العلاقات الموريتانية المغربية بين عمق التاريخ وتحديات المستقبل أي نموذج للشراكة ؟
احتضن فندق وصال بالعاصمة الموريتانية أنواكشوط بين يومي 8-9دجمبر 2018 ندوة علمية تحت عنوان : العلاقات الموريتانية –المغربية بين عمق التاريخ وتحديات المستقبل / أي نموذج للشراكة ؟
الندوة المنظمة من طرف المركز المغاربي للدراسات والنشر استهلت بكلمة ترحيبية لرئيس المركز الدكتور ديدي السالك استعرض فيها – بعد شكر المشاركين وتثمين حضورهم – الأهمية الخاصة التي يوليها المركز منذ نشأته لتطوير وتعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين أقطار المغرب العربي ، والتي تمثل ندوة العلاقات الموريتانية المغربية دليلا حيا عليها ، مبرزا الحاجة الماسة لبناء شراكة إيجابية تقوي أواصر الأخوة ودعائم التنمية وتضمن حضورا فاعلا للدولتين على المستوى الإقليمي والدولي ، كما تترجم الحاجات المتبادلة للشعبين ، فموريتانيا تمثل –كما كانت في السابق – نقطة العبور نحو افريقيا السوداء ، القارة البكر التي تتنافس كل دول العالم للاستفادة من خيراتها وموقعها ، أما المغرب فهو العمق الحضاري والتاريخي لبلاد شنقيط ، وفي هذا الإطار حث رئيس المركز النخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني على العمل الجاد لإقامة شراكة تصلح نموذجا في المنطقة ، وتتجاوز كل سلبيات الماضي ، آخذة في الاعتبار رهانات الحاضر وتحدياته ….
وقبل أن يختم كلمته فصل رئيس المركز المحاور الخاصة بالندوة التي سيتم على هامشها الإعلان عن ميلاد الفريق البرلماني المغاربي كواحد من مظاهر تفعيل الشراكة محيلا الكلمة إلى رئيس الجلسة الأولى الدكتور ددود ولد عبدالله الذي ثمن الندوة ، مقدما بعض المعلومات الشخصية عن محاضري الجلسة : الدكتور مختاربنعبدلاوي أستاذ الفلسفة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ، والدكتور محمد عبدالرحمن عمار أستاذ التاريخ بجامعة أنواكشوط العصرية ورئيس المركز الجامعي للدراسات الصحراوية بأطار .
في بداية عرضه المعنون : العلاقات الموريتانية المغربية ،دورة المد والجزر التي لا تنتهي ، بين الدكتور بنعبدلاوي الدور الحيوي الذي لعبه المركز المغاربي من خلال شخص رئيسه في السعي مع مراكز أخري من أجل تأسيس منتدى “يقاتل من أجل الحق في الذاكرة ” بغية تذكير الأجيال الجديدة بما كان من علاقات مفتوحة بين الأجيال السابقة في البلدين، وفي بقية بلدان المغرب العربي ، وقد جعل هذا المنتدى -الذي ضم شخصيات مغاربية متعدة – مطلب الاندماج على رأس أولوياته ، فالاندماج المغاربي ليس فقط حاجة الشعوب ونخبها بل مقتضى التاريخ وضرورة الواقع ، فلماذا الاندماج وليس الشراكة يتساءل الدكتور بتعبدلاوي ؟
إنه لتحويل الفكرة من حنين رومانسي إلى واقع عبر سبر المحفزات وتحديد العوائق ، وإذا لم يكن بالإمكان اليوم تحقيق ذلك الاندماج على مستوى مغاربي شامل ، فلا أقل من المباشرة بشراكة ثنائية جادة تسعى هذه الندوة إلى تبيان أهميتها وضرورتها بالنسبة للشعبين المغربي والموريتاني اللذين تجمعهما روابط التاريخ والجغرافيا ، فالتداخل التاريخي والثقافي بين الشعبين يفرض تجاوز كل تنميط للعلاقة بينهما ، فنحن يقول الدكتور بنعبدلاوي “أشبه بأبناء رجل واحد ترك ثراء فعجزوا عن استغلاله لانعدام الثقة” ، لكن الإرث سيبقى رافعة لابد أن تجد يوما من يحسن استغلالها ، فنحن أمام موارد بشرية واقتصادية هائلة ولا ينقصنا إلا رسم الطريقة الأمثل للاستثمار، فكيف نستطيع أن نستثمر مواردنا ؟
إن ذلك لن يتم إلا من خلال إعادة ترتيب سلم القيم لإعادة بناء الثقة من جديد ، واستنطاق الحكمة التي كانت دائما تميز إدارتنا لخلافاتنا ، فلو تأملنا محطات التأزم بين بلدينا – وهي قليلة إذا قيست بأزمات شعوب نجحت في إعادة ترتيب أولوياتها – لأدركنا أن الحكمة كانت تنتصر أخيرا ، فذلك ما تم في أزمة الاستقلال ، وبعد انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد ، وخلال مشكلة الصحراء ، وما يترتب عادة على التحليل الإعلامي القائم على فكرة الاستقطاب في الخلاف بين المغرب والجزائر.
ثم استعرض المحاضر الدور المحوري لكل من المغرب وموريتانيا في المنطقة ، داعيا إلى تفعيل صيغة اتحاد المغرب العربي بقرارات فردية أو ثنائية طالما لا يتأتى تفعيلها بصيغة جماعية ، فنموذج شراكة ثنائية قوية يحقق تحولا اقتصاديا واجتماعيا سيمثل عامل ضغط قوي على الساسة فيكسر جمود العلاقات ويؤسس فرص استثمار قائم على التنافس والتبادل ، وفي هذا الصد قدم المحاضر عدة مقترحات للدفع بالشراكة الثنائية بين المغرب وموريتانيا منها على سبيل المثال :
– تخديم المراكز والمدن الحدودية ذات العلاقات المتداخلة جدا
– تحويل منطقة (لكويرة) إلى ” مشتل مستقبلي ” لزراعة جسور الثقة وبناء نماذج التبادل التجاري الناصعة .
إن المحفزات الاقتصادية والتجارية ليست فقط الدواعي الضاغط لإقامة شراكة جادة بين موريتانيا والمغرب يقول المحاضر ، بل كذلك التحديات الأمنية المشتركة كالهجرة والإرهاب ، فتكاد المنطقة تتحول من نقطة عبور إلى مكان استقرار للمهاجرين مما سيكون له تأثير سلبي على توازن البنية الاجتماعية الهشة أصلا ، وقبل أن ينهي المحاضر عرضه جدد دعوته إلى انتهاج نظرة ديناميكية إلى المنطقة تأخذ في الحسبان التحولات المتوقعة على المديين القريب والبعيد مذكرا بما سيكون من دور محوري لموريتانيا عندما تصبح مصدرا للنفط أو الغاز مثلا.
وقبل أن يحيل الرئيس الكلام إلى المحاضر الثاني ذكر ببعض ما تضمنته المحاضرة من أفكار واقتراحات جادة تعلقت بمبررات الشراكة وتحدياتها ، داعيا إلى استمرار القاطرة المغاربية ولو ” بسرعات متباينة ” .
العرض الثاني كان بعنوان : العلاقات الموريتانية المغربية ، هل من سبيل إلى تجاوز مخلفات الماضي ؟ وقد قدمه الدكتور محمد عبدالرحمان عمار أستاذ التاريخ بجامعة أنواكشوط المعاصرة .
قسم المحاضر عرضه إلى أربعة محاور : تناول في أولها السياق العام للعلاقات الموريتانية المغربية متسائلا عن نقاط القوة والضعف في علاقات ” ما فتئت تتعثر ” ، محددا نقاط الاختلاف في معركة الاستقلال وحرب الصحراء وتأثير سياسات الاستقطاب في المنطقة والعالم ، مبينا أوجه التلاقي البادية في التاريخ والجوار والمصالح المشتركة .
وفي المحور الثاني تناول المحاضر الإطار التاريخي للعلاقات الموريتانية المغربية ” القائمة على جدلية الوصل والفصل ، فالمغرب هو العمق الاستراتيجي لموريتانيا ، وموريتانيا هي المعبر الثقافي للمغرب” ،وقد بين المحاضر أن الاستقلال قد أدى إلى تأرجح في العلاقات يتنافى مع رغبة الشعبين ، وهو التأرجح الذى يمكن البحث عن بعض جذوره في علاقات سلاطين المغرب بعدد من النخب العلمية الموريتانية ، وإن كانت ظاهرة الاستعمار قد تطلبت بعض التعاون ( حالة الشيخ ماء العينين وابنه الشيخ محمد الهيبه مثلا ) ، قبل أن تتجدد لدى المغرب ذريعة ضم الإقليم نتيجة مواقف نخب موالية ، وإن كان ذلك قد جوبه برفض الدولة الفتية، ثم استعرض المحاضر مسار العلاقات في المحور الثالث بدء من حادثة رفض المغرب الاعتراف باستقلال موريتانيا (1960-1969) مرورا بقرار الملك الحسن الثاني إلغاء وزارة موريتانيا والصحراء وإقامة علاقات ثنائية عرفت تحولات عدة رصدها المحاضر على خمس فترات زمنية بدء من العام 1969 وحتى 2018 ، فخلال هذه الفترة عرفت العلاقات تقلبات كثيرة من المصالحة والتعايش (1969-1980) إلى التردي والقطيعة ( 1980-1984 ) ثم الهدوء (1984-2000) الذي انتهى إلى تطبيع للعلاقات وإبرام الكثير من الاتفاقيات المشتركة ( 2000-2010 ) قبل أن تعود العلاقات إلى حالة من الجمود منذ 2011وذلك بفعل تأثير سياسة الاستقطاب ، وإن كانت الآونة الأخيرة قد شهدت انفراجا يوحي بتطورات جديدة مع تبادل السفراء .
وفي المحور الرابع خلص المحاضر إلى تبيان أهم الامكانات المؤدية إلى تجاوز مخلفات الماضي وذلك في عدد من النقاط من أهمها :
-حل قضية الصحراء – تجفيف منابع الخلاف عبر ردع الأطراف المؤججة له – الاعتبار بالمخاطر المحدقة – تشجيع روابط التصوف المبنية على الاعتدال– مضاعفة التعاون التجاري.
وفي نهاية العرض الثاني أتاح رئيس الجلسة الفرصة للحضور لنقاش ما تقدم في المحاضرتين .
المداخلات :
-الدكتور خالد الشركاوي ( أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس ) : بدأ بملاحظة الحاجة إلى البدء من الآن فصاعدا وذلك لتجاوز كل ما تم في الماضي من خلافات ، مقدما اقتراحا بضرورة كتابة درس بيداغوجي يرسم رؤية موحدة لتاريخ العلاقات الثنائية ، داعيا إلى ضرورة أن يحدث ذلك أيضا في علاقات المغرب والجزائر ، مؤكدا أنه من غير الضروري أن نهتم “ببعث هوية جديدة لتاريخ مضى “
-الدكتور إدريس لكريني ( أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش ) : بعد تثمين الندوة والعروض والمداخلات أكد الدكتور لكريني أن الحاجة تتطلب تحويل الأزمات إلى فرص خصوصا أن هناك موارد كثيرة تدعم هذه الإمكانية ، فالتاريخ شاهد على تحول العديد من التوترات إلى علاقات مثمرة وناجحة ، وأشار إلى أن نجاح أوربا في تجاوز تاريخ مليء بالمحطات المعتمة كفيل بأن يدفعنا إلى ممارسة نفس شيء مع تاريخ أقل ضبابية .
-الشيخ باه ( سفير سابق ) : أشار في بداية مداخلته إلى أن العلاقات المغربية الموريتانية محكومة بمجموعة من العقد النفسية التي بحاجة إلى التفكيك والتجاوز، وذلك بغية معرفة أسباب توجس الحكام بعضهم من بعض ، كما أشار إلى ما يتحدث عنه البعض من خلاف النخبة حول مطالب المغرب إنما كان بسبب قوة تأثير فرنسا في المشهد الموريتاني ، داعيا في الختام إلى ضرورة الاقتناع بإمكانية تجاوز عقدة الخوف .
– عبد الرحمان وديه (…..) : دعا إلى ضرورة تعزيز الصلة بين النخب والمواطنين في البلدين لتعزيز فرص تجاوز الماضي ، مبينا أن الاستعمار كان السبب الرئيسي في كل تلك التداعيات ، وقد انتهز الفرصة لدعوة الإعلاميين الموريتانيين إلى تجاوز عقدة المغرب والسعي إلى تنمية العلاقات .
– أحمد صمب فال : ذكر بأهمية العلاقات الثقافية الموريتانية المغربية ، مقدما تحيات الطلاب الموريتانيين للسيدة حكيمة السالكي التي أبدت خلال توليها بعض المسؤوليات المرتبطة بشؤون الطلبة عناية خاصة بالموريتانيين ، ثم ذكر بأهمية تلك العلاقات في بناء جسور التواصل ، داعيا إلى البحث في أسباب تردي العلاقات بغرض تجاوزها .
وفي نهاية المداخلات أعاد رئيس الجلسة الكلام للمحاضرين للتعقيب على المداخلات والرد على الأسئلة .
-الدكتور مختار بنعبدلاوي يجيب بشكل ملخص جدا على بعض الملاحظات مذكرا بالحكمة المشتركة التي ميزت طريقة التعامل مع الأزمات بين البلدين ، مستعرضا بعض اللحظات التاريخية التي يلاحظ من خلالها أن الصحراء تمثل فضاء الثقافة المغربية ، فكل الدول التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء ، داعيا في ختام ملاحظاته إلى استثمار نوايا التعاون الصادقة لإقامة شراكة فعالة .
– الجلسة الثانية : الرئيس الدكتور مختار بنعبدلاوي
– العرض الأول : الثابت والمتحول في العلاقات الموريتانية المغربية على ضوء المتغيرات الإقليمية
– الدكتورة سعيدة العثماني ( أستاذة العلاقات الدولية بجامعة عبدالمالك السعدي بطنجة )
في بداية عرضها أشارت المحاضرة إلى حيوية العلاقات التاريخية بين المغرب وموريتانيا ، داعية إلى جعل هذه الندوة منطلقا لعلاقات أكثر تفاعلا على المستويين الرسمي والشعبي ، قائلة ” لن أتوقف عند التاريخ لأنني أحلم ، ولا عند الجغرافيا لأنني منها ” ، فالمستقبل بحاجة إلى تجاوز لعبة السياسة ومفارقاتها ، كما هو بحاجة إلى الاعتبار بالأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة المتسمة بالصراعات الحادة ، وبالتنافس بين اللاعبين الكبار ، فالمصلحة المشتركة تحتم كثيرا من التلاحم والتعاون والشراكة ، وفي هذا السياق دعت المحاضرة إلى تجاوز الكثير من العوامل السياسية والجغرافية التي أدت إلى انعدام الثقة ، معتبرة أن الحياد الموريتاني في مشكلة الصحراء نابع من مصالحها الخاصة وهو موقف مفهوم من وجهة النظر العملية البحتة ، فدولة في حالة بناء تحتاج ذلك ، لكن المتغيرات تتطلب تغيير النظرة إلى علاقة دولتين كلاهما امتداد للأخرى ، ثم استعرضت المحاضرة مؤشرات التعاون قائلة ” لن أتوقف إلا عندما يجمع ” ، معتبرة أن تفعيل اللجنة العليا المشتركة ضرورة ملحة قبل أن تقدم جملة مقترحات لتوثيق الصلات وتجاوز الخلافات منها :
– ضرورة تفهم المغرب لموقف الحياد الموريتاني واستخدامه في المصالح المشتركة خصوصا أن موريتانيا كانت دائما مساندة للمغرب .
– تفهم مشاكل موريتانيا والوقوف إلى جانبها
– تقوية وتعزيز العلاقات الاقتصادية
– استثمار أوجه التشابه والاختلاف لبناء شراكة قوية
– وضع خارطة طريق للعلاقات المشتركة والنأي عن سياسة المحاور
– الاتفاق على سياسة موحدة لمواجهة الأخطار
– إلغاء التأشرة والعمل على استقرار العلاقات
– مد جسور التواصل بين قوى ومكونات المجتمع المدني
وفي نهاية العرض شكر رئيس الجلسة الدكتورة المحاضرة مبينا أنها ركزت على التشكل الهوياتي في المنطقة لإنهاء حالة الانتظار وإعادة بناء جسور الثقة .
-العرض الثاني : الروابط الاجتماعية ودورها في رفع التحديات
-الدكتور عبد الوهاب محفوظ ( أستاذ علم الاجتماع بجامعة أنواكشوط العصرية )
” الروابط الاجتماعية تحيا فينا جميعا ، وتحتل ذواتنا جميعا ، فهي نحن جميعا ، وكأننا نحاول إعادة قراءة أنفسنا بأنفسنا لكي نعيد أرواحنا… ألا نعرف جميعا هذه الروابط ونعيشها ونحياها ”
بهذا الاستهلال بدأ المحاضر عرضه محملا الأكاديميين والتربويين مسؤولية استثمار هذه الروابط ، مشيرا إلى أن العرض قد جاء في ثلاثة عناصر هي :
-العنصر الأول وفيه تناول وحدة الدم والنسب داعيا إلى ضرورة التلاحم والنعرة لرفع التحديات الداخلية المتمثلة في الجفاء والتوجس والتوتر والتشنج ، والخارجية التي نجابهها بالوحدة والتعاون واللحمة .
-العنصر الثاني : وحدة العادات والتقاليد : وهي وحدة مبنية على العقليات ، فأخطاؤنا تترجم عقلياتنا ، والمسؤولية في تغيير العقليات تقع على عاتق النخبة أولا ، فتغيير العقليات مدخل لتغيير الواقع ، وعندها ترتفع تحديات البطالة والأمية والفقر ف” الغنى في العقول وليس في الأرض “
-العنصر الثالث : وحدة القيم فالمنظومة القيمية لدينا من مصادر مشتركة ، ففي شعبينا يسود الاعتدال والتسامح والوسطية ، وهي قيم نرفع بها تحدي الإفراط والتفريط ، الغلو والإرهاب، والإلحاد والذوبان .
وقبل أن ينهي المحاضر عرضه دعا إلى ضرورة العناية بالمصادر البشرية عبر التركيز على اقتصاد المعرفة بدل اقتصاد الثروة وذلك لخلق إطار فعال لشراكة مضمونة .
-المداخلات :
-السنية سيدهيبه ( وزيرة سابقة ) : دعت إلى تجاوز خلافات الماضي لأن الرهان يتعلق بالمستقبل ، فلابد من تجاوز العقد التي تحول دون بناء الشراكة وذلك غبر ضبط ووقف الحملات الإعلامية وتقوية روابط منظمات المجتمع المدني والبرلمانات ، كما دعت إلى خلق آلية وروح جديدة في التعامل مع ملف الصحراء .
-الحسن البنباري (…..) : نبه إلى أن غياب فضاء اقتصادي مشترك لا يعزز فرص الشراكة ، متسائلا عما إذا كان المغرب قادرا على تفهم موقف الحياد الموريتاني ، ومبينا أن تفعيل الروابط الاجتماعية ليس كافيا لإقامة شراكة .
-إسلمو عبد القادر ( وزير سابق ) : أكد في بداية مداخلته أن الشعب المغربي والموريتاني شعب واحد ، فالعلاقات الاجتماعية تنسج روابط قوية ، كما بين أن التحدي الأساسي هو تحدي نفسي يعود إلى تأثير الثقافة الاستعمارية وتحكمها في تصورات وسلوك العديد من أجيال النخبة الموريتانية ، إضافة إلى التأثير السلبي للأيديولوجيا الراديكالية التي كانت ترى في الانحياز إلى الجزائر انسجاما مع مبادئها ، إضافة إلى الطريقة التي عالج بها المغرب ملف الصحراء ، وفي نظره أن كل هذه الاسباب قد زالت مما يتطلب تغيير النظرة .
-الدكتور إدريس لكريني ( أستاذ القانون العام بجامعة القاض عياض بمراكش ) : في مداخلته أشار إلى أن ما يجمع البلدين أكثر مما يفرقهما ،داعيا إلى التركيز على المقومات الاقتصادية ، وإلى استلهام جميع تجارب الشراكة الرائدة ، مبينا أن تشابك المصالح الاقتصادية يحتم التقارب السياسي .
-الدكتور محمد حركات ( أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس ) : يلاحظ أن النقاشات قد تمحورت على المعوقات وهذا أمر مهم ، لأنه بتحديد المعوقات تتقوى المشتركات ، داعيا إلى الاهتمام بالدراسات السيسيولوجية والدراسات المقارنة والعناية بموضوعات الشباب والمرأة والشغل والكرامة الإنسانية .
في نهاية المداخلات أحال الرئيس الكلام إلى المحاضرين للتعقيب .
-الدكتورة سعيدة العثماني ثمنت المداخلات والأسئلة ، وفي ردها على السؤال عن مدي قدرة المغرب على تفهم موقف الحياد الموريتاني بينت أن المغرب كأي دولة يستحضر مصالحه أولا ، وينبغي أن نلتمس له العذر فقد تعرض لظلم كبير باقتطاع أجزاء من أرضه ، مبينة أن علاقات الدول أساسها المصالح ، وإذا حصلت أخطاء ديبلوماسية فبالإمكان تجاوزها ، وقد فهم المغرب في عهده الجديد ذلك خصوصا أنه لم يكن يوما دولة عدوانية ، وهو اليوم يؤسس لعلاقات إيجابية مع الجميع .
– الدكتور عبد الوهاب محفوظ يثمن جميع الملاحظات مبينا أن الروابط الاجتماعية في نظره رافعة للشراكة ، ولكنها ليست الرافعة الوحيدة ، مؤكدا على الرأي الداعي إلى التركيز على اقتصاد المعرفة .
-الجلسة الثالثة : الرئيس ( ….)
– العرض الأول : دور الديبلوماسية الاقتصادية في بناء الشراكة المغربية الموريتانية
– الدكتور محمد حركات ( أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط )
افتتح المحاضر عرضه بالسؤال ماهي الديبلوماسية الاقتصادية وما مساهماتها في تحقيق الشراكة ؟
ثم عرف الديبلوماسية الاقتصادية بكونها الدفع بالعلاقات لخلق الثروات انطلاقا من التوليف بين عدد من الفاعلين أبرزهم الدولة والشركات وقوى المجتمع المدني ، مبينا أن هذا الثلاثي لا يستطيع العمل إلا ضمن مجموعة من الشروط لأن الهدف من الديبلوماسية الاقتصادية هو خلق فرص للعمل وتقوية التبادل ، وهذه الشروط تتطلب إعادة التفكير في نموذجنا التنموي الذي يواجه عدة تحديات تقتضي الاستفادة من التجارب العالمية الرائدة كالتجربتين الصينية والتركية ومحاولة إدراك السر وراء نجاحاتهما ، وفي هذا الصدد أكد المحاضر أن النموذج الجديد ينبغي بناؤه على علاقة رابح-رابح التي تتطلب بلورة رؤية تشاركية وتنظيم هياكل اقتصادية ، إضافة إلى تنمية القدرات البشرية ، وتشجيع المقاولات الصغيرة والمتوسطة ، فوضعية المجتمعات لا تتحسن إلا من خلال هذه المقاولات ، كما أشار المحاضر إلى أن الديبلوماسية الاقتصادية بحاجة إلى نشر ثقافة تشاركية يساندها الجميع ( الجامعات – الأحزاب – البرلمانات – منظمات المجتمع المدني .
وفي الأخير أشار المحاضر إلى أن الديبلوماسية الاقتصادية بحاجة دائما إلى تقويم ومراجعة المخاطر حتى تستثمر ما لدينا من ثروات هائلة بشكل إيجابي ، تلك الثروات التي ستغير مستقبلنا من خلال بناء شراكة حقيقية .
-العرض الثاني : المغرب العربي ، نحو قياس مستوى الاندماج ( قدم العرض باللغة الفرنسية )
-الدكتور محمد عمار ( محافظ مساعد سابق للبنك المركزي الموريتاني )
قدم المحاضر عرضه من خلال خمسة عناصر :
-العنصر الأول وفيه تناول مستوى الاندماج في المغرب العربي حيث تمثل التبادلات التجارية بين دوله أدنى مستويات التبادل على مستوى المجموعات الكبرى داخل الاتحاد الإفريقي
-العنصر الثاني : وفيه بين المحاضر أن مستوى التبادلات بين دول المغرب العربي لا يتجاوز نسبة 3%
-العنصر الثالث وقد اشتمل على مقارنة بين مستوى التبادل بين دول المغرب العربي ودول أوربا حيث اتضح من العرض الفارق الكبير بين مستويات التبادل الحاصلة بين مكونات المجموعتين ، مجتمعة أو منفردة .
– العنصر الرابع : وفيه استعرض المحاضر الأرقام المتعلقة بمستوى التبادل بين موريتانيا والمغرب .
– العنصر الخامس : تم من خلاله استعراض مجموعة من الأرقام الإحصائية قبل أن يخلص المحاضر إلى جملة من الخلاصات .
وقد بينت هذه الأرقام المستوى المتدني للتبادل التجاري بين موريتانيا والمغرب، كما أظهرت الخسائر الكبيرة التي تلحق بالناتج القومي لدول اتحاد المغرب العربي عامة جراء هدر الفرص الكثيرة التي يتيحها الاستثمار المشترك للثروات الاقتصادية والبشرية الهائلة داخل دول الاتحاد.
انتهى المحاضر إلى خلاصة تشاؤمية حول مستقبل التنمية والحياة الكريمة في دول الاتحاد إذا ما استمرت وتيرة التعاون والاستثمار على ماهي عليه الآن .
المداخلات :
-محمدي باباه ( محام ) : بعد شكر إدارة المركز وتثمين الندوة دعا إلى مزيد من التعاون والشراكة بين المغرب وموريتانيا ، مبينا أم الشعبين قد ملا قطيعة الأنظمة وركود النخب ، مذكرا بالروابط التاريخية والاجتماعية بين الشعبين .
– إيدوم عبدي ( قيادي سياسي ) : الشراكة بحاجة إلى حصر الإمكانيات وتحديد الحاجيات والنواقص ، ففي موريتانيا مثلا هناك معاناة كبيرة جراء العجز عن تحويل الثروة إلى انتاج مفيد ( وضعية الحديد مثلا ) ،والواضح من خلال التجارب أن التفاوت على مستوى الانتاج يؤثر كثيرا على استمرار الشراكة ، ولذلك فلابد من ملاءمة مشاريع الشراكة مع قدرات الانتاج الخاصة بكل بلد .
– محمد سعيد أحمد ( أستاذ جامعي ) : يدعو إلى التركيز على ما هو مشترك ، وإهمال ما هو متغير ، فإذا كانت كلفة اللا مغرب عربي باهظة جدا فإن كلفة اللا اندماج بين موريتانيا والمغرب ستكون بالغة السوء بالنسبة لواقع ومستقبل الشعبين ، وفي هذا الصدد ينبغي انتهاج ديبلوماسية اقتصادية وسياسية متوازنة .
– الدكتور ديدي السلك ( أستاذ جامعي ) : حث في بداية مداخلته على ضرورة تجاوز واقع الدولة –القائد إلى الدولة –النموذج في المغرب العربي مبينا أن رهان التنمية في هذه المنطقة يتأثر بعدة صعوبات منها مشكل الصحراء ، ومشكلة الزعامة ، إضافة إلى مشكلة ما نتبادل ، وهذ الأخير هو الأكثر تأثيرا اليوم ، مبينا أن المغرب يمثل نموذجا ديمقراطيا ظل يتقدم ولو ببطء ، فهو يمتلك ما يقدمه للاقتصاديات المغاربية من خلال وجود نظام مؤسسي فاعل .
وقبل اختتام مداخلته دعا إلى تفعيل دور النخب وتطوير آليات البحث العلمي ليواكب مختلف التحولات ، فلا سبيل إلى إقلاع تنموي مالم نراهن على عمل مؤسسي مدعوم ببحث علمي متطور بعيدا عن الشعاراتية والاستهلاك السياسي .
-التعقيب : الدكتور محمد حركات يشكر المتدخلين ويعبر عن سعادته لمستوى النقاشات والاهتمام ، ثم يضيف أن الديبلوماسية الاقتصادية بحاجة إلى تنمية قطاع النقل وتفعيل دور النخب ، وإلى مقاربة تشاركية جديدة تراعي الديناميات الحالية في العلاقات بين موريتانيا والمغرب ، مبينا أن مشكل الاندماج لا يعاني من ندرة الامكانيات بقدر ما يعاني من اهمال الحكومات للصناعة ، فدور الحكومات أساسي وهذا يستدعي تفعيل دور السفارات والقنصليات ومنحها الإمكانيات المالية الكافية ، إضافة إلى تفعيل دور مؤسسات الرقابة والمساءلة والبرلمانات وتطوير البحث العلمي .
– الدكتور محمد عمار: يجدد التأكيد على أهمية التشارك والاندماج ، موضحا أن موريتانيا لا يمكن أن تستمر على الوضعية الحالية ، فلابد أن تختار في الاندماج الاقتصادي ، إما مع المغرب وإما مع السينغال .
الجلسة الرابعة : الرئيس الدكتور يحيى محمد الوقف ( رئيس وزراء سابق ) يعلن افتتاح الجلسة الأواى من جلسات اليوم الثاني ، ويقدم المحاضرين :
-العرض الأول : أي نموذج للتعاون المغربي الموريتاني ؟
– خالد الشكراوي ( أستاذ التاريخ …)
في بداية العرض عبر المحاضر عن سعادته بأجواء النقاش التي سادت جلسات الندوة ، مبينا أن العرض خلاصة لدراسة كان قد أعدها المركز الإفريقي (…) عام 2014تحت عنوان ” آفاق العلاقة الموريتانية المغربية ” وقد اعتمدت هذه الدراسة على تحليل البنيات الثقافية بالتركيز على المشترك والإيجابي ، وقد نبه الأستاذ إلى أهمية الرؤية الاستراتيجية المؤسسة للتجربة التركية القائمة على مبدأ ” صفر مشاكل في العلاقة مع الجوار ” ، ومن هنا فإن العلاقة التاريخية بين موريتانيا والمغرب بحاجة إلى قراءة من منظور جديد ، منبه إلى أن مطالبة المغرب بضم موريتانيا لم تكن موضع إجماع من المغاربة فقد عارضها اليساريون ، وحتى المرحوم الملك الحسن الثاني لم يكن مقتنعا كثيرا بها ، وإذا أضفنا إلى ذلك حكمة الرئيس المرحوم المختار ولد داداه أدركنا كيف انتهى المشكل إلى حل سلس رغم التدخلات الخارجية ، وقد كانت أولى رسائل الملك الحسن الثاني إلى حزب الاستقلال هي تعيين قاسم الزهيري القيادي في الحزب سفيرا في موريتانيا ، ومن ذلك التاريخ حدث تناغم كبير قبل أن تبدأ مشكلة الصحراء .
لقد تضمن العرض جملة من الخلاصات الهادفة إلى تبين النماذج الممكنة للعلاقة من أهمها :
-إبراز أوجه التشابه في المجال الترابي حيث أن حوالي 75% من الأراضي المغربية قاحلة ، و80% من الأراضي الموريتانية مما يجعل الشراكة ضرورية ، فالأراضي الخضراء في البلدين تكاد تشكل مصدرا زراعيا حيويا إذا جمعا معا ، وكذلك الحال بالنسبة للمجال السكاني ، فتعداد الشعبين بصورة منفصلة غير مغرية للاستثمار( سكان موريتانيا حوالي 4مليون نسمة )
هذا الواقع يجعل الاستثمار وفق عقلية التقنيين القائمة على الربح مستحيلا مما يعني ضرورة أن نتخلى من أجل الشراكة عن السؤال من الرابح ؟ ، فالشراكة خيار استراتيجي .
ثم أكد المحاضر أن الجنوب هو قلب المعرب فكل الدول التي حكمت المغرب جاءت من الجنوب ، والدولة الوطنية حديثة النشأة ، لذلك ينبغي التوقف ” عن إعطاء جوازات السفر للتاريخ ” ، وإذا كان المجال الصحراوي هو المحدد لبنية السلطة في المغرب حتى الآن فهذا يعني تقارب وتداخل التشكيلات الاجتماعية بين البلدين .
وفي الختام انتهى المحاضر إلى جملة من الخلاصات من بينها :
-الاعتماد على المشترك القافي حتى لا نقع ضحية لمشكلة التواصل
-اعتبار الدولة الموريتانية قائمة بذاتها وفاعلة ولم تعد الأخ الأصغر ، وهذا ما يتضح جليا من الدور المحوري الذي تلعبه موريتانيا في العديد من أزمات المنطقة .
– العناية بالعلاقات الاقتصادية ، وإعادة الاعتبار لتجارة الصحراء ، وبناء طرق تجارية حديثة .
– العمل على الاستفادة من حوض نهر السينغال مما يعني أن شراكة الدولتين مفتوحة أمام دول الجوار .
ثم أشار المحاضر إلى ضرورة الاستفادة من مشاريع الاندماج الكبرى في العالم خصوصا تلك المتعلقة بالأبعاد الثقافية كمشروع رمسيس الأكاديمي بين الدول الأوربية .
-العرض الثاني : أي مدخل لشراكة موريتانية مغربية متقدمة ؟
المحاضر : الدكتور سيدأعمر شيخنا ( باحث ….. )
بعد شكر المركز وتحية الحضور بدأ المحاضر بجملة ممهدات منها :
-الدعوة إلى استلهام التجربة المرابطية طأول محاولة لتوحيد المجال المذهبي والجغرافي للمنطقة ، فحملت هم الجنوب والشمال .
-الاتعاظ بتجربة الدولة السعدية التي أدى استنادها على القوة إلى تفكيك العمق السوداني الصحراوي وخلق حالة من التوجس بين الشمال والجنوب .
ثم واصل المحاضر تعداد دواعي ومحفزات الشراكة مستعرضا أوجه التقارب والتداخل الكثيرة بين الشعبين قبل أن يخلص إلى تحديد أربعة مداخل أساسية اعتبرها طريقا مناسبة لتأسيس شراكة متقدمة ، وهذه المداخل هي :
1-المدخل الديمقراطي : الديمقراطية الصحيحة ودولة المؤسسات هي الضمانة الأساسية للشراكة ، فالديمقراطية تقمع الطموحات الشخصية للزعماء وترشد الإمكانيات ، ومن البين أن التسلطية أحادية القرار من الأسباب الأساسية في تعثر مشروع اتحاد المغرب العربي .
2- المدخل الديبلوماسي : لا بد من قيام حوارات ديبلوماسية تؤسس للتنسيق في الملفات المشتركة ، وهناك أشكال عديدة للديبلوماسية مثل الديبلوماسية الثقافية والاقتصادية والسياسية .
3-المدخل الثقافي التعليمي : حيث تستدعي الشراكة وضع منهاج تربوي يقطع مع الرؤية القطرية للتاريخ انطلاقا من استلهام المشتركات ، وتقدير المصالح ، إضافة إلى تطوير آليات البحث العلمي من خلال مشروع مشترك .
4-المدخل الأمني : إن التحديات والمخاطر التي تواجه البلدين تتطلب رؤية استراتيجية فاعلة للأمن المشترك ، تعيد ترتيب الأولويات وتتقاسم المهام في مواجهة الهجرة والإرهاب والتدخلات الخارجية .
أنهى المحاضر عرضه بالقول ” إن الذين يحكمون المستقبل هم الذين كانوا يحلمون به في زمن المستحيل ” .
-المداخلات :
-الشيخ باه ( سفير سابق ) : يثمن دور المغرب في احتضان الموريتانيين أوقات الأزمات ، مؤكدا أن الشعب في الدولتين شعب واحد ، ويدعو إلى تجنب الأطر التقليدية في بناء الشراكة كاللجان العليا المشتركة واستبدالها باللجان القطاعية ، وقد لاحظ في مداخلته مستغربا كون التعاون بين المغرب والسينغال أقوى مما هو عليه بين المغرب وموريتانيا .
-محمد أعل الكوري ( عضو فريق البحث في المركز المغاربي ) : يوجه أسئلة إلى المحاضرين منها : ماهي العوائق التي تحول دون تحسن العلاقات بين موريتانيا والمغرب ؟ وهل تستطيع موريتانيا الاستمرار في سياسة الحياد ؟ وما مدى تأثير اعتراف موريتانيا بالجمهورية الصحراوية على علاقاتها بالمملكة المغربية ؟
– د.محمدوأمين ( أستاذ التاريخ بجامعة أنواكشوط ) : يثمن العرضين ويدعو إلى تجاوز ما سماه عقدتي الدونية والتفوق ، قائلا إن الدولة الموريتانية هي دائما دولة فاعلة في مسرح العلاقات الإقليمية ، مبينا أن الشراكة مع المغرب ينبغي أن تركز على المشترك الثقافي مثمنا الدور الذي ظلت المغرب تطلع به بالنسبة للطلبة والباحثين الموريتانيين ، وفي الختام قدر للعرض الثاني تركيزه على النظام المؤسسي في حماية الشراكة المطلوبة .
-عبدالرحمن وديه ( عضو فريق البحث بالمركز المغاربي ) : قدم جملة من التوصيات منها :
– ضرورة قيام شراكة علمية في مجالات البحث والتكوين من خلال إنشاء كليات ومعاهد مشتركة .
-إقامة شراكة مالية في مجال البنوك وتشجيع فرص الاستثمار
– الاهتمام بتطوير آليات التنمية في الجهة من خلال استفادة التجربة الموريتانية الجديدة في هذا المجال من التجربة المغربية .
-تشجيع المبادرات المشتركة الخاصة بمنظمات المجتمع المدني
– سن قانون لمنع إثارة الحساسية في القضايا الخلافية يحد من حركة صيادي المياه العكرة .
– د.محمد حركات : الكلام عن النموذج ( وفي المغرب يتصاعد النقاش حول فكرة النموذج ) يستدعي الرجوع إلى الأرضية النظرية لتلك النماذج ، وخصوصا إلى دروس اقتصاد التنمية ومحاولة معرفة خصائص هذه النماذج ( النموذج الأوربي يمر بوضعية حرجة ويبحث عن نموذج ) لذلك فلابد من تحديد شروط النموذج المطلوب لأن النماذج المعتمدة على المساعدة قد فشلت ، وهذا ما يجعل النموذج الصيني رائدا ، فالصين في معظم أنحاء العالم تضخ استثمارات هائلة ، كما أن النموذج التركي غني بالدروس ، لكن الأساسي هو تجاوز النظرة القطرية ، وينبغي الانتباه إلى أن الحالة الديمغرافية لا تلعب دائما دور المعطل ( حالة سنغافورا مثلا ) ، ففشل المشاريع في افريقيا يرتبط غالبا بعدم الدقة في تحديد أولويات التنمية ، وفي هشاشة منظومة الانتاج ، فالمشروع النموذج بحاجة إلى المساءلة القانونية والمسؤولية المجتمعية ، وبحاجة إلى عناية خاصة بالتكوين واقتصاد المعرفة ، وإلى تطوير الدراسات الإنسانية لتفادي ظاهرة ( الفراغ في الإنسانية التي تتهد الطاقات الحية في مجتمعاتنا ) .
-الدكتور محمد يحيى باباه ( أستاذ الفلسفة بجامعة أنواكشوط ) : هناك عدة ملاحظات تتعلق بالعرض الثاني منها أن الدولة المرابطية قد تجاوزت حالة القطرية ، فالقطرية عائق تنموي خطير ، ونحن في الدولتين نملك مخزونا ثقافيا مشتركا لكننا مازلنا بحاجة إلى ترقية الوعي بالقانون وبالدولة ، ومع ذلك فالشراكة واعدة لما نتوفر عليه من مشتركات وإمكانيات .
– د.النان المامي ( أستاذ بجامعة أنواكشوط ) : لا جدال حول مبررات الشراكة لكن ما ينبغي أن يطرح هو : ماهي الطرق المثلى لتحقيقها ؟
لقد تبن أن طريق القوة وكذا طريق الديبلوماسية قد فشلا في تحقيق هذه الشراكة ، مما يعني أن المدخل الطبيعي هو المدخل الوظيفي الذي لم يجرب بعد ، فطالما لم نطور وسائل التواصل ( الجامعات – النوادي – الروابط ) فلن نأمل بتقدم في الشراكة ، والعجز عن تأمين اقتصاد حر يضمن هذه الشراكة سيظل مؤثرا ، إضافة إلى عجز صانع القرار الموريتاني عن الخروج من ثنائية المغرب – الجزائر .
-الهادي حافظ ( ….) : لابد من التحرر من مفاهيم الأيديولوجيا العالمية المسيطرة ، فالديمقراطية ليست شركا نصب للضعفاء ( الفقراء – الأميون ) .
-أحمد صمب فال ( خبير دستوري ) : الندوة اقتصرت على بعد واحد في العلاقات المغاربية ، ولأن التجربة الدستورية في البلدين رائدة فلابد من الاستفادة منها .
– د.مختار بنعبدلاوي ( أستاذ الفلسفة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ): أتفق مع الأخ سيدأعمر في حاجة كل دولة إلى الرموز ، ولكن في قراءتنا للتجربة المرابطية ينبغي أن لا نغفل جانبها السلبي ( التضييق على أهل الفكر– علاقتها بالنص) ، ومن جهة أخرى فإن ما جعلنا ننكفئ هو عدم إدراكنا للتوازنات التي تحكم قوى المتوسط مع هجوم الصليبين ، وانهيار الطرق التجارية وسقوط رأس الرجاء الصالح ، لذلك فإن سقوط المرابطين وفشل الموحدين هو عرض لفقدان الدولة السيطرة على طرق التجارة ، من هنا فنحن بحاجة إلى نظرة عضوية لضفتي المتوسط ، وإلى توحيد درس التاريخ ، وإلى الاهتمام بالهجرة كخطر يتهدد مجتمعاتنا ، نحن إنسانيون ولكننا غير مستعدين لتحمل وزر سياسات أوربا في الهجرة والإرهاب .
– إسلمو عبد القادر ( وزير سابق ) : لابد من تصحيح خطأ ذكره أحد المتدخلين وهو أن المغرب قد استخدم القوة في العلاقة مع موريتانيا ( قوم الوطن لا صلة لهم بالمغرب وكذلك انقلاب 16مارس ) ، ومن هنا فلابد من أن نتجاوز عقدة الدونية ، وأن نصحح اتجاه حركتنا ، فيعطي كل منا وجهه للآخر ، حتى الآن المغرب يتجه إلى الشمال وموريتانيا تتجه إلى الجنوب!
– التعقيب :
-خالد الشكراوي : المقاربة التاريخية ليست دائما نهائية ،ففقهاء المغرب مثلا قد رفضوا ما قام به منصورالذهبي ، والعلاقات التاريخية لا تحكمها تصورات العلاقات الحالية ، والمفاهيم دائما هي موضع اختلاف : مفهوم المخزن مثلا مفهوم غير محدد بدقة ، فهو يكتسب دلالات عديدة ، وا أريد التأكيد عليه هو أن السياسة المغربية تسعى إلى تنويع مصادر الطاقة ، وهذا يعني أن الشراكة مع موريتانيا ستكتسب أهمية أكبر
– الدكتور سيدأعمر شيخنا من أجل شراكة متقدمة لا بد من التحرر من القراءة الاستعمارية للتاريخ الهادفة إلى تسميم الأجواء ، وخلق المزيد من الحواجز ، ولابد كذلك من المباشرة في اجراءات من مثل توأمة البلديات ، وتطوير نظام الجهات .
-الجلسة الخامسة : الرئيس الدكتورة سعيدة العثماني
العرض الأول : العلاقات المغربية الموريتانية والرهانات المغاربية والإفريقية
-المحاضر الدكتور إدريس لكريني ( ….) : بدأ المحاضر بملاحظات عامة أكد فيها أن امتلاك عناصر القوة لا يعني أننا أقوياء ، لأن القوة تتحدد في حسن توظيف المقومات ، فالمبادرات التي تطلقها الدول تبقى مجرد شعارات في غياب الدعائم الميدانية خصوصا في عالم ينزع باستمرار إلى سياسة التكتلات الكبرى ، والشراكة في هذا العالم مسكب في الرهانات الداخلية والخارجية ، وإذا لا حظنا أنه مع تراجع البعد الأيديولوجي تتعزز مكانة الاقتصاد ، وبقدر ما تتناقص فرص الاندماج بقدر ما يزداد هدر الطاقات وهذا ما ترتب تماما على حالة الجمود التي يعيشها الاتحاد المغاربي ، مما يجعل التحديات والمخاطر في حالة تزايد مستمر ، وما نسعى إليه من تشجيع وبناء الشراكة إنما هو محاولة لتفادي مزيد من هدر الطاقات ، سواء تمت الشراكة ثنائيا أو ثلاثيا أو جماعيا …
إن العلاقات الموريتانية المغربية ممتدة في التاريخ ومتجذرة في الواقع رغم التعثر والخلاف أحيانا ، وذلك لدعائمها التاريخية والاجتماعية والحضارية ، لكن تطوير هذه العلاقة يحتاج تصورات جديدة على مختلف الواجهات ، تحقيق المكاسب ومواجهة المخاطر ، وهذه العلاقات واعدة على جميع المستويات ، وقد عرفت تطورا مهما منذ نهاية التسعينيات، وتكمن قيمة هذه العلاقات في كونها علاقات متوازنة لا يحكمها أي منطق للهيمنة، فهي قائمة على منطق الربح المتبادل ، ولذلك فنحن نستطيع أن نميز على مستوى الرهان المغاربي في هذه الشراكة ما يلي:
-الشراكة المغربية الموريتانية ستعزز فرص التعاون والاندماج في المغرب العربي ، وتفتح آفاق جديدة خصوصا أن حصيلة هذا الاتحاد هزيلة نتيجة الجمود المؤسسي والسياسي ، ونتيجة كذلك لغياب استحضار المشتركات ، فقرارات الاتحاد تتعلق بقمم الرؤساء وتشترط الاجماع .
– تمثل هذه الشراكة مدخلا مهما لمواجهة التحديات خصوصا تلك المخاطر العابرة للحدود ، كتحديات البيئة – الأمراض – التصحر- الجريمة المنظمة – الهجرة السرية .
– تعزز الشراكة فرص التفاوض مع التكتلات المختلفة من خلال الامكانيات التكاملية الكثيرة ، ومثال التفاوض المغربي ، والتفاوض الموريتاني مع الاتحاد الأوربي خير دليل على حيوية إنجاز هذه الشراكة .
أما الرهان الإفريقي فإن هذه الشراكة ستنكس إيجابيا على كل تكتلات القارة ، وحتى على مشاكلها وبعض صراعاتها ، خصوصا في ظل التكالب الدولي على القارة لنهب خيراتها ، فالشراكة تفتح افريقيا على المغرب عبر البوابة الموريتانية .
إضافة إلى كل ما تقدم فإن تشجيع التحول الديمقراطي وانتهاج ديبلوماسية متوازنة تفرض دمقرطة العلاقات الخارجية من شأنهما تعزيز فرص الشراكة ومن ثم حمايتها ، ومن الواضح أن استثمار كل الإمكانيات يتطلب مسالك ديبلوماسية متعددة مثل الديبلوماسية العلمية ، والديبلوماسية الاقتصادية .
-العرض الثاني : المجتمع المدني والسوق /نحو شراكة متساندة
-المحاضر محمد السلك ابراهيم (….) : بدأ العرض بأسئلة تمهيدية حول الشراكة وآليات الحوار ، ونماذج العوائق وسبل النموذج الأنسب لبناء شراكة رابح- رابح ، كل ذلك من خلال فرضية تفعيل دور المجتمع المدني والسوق ، وذلك للإجابة على السؤال : ماذا يربح الطرفان من الشراكة ؟
من خلال نظرة خاطفة على تطور المجتمع المدني في البلدين نلاحظ أن ظهور المجتمع المدني في موريتانيا تزامن مع اتفاق كوتونو ، ولكن مسار التطور توقف بعد سنة واحدة ، أما في المغرب فإن المجتمع المدني قد اكتسب صبغة دستورية بعدما تم أخيرا من دسترة للحقوق ، فالقضاء في المغرب هو الجهة الوحيدة المخولة رقابة برقابة أنشطة المجتمع المدني ، ويمثل ابتكار آلية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية القائمة على المبادرة والانتاج في المغرب ابتكارا ذهنيا وعمليا رائدا ، وموريتانيا بحاجة إلى استلهام هذا النموذج المغربي ) ، ونفس الشيء ينطبق الحكامة التشاركية المحلية ، فالجهة في المغرب احتلت موقعا أساسيا ، وامتلكت جميع خصائص الدولة .
ومن جهة السوق فإن موريتانيا تمثل سوقا كبيرا يفتح على افريقيا والعالم بالنسبة للمغرب ، وبإمكان موريتانيا الاستفادة من الثقة العالية التي يحظى بها المغرب عند كبار الممولين ، لذلك هناك عدد كبير من المشاريع التي قد نفترض قيامها بفعل هذه الشراكة مثل: مشروع ميناء كبير – مشروع أفران عالية لصهر الحديد بالغاز الطبيعي – مشروع الصحراء الخضراء – مشروع سحب مياه النهر لري المناطق الجافة – مشروع انتاج قناة تلفزيونية تبث بجميع اللغات ثقافة التسامح والتعايش – إنشاء جامعة مشتركة للعلوم والتكنولوجيا .
-المداخلات :
-د.محمدالمختار سيدمحمد ( أستاذ جامعي ) : نلاحظ أنه كلما كانت هناك حرارة في العلاقات مع المغرب تبرد العلاقات مع الجزائر ، فالعلاقات مع المغرب يعتريها دائما المد والجزر ، لذلك فإن المعول عليه هو تطوير العلاقات في بعدها الاقتصادي ، فطالما لم تحل مشكلة الصحراء فإن العلاقات ستظل متوترة .
– د.خالد الشكراوي (….) : من أهم مالفت انتباهي هو الحديث عن الديبلوماسية الموازية ، وفي هذا نستطيع أن أن نستثمر جميع الاواصر ، فيما يتعلق بملف الصحراء فهناك استغلال جزائري لهذا الملف ، وموريتانيا تمتلك الكثير من الآليات لتقريب وجهات النظر ، فعوض الاهتمام بما يفرق علينا أن نهتم بالحق في الاختلاف في إطار الوحدة .
-د.محمد حركات (…) : النقاش هذا الصباح كان نقاشا جيو-استراتيجي بامتياز ، ولأن هناك سعيا دوليا للهيمنة على مقدرات القارة فهذا يتطلب ادخال الدراسات الجيو-استراتيجية في المناهج لأن هناك ضعف في مستوى إدراك الشباب للإشكاليات الكبرى في العالم ، كما أن المناهج قد أفرغت من المحتوى النقدي مما يتطلب تقوية الدراسات المتعلقة بالسياسات العمومية ، كما أن الشراكة بحاجة إلى تقوية القدرات التواصلية لتنمية النقاش العمومي لدى فئات الشباب والطلبة الجامعيين ، وكذا تطوير إمكانيات رجال الدولة في مجالات الديبلوماسية الخارجية ، والمالية مع العناية باللغات الحية .
-الحسن بنباري ( طالب جامعي ) أدعو إلى تكامل جاد بين الدولتين ، وهناك أسئلة ملحة مثل :
لماذا لا تعمل الدول المغاربية على ابدالات داخلية ؟ .
-عبدالله محمد أواه (…) : عصر العولمة يذكرنا بسفينة نوح جديدة ، فهناك ثورة في تداول المعلومات ، لذلك أقترح الانفتاح في تدبير الشأن العام ، نموذج الحكومة المفتوحة مثلا ، فتداول المعلومات هو ما يصوب القرار العمومي ، وكذلك البحث الأكاديمي .
-إسلمو عبدالقادر ( وزير سابق ) : لابد من تشجيع نمو وتطوير علاقات المجتمع المدني بين البلدين ، وتجاوز تأثيرات السلطة والتقاليد ، لذلك ينبغي أن نتحرك بطريقة تبتعد عن الصراع .
-سيدينا خطري ( ناشط في المجتمع المدني ) رغم أهمية علاقات المجتمع المدني إلا أنني ألاحظ أن العلاقات التي تنشأ بين بعض هيئاته وبعض الهيئات المغربية تتم دائما عبر وسيط ، إفريقي- عربي – أوربي مثلا ، وهذا الواقع ينبغي أن يتغير لتكون العلاقة مباشرة أي إنشاء منظمات مغربية موريتانية مشتركة .
-بلال ورزك ( سفير سابق ) : أدعو إلى توطيد الشراكة ، وإلى الاعتناء بأمن المغرب العربي كمدخل لأمن الساحل .
– د.محمد يحيى باباه ( أستاذ جامعي ) لابد من مراعاة السياقين الداخلي والخارجي في بناء أية شراكة عبر استغلال جميع المشتركات ، كما لابد من فصل الإشكال عن ذواتنا ،فجوهر الموضوع هو دعم وتأويل الثقافة
-التعقيب :
-د.إدريس لكريني : هناك تركيز إعلامي على نقاط الخلاف ، لكن من يباشر العمل الميداني يكتشف عكس ذلك ، فنحن ندعو باستمرار إلى تقوية العلاقات الجزائرية المغربية ، وهذا ما تؤكده الدعوة الملكية الأخيرة للتشاور ، فالمغرب والجزائر إذا ما طورا علاقاتها فإن ذلك سيكون فاتحة لحياة المغرب العربي .
إن الشراكة بين المغرب وموريتانيا بحاجة إلى تطوير الدراسات المستقبلية التي ستكشف كل أبعاد وفوائد هذه الشراكة .
-محمدالسالك ابراهيم (..):خيار الشراكة خيار استراتيجي ، لذلك فإن المربع الذهبي للشراكة مرهون بتطوير المجتمع المدني والسوق ، فإشراك الشعوب شأنها اليومي هو أمان تلك الشراكة
– الدكتورة سعيدة العثماني رئيسة الجلسة الختامية تشكر الحاضرين وتقدم خلاصة لمضامين أغلب الجلسات ، داعية إلى الاندماج ومبينة أن الثمن المدفوع جراء الانقسام باهظ جدا ، ثم تدعو رئيس المركز الدكتور ديدي السالك لإعلان اختتام الندوة .
-الدكتور ديدي السالك يقدم مجموعة من الخلاصات حول أعمال الندوة ، ويعد بإصدار تقرير مفصل عن أعمالها ، كما يعلن عن توقيع اتفاقيات شراكة مع عدد من المراكز ثم يجدد شكر الجميع ويعلن اختتام الندوة .