتي لم تكن المجتمعات العربية بمنأى عنها، وهو ما تجلى من خلال إصدار أغلبية الأقطار العربية لدساتير عصرية تساوي نظريا بين المواطنين بشكل كامل، بغض النظر عن جنسهم، كما قامت أغلبية هذه الأقطار بإصدار مدونات للأحوال الشخصية تحفظ حقوق المرأة، لكن الواقع الاجتماعي لا يعكس هذا الوضع القانوني،
بل لا تزال المرأة تعيش تحت رحمة الأعراف والتقاليد التي لا تنصفها، وتجعلها في وضع أدنى من الرجل، ويبرز هذا الوضع في اضطهاد نوعي وقانوني، لا ترجع أسبابه إلى العامل الديني أو البيولوجي أو النفسي، بل يعود إلى مجموعة من قيم الذكورة المسيطرة التي لا تعترف بالمرأة كإنسان كامل بالرغم من أنها تشكل نصف المجتمع وقد تعلمت وحصلت على أعلى الشهادات العلمية, وتفوقت معرفيا في كثير من الحالات على الرجل.
وهو ما يجعل المرأة العربية تسعى إلى التحرر من القيود والأعراف الاجتماعية, التي تفرض عليها الدونية و كذلك سطوة الرجل وهيمنته على قرارها بشكل مطلق.
حيث خلصت دراسة صادرة في المغرب الأقصى إلى أن: (( حصول المرأة على تعليم متقدم و مرتب كبير يعتبران من أهم أسباب الخلافات بين الأزواج و من ثم الطلاق.))[34].
كما أشارت دراسة أخرى إلى : (أنه بقدر ما يرتفع المستوى التعليمي للمرأة بقدر ما يرجحها إلى أن تعبر عن آراء تدعو إلى دور فعلي وإيجابي للمرأة).[35]
كما أوضحت دراسة حديثة, اهتمت بوضع المرأة في الخليج العربي إلى أن (( نظرة ووصاية الرجل في الخليج على المرأة تعتبر سبباً من أسباب الطلاق ))[36]
ويمكن القول إجمالا أن إصرار المرأة على الخروج للعمل وشعورها بالاستقلال المالي في الكثير من المجتمعات العربية، أعطتها مساحة من الحرية في التفكير وفى أخذ القرارات التي تناسبها، و هو ما ينجر عنه في كثير من الأحيان التصادم مع زوجها، لأن الرجل العربي لم يتقبل بعد ذلك نفسيا واجتماعيا في مجتمع لا تزال تسيطر عليه ذهنية المجتمع الأبوي، والنتيجة في هذه الحالات هي الطلاق.
ب) غياب الأهداف المشتركة:
يرتبط هذا العنصر بالعنصر الذي سبقه بشكل مباشر والمتعلق بمحاولة الرجل العربي الدائمة للسيطرة على المرأة وتغيبها بشكل شبه كامل بالوقوف أمام تحقيق أهدافها والقضاء على طموحاتها الشخصية، مع أن أطراف العلاقة الزوجية في المجتمعات العربية نادرا ما يبدآن بأهداف مشتركة بينهما، وإنما تسيطر أهداف الزوج التي قد حددها مسبقا ويحاول فرضها على زوجته مقصيا أهداف هذه الزوجة إذا كانت لها أهداف أصلا، فالرجل العربي غالبا ما يدخل إلى الحياة الزوجية بأفكار مسبقة، فهو يخشى أن تسيطر عليه زوجته أو تهتز صورته النمطية في البيت و هو ما يجعله يفرض أفكاره ووجهات نظره و من ثم سيطرته المطلقة بدون أي اهتمام برأي زوجته أو تقبل الحوار الموضوعي معها الذي من المفترض أن يحتمل الأخذ والرد الأمر الذي يعنى إبعاد كلى لما تسعى إلى تحقيقه هذه الزوجة من أهداف ومن ثم تصبح هذه الأهداف هامشية في علاقتهما الزوجية مما يجعل الزوجة تسير في طريق لم تختر السير فيه.
وهو ما يشعرها بالغبن والاضطهاد، ومع استمرار هذه الوضعية، تبدأ التفكير في الانفصال عنه و الانتهاء إلى الطلاق.
ج) ضعف الوازع الديني:
لقد أصبح ضعف الوعي الديني وكذلك قلة الوازع الديني عند الأزواج الشباب اليوم سببا من أسباب الطلاق، لأن قلة الوازع الديني عندهم تجعلهم لا يعرفون حقوق الزوجية من الوجهة الشرعية المفروض على كل واحد منهما أن يلتزم بها تجاه الأخر لأن معرفة هذه الحقوق الدينة بشكل جيد و تطبيقها تطبيقا صحيحا، تجعل كلآ من الزوجين يلتزم وفقا لمبدأ المودة والرحمة التي هي أساس العلاقة الزوجية في الإسلام، بينما واقع الحال عكس ذلك، حيث أن أغلبية الشباب اليوم متمردا على الثقافة والقيم الاجتماعية والدينية السائدة في المجتمعات العربية، بفعل التأثر بالثقافات الجديدة والتغيرات التي صاحبت الانفتاح على المجتمعات الأخرى، خاصة ثقافة المجتمعات الغربية وهو ما جعل هذا الشباب في حالة ضياع، فلا هو تمسك بقيمه الدينية وثقافته الاجتماعية، ولا هو استطاع استيعاب الثقافة الغربية الوافدة، الأمر الذي زاد من حدة الأزمة الاجتماعية وبالذات العلاقات الزوجية.
د) الفهم الخاطئ للدين:
إن كثيرا من الناس اليوم في المجتمعات العربية تتداخل عليهم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي أنصفت المرأة و أعطتها كامل حقوقها والأعراف والعادات والتقاليد التي ورثتها هذه المجتمعات من عصور الجهل والتخلف التي عاشت تحتها قرون طويلة من الزمن، عانت فيها المرأة أشد المعاناة وتعرضت فيها لا لوان من الظلم والإقصاء مازالت أثارها مستمرة حتى وقتنا الحاضر.
والتداخل بين فهم الإسلام الصحيح والوقوع تحت تأثير العادات البالية هو ما يقع فيه اليوم جل الرجال في المجتمعات العربية.
حيث يفهمون قوله تعالى:”الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم”[37] فهما خاطئاً فيوقعون الأذى بالنساء ويجورون في حقهم بحجة أن لهم القوامة وأن لهم حق التصرف بالمرأة بوصفها “أمة” أو بضاعة تباع وتشترى أو جسد للمتعة.
بينما المرأة في نظر الإسلام لها شخصية مستقلة وعقل وكيان وهي شريكة في إدارة المنزل وتربية الأولاد وتدبير العيش والفهم الصحيح للآية الكريمة، يكون بعدم إذابة شخصية المرأة وكيانها وكذلك عدم استعبادها، فالقوامة تعني “تصريف الأمور وتدبيرها” ولا تعني التهميش والإقصاء لأن حضور المرأة في الإسلام، ارتبط بجملة من الحقوق والواجبات التي أعطاها إياها الإسلام في إطار تنظيم الحياة الاجتماعية، ومساواتها بالرجل في الإيمان والتكليف خير دليل على ذلك، لكن الممارسة الاجتماعية هي التي أقصت المرأة وأفقدتها حريتها وفرضت عليها جملة من القيود حتى أوصلتها إلى ما عرف “بمفهوم الحريم “الذي جعل المرأة كائنا تابعا ليس له أي دور أو مشاركة، واستمرار ثقافة الحريم عند الرجل العربي في ظل تنامي تعليم المرأة، وراء نسبة كبيرة من المشاكل الزوجية التي تنتهي بالطلاق.
هـ) تأثير التغيرات المصاحبة للعولمة:
تطرح متطلبات العولمة والضغوط المصاحبة لها، مشاكل عويصة وآثار مباشرة وغير مباشرة على مستقبل المجتمعات العربية، وذلك ما تظهره المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي بدأت ملامحها تتحدد في الواقع العربي، باعتبار أن العولمة شمولية الأبعاد وستمس كافة هذه الجوانب وبالذات البعد الاجتماعي، لأن العولمة ستتحكم في مسار التطور الاجتماعي لتحكمها في مسار التطور الاقتصادي، وهو ما سينعكس على التطور الاجتماعي و يؤدي إلى تفكك هذه المجتمعات نتيجة الأزمات الاجتماعية المتفاقمة أصلا في أغلبية الأقطار العربية، ذلك أن تحكم الشركات العالمية المتعددة الجنسيات التي لا يهمها إلا الربح سيؤثر بشكل مباشر على البطالة والفقر، وهذا الوضع الاجتماعي الصعب هو ما تعبر عنه أرقام البطالة على مستوى الوطن العربي، التي وصلت إلى حدود 15مليون من قوة العمل[38]، وهو الوضع الذي تشير كل الدلائل والمؤشرات علي تفاقمه في المستقبل، خاصة أن أغلبية العمالة العربية منخفضة التكوين والمهارة بشكل عام.
علماً أن هذه الفئة هي التي تشكل القاعدة العريضة لقوة العمل العربي، والتي تم استيعابها في فترات الحماية السابقة، وفي ظل العولمة، ستكون هذه الفئة مهددة نتيجة شدة المنافسة وبصفة عامة يمكن إجمال آثار العولمة المباشرة أو المتوقعة على الوضع الاجتماعي العربي بما يلي:
1) انقسام المجتمعات العربية إلى مجتمعين أحد هما يضم قلة من السكان الأغنياء و المترفين ويعيش حول هذه القلة المترفة أكثرية ساحقة من الفقراء والمعدمين بفعل سياسات مؤسسات العولمة التفقيرية لهذه المجتمعات.
2) تعرض المجتمع للتفكيك نتيجة للسياسات الاقتصادية الليبرالية المتوحشة وغير الموجهة وما يصاحبها من ظهور قيم استهلاكية جديدة وغريبة على المجتمعات العربية، الأمر الذي يؤدي إلي القضاء على الروابط الاجتماعية التقليدية.
3) ظهور أجيال جديدة ضعيفة الانتماء عديمة الهوية بفعل ثقافة العولمة التي تدخل كل البيوت عبر الفضائيات مع ثورة الأعلام والاتصال، وكذلك انتشار الإنترنت اللذان حولا العالم إلى قرية صغيرة، و تأثير ذلك على الاستقرار الاجتماعي.
فالتغيرات السريعة والمتلاحقة التي يمر بها عالم اليوم وفي ظل عولمة متسارعة لا تترك لأي مجتمع خصوصياته الحضارية ستحدث شرخا في القيم الاجتماعية والأخلاقية في المجتمعات العربية والتي من أخطرها انتشار ظاهرة الطلاق.
المحور الرابع/ بعض المقترحات والحلول
وبعد استعراضنا لأهم أسباب الطلاق وما تبين من خلال أرقام الطلاق في مختلف المجتمعات العربية، يتضح أن هناك أزمة اجتماعية تحتاج إلى التأمل فيها وتحليلها من قبل الجهات المختصة وتقديم الحلول لها انطلاقا من رؤية واعية وشاملة تأخذ بجميع أبعاد المشكلة للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة التي تهدد الاستقرار الاجتماعي وفيما يلي نقترح بعض الآليات والإجراءات لعلها تساهم في تخفيف أو الحد من الطلاق:
1) أن تلعب المؤسسات العلمية دورها:
بعد انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمعات العربية، فإن مراكز الدراسات والبحوث بصفة خاصة والمؤسسات العلمية بصفة عامة مدعوة إلى أن تلعب دورها في دراسة هذه الظاهرة وتحليلها وتقديم الحلول لها من خلال الاستشارات العلمية الصحيحة للجهات الرسمية لمعالجة هذه الظاهرة بشكل علمي صحيح.
2) أن تهتم مؤسسات المجتمع المدني بظاهرة الطلاق:
ما يزال حضور مؤسسات المجتمع المدني في الساحة العربية عموما محدود وإن وجدت بعض مؤسسات المجتمع المدني العربية يكون اهتمامها موجها أكثر إلى قضايا التنمية الاقتصادية وبالذات القضايا ذات الطابع الاجتماعي لكن هذه المؤسسات مطالبة اليوم إلى تركيز الاهتمام على ظاهرة الطلاق بوصفه ظاهرة باتت تهدد الاستقرار الاجتماعي في جل المجتمعات العربية ولا نذكر في هذا المجال إلا تجربة “جمعية النساء المطلقات في موريتانيا” كنموذج في هذا الإطار.
3) ضرورة إنشاء مؤسسات للرعاية الاجتماعية:
ففي الماضي كان الأزواج في المجتمعات العربية، يعتمدون في تسوية مشاكلهم على الروابط التقليدية، لكن الوضع الآن تغير للتحولات غير الموجهة التي تعرفها هذه المجتمعات و ما يصاحبها من تفكك اجتماعي، وتجاه الروابط الاجتماعية عموما إلى الاضمحلال والذوبان في زحمة الحياة الضاغطة وهو ما يؤكد أهمية إيجاد مؤسسات للرعاية الاجتماعية، يقوم على إدارتها نخبة من ذوي الاختصاص خاصة في مجالي علم النفس وعلم الاجتماع، لسد الفراغ الموجود في مجالات الرعاية الاجتماعية لتقديم النصح و الإرشاد والحلول عند الضرورة لأطراف العلاقات الزوجية، الذين يواجهون مشاكل في علاقاتهم الزوجية لخطورة الطلاق وما ينتج عنه من مشاكل اجتماعية، تنسحب بآثارها المدمرة على مختلف أركان المؤسسة الاجتماعية.
4) الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية الصحيحة:
من المشاكل العويصة التي ما تزال تواجه الوضع الاجتماعي العربي، عدم حصول تغير حقيقي في المفاهيم والقيم الاجتماعية وخاصة نظرة الرجل العربي الدونية للمرأة، والمطلوب اليوم تغير هذه النظرة وكذلك تغير أساليب التعامل الاجتماعية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تغير أساليب التربية
و التنشئة الاجتماعية للأطفال بتربيتهم على المساواة بين الأولاد والبنات، وتعويدهم على التعامل بطرق ديمقراطية فيما بينهم، وذلك بالقضاء على فكرة تمييز الأولاد عن البنات بإعطائهم حظوة وأهمية خاصة في إطار العائلة، الأمر الذي يمكن في المستقبل الرجل العربي من إسقاط كل الأفكار السلبية وغير العقلانية عن المرأة والتعامل معها على أنها شريك حقيقي له في الحياة الزوجية.
5) ضرورة تحديث مدونات الأحوال الشخصية العربية:
رغم أن أغلبية مدونات الأحوال الشخصية العربية، حاولت إحاطة الطلاق بكثير من الضمانات والقيود لحماية حقوق كافة الأطراف بعد انفراط العلاقة الزوجية، لما يترتب على ذلك من أثار سلبية على الزوجة والأبناء، إلا أن هذه المدونات أصبحت في الوقت الحاضر، بحاجة ماسة لتطوير مضامينها لمواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة التي عرفتها المجتمعات العربية في السنوات الأخيرة من القرن العشرين للمواءمة بين مضمون هذه المدونات وروح الإسلام السمحة التي تعطي للمرأة كافة حقوقها وانسجاما مع روح العصر والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها أغلبية الأقطار العربية، خاصة اتفاقية “القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “و كذلك اتفاقية “العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”لكي لا يقع تناقض في تشريعات هذه الدول ولتجنب التصادم مع مجتمع دولي يتجه إلى التقارب والتوحد في كثير من تشريعاته الدولية.
6) رفع سن الزواج:
انطلاقا من أن الزواج المبكر ما يزال سببا من أسباب الطلاق في المجتمعات العربية خاصة في اليمن ومنطقة الخليج، فإن البلدان العربية مطالبة برفع سن الزواج إلى 18 سنة كحد أدني للحد من ظاهرة الطلاق، والإقتداء بالتجربة التونسية التي وضعت 17 سنة حدا أدني لسن الزواج منذ الستينيات من القرن العشرين، وهو الأمر الذي حد من نسبة الطلاق من بين أمور أخرى، والتي تعتبر الأقل مقارنة مع جميع الأقطار العربية، حيث لا يتجاوز 5%، وهو ما جعل الأقطار المغاريبة الأخرى تسير على نفس النهج خاصة موريتانيا والمغرب اللتان وضعت كلآ منهما السن الأدنى للزواج 18سنة.
7) أن يقوم الإعلام بدوره في التوعية الاجتماعية:
بعد أن أصبح الإعلام في الوقت الحاضر يدخل كل البيوت عبر البث الفضائي, فإنه يمكن أن يلعب دورا مهما في مجال التوعية الاجتماعية بموضوع الطلاق والاهتمام به بوصفه ظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد الاستقرار الاجتماعي ولها انعكاسات على الأسرة والفرد على حد السواء.
وفي ختام هذه الورقة نشير إلى أنه مهما عددنا من أسباب لظاهرة الطلاق أو قدمنا من مقترحات وحلول لهذه الظاهرة فإنها تبقي مرتبطة بمختلف الأزمات المتعددة الأوجه -اجتماعيا، اقتصاديا ثقافيا، سياسيا – التي تعيشها المجتمعات العربية بداية من أزمة الصراع بين عصرنة شكلية، وبقاء روح القيم التقليدية الراسخة في القاع الاجتماعي الموروث عن عهود من التخلف، مرورا بتأثيرات العولمة والمتغيرات العالمية المصاحبة لها والضاغطة بقوة على الواقع العربي، وانتهاء بأزمة عدم اليقين في المستقبل، بفعل أزمة الحاضر الممتدة في الماضي.
ورغم ذلك يبقي التشخيص الدقيق لأي مشكلة هو جزء هام من حلها، وهذا ما سعينا إليه بتشخيص أسباب ظاهرة الطلاق من خلال الأسطر السابقة لعلها تكون مساهمة متواضعة في إيجاد الحلول لهذه الظاهرة الاجتماعية.
? : بقلم د . ديدي ولد السالك
[1] رواه أبو داود في سننه ، جزء 2 ،ص255 .
[2] سورة الروم الآية 21
[3] انظر: ابن منظور ، لسان العرب ، 10م227. دار صادر ، بيروت ، ط1.
[4] علي بن عبد السلام التسولي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1998.
[5] أبو عبد الله محمد الأنصاري، شرح حدود ابن عرفة، مطبعة فضالة المحمدية ، الرباط ، 1992.
[6] المقدمات ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1988.
[7] ابن قدامه المقدسي ،المغني، ط1، الجزء السابع، صفحة277، دار الفكر ،بيرروت1405ه
[8] محمد الخطيب الشربيني ، مغني المحتاج، 3/279 ، دارالفكر ، بيروت
[9] أحمدعبيد الكبيسي وأخرون في،شرح قانون الآحوال الشخصية،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،الجمهورية العراقية،بغداد،1980
[10] مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية،وزارة العدل الموريتانية ،انواكشوط 2002.
[11] مدونة الآحوال الشخصية المغربية، المعدلة 1993 ،الرباط 1993. مع ملاحظة أن هذه المدونة تم تعديلها أخيرا وصدرت في 24 يناير 2004
[12] التقرير السنوي ،لمركز قضايا المرأة المصرية، القاهرة 2003
[13] انظر:التقرير السنوي لمركز قضايا المرآة المصرية.القاهرة.2003.
[14] مدونة الآحوال الشخصية التونسية ،المعدلة عام 1993 ،تونس2000
[15] دراسة صادرة عن: المركزالعربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، بعنوان:(الطلاق) ،عمان 2003
[16] شهيدة الباز، المرأة العربية بين ثقل الواقع و تطلعات المستقبل، موقع البلاغ، 2003
[17] مريم المرنيسى، أسباب الطلاق، دراسة ميدانية، جامعة محمد الخامس، الرابط 2000
[18] انظر:محمد السباعي، الفتاة في اليمن بين قساوة الموروثات ومعناة الزواج المبكر، مجلة العربيات، سنة2002_عدد23
[19] رجاء بن سلامة ،الشريعة والفقه:صخرة سبيزيف التي تسحق النساء العربيات ،جامعة تونس،2004
[20] “وضع المرأة وقانون الأحوال الشخصية في تونس” دراسة صادرة عن :مركز الأبحاث والإعلام والتوثيق حول المرأة،تونس،2001
[21] خديجة خداد،العنف ضد المرأة في المجتمع العربي،مجلة،منارة المجتمع 7_3_2002
[22] نبيل شرف الدين ، ثلث النساء العربيات عوانس،مركز الدراسات الاجتماعية في مصر ،القاهر،2003
[23] منجية العبيدي، محنة الحجاب في تونس ، جمعية نساء ضد التعذيب في تونس ،لندن،2003
[24] عادل عبد الرحيم ،الخلع والطلاق:حكاية ومرارة وراء كل باب ،مركز أمان،عمان 27 سبتمبر 2003
[25] شهيدة الباز ،المراة العربية ونظام القيم في الحقبة النفطية الموسوعة الإسلامية،2003
[26] سكينة براوي، الطلاق من خلال بعض قوانين الأحوال الشخصية العربية ، في دراسة بعنوان (قوانين الأحوال الشخصية والمواطنة)، المكتب الإقليمي للدول العربية ، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تونس ، 2003.
[27] أنظر: نيروز بكر، أسباب الطلاق في السعودية، جريدة الوطن، الرياض، 17 نوفمبر 2003.
[28] أنظر أعمال المؤتمر الرابع والثلاثين للمجلس الإقليمي لجمعيات تنظيم الأسرة في العالم العربي ، بيروت 2002.
[29] تقرير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حول الاقتصاد العالمي ، نيويورك 2001.
[30] ناهض منصور ، مظاهر الطلاق في المجتمع الفلسطيني، مركز أمان، عمان 2002.
[31] ممدوح الصغير، قانون الخلع في مصر بين إنصاف المرأة وسلب حقوقها ، مجلة عربيات 20 سبتمبر 2002.
[32] ليلى سلامة، الخلع كسبب من أسباب الطلاق ، مجلة ديوان العرب ، عدد ديسمبر 2003.
[33] إبراهيم الحيدري ، النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب ، دار الساقي بيروت 2003.
[34] مريم المرنيسي، أسباب الطلاق في المغرب ، مرجع سبق ذكره .
[35] Voir :aziza darghough medimagh, la famille tunisienne Entre modeles et realites,ed.c.eres.1994
[36] شهيدة الباز, المرآة العربية ونظام القيم في الحقبة النفطية, مرجع سابق.
[37] سورة النساء الآية 24
[38] تقرير منظمة العمل العربي ، لعام 2003 ، القاهرة 2003.
إن المهتم بالوضع الاجتماعي العربي، يكتشف دون عناء أن هذه المجتمعات، تعاني أزمات واختلالات اجتماعية ويأتي على رأس هذه الاختلالات ظاهرة الطلاق التي باتت تؤرق الجميع، ذلك أن أرقام الطلاق تظهر واقعا مفزعا، حيث تجاوزت هذه الظاهرة في بعض الإقطارالعربية 40% رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف الطلاق بقوله :” إن ابغض الحلال إلى لله الطلاق”[1] ويعني هذا الوصف بشكل واضح وجلي خطورة الطلاق والتضييق عليه إسلاميا واعتباره استثناء وليس هو القاعدة ،كما أن القرآن الكريم وصف العلاقة الزوجية بالحميمية بقوله:” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ” [2] وهو ما يعنى تحصين العلاقات الزوجية بسياج معنوي يحميها ويبعدها عن الكثير من الاضطرابات التي تؤدي في النهاية إلي الطلاق والأمر هنا لا يقف عند الإسلام فقط، بل إن كل الشرائع السماوية حددت لكل من الزوجين حقوقه وواجباته اتجاه بعضهما البعض.
حيث دلت كثير من النصوص الإسلامية على أن مقصد الشارع هو التقليل من الإقدام على الطلاق وفي حالة حصوله وضع سياسة شرعية لتحديد إجراءاته لحفظ الحقوق المترتبة عليه.
وفي نفس الاتجاه سارت قوانين الأحوال الشخصية التي تستند في أغلبية الأقطار العربية إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وإن كانت تختلف من بلد عربي إلى آخر وفقا للمذاهب الإسلامية المعروفة ، وتتراوح بين التشدد والمرونة وحاولت في مجملها إحاطة الطلاق بكثير من القيود والضمانات، وإن تفاوتت تلك القيود والضمانات من قطر عربي إلي آخر ،رغم كل هذه المرجعيات التي تضع الكثير من القيود على الطلاق، إلا أن البشر بطبعهم لا يلتزمون دائما بما لهم وما عليهم لاختلاف طبائعهم وأمزجتهم وكذلك اختلاف مصدر وتأثير ضغوطات الحياة عليهم، وهو ما يفسر في جزء منه استمرار وانتشار ظاهرة الطلاق في مختلف المجتمعات ،فظاهرة الطلاق ظاهرة اجتماعية ،ترتبط بالإنسان في كل زمان ومكان وتعرفها كل المجتمعات المتقدمة منها والمتخلفة على حد سواء وإن كانت تختلف من مجتمع إلي آخر.
لكن هذه الظاهرة في الواقع العربي إفراز طبيعي، لما تتعرض له المجتمعات العربية من مشاكل اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية وحتى أخلاقية، وهذه الظاهرة في المجتمعات العربية أصبحت مقلقة في العقود الثلاثة الأخيرة، لكثرتها وأتساع انتشارها، مما يستدعي الاهتمام بها والاهتمام بأسبابها، لأهمية الدفاع عن كيان الأسرة العربية بوصفها الخلية الأساسية للمجتمع، حيث نصت أغلبية دساتير الأقطار العربية على: (أن الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأساسية) أي أنها هي الوحدة الأساسية للمجتمع باعتبارها مجتمعا مصغرا بصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد، مما يعني أن استقرارها يساهم في استقرار المجتمع، ومن ثم فإن سلامتها تعني سلامته، وبالتالي فأي خلل تتعرض له سوف يؤثر بالتأكيد علي البناء الاجتماعي.
ومن هنا تكمن أهمية الدفاع عن كيان الأسرة كمنطلق لتأسيس علاقات اجتماعية أكثر رسوخا وتفاديا لتفكك المجتمعات العربية، وذلك لن يكون متاحا إلا بحصر أسباب الطلاق ودراستها دراسة علمية ومحاولة تقديم التصورات الملائمة لمعالجتها، رغم انتشار هذه الظاهرة واتساع نطاقها أفقيا وعموديا وتداخل أسبابها، وهو ما يزيد من صعوبة حصر أسبابها في المجتمعات العربية وما يؤكد ذلك أن بعض الدراسات التي اهتمت بهذه الظاهرة، أظهرت أن هناك أكثر من عشرين سببا من أسباب الطلاق، ولتناول أسباب هذه الظاهرة بشيء من التفصيل سنقسم هذا الموضوع إلى أربعة محاور: في أولها نتناول مفهوم الطلاق من خلال بعض التعريفات التي قدمت له فقها وقانونا.
أما في المحور الثاني فنتناول فيه الأسباب المباشرة للطلاق.
في حين أتناول في المحور الثالث الأسباب غير المباشرة للطلاق.
وأخيرا أقدم في المحور الرابع بعض المقترحات والإجراءات التي أراها ضرورية للحد من هذه الظاهرة.
المحور الأول / تأصيل مفاهيمي :
سنحاول في هذا المحور تقديم أهم التعريفات التي تناولت الطلاق لغة واصطلاحا من خلال تعريفات قسما من الفقهاء، الذين اهتموا قديما بهذه الظاهرة الاجتماعية وأصلوها في الفقه الإسلامي، كما سنتناول تعريف الطلاق في بعض مدونات الأحوال الشخصية العربية وكيف عرفته هذه المدونات وكذلك مدي تأثرها بالفقه الإسلامي أو على الأصح مدى تقيدها به.
أولاً : الطلاق لغة :
الطلاق والإطلاق لغة رفع القيد مطلقا سواء كان هذا القيد حسيا أو معنويا، ويقال طلق رجل زوجته وأطلق زوجته إذا رفع قيد الزواج المعنوي، والعرف قصر استعمال لفظ الطلاق وما اشتق منه على حل القيد المعنوي.[3]
ثانياً : تعريف الطلاق اصطلاحا:
لقد عرفه صاحب “البهجة في شرح التحفة” بقوله:” وفي الشرع: رفع القيد الثابت حكما بعقد الزواج”[4]
أما ابن عرفة فقد عرفه في كتابه “الحدود”بقوله:”الطلاق صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بزوجته..” [5]
في حين عرفه ابن رشد في كتابه “المقدمات” بقوله:”الطلاق حل العصمة المنعقدة بين الزوجين”[6]
وقد عرفه ابن قدامه المقدسي بأنه:”حل قيد النكاح”[7]
أما محمد الخطيب الشربيني فعرفه بأنه:” حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه”[8].
بينما عرفه أحد الباحثين المعاصرين بقوله: “هو رفع قيد الزواج الصحيح في الحال أوفي المآل بلفظ يفيد ذلك صراحة أو كناية أو بما يقوم مقام اللفظ من الكتابة أو الإشارة”[9]وهذا يعني أن الطلاق هو رفع أحكام قيد الزواج الصحيح ويمنع من استمرارها.
ثالثاً: تعريف الطلاق من خلال بعض مدونات الأحوال الشخصية العربية:
يجب التنبيه بداية إلى أن الشريعة الإسلامية تشكل المرجعية الأساسية لكل قوانين الأحوال الشخصية العربية بل أن بعض قوانين الأحوال الشخصية العربية ليست إلا تنظيما قانونيا للفقه الإسلامي ، وتكتسي قوانين الأحوال الشخصية أهمية خاصة في حماية الأسرة خاصة حقوق أطراف العلاقة الزوجية،بعد انقضاء العلاقة بينهما وهو ما سنوضحه من خلال تقديم بعض التعريفات التي أوردتها مدونات الأحوال الشخصية العربية وكيف تناولت الطلاق؟
لقد قدمت مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية الصادرة حديثا, تعريفا للطلاق من خلال المادة 83 في فقرتها الأولى جاء فيه:(( الطلاق هو حل العصمة بواسطة الإرادة المنفردة للزوج))[10].
أما المدونة المغربية للأحوال الشخصية المعدلة في عام 1993, فقد قدمت تعريفا للطلاق في فصلها (44)
جاء فيه أن الطلاق هو:(حل عقد النكاح بإيقاع الزوج أو وكيله)[11].
في حين عرف قانون الأحوال الشخصية المصري الطلاق بالقول هو:(حل رابطة الزوجية الصحيحة بلفظ الطلاق الصريح أو بعبارة تقوم مقامه تصدر ممن يملك حق الطلاق وهو الزوج
أو وكيله)[12].
كماعرفه قانون الأحوال الشخصية السورى بالقول:(الطلاق هو إنهاء الحياة الزوجية…)[13]
أما مدونة الأحوال الشخصية التونسية فعرفت الطلاق تعريفا مقتصرا في فصلها 39 والذى جاء فيه:(الطلاق هو حل عقدة الزواج)[14].
وبمقارنة التعريفات السابقة التي تضمنتها بعض مدونات الأحوال الشخصية العربية مع بعض التعريفات التي أوردناها لقسم من فقهاء الشريعة الإسلامية للطلاق يتضح أن هناك بعض الملاحظات من المهم التعرض لها:
أولى هذه الملاحظات: عدم وجود فرق جوهري بين تعريفات الفقه الإسلامي وتعريفات مدونات الأحوال الشخصية العربية التي أوردوها للطلاق إذ يكاد المضمون أن يكون واحدا.
الملاحظة الثانية هي: أن أغلبية التعريفات التي أوردتها مدونات الأحوال الشخصية العربية أعطت مسؤولية الطلاق للرجل بدون قيود باستثناء مدونة الأحوال الشخصية التونسية.
أما الملاحظة الثالثة فهي أننا لم نقدم نموذجا من أقطار الخليج وذلك أن هذه الأقطار تستند في مجال الأحوال الشخصية على الشريعة الإسلامية، حتى أن بعضها لم يصدر بعد مدونات للأحوال الشخصية.
وبصفة عامة يمكن القول إن عدم وضع قيود صارمة على موضوع الطلاق في مدونات الأحوال الشخصية العربية قد يكون سببا رئيسا من أسباب الطلاق.
المحور الثاني: الأسباب المباشرة للطلاق:
تعتبر الأسباب المباشرة للطلاق، عموما متقاربة في أغلبية المجتمعات العربية، لكن ذلك لا يعنى أنها متماثلة، فمنها ما هو ذات طبيعة عامة، تشترك فيها كل المجتمعات العربية بحيث تكون الأسباب هي نفس الأسباب، في حين تكون فيه بعض الأسباب المباشرة للطلاق ذات طبيعة خاصة أي تختلف من قطر لأخر ومن مجتمع لآخر، وعليه سنقسم هذا المحور إلي الأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة العامة والأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة الخاصة.
أولا:الأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة العامة:
أ) ارتفاع تكاليف الحياة والالتزامات المالية:
بعد انتشار ظاهرة الاستهلاك المفرطة في العقود الأخيرة زادت الأعباء والالتزامات المالية علي الرجل، حتى أصبح عاجزا عن الوفاء بها في كافة المجتمعات العربية، و يستوي في ذلك المجتمعات الغنية والمجتمعات الفقيرة، فالمطالب المالية الكثيرة للمرأة العربية في ظل تنامي المشاكل الاقتصادية الخانقة التي تحاصر أغلبية الأقطار العربية، تجعل الزوج يفقد الشعور بالسعادة الزوجية بل تتحول العلاقة الزوجية إلي جحيم بالنسبة له، لأن دخله لم يعد يغطي متطلبات البيت والعائلة، ذلك أن متطلبات الحياة لم تعد تقتصر على الضروريات، بل أصبحت الكماليات في غاية الأهمية، خاصة بالنسبة للزوجة، والتي غالبا ما تكون هي السبب الجوهري في هذه الخلافات، مما يضطره إلى التفكير في الطلاق والإقدام عليه بالنتيجة.
ويمثل هذا العامل نسبة مرتفعة من أسباب الطلاق تصل حسب بعض الدراسات إلي 58%من أسباب الطلاق[15].
ب) عدم التوافق بين الزوجين:
تعتبر بعض الدراسات أن عدم التوافق بين الزوجين يأتي في المرتبة الثانية، ليحتل نسبة 25%كسبب من أسباب الطلاق في المجتمعات العربية [16] سواء كان عدم التوافق بين الزوجين سببه ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي أو نفسي أو لأي سبب أخر، فعدم التوافق بين طرفي العلاقة الزوجية يؤدي إلى إثارة الخلافات لأتفه الأسباب و شعور الطرفين بالملل والتبرم لكثرة هذه الخلافات بينهما، ومما يزيد في صعوبة الوضعية أن الزواج في المجتمعات العربية ليس مبنيا على أسس موضوعية، من حيث التوافق الثقافي والنفسي والتعليمي عكس الزواج في المجتمعات المتقدمة التي في الغالب يتم الزواج فيها بناء على أسس و عوامل موضوعية يختارها الشريكين دون أي ضغوط من محيطهم العائلي.
ج) تدخل الأهل:
يعتبر تدخل الأهل في الحياة الزوجية لأبنائهم من الأسباب الرئيسة للطلاق، ذلك أن الزواج في أغلبية المجتمعات العربية لا يتم بين الشريكين بعد تعارف وحب بينهما، وإنما يتم ترتيبه من طرف الأهل بما يتناسب مع مصالحهم [17] وبالتالي يجبر الشاب والفتاة على زواج لا يرغبان فيه، وهذا النوع من الزواج هو الزواج الشائع والمنتشر في المجتمعات العربية، فالطابع القبلي والعشائري والعائلة الممتدة من أبرز سمات الحياة العربية خاصة في بعدها الاجتماعي، و هو ما يعني استمرار تدخل الأهل في أدق تفاصيل حياة الأزواج الشباب باعتبار أنهم جزء من العائلة الكبيرة وليسوا مستقلين بذواتهم، مما يعقد حياتهم ويضطر أحدهم الانفصال عن الآخر بسبب هذه التدخلات المستمرة.
د) الزواج المبكر و الفارق في السن:
ما يزال الزواج المبكر منتشرا في أغلبية المجتمعات العربية ويعتبر سببا من أسباب الطلاق في هذه المجتمعات باعتباره زواجا مختلا وغير متكافئ، للهوة الفاصلة بين الزوجين من الناحية العمرية وقلة الخبرة في الحياة عند الزوجة، فالزوجة في هذه الحالة غالبا ما يكون يفصلها عن الزوج أجيال من الناحية العمرية وكذلك من التطلعات، و بالتالي فالعلاقة الزوجية في هذه الحالة هي عبارة عن ورقة زواج اختارها الطرف الأول وهو الرجل ووافق عليها الطرف الثاني وهي الفتاة التي غالبا ما تجبر على رجل لا ترغب فيه ولا تحبه وإنما استجابة لرغبة الأهل واختياراتهم، والنتيجة هي الطلاق، لأن الزوجة في هذه السن الصغيرة لا تدرك معني المسؤولية الزوجية لعدم نضجها فهي لا تزال تطمح إلى مساحة من الحرية و الانطلاق في عالم الطفولة، وهو ما يحاول الزوج المسن الحد منه، الذي قد تجاوز هذه المراحل العمرية، ولم يعد يقدر أهميتها.
و يحصل هذا النوع من الزواج لاعتبارات اجتماعية منها:
1) المحافظة على شرف العائلة:لأن زواج البنت وهي صغيرة يحميها من الأخطاء التي قد تمس من شرف العائلة، هذا طبعا حسب فهم المجتمعات التقليدية التي ما تزال تحكمها أعراف و تقاليد من عصور التخلف التي خيمت طويلا على أغلبية المجتمعات العربية.
2) ثقافة المفاخرة:التي ما تزال تحكم بعض المجتمعات العربية والتي تعني أن زواج البنت في سن مبكرة نوع من الحظوة والوجاهة الاجتماعية.
3) الحاجة الاقتصادية: كما قد يحصل هذا النوع من الزواج غير المتكافئ نتيجة الحاجة الاقتصادية وما أكثرها في المجتمعات العربية التي تعيش أغلبها في حالة من الفقر والحرمان، وهو ما قد يضطر الفتاة للارتباط بزوج يكبرها كثيرا، قد حقق مكاسب مادية أو يمتلك ثروة، تتصور أنه سوف يخرجها من وضع الفقر والحرمان الذي تعيش فيه.
والنتيجة الطبيعية لكل هذه الأنواع من الزواج هو الفشل، و رغم كل ذلك ما يزال هذا النوع من الزواج منتشرا حيث أكدت دراسة ميدانية أجريت في اليمن أن نسبة الزواج المبكر تشكل ما بين 65% و 70% [18] في حين أن أحدى الباحثات من تونس ترفع هذا الرقم بعيدا قائلا أن نسبة 90%[19] من الفتيات العربيات يرغمن على الزواج المبكر و المفارقة أن اليمن وتونس يمثلان طرفي نقيض في هذه الحالة، ففي الوقت الذي ما يزال فيه أغلب الفتيات اليمنيات يتزوجن في سن 15سنة كمتوسط، فإن مدونة الأحوال الشخصية في تونس وضعت السن الأدنى لزواج الفتاة 17 سنة بينما الواقع يشير إلى أن سن الزواج في الوقت الحاضر في تونس هو ما بين 29_30سنة[20].
هـ) العنف ضد المرأة:
لا يزال العنف ضد المرأة يمارس على نطاق واسع داخل المجتمعات العربية وإن تفاوتت حدته ودرجته من مجتمع إلى آخر وكذلك اختلفت أسبابه ودوافعه.
فقد يكون العنف جسدي مادي كما قد يكون معنوي و نفسي و في الغالب يقعان معا على المرأة العربية.
فالعنف الجسدي عادة ما يمارس بطريقة مباشرة وملموسة إما عن طريق الاعتداء بالضرب بمختلف أنواعه و صنوفه، بينما يمارس العنف المعنوي والنفسي بطرق مستترة وعبر أشكال مختلفة، لكن نتائجه قد تكون أكثر إيلاما من العنف المادي، وغالبا ما تكون المرأة هي ضحية هذا العنف في المجتمعات العربية[21] لأن المرأة في هذه المجتمعات تجد نفسها محاطة بسياج من الأعراف والتقاليد، تكبلها وتحد من حرية تصرفاتها في حين يجد الرجل نفسه في هذه المجتمعات حرا طليقا وغير مسئول عن كثير من التصرفات خاصة اتجاه المرآة.
حيث تشير إحدى الدراسات الصادرة في مصر أن أكثر من 35%من النساء يتعرض للعنف[22] .
ومن أسباب العنف الذي يمارس ضد المرأة العربية الموروث الاجتماعي الذي يتوارثه الأبناء عن الأجداد كواقع اجتماعي ترسخ في العادات والتقاليد و التي تعتبر المرأة شخصا قاصرا يجب توجيهه و تطويعه ولو أقتضى الأمر استخدام العنف بمختلف أشكاله ضدها، لكن هناك أسباب أخرى تختلف حدتها من مجتمع عربي إلي آخر، من بينها الفقر والأزمات الاقتصادية التي تحاصر أغلبية المجتمعات العربية، وكذلك الإفراط في استهلاك الخمور والمخدرات حيث تشير بعض الدراسات إلى أن تناول الخمور في كل من تونس والجزائر يعتبر السبب الأول للعنف ضد المرآة[23].
و) التنشئة الاجتماعية الخاطئة:
التنشئة الاجتماعية في أغلبية المجتمعات العربية، تنشئة خاطئة بسبب التفريق بين الأولاد والبنات ومن أمثلته ما تمارسه العائلات من ضغوط على البنات بوصفهم عارا وعبئا اجتماعيا بينما تحيط الابن بكل الرعاية والاهتمام، في حين أنه من المفترض عدم إقامة أي تمييز بين الاثنين أي بين البنت والابن مهما كانت الأسباب، لأن هذه التنشئة الاجتماعية الخاطئة ستؤثر في مستقبل علاقات الرجل بالمرأة خاصة في مجال العلاقات الزوجية، لما لها من تأثير على سلوك الرجل وتصرفاته التي تتحول في هذه الحالة إلى نظرة استعلاء، تنعكس في معاملة الرجل لزوجته، بوصفها شخصا أقل منه درجة وهو ما يشكل مصدرا مستمرا للخلافات بينهما التي تنتهي في النهاية بالطلاق.
ثانياً: الأسباب المباشرة للطلاق ذات الطبيعة الخاصة:
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن العرب بصفة عامة يشتركون في كثير من الخصوصيات كما يشتركون في كثير من المشاكل والقضايا التي تواجههم، فإن ذلك لا يمنع من وجود أسباب لظاهرة الطلاق ذات خصوصية وتختلف من مجتمع عربي لآخر وهو ما سنحاول تبيانه فيما يلي:
أ) الزواج بالطرق التقليدية في الخليج العربي “الزواج عن طريق الخاطبة”:
ما تزال المجتمعات في الخليج العربي مجتمعات محافظة يتم فيها الزواج بالطرق التقليدية، أي يتم عن طريق الأهل بواسطة ما يسمي “الخاطبة”ولا دخل فيه لأطراف العلاقة الزوجية مباشرة، حيث أظهرت دراسة أعدتها وزارة التخطيط السعودية2002 أن 65%من الزيجات التي تتم عن طريق الخاطبة تنتهي بالطلاق وهذا الأمر منطقي لأن طرفي العلاقة الزوجية لم يكن لهما أي دور في حصول الزواج بينهما، ناهيك عن عدم حصول معرفة سابقة وتفاهم على أساسيات الحياة الزوجية، وهو ما أدي إلى ظهور نمط الشخصية المتمردة على القيم الاجتماعية التي يمارسها الشباب اليوم في بلدان الخليج مما يجعلهم يطلقون لأتفه الأسباب[24]، لأن حياة عصر الانترنت والفضائيات تختلف كليا عن الحياة التقليدية التي كانت تعتمد على الروابط العائلية و الاجتماعية.
وليس فيها عنصرا أجنبيا يؤثر على هذه العلاقات الاجتماعية، بينما تلعب العوامل الأجنبية الجديدة الوافدة على المجتمعات العربية في الوقت الحاضر دورا سلبيا في التأثير على منظومة القيم الاجتماعية وهو ما ينعكس بشكل مباشر على حياة الشباب وعلى نظرتهم لهذه الحياة.
ب) إهمال المرأة لمسؤولياتها المنزلية والاعتماد على المربيات:
أدت التغيرات الاقتصادية والمالية والثقافية التي عرفتها المجتمعات الخليجية في العقود الثلاثة الأخيرة، إلى تعليم المرأة و بالتالي خروجها إلى العمل، وهو ما انجر عنه انشغالها عن مسؤولياتها المنزلية، وقد ساهم في هذه الوضعية الوفرة المالية التي ساعدتها على استقدام الكثير من المربيات من شرق آسيا ليحلوا مكانها في البيت، لخدمته وتربية الأطفال، ومن ثم انصراف اهتمامها عن منزلها والاهتمام بدلا عنه بصالونات التجميل والزينة ومتابعة أخبار الموضة، وقد ترتب على هذه الوضعية الكثير من المشاكل الاجتماعية، كان من بينها ارتفاع نسبة الطلاق في مجتمعات الخليج العربي[25]
ج) تعدد الزوجات:
يعتقد على نطاق واسع أن تعدد الزوجات من الأسباب المباشرة للطلاق لأن الكثير من النساء لا يقبلن به ويفضلن عليه الطلاق[26]، وظاهرة تعدد الزوجات، تنتشر في مجتمعات منطقة الخليج العربي أكثر من غيرها من المناطق العربية الأخرى حيث تشير الإحصائيات إلى أن ما بين 36% إلى40%من حالات الطلاق تقع في بلدان الخليج بسبب تعدد الزوجات[27]، ويعود ذلك إلى جملة من الأسباب من بينها:
1) أن بلدان منطقة الخليج تستند في مجال الأحوال الشخصية على الشريعة الإسلامية مباشرة، وبالتالي لا تفرض أية قيود على تعدد الزوجات.
2 ) أن الوفرة المالية في بلدان الخليج، تمكن الرجال في هذه المنطقة من الزواج بأكثر من إمرأة واحدة.
3) أن أغلبية الأقطار العربية غير الخليجية، وضعت في مدوناتها للأحوال الشخصية قيودا علي تعدد الزوجات، في حين منعته تونس منعا باتا في مدونتها للأحوال الشخصية، وقد سارت على نهجها المغرب في مدونتها للأحوال الشخصية بعد تعديلها الأخير، والذي تمت المصادقة عليه في 24 يناير 2004.
د) ترف الشباب وعدم تحملهم لمسؤوليتهم:
لقد كان لظهور ريع النفط العربي في عقد السبعينيات من القرن العشرين تأثيرا كبيرا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خاصة في منطقة الخليج العربي، لما صاحبه من أنماط استهلاكية ترفية لا تهتم بقيمة العمل ولا الإنتاج، وإنما تعتمد الاستهلاك والترف كنمط حياة لما وفره ريع النفط من عائدات مالية كبيرة تساعد على هذا النمط من الحياة الاستهلاكية المترفة، وفي هذا الجو، ترعرعت أجيال شابة مرفهة، لم تبذل جهدا في تحصيل ما تستهلكه ولم تعرف لصعوبات الحياة معني، وهو ما يجعل هؤلاء الشباب صغيري السن، يستسهلون الأقدام علي الزواج، و عند أول شعور بثقل مسؤولياته يتخلصون منه بسرعة بتطليق شريكة الحياة التي هي الضحية هنا، لقلة خبرتهم في الحياة وكذلك لأنهم لم يتعودوا المسؤولية وهو ما يجعلهم يفشلون عند أول مواجهة مع متاعب الحياة، هذا بالإضافة إلى أن الشباب اليوم في عجلة من أمرهم، تكيفا مع سرعة الحياة وتطور أدوات التكنولوجيا التي تزيد من هذه السرعة، الأمر الذي يجعل الشباب يتعامل مع كل مفردات الحياة بنفس السرعة والتي من بيتها العلاقات الزوجية التي يتخلصون منها بنفس السرعة لأن العلاقة الزوجية تضع على عواتق هؤلاء الشباب مسؤوليات ثقيلة، مع ما يصاحب الحياة الزوجية من رتابة وملل تضطرهم في النهاية إلى التطليق.
هـ) الفقر والبطالة:
لقد دخلت أغلبية اقتصاديات الأقطار العربية منذ نهاية عقد الثمانيات في أزمة اقتصادية خانقة نتيجة فشل مشروعات التنمية الاقتصادية الوطنية في جل البلدان العربية، وكذلك تراكم المديونية الخارجية التي باتت تضغط على اقتصاديات المنطقة العربية، وهذا الوضع الاقتصادي الصعب ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاجتماعية، وخاصة الأوضاع الأسرية بزيادة نسبة الطلاق في هذه المجتمعات فالبطالة والفقر يزيد من حدة الأزمة الاجتماعية، مما يضطر الكثير من الرجال إلى الانفصال عن زوجاتهم بتطليقهم.
لكن هذه الوضعية تختلف حدتها من بلد إلى آخر حيث تشير الدراسات إلى: أن هناك خمسة أقطار عربية أكثر تضررا من غيرها بسبب البطالة والفقر[28] وهذه الأقطار هي موريتانيا وجيبوتي والجزائر ومصر وفلسطين، ولكل منها أسبابه الخاصة ففي جيبوتي، ينتشر الطلاق بفعل الفقر المدقع الذي يعيش فيه مجتمع هذا البلد لقلة موارده، أما في موريتانيا فالفقر والبطالة يأتيان علي رأس أسباب الطلاق في هذا البلد لكن هناك عوامل أخري اقتصادية و اجتماعية وثقافية تساهم في انتشار هذه الظاهرة الاجتماعية.
بينما في الجزائر ،جاءت الأزمة المتعددة الأوجه التي عاشتها الجزائر في العقد الأخير من القرن العشرين، لتنشر البطالة و الفقر حيث سجلت الجزائر أكبر نسبة للبطالة في المنطقة العربية أي حوالي 4.5 مليون مواطن عاطل عن العمل[29]، مما أنعكس بدوره على الوضع الاجتماعي بزيادة نسبة الطلاق في هذا البلد.
وكل العوامل السابقة تتوفر في مصر وتزيد عليها مصر بالكثافة السكانية الكبيرة التي تزيد من حدة الأوضاع الاجتماعية في هذا البلد.
أما الوضع الاجتماعي في فلسطين فقد فاقمته سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي أتبعتها لمواجهة انتفاضة الأقصى، التي انطلقت منذ ديسمبر 2000، وما صاحبها من أزمات اقتصادية، زادت من حدة البطالة والفقر حيث سجلت المحاكم الشرعية زيادة كبيرة في نسبة الطلاق تجاوزت 20%[30] ، وينبغي التذكير أن ما سبقت الإشارة إليه لا يعني أن البطالة والفقر، ليست سببا من أسباب الطلاق في مناطق أخري من الوطن العربي، لكن هذين العاملين أكثر تأثيرا عن غيرهم من العوامل الأخرى في الأقطار العربية آنفة الذكر، ذلك أن أغلبية الأقطار العربية تعاني مشاكل اقتصادية وإن بدرجات متفاوتة.
و) دور الخلع في زيادة الطلاق في بعض الأقطار العربية:
إذا كان الخلع يوفر مخرجاً للمرأة من الزواج المتعثر والتخلص من علاقة مع رجل لا ترغب في الاستمرار معه، فإنه في نفس الوقت يسلب منها الكثير من حقوقها ويجعلها تتنازل عن هذه الحقوق مقابل التفريق بينها وبين زوجها، لكن إقرار مبدأ حق الخلع، قد زاد من نسب الطلاق في بعض الأقطار العربية، خاصة مصر والأردن، بشكل واضح في السنوات الثلاثة الأخيرة، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أنه بعد سماح قانون الأحوال الشخصية المصري المعدل عام 2000 بحق الخلع، زادت حالات الطلاق بـ7000 آلاف حالة طلاق تمت بموجب هذا القانون.[31]
ونفس الشيء في الأردن تقريبا، حيث خلصت دراسة صادر حديثا إلى ارتفاع معدل حالات الطلاق في الأردن، حيث وصل خلال العام 2003إلى 885(حالة طلاق مسجلا زيادة مقدارها 1.63%عن العام الذي سبقه)[32].
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان قانون الأحوال الشخصية في كل من مصر والأردن بعد تعديلهما، قد زادا من نسبة الطلاق فإن مدونة الأحوال الشخصية في تونس قد ساعدت على الحد من الطلاق بما وضعته من قيود على الطلاق.
ونشير في نهاية هذه الفقرة إلى أن الاختلاف في المجتمعات العربية لا ينحصر فقط في أسباب الطلاق، بل هناك اختلاف في نسب الطلاق من مجتمع إلى أخر، حيث تشير الدراسات إلى أن اكبر نسبة للطلاق توجد في منطقة الخليج العربي، وتأتى في القمة دولة الأمارات العربية حيث تجاوزت نسبة الطلاق فيها 40%، وتليها قطر حيث تصل فيها نسبة الطلاق حدود36%.
أما المجموعة الثانية من الأقطار العربية فنسبة الطلاق فيها في حدود30%، وعلى رأس هذه المجموعة موريتانيا.
أما المجموعة الثالثة فنسبة الطلاق فيها في حدود20% وتتقدمها كل من مصر والمغرب.
بينما لا تتجاوز نسبة الطلاق في المجموعة الرابعة والأخيرة نسبة 5% ومن ضمنها هذه المجموعة تونس.
المحور الثالث:الأسباب غير المباشرة للطلاق:
و إلى جانب الأسباب المباشرة للطلاق ،هناك عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ،قد يكون لها تأثير كبير على وضع الأسرة لما تعرضها له من ضغوط تساهم في زيادة نسبة الطلاق باعتبارها أسباب غير مباشرة لهذه الظاهرة .
وفيما يلي سنحاول تقديم أهم هذه الأسباب:
أ) النزعة الأبوية في مواجهة سعي المرأة للتحرر:
تعتبر أغلبية المجتمعات المعاصرة مجتمعات أبوية عموما، لكن المجتمعات العربية هي الأكثر أبوية بين هذه المجتمعات والأشد قسوة ومحاصرة وتهميشا للمرأة[33]، فالأبوية العربية ما تزال متجذرة في العشائرية القبلية في جل المجتمعات العربية، و تؤثر على وضع المرأة و تبقيها في وضعية بعيدة عن التحولات البنيوية الكبيرة التي حدثت في القرن العشرين والتي لم تكن المجتمعات العربية بمنأى عنها، وهو ما تجلى من خلال إصدار أغلبية الأقطار العربية لدساتير عصرية تساوي نظريا بين المواطنين بشكل كامل، بغض النظر عن جنسهم، كما قامت أغلبية هذه الأقطار بإصدار مدونات للأحوال الشخصية تحفظ حقوق المرأة، لكن الواقع الاجتماعي لا يعكس هذا الوضع القانوني،
بل لا تزال المرأة تعيش تحت رحمة الأعراف والتقاليد التي لا تنصفها، وتجعلها في وضع أدنى من الرجل، ويبرز هذا الوضع في اضطهاد نوعي وقانوني، لا ترجع أسبابه إلى العامل الديني أو البيولوجي أو النفسي، بل يعود إلى مجموعة من قيم الذكورة المسيطرة التي لا تعترف بالمرأة كإنسان كامل بالرغم من أنها تشكل نصف المجتمع وقد تعلمت وحصلت على أعلى الشهادات العلمية, وتفوقت معرفيا في كثير من الحالات على الرجل.
وهو ما يجعل المرأة العربية تسعى إلى التحرر من القيود والأعراف الاجتماعية, التي تفرض عليها الدونية و كذلك سطوة الرجل وهيمنته على قرارها بشكل مطلق.
حيث خلصت دراسة صادرة في المغرب الأقصى إلى أن: (( حصول المرأة على تعليم متقدم و مرتب كبير يعتبران من أهم أسباب الخلافات بين الأزواج و من ثم الطلاق.))[34].
كما أشارت دراسة أخرى إلى : (أنه بقدر ما يرتفع المستوى التعليمي للمرأة بقدر ما يرجحها إلى أن تعبر عن آراء تدعو إلى دور فعلي وإيجابي للمرأة).[35]
كما أوضحت دراسة حديثة, اهتمت بوضع المرأة في الخليج العربي إلى أن (( نظرة ووصاية الرجل في الخليج على المرأة تعتبر سبباً من أسباب الطلاق ))[36]
ويمكن القول إجمالا أن إصرار المرأة على الخروج للعمل وشعورها بالاستقلال المالي في الكثير من المجتمعات العربية، أعطتها مساحة من الحرية في التفكير وفى أخذ القرارات التي تناسبها، و هو ما ينجر عنه في كثير من الأحيان التصادم مع زوجها، لأن الرجل العربي لم يتقبل بعد ذلك نفسيا واجتماعيا في مجتمع لا تزال تسيطر عليه ذهنية المجتمع الأبوي، والنتيجة في هذه الحالات هي الطلاق.
ب) غياب الأهداف المشتركة:
يرتبط هذا العنصر بالعنصر الذي سبقه بشكل مباشر والمتعلق بمحاولة الرجل العربي الدائمة للسيطرة على المرأة وتغيبها بشكل شبه كامل بالوقوف أمام تحقيق أهدافها والقضاء على طموحاتها الشخصية، مع أن أطراف العلاقة الزوجية في المجتمعات العربية نادرا ما يبدآن بأهداف مشتركة بينهما، وإنما تسيطر أهداف الزوج التي قد حددها مسبقا ويحاول فرضها على زوجته مقصيا أهداف هذه الزوجة إذا كانت لها أهداف أصلا، فالرجل العربي غالبا ما يدخل إلى الحياة الزوجية بأفكار مسبقة، فهو يخشى أن تسيطر عليه زوجته أو تهتز صورته النمطية في البيت و هو ما يجعله يفرض أفكاره ووجهات نظره و من ثم سيطرته المطلقة بدون أي اهتمام برأي زوجته أو تقبل الحوار الموضوعي معها الذي من المفترض أن يحتمل الأخذ والرد الأمر الذي يعنى إبعاد كلى لما تسعى إلى تحقيقه هذه الزوجة من أهداف ومن ثم تصبح هذه الأهداف هامشية في علاقتهما الزوجية مما يجعل الزوجة تسير في طريق لم تختر السير فيه.
وهو ما يشعرها بالغبن والاضطهاد، ومع استمرار هذه الوضعية، تبدأ التفكير في الانفصال عنه و الانتهاء إلى الطلاق.
ج) ضعف الوازع الديني:
لقد أصبح ضعف الوعي الديني وكذلك قلة الوازع الديني عند الأزواج الشباب اليوم سببا من أسباب الطلاق، لأن قلة الوازع الديني عندهم تجعلهم لا يعرفون حقوق الزوجية من الوجهة الشرعية المفروض على كل واحد منهما أن يلتزم بها تجاه الأخر لأن معرفة هذه الحقوق الدينة بشكل جيد و تطبيقها تطبيقا صحيحا، تجعل كلآ من الزوجين يلتزم وفقا لمبدأ المودة والرحمة التي هي أساس العلاقة الزوجية في الإسلام، بينما واقع الحال عكس ذلك، حيث أن أغلبية الشباب اليوم متمردا على الثقافة والقيم الاجتماعية والدينية السائدة في المجتمعات العربية، بفعل التأثر بالثقافات الجديدة والتغيرات التي صاحبت الانفتاح على المجتمعات الأخرى، خاصة ثقافة المجتمعات الغربية وهو ما جعل هذا الشباب في حالة ضياع، فلا هو تمسك بقيمه الدينية وثقافته الاجتماعية، ولا هو استطاع استيعاب الثقافة الغربية الوافدة، الأمر الذي زاد من حدة الأزمة الاجتماعية وبالذات العلاقات الزوجية.
د) الفهم الخاطئ للدين:
إن كثيرا من الناس اليوم في المجتمعات العربية تتداخل عليهم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي أنصفت المرأة و أعطتها كامل حقوقها والأعراف والعادات والتقاليد التي ورثتها هذه المجتمعات من عصور الجهل والتخلف التي عاشت تحتها قرون طويلة من الزمن، عانت فيها المرأة أشد المعاناة وتعرضت فيها لا لوان من الظلم والإقصاء مازالت أثارها مستمرة حتى وقتنا الحاضر.
والتداخل بين فهم الإسلام الصحيح والوقوع تحت تأثير العادات البالية هو ما يقع فيه اليوم جل الرجال في المجتمعات العربية.
حيث يفهمون قوله تعالى:”الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم”[37] فهما خاطئاً فيوقعون الأذى بالنساء ويجورون في حقهم بحجة أن لهم القوامة وأن لهم حق التصرف بالمرأة بوصفها “أمة” أو بضاعة تباع وتشترى أو جسد للمتعة.
بينما المرأة في نظر الإسلام لها شخصية مستقلة وعقل وكيان وهي شريكة في إدارة المنزل وتربية الأولاد وتدبير العيش والفهم الصحيح للآية الكريمة، يكون بعدم إذابة شخصية المرأة وكيانها وكذلك عدم استعبادها، فالقوامة تعني “تصريف الأمور وتدبيرها” ولا تعني التهميش والإقصاء لأن حضور المرأة في الإسلام، ارتبط بجملة من الحقوق والواجبات التي أعطاها إياها الإسلام في إطار تنظيم الحياة الاجتماعية، ومساواتها بالرجل في الإيمان والتكليف خير دليل على ذلك، لكن الممارسة الاجتماعية هي التي أقصت المرأة وأفقدتها حريتها وفرضت عليها جملة من القيود حتى أوصلتها إلى ما عرف “بمفهوم الحريم “الذي جعل المرأة كائنا تابعا ليس له أي دور أو مشاركة، واستمرار ثقافة الحريم عند الرجل العربي في ظل تنامي تعليم المرأة، وراء نسبة كبيرة من المشاكل الزوجية التي تنتهي بالطلاق.
هـ) تأثير التغيرات المصاحبة للعولمة:
تطرح متطلبات العولمة والضغوط المصاحبة لها، مشاكل عويصة وآثار مباشرة وغير مباشرة على مستقبل المجتمعات العربية، وذلك ما تظهره المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي بدأت ملامحها تتحدد في الواقع العربي، باعتبار أن العولمة شمولية الأبعاد وستمس كافة هذه الجوانب وبالذات البعد الاجتماعي، لأن العولمة ستتحكم في مسار التطور الاجتماعي لتحكمها في مسار التطور الاقتصادي، وهو ما سينعكس على التطور الاجتماعي و يؤدي إلى تفكك هذه المجتمعات نتيجة الأزمات الاجتماعية المتفاقمة أصلا في أغلبية الأقطار العربية، ذلك أن تحكم الشركات العالمية المتعددة الجنسيات التي لا يهمها إلا الربح سيؤثر بشكل مباشر على البطالة والفقر، وهذا الوضع الاجتماعي الصعب هو ما تعبر عنه أرقام البطالة على مستوى الوطن العربي، التي وصلت إلى حدود 15مليون من قوة العمل[38]، وهو الوضع الذي تشير كل الدلائل والمؤشرات علي تفاقمه في المستقبل، خاصة أن أغلبية العمالة العربية منخفضة التكوين والمهارة بشكل عام.
علماً أن هذه الفئة هي التي تشكل القاعدة العريضة لقوة العمل العربي، والتي تم استيعابها في فترات الحماية السابقة، وفي ظل العولمة، ستكون هذه الفئة مهددة نتيجة شدة المنافسة وبصفة عامة يمكن إجمال آثار العولمة المباشرة أو المتوقعة على الوضع الاجتماعي العربي بما يلي:
1) انقسام المجتمعات العربية إلى مجتمعين أحد هما يضم قلة من السكان الأغنياء و المترفين ويعيش حول هذه القلة المترفة أكثرية ساحقة من الفقراء والمعدمين بفعل سياسات مؤسسات العولمة التفقيرية لهذه المجتمعات.
2) تعرض المجتمع للتفكيك نتيجة للسياسات الاقتصادية الليبرالية المتوحشة وغير الموجهة وما يصاحبها من ظهور قيم استهلاكية جديدة وغريبة على المجتمعات العربية، الأمر الذي يؤدي إلي القضاء على الروابط الاجتماعية التقليدية.
3) ظهور أجيال جديدة ضعيفة الانتماء عديمة الهوية بفعل ثقافة العولمة التي تدخل كل البيوت عبر الفضائيات مع ثورة الأعلام والاتصال، وكذلك انتشار الإنترنت اللذان حولا العالم إلى قرية صغيرة، و تأثير ذلك على الاستقرار الاجتماعي.
فالتغيرات السريعة والمتلاحقة التي يمر بها عالم اليوم وفي ظل عولمة متسارعة لا تترك لأي مجتمع خصوصياته الحضارية ستحدث شرخا في القيم الاجتماعية والأخلاقية في المجتمعات العربية والتي من أخطرها انتشار ظاهرة الطلاق.
المحور الرابع/ بعض المقترحات والحلول
وبعد استعراضنا لأهم أسباب الطلاق وما تبين من خلال أرقام الطلاق في مختلف المجتمعات العربية، يتضح أن هناك أزمة اجتماعية تحتاج إلى التأمل فيها وتحليلها من قبل الجهات المختصة وتقديم الحلول لها انطلاقا من رؤية واعية وشاملة تأخذ بجميع أبعاد المشكلة للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة التي تهدد الاستقرار الاجتماعي وفيما يلي نقترح بعض الآليات والإجراءات لعلها تساهم في تخفيف أو الحد من الطلاق:
1) أن تلعب المؤسسات العلمية دورها:
بعد انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمعات العربية، فإن مراكز الدراسات والبحوث بصفة خاصة والمؤسسات العلمية بصفة عامة مدعوة إلى أن تلعب دورها في دراسة هذه الظاهرة وتحليلها وتقديم الحلول لها من خلال الاستشارات العلمية الصحيحة للجهات الرسمية لمعالجة هذه الظاهرة بشكل علمي صحيح.
2) أن تهتم مؤسسات المجتمع المدني بظاهرة الطلاق:
ما يزال حضور مؤسسات المجتمع المدني في الساحة العربية عموما محدود وإن وجدت بعض مؤسسات المجتمع المدني العربية يكون اهتمامها موجها أكثر إلى قضايا التنمية الاقتصادية وبالذات القضايا ذات الطابع الاجتماعي لكن هذه المؤسسات مطالبة اليوم إلى تركيز الاهتمام على ظاهرة الطلاق بوصفه ظاهرة باتت تهدد الاستقرار الاجتماعي في جل المجتمعات العربية ولا نذكر في هذا المجال إلا تجربة “جمعية النساء المطلقات في موريتانيا” كنموذج في هذا الإطار.
3) ضرورة إنشاء مؤسسات للرعاية الاجتماعية:
ففي الماضي كان الأزواج في المجتمعات العربية، يعتمدون في تسوية مشاكلهم على الروابط التقليدية، لكن الوضع الآن تغير للتحولات غير الموجهة التي تعرفها هذه المجتمعات و ما يصاحبها من تفكك اجتماعي، وتجاه الروابط الاجتماعية عموما إلى الاضمحلال والذوبان في زحمة الحياة الضاغطة وهو ما يؤكد أهمية إيجاد مؤسسات للرعاية الاجتماعية، يقوم على إدارتها نخبة من ذوي الاختصاص خاصة في مجالي علم النفس وعلم الاجتماع، لسد الفراغ الموجود في مجالات الرعاية الاجتماعية لتقديم النصح و الإرشاد والحلول عند الضرورة لأطراف العلاقات الزوجية، الذين يواجهون مشاكل في علاقاتهم الزوجية لخطورة الطلاق وما ينتج عنه من مشاكل اجتماعية، تنسحب بآثارها المدمرة على مختلف أركان المؤسسة الاجتماعية.
4) الاهتمام بالتنشئة الاجتماعية الصحيحة:
من المشاكل العويصة التي ما تزال تواجه الوضع الاجتماعي العربي، عدم حصول تغير حقيقي في المفاهيم والقيم الاجتماعية وخاصة نظرة الرجل العربي الدونية للمرأة، والمطلوب اليوم تغير هذه النظرة وكذلك تغير أساليب التعامل الاجتماعية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تغير أساليب التربية
و التنشئة الاجتماعية للأطفال بتربيتهم على المساواة بين الأولاد والبنات، وتعويدهم على التعامل بطرق ديمقراطية فيما بينهم، وذلك بالقضاء على فكرة تمييز الأولاد عن البنات بإعطائهم حظوة وأهمية خاصة في إطار العائلة، الأمر الذي يمكن في المستقبل الرجل العربي من إسقاط كل الأفكار السلبية وغير العقلانية عن المرأة والتعامل معها على أنها شريك حقيقي له في الحياة الزوجية.
5) ضرورة تحديث مدونات الأحوال الشخصية العربية:
رغم أن أغلبية مدونات الأحوال الشخصية العربية، حاولت إحاطة الطلاق بكثير من الضمانات والقيود لحماية حقوق كافة الأطراف بعد انفراط العلاقة الزوجية، لما يترتب على ذلك من أثار سلبية على الزوجة والأبناء، إلا أن هذه المدونات أصبحت في الوقت الحاضر، بحاجة ماسة لتطوير مضامينها لمواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة التي عرفتها المجتمعات العربية في السنوات الأخيرة من القرن العشرين للمواءمة بين مضمون هذه المدونات وروح الإسلام السمحة التي تعطي للمرأة كافة حقوقها وانسجاما مع روح العصر والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها أغلبية الأقطار العربية، خاصة اتفاقية “القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “و كذلك اتفاقية “العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”لكي لا يقع تناقض في تشريعات هذه الدول ولتجنب التصادم مع مجتمع دولي يتجه إلى التقارب والتوحد في كثير من تشريعاته الدولية.
6) رفع سن الزواج:
انطلاقا من أن الزواج المبكر ما يزال سببا من أسباب الطلاق في المجتمعات العربية خاصة في اليمن ومنطقة الخليج، فإن البلدان العربية مطالبة برفع سن الزواج إلى 18 سنة كحد أدني للحد من ظاهرة الطلاق، والإقتداء بالتجربة التونسية التي وضعت 17 سنة حدا أدني لسن الزواج منذ الستينيات من القرن العشرين، وهو الأمر الذي حد من نسبة الطلاق من بين أمور أخرى، والتي تعتبر الأقل مقارنة مع جميع الأقطار العربية، حيث لا يتجاوز 5%، وهو ما جعل الأقطار المغاريبة الأخرى تسير على نفس النهج خاصة موريتانيا والمغرب اللتان وضعت كلآ منهما السن الأدنى للزواج 18سنة.
7) أن يقوم الإعلام بدوره في التوعية الاجتماعية:
بعد أن أصبح الإعلام في الوقت الحاضر يدخل كل البيوت عبر البث الفضائي, فإنه يمكن أن يلعب دورا مهما في مجال التوعية الاجتماعية بموضوع الطلاق والاهتمام به بوصفه ظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد الاستقرار الاجتماعي ولها انعكاسات على الأسرة والفرد على حد السواء.
وفي ختام هذه الورقة نشير إلى أنه مهما عددنا من أسباب لظاهرة الطلاق أو قدمنا من مقترحات وحلول لهذه الظاهرة فإنها تبقي مرتبطة بمختلف الأزمات المتعددة الأوجه -اجتماعيا، اقتصاديا ثقافيا، سياسيا – التي تعيشها المجتمعات العربية بداية من أزمة الصراع بين عصرنة شكلية، وبقاء روح القيم التقليدية الراسخة في القاع الاجتماعي الموروث عن عهود من التخلف، مرورا بتأثيرات العولمة والمتغيرات العالمية المصاحبة لها والضاغطة بقوة على الواقع العربي، وانتهاء بأزمة عدم اليقين في المستقبل، بفعل أزمة الحاضر الممتدة في الماضي.
ورغم ذلك يبقي التشخيص الدقيق لأي مشكلة هو جزء هام من حلها، وهذا ما سعينا إليه بتشخيص أسباب ظاهرة الطلاق من خلال الأسطر السابقة لعلها تكون مساهمة متواضعة في إيجاد الحلول لهذه الظاهرة الاجتماعية.
? : بقلم د . ديدي ولد السالك
[1] رواه أبو داود في سننه ، جزء 2 ،ص255 .
[2] سورة الروم الآية 21
[3] انظر: ابن منظور ، لسان العرب ، 10م227. دار صادر ، بيروت ، ط1.
[4] علي بن عبد السلام التسولي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1998.
[5] أبو عبد الله محمد الأنصاري، شرح حدود ابن عرفة، مطبعة فضالة المحمدية ، الرباط ، 1992.
[6] المقدمات ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1988.
[7] ابن قدامه المقدسي ،المغني، ط1، الجزء السابع، صفحة277، دار الفكر ،بيرروت1405ه
[8] محمد الخطيب الشربيني ، مغني المحتاج، 3/279 ، دارالفكر ، بيروت
[9] أحمدعبيد الكبيسي وأخرون في،شرح قانون الآحوال الشخصية،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،الجمهورية العراقية،بغداد،1980
[10] مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية،وزارة العدل الموريتانية ،انواكشوط 2002.
[11] مدونة الآحوال الشخصية المغربية، المعدلة 1993 ،الرباط 1993. مع ملاحظة أن هذه المدونة تم تعديلها أخيرا وصدرت في 24 يناير 2004
[12] التقرير السنوي ،لمركز قضايا المرأة المصرية، القاهرة 2003
[13] انظر:التقرير السنوي لمركز قضايا المرآة المصرية.القاهرة.2003.
[14] مدونة الآحوال الشخصية التونسية ،المعدلة عام 1993 ،تونس2000
[15] دراسة صادرة عن: المركزالعربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، بعنوان:(الطلاق) ،عمان 2003
[16] شهيدة الباز، المرأة العربية بين ثقل الواقع و تطلعات المستقبل، موقع البلاغ، 2003
[17] مريم المرنيسى، أسباب الطلاق، دراسة ميدانية، جامعة محمد الخامس، الرابط 2000
[18] انظر:محمد السباعي، الفتاة في اليمن بين قساوة الموروثات ومعناة الزواج المبكر، مجلة العربيات، سنة2002_عدد23
[19] رجاء بن سلامة ،الشريعة والفقه:صخرة سبيزيف التي تسحق النساء العربيات ،جامعة تونس،2004
[20] “وضع المرأة وقانون الأحوال الشخصية في تونس” دراسة صادرة عن :مركز الأبحاث والإعلام والتوثيق حول المرأة،تونس،2001
[21] خديجة خداد،العنف ضد المرأة في المجتمع العربي،مجلة،منارة المجتمع 7_3_2002
[22] نبيل شرف الدين ، ثلث النساء العربيات عوانس،مركز الدراسات الاجتماعية في مصر ،القاهر،2003
[23] منجية العبيدي، محنة الحجاب في تونس ، جمعية نساء ضد التعذيب في تونس ،لندن،2003
[24] عادل عبد الرحيم ،الخلع والطلاق:حكاية ومرارة وراء كل باب ،مركز أمان،عمان 27 سبتمبر 2003
[25] شهيدة الباز ،المراة العربية ونظام القيم في الحقبة النفطية الموسوعة الإسلامية،2003
[26] سكينة براوي، الطلاق من خلال بعض قوانين الأحوال الشخصية العربية ، في دراسة بعنوان (قوانين الأحوال الشخصية والمواطنة)، المكتب الإقليمي للدول العربية ، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تونس ، 2003.
[27] أنظر: نيروز بكر، أسباب الطلاق في السعودية، جريدة الوطن، الرياض، 17 نوفمبر 2003.
[28] أنظر أعمال المؤتمر الرابع والثلاثين للمجلس الإقليمي لجمعيات تنظيم الأسرة في العالم العربي ، بيروت 2002.
[29] تقرير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حول الاقتصاد العالمي ، نيويورك 2001.
[30] ناهض منصور ، مظاهر الطلاق في المجتمع الفلسطيني، مركز أمان، عمان 2002.
[31] ممدوح الصغير، قانون الخلع في مصر بين إنصاف المرأة وسلب حقوقها ، مجلة عربيات 20 سبتمبر 2002.
[32] ليلى سلامة، الخلع كسبب من أسباب الطلاق ، مجلة ديوان العرب ، عدد ديسمبر 2003.
[33] إبراهيم الحيدري ، النظام الأبوي وإشكالية الجنس عند العرب ، دار الساقي بيروت 2003.
[34] مريم المرنيسي، أسباب الطلاق في المغرب ، مرجع سبق ذكره .
[35] Voir :aziza darghough medimagh, la famille tunisienne Entre modeles et realites,ed.c.eres.1994
[36] شهيدة الباز, المرآة العربية ونظام القيم في الحقبة النفطية, مرجع سابق.
[37] سورة النساء الآية 24
[38] تقرير منظمة العمل العربي ، لعام 2003 ، القاهرة 2003.