التقاريرالنشاطات

التقرير العام عن الندوة الفكرية حول موضوع “موريتانيا بعد عام، فاتح أغسطس: ما الحصيلة؟ وما المطلوب؟”

التقرير العام عن  الندوة الفكرية حول موضوع

 “موريتانيا بعد عام، فاتح أغسطس:

ما الحصيلة؟ وما المطلوب؟”

 

السبت 25 يوليو 2020 – قصر المؤتمرات القديم بتفرغ زينه – أنواكشوط

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

 

 

 

الرقم العنوان الصفحة
1. مقدمة 3
2. توطئة /ورقة أرضية الندوة: كيف السبيل إلى تصور سياسي لموريتانيا الممكنة؟ 11
3. الجزء الأول: ما الحصيلة وما المطلوب؟

 الاتجاهات  العامة للنقاش وأهم المحاور في مداخلات الندوة

19
4. الجزء الثاني: ما الحصيلة وما المطلوب؟

ملخصات مركزة لمداخلات الندوة

34
5. الجزء الثالث: التوصيات الختامية للندوة 97
6. الملحقات 105
6.1 برنامج الندوة 106
6.2 لائحة المدعوين 107
6.3 لائحة الحضور 108
6.4 لائحة المتدخلين 109
6.5 بروتوكول المداخلات 110
6.6 صور من وقائع الندوة 111

 

 

 

 

 

 

 

  1. مقدمة

-1-

نظم  المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل يوم السبت المواقف 25 يوليو 2020 في رحاب قصر المؤتمرات بنواكشوط، ندوة فكرية حول موضوع “موريتانيا بعد عام، فاتح أغسطس: ما الحصيلة؟ وما المطلوب؟”، شارك في أشغالها أكثر من ستين شخصية مصدرية وطنية من الفاعلين السياسيين، والأكاديميين، والباحثين والخبراء وقادة الرأي من مختلف الأطياف في الساحة الوطنية، وقد قدم المشاركون مداخلاتهم وتعليقاتهم النقدية عبر أربع جلسات للنقاش المفتوح.

 

وقد حرص المركز  الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل على ضبط وتوثيق أشغال الندوة من خلال الاعتماد على ثلاثة مقررين للندوة، إضافة إلى تسجيل مجمل فعالياتها بالصوت والصورة.

 

وتنبع أهمية الندوة ليس فقط في اختيار موضوعها أي التفكير في كيفية وضع تصور متفق عليه بين النخب لموريتانيا الممكنة وإثارة البحث عن أي تدبير مطلوب للبلاد في الأفق المنظور، أو في توقيتها  الذي يتزامن مع انقضاء السنة الأولى من مأمورية السيد رئيس الجمهورية المنتخب في 22 يونيو 2019 والذي تم تنصيبه رسميا في فاتح أغسطس 2019، وإنما تكمن أهمية الندوة  أيضًا في نوعية الشخصيات المصدرية المشاركة فيها، وما يتمتعون به من تبصر وحكمة وخبرة وتجربة، وقد حضروا جميعا تلبية لدعوة المركز ،وللتعبير عن آرائهم، وتقديم تجاربهم،ومناقشة أفكارهم النقدية في فضاء يسعى المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل من خلاله إلى المساهمة في رفع مستوى نقاش القضايا العمومية التي تتعلق بمصير البلاد وشعبها ومصالحها العليا، من مستوى الخصومات والمُماحكات السياسوية التقليدية، والارتقاء بالجدل العام إلى مستوى التفكير العقلاني والنقاش الموضوعي.

 

عقدت الندوة على أساس بعض الأفكار والرؤى لدى المركز الذي يطمح من خلالها إلى تحقيق هدف استراتيجي/سياسي، يمكِّنُه من لعب دور “المستهل” بين أصحاب الرأي والفاعلين والنخب بمختلف مشاربهم، وبين صُنَّاع القرار، وذلك من خلال تسليط الضوء – بشكل منتظم ومعمق- على أهم الإضاءات والإكراهات في الواقع الموريتاني الراهن، والبحث عن حلول عملية ومستدامة للخروج منها.

 

كما يأتي  تنظيم الندوة مواكبة للمنعرج الذي أخذته البلاد بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، واستثمارا للمناخ السياسي العام، السائد في البلاد حاليا، والذي يتسم بقدر من الإنفتاح والإيجابية في التعاطي مع مختلف القضايا.

 

ويثير الموضوع الرئيس للندوة “موريتانيا بعد عام: فاتح أغسطس، ما الحصيلة؟ وما المطلوب؟ تساؤلات مركزية وثيقة الصلة بجملة من القضايا الحيوية الأخرى المرتبطة بديناميكيات التغيُّر السياسي والاجتماعي، التي لا تنفصم عُراها بين الدولة والمجتمع في موريتانيا؛ فضلا عن كونها تساؤلات تكتسي أهمية إستشرافية من منظور جيو-استراتيجي، حيث أن مدى نجاح تجربة الحكم الجديد في البلاد ضمن أفق 2024،  قد يشكل عاملا حاسما لضمان فرص استقرار البلاد في وجه المخاطر والتحديات التي تواجهها على المدى المتوسط في منظور 10 من إلى 25 سنة قادمة.

 

-2-

وقد تركزت أعمال الندوة ومناقشاتها طيلة يوم كامل من الساعة العشرة والنصف صباحا إلى حدود الثامنة ليلا على مواضيع وإشكالات وتساؤلات كانت بمثابة حصص للعصف الذهني، وتوليد الأفكار، وتحسيس للرأي العام الوطني وكذا لأصحاب القرار، حول قضايا جوهرية تحظى بالحد الأدنى من الإجماع الوطني حولها، وتأتي في مقدمتها:

  • الفرص المتاحة للتوصل إلى تدبير سياسي عقلاني للحكامة في البلاد؛
  • بلورة سيناريوهات مستقبلية لموريتانيا الممكنة ؛
  • طرح خيارات بديلة متعددة يمكن الحوار والمفاضلة فيما بينها؛

 

وقد شملت مناقشات الندوة ومداخلات المشاركين نحو عشرة محاور رئيسية هي:

  • المحور الأول: الإستقرار السياسي، الوحدة الوطنية، التعايش السلمي ومشكل اللغات؛
  • المحور الثاني: تكريس ثقافة المساءلة وممارسة محاربة الفساد وتطبيق القانون؛
  • المحور الثالث: الحكامة الرشيدة، إبعاد المؤسسة العسكرية عن ممارسة السياسة والحكم والإنقلابات؛
  • المحور الرابع: مراجعة السياسة الخارجية واستقلالية القرار الوطني؛
  • المحور الخامس: مشكلة الغبن وإدماج الفئات المهمشة؛
  • المحور السادس: إعادة تأسيس الجمهورية وتفعيل دولة القانون والمؤسسات؛
  • المحور السابع : التنمية المستدامة وإصلاح القطاعات الخدمية: التعليم والصحة، والسكن، النقل، إلخ؛
  • المحور الثامن: إصلاح المدونة الإنتخابية ومراجعة المسار الإنتخابي؛
  • المحور التاسع: التمكين الإقتصادي للمرأة ومكانة النوع ؛
  • المحور العاشر: استخلاص الدروس والعبر من جائحة كوفيد 19 والعمل على رسم استراتيجيات وخطط لتدبير الأزمات وللتصدي والاستجابة للكوارث؛

 

-3-

يتألف هذا التقرير العام للندوة من متن وملحقات. وترتكز منهجية إعداده من أجل تسهيل مقروئيته، على ضرورة المزاوجة بين الحرص على عدم اختزال المداخلات التي أثرت أشغال الندوة أو التضحية ببعض جزئياتها، وبين ضرورة تسليط الضوء على أهم الأفكار والاقتراحات والتوصيات الواردة فيها.

لذلك، فقد ارتأى المركز بأن يعرض ضمن المتن وفي الجزء الأول من التقرير العام، بعض ومضات من أفكار واقتراحات المتدخلين كمقبلات للتقرير، على أن يتم تقديم ملخصات مركزة لجميع المداخلات -حسب التسلسل الزمني للمتدخلين- في الجزء الثاني من التقرير.

وفي الأخير، حاولت الندوة صياغة مجموعة  كبيرة من التوصيات التي تصب  في رهانات موضوعها. وقد فضل المركز بعد فرز التوصيات الواردة في سياق المداخلات، أن يخصص لها الجزء الثالث والأخير من متن التقرير العام من أجل إبراز أهميتها.

 

كما حرصنا في المركز على وضع ملحقات للتقرير العام تتضمن برنامج الندوة ولائحة المدعوين، ولائحة الحضور، ولائحة المتدخلين وبروتوكول المداخلات، إضافة إلى بعض الصور من وقائع الندوة.

 

-4-

وتجدر الإشارة إلى أن الندوة قد حظيت باهتمام إعلامي منقطع النظير، من طرف جميع وسائل الإعلام والإتصال المرئية والمسموعة والمقروءة، سواء العمومية منها والخصوصية. فقد نقلت أهم وقائعها إذاعة موريتانيا نقلا حيا ومباشرا على جميع محطاتها، كما غطتها قناة التلفزة الموريتانية وكذلك أغلبية القنوات الوطنية والدولية العاملة في موريتانيا، إضافة إلى بث وقائعها على الهواء مباشرة عبر تقنيات يوتوب وفيسبوك.. كما غطتها بشكل مركز وكالة صحراء ميديا، وكذا العديد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الأخرى.

لذا، انتهز فرصة صدور هذا التقرير من أجل تقديم الشكر والعرفان لجميع وسائل الإعلام والتواصل بمختلف أنواعها، على مواكبتهم للمركز من خلال نقل وتغطية ومتابعة أشغال ندوته الفكرية، والشكر موصول إلى إدارة قصر المؤتمرات على حسن تعاملها مع المركز وضيوفه.

-5-

وفي الأخير، لا يفوتني كذلك إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل باسمي شخصيا، وباسم المركز إلى هيئة مقرري الندوة وهم د. محمد الأمين ولد إبراهيم، ود. أم كلثوم بنت حامدينو، والأستاذ الكاتب الصحفي محمد المختار ولد محمذن فال، كما أقدر شكري وعرفاني بالجميل كذلك إلى جميع أعضاء لجنة التنظيم، وكل أصدقاء المركز، وكذا إلى جميع الزملاء على حسن تعاونهم وعلى المساعدة القيمة في تنظيم هذه الندوة، فلهم مني جميعا كل الامتنان والتقدير.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

توطئة/ورقة أرضية الندوة:

كيف السبيل إلى تصور سياسي لموريتانيا الممكنة؟

 

 

 

 

 

 

 

 

  1. 2. توطئة: ورقة أرضية الندوة

 

يسعى المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل -من خلال تنظيم هذه الندوة الفكرية – إلى المساهمة في رفع مستوى نقاش القضايا العمومية التي تتعلق بمصير البلاد وشعبها ومصالحها العليا، من مستوى الخصومات والمُماحكات السياسوية التقليدية، والارتقاء بالجدل العام إلى مستوى التفكير العقلاني والنقاش الموضوعي.

 

كما يطمح المركز -من خلالها- إلى تحقيق هدف استراتيجي/سياسي، يمكِّنُه من لعب دور “المُسهِّل” بين أصحاب الرأي والفاعلين والنخب بمختلف مشاربهم، وبين صُنَّاع القرار، وذلك من خلال تسليط الضوء – بشكل منتظم ومعمق- على أهم الإضاءات والإكراهات في الواقع الموريتاني الراهن، والبحث عن حلول عملية ممكنة للخروج منها.

 

في هذا السياق، ومواكبة للمنعرج الذي أخذته البلاد بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، واستثمارا للمناخ السياسي العام، السائد في البلاد حاليا، والذي يتسم بقدر من الإنفتاح والإيجابية في التعاطي مع مختلف القضايا، ارتأى المركز – بالتشاور مع بعض الفاعلين وأصحاب الرأي الحريصين على الصالح العام- أن ينظم ندوة فكرية حول موضوع: “موريتانيا بعد عام: فاتح أغسطس، ما الحصيلة؟ وما المطلوب؟

 

ولا شك بأن هذا التساؤل المركزي هو وثيق الصلة بجملة من القضايا الحيوية الأخرى المرتبطة بديناميكيات التغيُّر السياسي والاجتماعي، التي لا تنفصم عُراها بين الدولة والمجتمع في هذه البلاد؛ لكنه -فضلا عن ذلك- تساؤل يكتسي أهمية إستشرافية من منظور جيو-استراتيجي، حيث أن مدى نجاح تجربة الحكم الجديد في البلاد ضمن أفق 2024،  قد يشكل عاملا حاسما في ضمان استقرار البلاد في وجه المخاطر والتحديات التي تواجهها على المدى المتوسط في منظور 10 من إلى 25 سنة قادمة؟

 

تاريخيا، ظلت موريتانيا أكثر دول المنطقة تأثرا بتقلبات موازين العلاقات الدولية، نظرا لطبيعة موقعها الجغرافي/السياسي الإستراتيجي، تبعا لتحولاتها الجيوسياسية التاريخية منذ حقبة موريطانيا الرومانية القديمة، مرورا بمراحل دولة المرابطين، والإمارات الصنهاجية والمغفرية والزنجية.. ثم لتتحول البلاد إلى مجرد “فراغ” حسب تغبير الضابط والكاتب الفرنسي “أرنست بيشاري”، تسيره الإدارة الفرنسية من أجل التحكم في مستعمراتها بين شمال وغرب إفريقيا، بعد أن “وقعت” في نطاق النفوذ الفرنسي، بموجب المعاهدة العامة لمؤتمر برلين بين سنتي 1884-1885، الذي تقرر على إثره تقسيم القارة الإفريقية بين القوى العظمى التي كانت موجودة آنذاك وهي 12 دولة أوروبية، إضافة إلى الدولة العثمانية والولايات المتحدة الأمريكية؛ ثم لتكون بعد الاستقلال “همزة وصل” بين غرب إفريقيا ومنطقة المغرب العربي،  ثم، لتصبح في الأخير، البوابة الخطرة لمنطقة الساحل الأفريقي، التي تمور بالعنف والاضطرابات المختلفة.

 


أهم المعطيات الإستراتجية المستجدة في البلا د والمنطقة:

 

  • استمرار التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل؛
  • استمرار الأزمات الإقليمية: شمال مالي، الصحراء الغربية؛
  • تصاعد التنافس الدولي على موارد الطاقة والمعادن النفيسة بالتزامن مع اقتراب موعد بدء استغلال الغاز في بلادنا؛
  • بزوغ أفق جديد لحل قضية الصحراء الغربية وفق مقاربة جديدة قد تتجاوز المقترحات الكلاسيكية نحو العودة لإحياء اتفاق مدريد؛
  • استمرار احتقان النسيج المجتمعي؛
  • تفاقم الإحباط المجتمعي من جراء تراكمات تردي الحكامة الرشيدة وانتشار الفساد وسوء التسيير والتلاعب بالممتلكات العامة للدولة والمجتمع.

 

وإذا كان  من المسلم به عبر التاريخ، أن العلاقات المجتمعية والمصالح الاقتصادية للدول والجماعات قد ظلت دائما، ذات طبيعة صراعيَّة عنفية، فإن  الدور المثالي للسياسة هو تحويل الطابع العُنفي لذلك الصراع المجتمعي على السلطة والمنافع، نحو  صراع إيجابي، صراع نافع، صراع محسوب، يقوم على آليات التنافس والتوافق، والتحالف، والتصالح، والتدافع، عبر مساطر إجرائية تحكمها مؤسسات وقيم، وضوابط وتقاليد متعارف عليها.

 

لكن، يبقى شرط نضج التنافس الإيجابي على السلطة هو وجود “أجندة إصلاحات وخطط عملية للتنفيذ” لدى مختلف الفاعلين المهتمين بالمجال السياسي كمجال حيوي لبقاء المجتمع وتطوره ونمائه، تتجاوز فقط مجرد الطموح إلى الوصول إلى السلطة أو محاولة التمسك بها..

 

وبالتالي، فإن مخرجات نقاش هذه المواضيع والإشكالات والتساؤلات ضمن هذه الندوة  الفكرية، ستكون بمثابة حصص للعصف الذهني، وتوليد الأفكار، وتحسيس الرأي العام الوطني وكذا أصحاب القرار، حول قضايا جوهرية تحظى بالحد الأدنى من الإجماع الوطني حولها، وتأتي في مقدمتها:

  • الفرص المتاحة للتوصل إلى تدبير سياسي عقلاني للحكامة؛
  • بلورة سيناريوهات مستقبلية لموريتانيا الممكنة ؛
  • طرح خيارات بديلة متعددة؛

 

ويأمل المركز من خلال هذه الندوة أن يتمكن من إطلاق منصة تفكيرية تضمن مشاركة الأطراف الوطنية في وضع آليات لدراسة ومناقشة وترشيد المفاضلة فيما بين البدائل والخيارات على أساس تقدير مدروس للتكاليف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لكل منها على حدة؛ وكذا المساعدة في ترشيد عملية اتخاذ القرارات خدمة للصالح العام، عبر دراسة السيناريوهات الممكنة حول تصور شكل معين لمستقبل البلاد يكون مرغوبا فيه ومتفقا عليه.

 

  • قديما كان ابن خلدون يرى في تفسير أسباب انهيار الدول بأنه إذا كانت العصبية هي آلية الوصول إلى الملك أو السلطة، فإن “العمران يخرُب إذا لم يعد المال متداولا بين الحاكم والرعية، منه إليهم، ومنهم إليه”. وهو تفسير يبرز أهمية الجانب الاقتصادي ودور مؤسسات الدولة في القيام بمهامها بشكل فعال وشفاف.
  • أما حديثا، فيرى المؤلفان أسيم أوغلو و جيمس روبنسون في كتابهما المشترك، الذي يحاول تقديم إجابة عن السؤال: لماذا الدول تنمو بشكل مختلف؟ حيث ينجح البعض منها في تراكم القوة والازدهار، في حين يفشل البعض الآخر؛ بأن المحرك الأساسي لنجاح الدول ولتحقيق الرفاه الاقتصادي والاستقرار السياسي هو قوة وكفاءة المؤسسات السياسية والاقتصادية، إذ يمكن أن تمتلك دولة ما موارد طبيعية وبشرية، وجغرافية هائلة، و مع ذالك تصنف كدولة فاشلة لأنها لا تدرك الرهانات الحقيقية التي تواجهها.

 

  • ورغم تباعد الحقب الزمنية بين كل من ابن خلدون والثنائي أسيم أغلو وروبنسون، ورغم التطور الهائل في وسائل البحث وسهولة الحصول على المعلومة اليوم، تلتقي نظرية ابن خلدون لتفسير فشل وانهيار الدولة، في عدة نقاط مع النظرية الجديدة لهذا الثنائي، في أن السبب المباشر والأساسي لفشل الدولة هو ضعف المؤسسات السياسية والاقتصادية، وعدم قدرتها على أداء أدوارها في تحقيق الرفاهية للمجتمع.

 

  • وهكذا، عند فشل مؤسسات الدولة في تحقيق الرفاهية للمجتمع من خلال تنظيم، ومواكبة، وترشيد ديناميكيات التغير الاجتماعي يبدأ حتميا مسار الاختلال:
  • تنهار العملية السياسية،
  • تصاب ديناميكية التغير الإجتماعي بالنكوص،
  • تعود العلاقات المجتمعية والمصالح الاقتصادية لطبيعتها الصِّراعية والعُنفية القديمة؛

 

 

  • تدخل الدولة في دوامة الفشل: انقلابات، ثورات، حروب أهلية، انفصال، تدخل القوى الدولية، الأمم المتحدة، إلخ.

 

وفي الأخير، تبقى قناعة المركز بأن السادة والسيدات الأفاضل المدعوين للمشاركة في هذه الندوة هم من الفاعلين وأصحاب الرأي المتميز، الذين يشكل الإهتمام بالحفاظ على الكيان الموريتاني وحمايته، بغض النظر عن كل المصاعب والتحديات، ومهما كانت التكلفة، أرضية مشتركة صلبة بينهم؛ لكنكم في نفس الوقت، حريصون على أهمية أخذ وعي عميق بضرورة استتباب الأمن الداخلي والخارجي بشكل كامل، وبأهمية تكريس عدالة اجتماعية حقيقية تعيد الحقوق، وتهدئ القلوب والنفوس، وتعزز الشعور المشترك بالولاء للدولة، ككيان معنوي  يستحق الاحترام والاعتبار، خاصة عندما يثبت القائمون على المرفق العمومي حسن سلوكهم بالترفُّع أخلاقيا ومهنيا، ومدى استعدادهم لخدمة المواطنين في دولة المواطنة والمؤسسات.

ولا شك بأن طرح هذه الحيثيات وغيرها من الإشكاليات  السياسية، يبقى ضروريا لترشيد كل طموح نحو الإصلاح والتغيير الإيجابي، حيث يتعين جردها  والتفكير  فيها  بمنطق  نقاش الأفكار وبوازع المصلحة الوطنية الصرفة، بعيدا عن  شحنة صراع الأشخاص أو خدمة أغراض ضيقة..

وسيظل الأمل الذي يراود كل الموريتانيين يكبر يوما بعد يوم، في إمكانية استنهاض روح الإجماع الوطني  حول القضايا المصيرية للبلاد،  بما يكرس استعادة هيبة الدولة وتفعيل مؤسساتها، ويحقق مصالح الوطن العليا في جو تطبعه الجدية والإيجابية، ويؤسس لمشروع وطني جامع.

محمد السالك ولد إبراهيم

مؤسس/مدير المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجزء الأول: ما الحصيلة وما المطلوب؟

 الاتجاهات  العامة للنقاش وأهم المحاور في مداخلات الندوة

 

 

 

 

 

 

 

الأستاذ أسغير ولد أمبارك

محام، وزير أول سابق

ورئيس المجلس الدستوري سابقا

  • التناوب على السلطة يجب أن يطوى حقبة الانقلابات العسكرية؛
  • تولى تسيير الشأن العام موجب للمسائلة والمحاسبة؛
  • لا وجود لديمقراطية في غياب المعارضة؛
  • النخبة السياسية تتحمل مسؤولية شيوع الانقلابات.

 

الدكتور محمد جميل منصور

رئيس المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإستراتيجية

ورئيس حزب تواصل سابقا

  • الحصيلة على العموم إيجابية نظرا لمستوى التشاور والانفتاح؛
  • مهم تشجيع التحقيق والمحاسبة في مجال تسيير الممتلكات العمومية؛
  • الخطوات لم تعكس حتى الآن القيمة الفعلية المجسدة للتوجهات؛
  • الأمل موجود لكنه يواجه إكراهات ما تزال تحول دون تحقيقه؛
  • نرجو تدارك النواقص لتحقيق الأهداف من خلال تنظيم ورشات حول الإصلاح الانتخابي والوحدة الوطنية والإصلاح الاقتصادي.
 

الأستاذة فاطمة بنت خطري

نائب في البرلمان

 

  • أختلف في الموقف من النظام هل هو استمر لسابقه أم قطيعة معه؛
  • الأمل الذي منحه النظام للموريتانيين يكفيه كحصيلة مؤقتة؛
  • هناك ضرورة للإسراع في معالجة ملف الوحدة الوطنية؛
  • لا بد من إشراك المرأة في صنع القرار.

 

الدكتور أعلي ولد أصنيبه

أكاديمي

ناشط سياسي

 

  • الطابع العام للنظام جيد من حيث الخطاب والنوايا والبرامج؛
  • يجب عدم توظيف المفسدين ولا تدويرهم في عملية الإصلاح؛
  • فتح ورشة الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي أمر ضروري.
 

    الدكتور هيبتنا ولد سيدي هيبه

أكاديمي، رئيس جامعة انواكشوط سابقا

وزير وسفير سابق

 

  • العشرية الماضية كانت عشرية ضائعة بكل المقاييس؛
  • إعادة الاعتبار للدولة الوطنية باستلهام التجارب الماضية؛
  • نعيش لحظة فارقة من تاريخ مشروع الدولة الوطنية، الذي بدأ خلال الحقبة الاستعمارية؛
  • التعدد الثقافي مصدر قوة والتراتبية الاجتماعية مسألة مقيتة يجب القضاء عليها؛
  • ينبغي الاستمرار في تطبيع المشهد السياسي من خلال تعزيز التناوب السلمي على السلطة.
 

الدكتور سيد أعمر ولد شيخنا

أكاديمي، رئيس المركز الإقليمي للأبحاث و الاستشارات

  • رئيس الجمهورية يعمل على تقوية الدولة؛
  • ينبغي تجفيف منابع الإقصاء والتفاوت الاجتماعي؛
  • على النخب السياسية فتح النقاش حول طبيعة العلاقة مع الجيش.

 

الدكتور ديدي ولد السالك

أكاديمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية

  • موريتانيا في وضعية تقترب فيها من مرحلة الدولة الفاشلة؛
  • ضرورة حوار سياسي شامل يفضي إلى توافق على الثوابت والمرجعيات الوطنية؛
  • تحويل الإدارة العمومية من إدارة مسار وظيفي إلى إدارة كفاءة؛
  • تأسيس مجلس علمي متعدد الإختصاصات مهمته وضع نموذج تنموي لموريتانيا.
 

الأستاذ الطالب أخيار ولد مامينَّه

باحث، فقيه ومفتي

  • تمتع النظام من خلال الانفتاح على المعارضة ببعد نظر سياسي؛
  • ينبغي تفعيل القانون وإصلاح العدالة.
 

الأستاذ الشيخ أحمد ولد الزحاف

وزير وسفير سابق

ناشط سياسي

  • قبل هذا النظام ساد طابع الاستقطاب الحدي بين الفرقاء السياسيين؛
  • غابت قيم المواطنة ودولة القانون، وطفت على السطح دعوات الفئوية والشرائحية؛
  • تمت مكافأة التطرف على حساب الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية؛
  • ضرورة إنشاء المدرسة الجمهورية واعتبارها المصدر الوحيد للارتقاء الاجتماعي؛
  • مطلوب ولوج الفئات الاجتماعية الهشة إلى المقدرات الاقتصادية للبلد.
 

الأستاذ الخليل النحوي

نائب في البرلمان

باحث أكاديمي

 

  • من الضروري تجاوز مرحلة التهدئة إلى مرحلة بناء مناخ جديد؛
  • التحقيق البرلماني اليوم رسالة إلى كل من هم في السلطة الآن؛
  • الحذر من خطورة الثروات الطبيعية على الاستقرار في الدول؛
  • مصدر فساد الحكم المدني هو ثقافة التزلف والانتفاع السياسي.
 

الدكتور لو كورمو عبدول

أكاديمي، أستاذ القانون

ناشط سياسي

 

  • الدولة اتبعت سياسة تفريقية من خلال التعليم أضرت بالوحدة الوطنية؛
  • لا بد من حل مشكل اللغة الرسمية واللغات الوطنية لإعطائها مكانتها التى تستحق؛
  • ضرورة فتح حوار جاد وصريح حول مشكل الرق وآثاره ومخلفاته.
 

محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل

نائب في البرلمان

ناشط سياسي

 

  • أهم ما في الحصيلة هو إخراج الرئيس السابق من المشهد السياسي؛
  • مجال الحكامة الرشيدة بحاجة إلى إعادة نظر؛
  • تغيير سن التقاعد أثر على فرص تشغيل الشباب؛
  • لا بد من تعديل دستوري يسمح بمقاضاة الرئيس؛
  • خلق بنية مؤسساتية لتوفير ضمانات الشفافية للعملية الديمقراطية؛
  • يجب إبعاد الطبقة السياسية من المسؤوليات الإدارية والسياسية.
 

د. محمد سيد أحمد فال/بوياتي

أكاديمي/ مدير المركز الموريتانية

للدراسات والبحوث الإنسانية- مبدأ

 

  • تميز النظام بانفتاح سياسي ديمقراطي يحمل رسائل متعددة منها المصالحة مع الذات الوطنية؛
  • مشاركة الطبقة السياسية في تسيير الأزمات.
  • مفهوم الدولة لم يتجذر بعد في المجتمع، ويحتاج بناء الدولة إلى وجود قائد يتمتع برؤية وإرادة سياسية حازمة.
 

الأستاذ محمد يحظيه ولد أبريد الليل

مفكر،  سياسي، وزير سابق

 

  • شبه الإجماع الوطني الذي حصل بعد انتخاب الرئيس غزواني، أمر بالغ الأهمية رغم الحالات المرضية التي تعاني منها ديمقراطيتنا؛
  • المطلب الملح من النظام هو تغيير أوضاع البلاد وخلق حالة من التوحد والانسجام بين السلطة والمواطنين؛
  • الطريقة المثلى لمعالجة التعايش القومي هي الحوار والنقاش بين الأطراف المعنية على أن تكون صيغة الحل نهائية وحاسمة ومرضية لكل الأطراف؛
  • إصلاح التعليم مرتبط بإصلاح الحاضنة الكبيرة التي هي المجتمع؛
  • لا يمكن تغير أو إصلاح المجتمع بالخطب الوعظية أو الافتتاحيات.

 

 

 

الأستاذ داؤود ولد أحمد عيشه

ناشط  سياسي

 

  • جو التهدئة السياسية وإضفاء الأخلاق على المشهد السياسي تولد عنه أمل في حصول التغيير المنشود؛
  • من الحصيلة الانسلاخ الايجابي من النظام السابق؛
  • مطلوب ترسيم اللغة العربية طبقا لما ينص عليه الدستور.
 

الأستاذ التيجاني محمد كريم

دبلوماسي سابق، 

ناشط في المجتمع المجني

 

  • الاستفادة من التجارب الناجحة لبعض الدول مثل رواندا في مجال الصحة والتعليم وتدبير الحكامة الرشيدة؛
  • الحاجة ملحة إلى تكوين الموارد البشرية؛
  • تكثيف التوعية والتحسيس باعتبارهما المدخلان المناسبان لتغيير المجتمع.
   

الأستاذة كادياتا مالك ديالو

نائب في البرلمان 

ناشطة سياسية

 

  • الهوية الوطنية صارت في مهب الريح والتفاوت الطبقي يعمق الشرخ الاجتماعي؛
  • العلاقة المتوترة بين الرئيس السابق والرئيس الحالي عقَّدت المشهد السياسي؛
  • تكثيف التشاور من أجل تقديم حلول لمشكل الرق والتفاوت الطبقي.

 

 

الأستاذ محمد ولد العابد

خبير إقتصادي 

وزير سابق للإقتصاد

 

  • الحكامة الرشيدة هي سر استقرار الدول والضامن لمستقبلها؛
  • تأسيس المدرسة الجمهورية كفيل بتحقيق المستقبل الذي نتوق إليه؛
  • على النخب الوطنية أن تتحمل مسؤولياتها وتتخلى عن المسلكيات المقيتة من قبيل التزلف لكل نظام جديد.
الأستاذ با عبدول أحمد

مهندس 

ناشط سياسي

 

  • مشكلة اللغة العربية في تنفير المكون العربي من دراستها من طرف المجموعات القومية الوطنية الأخرى؛
  • مسألة الصراع بين الرئيس السابق والحالي تشكل خطرا على استقرار البلاد؛
  • مطلوب مراجعة قانون الانتخابات وإعادة هيكلة الإدارة الموريتانية. 
   

 

 

البروفسور محمدو ولد أميّن

 

أكاديمي وأستاذ جامعي

 

  • أهمية الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد والاعتماد على الكفاءات الوطنية؛
  • ضرورة تحمل النخب المسؤولية الوطنية اتجاه الشعب والبلد؛
  • كل المجهودات مآلها الفشل في غياب الاهتمام بالثقافة والبحث العلمي.

 

 

الأستاذ خالد ولد لبّات

 

مهندس، ناشط سياسي

 

  • سيطرة الجيش على المشهد السياسي تسببت في إدخال البلاد مرحلة الصراع السياسي؛
  • هناك دور محوري للمدرسة الجمهورية في حل مشكل التفاوت الطبقي؛
  • الاهتمام بالمطالعة وإنشاء مكتبات في الأحياء.

 

الأستاذ محمد فال ولد هنضيَّه

ناشط سياسي

 

  • ينبغي إدراك حجم وخطر المحاصصة على وحدة وانسجام المجتمع؛
  • العبودية مشكلة ثقافية قبل أن تكون اقتصادية؛
  • ضرورة التساوي بين المواطنين في ولوج الوظائف السياسية والإدارية.

 

الأستاذ المختار ولد داهي

ناشط سياسي

 

  • ضرورة خلق إطار تشاوري دائم بين المولاة والمعارضة حول القضايا الوطنية؛
  • يجيب إحداث قطيعة مع أسلوب تمجيد الحاكم؛
  • العمل على تقوية اللحمة الاجتماعية؛
  • إعتماد المعيارية بدل المحاصصة في تقلد الوظائف العمومية، بما يضمن توزيعها تبعا لذلك على المكونات الوطنية؛
  • اتباع تمييز إيجابي لصالح ضحايا الرق وأصحاب المظالم.

 

الدكتور عبد الرحمن محمد الغاظي

أكاديمي وأستاذ جامعي

 

  • ضرورة تحقيق مستوى من الإداخار للاستثمار في المشاريع التنموية المهمة؛
  • المطلوب وضع إصلاحات اقتصادية وإدارية تعالج الاختلالات الكامنة في الإدارة والمؤسسات.
الأستاذ أممد ولد أحمد

وزير سابق،

ناشط سياسي

 

  • لا مبرر لتأييد النظام ولا أمل في التوافق ما لم تتضح النوايا وتتجسد لدى السلطة إرادة حقيقية لتحقيق التنمية والعدالة؛
  • يجب تضافر الجهود للمحافظة على كيان الدولة وحمايته من أي خطر يهدده؛
  • مطلوب تطبيق مبدأ المكافأة والعقوبة؛
  • ضرورة تطبيق القانون بكل صرامة وتنفيذ أحكام القضاء.

 

الأستاذ محمدن ولد محمد الدنبجه

مفتش عام للتعليم

 

  • الخيط الناظم لمجمل ما أثير ويثار هو تغيير العقليات نحو الأفضل؛
  • ضرورة تضافر جهود الفاعلين لتثمين الأعمال اليدوية والتكوين المناسب لحاجيات السوق؛
  • أهمية المساهمة الفعالة في ترسيخ قيم أخلاقية مبنية على التنشئة السليمة على المواطنة ومبادئ العيش المشترك؛
  • ضرورة تأسيس ميثاق شرف ينخرط فيه كافة الشركاء للتغلب على أزمتنا الأخلاقية والتربوية.
    

     الأستاذ دفالي ولد الشين

رجل أعمال

ناشط سياسي

 

  • تسيير الدولة يكون وفق توجه سياسي واضح المعالم وعمل منظم؛
  • الوحدة الوطنية والتعايش بين المكونات العرقية في البلاد، مطروح الآن بشكل ملح، وكل الأنظمة المتعاقبة لم تحقق فيه شيئا يذكر؛
  • آفاق حل نزاع الصحراء الغربية سواء بالعودة لاتفاقية مدريد كمرجعية أو بتقرير المصير، تهمنا بشكل حيوي في موريتانيا، ولا يمكن إلا أن تكون لها انعكاسات على بلادنا؛
  • مطلوب من الحكومة توفير الأمن وتوفير الخدمات مثل التعليم والصحة، وهي قطاعات تعرف ترديا غير مسبوق في بلادنا؛

 

الأستاذ أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا

 

قانوني

 

  • مراجعة النظام السياسي والدستوري وإعادة التوازن للجمهورية؛
  • إنشاء شركات إنتاج وطنية قطاعية كبرى ذات رأس مال مختلط تتخفف العبء عن الإدارة وتتولى التسيير العصري والمباشر للقطاعات الحيوية؛
  • ضرورة القيام بإصلاح إداري عميق.

 

الأستاذ محمد غلام ولد الحاج الشيخ

نائب برلماني سابق

ناشط سياسي

 

  • تثمين عمل لجنة التحقيق البرلمانية، وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان؛
  • أهمية تمكين أهل الجد والإخلاص للصالح العام من الولوج إلى الوظائف السياسية والإدارية؛
  • ضرورة خلق إجماع وطني يتجدد من خلاله الأمل في مستقبل تنموي للوطن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجزء الثاني: ما الحصيلة وما المطلوب؟

 ملخصات مركزة لمداخلات الندوة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مداخلة الأستاذ أسغيَّر ولد أمبارك

بداية أشكر المركز على تنظيم هذه المبادرة، والتي بدون شك سوف تفسح المجال للأطر والسياسيين والمفكرين لتبادل الآراء حول الأوضاع التي يمر بها البلد، وكذلك تقييم حصيلة سنة من عمل رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.

وفي هذا الإطار أود الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قد تم انتخابه بشبه إجماع من قبل الشعب الموريتاني، وذلك على أساس برنامجه الانتخابي، وقد شكل ذلك حدثا عظيما للبلد لأنه مكن من التناوب السلمي على السلطة لأول مرة في البلاد، ونتمنى أن تنطوي به حقبة الانقلابات السكرية.

هذا الإجماع الذي حصل عليه النظام يجب المحافظة عليه من خلال تجسيد الالتزامات التي وعد بها الشعب على أرض الواقع.

يجب الابتعاد عن المحاباة وعن التملق، لتقديم نظرة نقدية بناءة، وأعتقد أن الإشكالية في هذا البلد هي التملق دائما للحاكم، وأحمل الطبقة السياسية المسؤولية في ذلك، لأنها لو كانت بحجم المسؤوليات لما ساندت الانقلابات، وعليه فان الجميع مطالب اليوم بتحمل مسؤولياته في بناء الديمقراطية، خصوصا في هذه اللحظة المفصلية حيث الأمل كبير في هذا النظام القائم الذي بدأ خطوات مهمة في المحاسبة والشفافية، التي يشكل إنشاء لجنة التحقيق البرلمانية عنوانها الأبرز، والتي لا يجب أن ينظر إليها على أنها تصفية حسابات مع أي كان بقدر ماهي فرصة للموظف للدفاع عن نفسه، فمن تحمل شيئا من شؤون الشعب يجب أن يحاسب فأنا كنت وزيرا أول، واستجوبت من قبل القضاء حول اتفاقية شركة النفط الأسترالية “وود سايد”، فهذا النوع من الثقافة يجب تشجيعه وعلى الجميع أن يعرف أن القانون فوق الجميع. لكن مبدأ المحاسبة يجب أن يبتعد عن تصفية الحسابات.

إن الديمقراطية في بلادنا اليوم تبدو عرجاء نظرا لغياب المعارضة وعدم لعب دورها، فلابد للديمقراطية من معارضة مسؤولة تقوم بمسؤولياتها، وعلى النظام تدارك غياب المعارضة، فنحن في السابق كنا مهتمين بالمعارضة ونستمع لما تقول.

 

مداخلة الأستاذ الدكتور جميل منصور

لا يفوتني أن أشيد بالمركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل على هذه المبادرة، كما أهنئ الجميع على طابع النقاش البناء الذي يسود ندوتنا هذه، وأعتبر أن المسألة على قدر كبير من الأهمية، لضرورة التقويم لكل فترة، ومحاولة الإجابة على الأشكال التقليدية للنقاش. بخصوص الحصيلة هناك نظرة إيجابية للمرحلة نظرا لمستوى التشاور والانفتاح وان كان تحويله إلى إجراءات ملموسة لا يزال ناقصا، لكن لا نعتبرها نتاج إجماع وطني كما سبق أن تفضل به معالي الوزير الأول أسغير ولد أمبارك، فهناك طيف سياسي واسع لم يكن يرى ذلك، والأهم ليس الإجماع لأنه غير مطلوب في الديمقراطية بقدر ما المهم هو العمل.

التوجهات: حيث هناك نظرة إيجابية لقدر كبير من التوجهات، فعلى العموم تميزت بالانفتاح والتهدئة، وتشجيع المحاسبة والتحقيق.

 

وفيما يخص الخطوات: لم تعكس القيمة العامة أو العملية المجسدة للتوجهات منذ البداية ويغلب عليها النقص والارتباك ونتمنى استدراك الأمر في المرحلة المقبلة لتحويل المشاورات والانفتاح إلى واقع ملموس.

أما الآمال: فمازالت موجودة وإن تعززت في جوانب إلا أنها لا زالت ناقصة في جوانب أخرى، ولعل السبب هو أن السنة الأولى لها إكراهات حالت دون تحقيق الأهداف ويبقى التوجه العام مهم جدا، خصوصا التوجه نحو المحاسبة، وهي الخطوة التي بدأت من قبل الجمعية الوطنية، بعد قبول النظام السياسي لها، والأهم هو وجود مبدأ المحاسبة، فالآن يستهدف الماضي القريب، ولكن من المهم أن يشمل جزئيات من المرحلة الحالية.

القول أن النظام الحالي هو استمرار للنظام الماضي أو ثورة عليه يعد ظلم له، لكنه منزلة بين هذا وذلك.

وهنا أصل إلى الخطوات المطلوبة: لأذكر بضرورة استدراك النواقص من خلال توفير الآليات الضرورية لتحقيق الأهداف، وأن ذلك يكون بالتركيز على الورشات الأساسية التي هي:

ورشة الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وهو موضوع على الجميع الاهتمام به وتجاوز الجدل السياسي لأنها الورشة التي تجسد جوهر الدولة، وما ينبغي في ذلك هو تحقيق المواطنة المتساوية.

ورشة الإصلاح الديمقراطي والانتخابي، وينبغي الشروع في إدخال الإصلاحات الضرورية عليها في الفترة غير تلك التي تكون فيها البلاد تخوض تنافسا انتخابيا، وأدو هنا أ، أشير إلى مسألة هامة ذكرها معالي الوزير الأول السابق الأستاذ اسغير ولد أمبارك، وهي اتهامه للحركات السياسية بدعم الانقلابات العسكرية وتدخل الجيش في السيادة وهذا كان خطأ، فالديمقراطية لا يمكن أن تقوم إلا على التزام الجيش الحياد اتجاه اللعبة الديمقراطية والفاعلين السياسيين، ومن خلال بقائه مؤسسة جمهورية، وهذا هو ما يجب أن نصل إليه كفاعلين في المشهد السياسي، فمن المهم أن يتم الاتفاق على أن يتفرغ الجيش لمهمته الجمهورية بعيدا عن السياسة وانتخاباتها وصراعاتها، والأقدر على تجسيد ذلك هو من يعرف الديمقراطية ويعرف المؤسسة العسكرية.

ورشة الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد، فلا شيء يهد الدول القوية أحرى الضعيفة مثل الفساد وسوء الحكامة، وعليه فإن الجدية مطلوبة في هذا التوجه.

ورشة المقاربة الأمنية الناجحة وإدارة العلاقات الإقليمية والدولية بحذر وتوازن ودون الوقوع ضحية سياسة المحاور، مع الأخذ في الحسبان التطورات التي تمت في الفترة السابقة.

ورشة تحسين الخدمات وخصوصا الخدمتان الأهم والأحوج إلى الإصلاح والتطوير: التعليم والصحة.

 

مداخلة السيدة النائب فاطمة محفوظ خطري

“الندوة تكتسي أهميتها من موضوعها ومن كونها تضم قامات فكرية وسياسية بارزة منشغلة بالهم العام والشأن الوطني، وهنا لابد من العودة قليلا إلى الوراء لنضع الأمور أكثر في نصابها؛ الرئيس الحالي غداة تسلمه لمقاليد الأمور في البلاد قبل عام وجد أمامه تركة ثقيلة تمثلت في حالة الاحتقان السائدة، وواقع الشد والجذب الذي كان يطغى على المشهد السياسي وخاصة بين الموالاة والمعارضة الذي كانت البلاد بسببه على شفا الهاوية وعلى وشك الدخول في فوضى عارمة، وعندما كنا في المعارضة كان شغلنا الشاغل هو البحث عن الخيط الناظم بين الرئيس غزواني وسلفه وعن مدى التشابه والاختلاف بينهما، ولطالما أكدنا في المعارضة على ضرورة ترسيخ الممارسة الديمقراطية للبلد والعمل على إقامة دولة المؤسسات وفرض التناوب السلمي على السلطة، وبعيدا عن أطروحاتنا تلك فإننا اليوم نعلق آمالا كبيرة على النظام الجديد، ولدينا قناعة راسخة أن بمقدوره تحقيق التغيير الذي ينشده الجميع، ولاشك أن أجواء الانفتاح ونهج التشاور مع القوى السياسية الذي كرسه نظام الرئيس غزواني مؤشر على سلامة التوجه ووضوح الرؤية، صحيح أن إكراهات وظروفا طارئة في مقدمتها تداعيات جائحة كورونا قد صرفت الأنظار عن الكثير من الأولويات وفرضت أجندات جديدة ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي في البلد ورغم ذلك يبقى المطلوب في الأمد المنظور هو التركيز على بناء الديمقراطية وتعزيزها وبناء دولة المؤسسات.

إن موريتانيا بحاجة إلى تنمية متوازنة تتوفر على شروط الديمومة والاستمرار ولابد من تسوية المشاكل القائمة ومحو الآثار المترتبة عليها، وهنا لا يعزب عن بالي أن الأنظار مشرئبة نحو ما يمكن ابتكاره من حلول ومعالجات لقضايا الوحدة الوطنية والكل تواق إلى تجسيد التوجهات المتعلقة بتقوية اللحمة الوطنية وإصلاح الإدارة واختيار أصحاب الكفاءات والمشهود لهم بالاستقامة لتولي المناصب الحساسة في الدولة، وثمة مطالب أخرى لعل في مقدمتها تحقيق العدالة والمساواة وخاصة في مجال حقوق المرأة وولوجها إلى مراكز صنع القرار، فلا تنمية بدون إشراك المرأة، وينبغي أن ينبري الرجال للدفاع عن قضايا المرأة وأن لا يقتصر الأمر على النساء فقط.

 

 

 

مدخلة الأستاذ الدكتور أعلي ولد أصنيبه

بادئ ذي بدء، يروق لي تهنئة رئيس الجمهورية على سنة نعمت البلاد فيها بجو الاستقرار والسكينة، كما أهنئه مرة أخرى على توجهاته التي تبعث حقا على الطمأنينة، ولكن ينبغي على الرئيس أن يأخذ بمبدأ: “الرجل المناسب في المكان المناسب” ويقدم للناس رسائل وإشارات واضحة تطمئنهم على أن البلد وضع فعلا على السكة الصحيحة. إن من أبجديات الواقعية السياسية أن نختار مصلحين حقيقيين لتجسيد توجهات الإصلاح، فنحن حين ننظر في حصيلة عام من حكم الرئيس الجديد سنجد خطابا سياسيا جيدا ونوايا حسنة ولكن الطريق مليء بالمطبات وغير سالكة البتة، ويبقى الجوهري والأساسي في الخطوات القادمة هو تحقيق العدالة الاجتماعية، فلقد سادت في الآونة الأخيرة النزعات الفئوية والشرائحية وذلك لعمري نهج مغلوط يبعث على القلاقل ويزيد الطين بلة، ينبغي التوقف عن منطق المحاصصة المقيتة فهو مدعاة للتفرقة ويؤدي شيئا فشيئا إلى انهيار الدول. ولاشك أن العدالة الاجتماعية بمفهومها الشمولي الصحيح هي صمام الأمان لتقوية اللحمة الوطنية وضمان الانسجام بين مكونات الشعب، ليس ثمة رجل لابد منه بالضرورة فالمعيار الصحيح في اختيار الأشخاص هو اعتماد الكفاءة والنزاهة، وفي المحصلة النهائية يجب إسناد المسؤوليات لذوي الكفاءات، وغني عن القول إن الجميع في هذه البلاد يترقب بفارغ الصبر محاسبة المسؤولين عن نهب المال العام وإلا فلا أمل في الاستقرار. إن الأخذ بمبدأ “عفا الله عما سلف” غير وارد مطلقا، وعمل لجنة التحقيق البرلمانية يجب أن يعطي النتائج المرجوة ويبعث الأمل في النفوس من جديد.

 

 

مداخلة الأستاذ الدكتور هيبتنا ولد سيدي هيبه

تنظيم هذه الندوة جاء في الوقت المناسب، فهي تتزامن مع مرور سنة على حكم الرئيس الحالي وفى نفس الوقت الذى ينتظر  فيه الجميع  نشر تقرير اللجنة البرلمانية، فيما يتعلق بالحصيلة والحديث حولها، يستدعي الأمر أن ننظر قليلا إلى الوراء، لقد ورث النظام الحالي تركة ثقيلة سماها البعض (العشرية الضائعة) وهي إلى حد ما تسمية دقيقة، ومن الطبيعي أن التعامل مع هكذا تركة ومخلفات خلال ظرف وجيز (سنة واحدة)، ليس بالأمر الهين، كانت الأولوية بالنسبة للنظام الحالي البدء بترتيب البيت الداخلي وحسم موضوع الصراع على زعامة الحزب ومرجعيته وأيضا ضمان تأييد الأغلبية البرلمانية لينتقل إثر ذلك إلى إحداث تغييرات في المناصب العسكرية والأمنية، وفيما يشبه المنهجية  الصامتة التي لم ترافقها جعجعة ولا ضجيج بدأ نظام الرئيس محمد ولد الغزواني ترتيب أوراقه وإعادة بناء البيت الداخلي بتؤدة وروية كاملين، ورغم أن سنة هي ظرف زمني قصير، فعلى العموم كانت المحصلة إيجابية وتبقى الآمال كبيرة وعريضة والطموحات مشروعة، خاصة أن الأمر يتعلق بمصالح ومستقبل بلد عانى طيلة أربعة عقود من الضياع. لقد ظلت موريتانيا تترنح وتعيش دوامة من عدم الاستقرار مردها انهيار مشروع الدولة الوطنية الذي كان قائما وبدأت إرهاصاته منذ الحقبة الاستعمارية، لقد كان المستعمر إيجابيا لجهة توحيد الكيان الموريتاني من الناحية الإدارية وهو الكيان الذي لم يكتب له على مدى تاريخه أن يتوحد سياسيا، وقد تواصلت مهمة بناء الدولة غداة الاستقلال، حيث جرى ترميم الدولة وإعادة بنائها ولا بدمن الإشارة إلى أن من أهم الدروس المستخلصة من جائحة كوفيد 19 هو إعادة الاعتبار للدولة الوطنية وإعادة بنائها من جديد في ضوء النتائج والعبر المستنبطة من تلك الجائحة ومن تجارب الدول الأخرى في التعاطي معها. إن عالم ما بعد كوفيد 19 يفرض بناء الدولة على أسس جديدة وصلبة تنطلق من مبدأ ضرورة بناء المؤسسات واحترام المواطنة، إن قضية الوحدة الوطنية تعد أولوية فنحن بلد صغير متعدد الأعراق والثقافات وقد واجهت بلادنا عشية تأسيس الدولة تحديات ومشاكل، وقد برز ذلك جليا في مؤتمر ألاك عام 1959م وكان المشكل القومي والثقافي واللغوي هو لب الصراع وجوهره، ولابد من القول إنه لا يمكن الاستمرار في هذه الدوامة العبثية، والسؤال المطروح: هل إن معضلة الوحدة الوطنية لا يمكن حلها؟، هل التعايش السلمي في ظل تعدد الأعراق والإثنيات مستعصي ؟، يقول كارل ماركس: “الإنسانية لا تطرح مشاكل تعجز عن حلها”. يجب أن نعمل بشكل جدي على حل مشكل الوحدة الوطنية ونضعها على بساط البحث كي نصل إلى حلول جذرية، إن قدرنا أن نعيش في دولة متعددة القوميات والثقافات ولكن هذا يبقى مصدر ثراء وقوة لنا ولقد علمتنا تجارب الأمم والشعوب الأخرى أن الدول متعددة الأعراق تمتلك شروط ومقومات القوة والتقدم، فالتجربة النازية التي قادها أدولف هتلر في ألمانيا منيت بالفشل الذريع، لقد فشل هتلر لأنه أراد بناء دولته اعتمادا على الجنس الآري فكان مآله الفشل المحتوم. إذا نظرنا إلى وضعنا الاجتماعي نجد عوائق وتحديات تقف حجر عثرة أمام قوة لحمتنا وانسجامنا الاجتماعي، إننا نعاني من تراتبية طبقية أكل عليها الدهر وشرب ولا يمكن التصدي لها وعلاجها إلا بسياسات تضمن العدالة والمساواة وحل مشكل الرق ومخلفاته والخطوات المنتهجة في هذا المجال وأعني بها مندوبية “تآزر” كانت فكرة موفقة ولكن هذه الهيئة الناشئة ينبغي أن تركز في عملها وتدخلاتها على الشرائح والفئات التي تعرضت على مر التاريخ للإقصاء والغبن، وما من شك في أن من أولويات الإصلاح التركيز على التعليم لما له من ارتباط وثيق بهوية البلد ووحدته الوطنية.

 إن مجتمعنا جبل على الفوضى وقلما ينصاع للنظام ولا غرابة في ذلك فنحن لم نتلق التكوين المناسب ومنظومة التعليم عندنا قد انهارت بالكامل وبات تعليمنا في وضع يرثى له أما الصحة فهي الأخرى في تدهور مستمر، ويجب التركيز على هاتين الرافعتين: (التعليم والصحة). وأعود هنا إلى الدروس المستوحاة من الجائحة، وفي مقدمتها أهمية تحقيق المساواة في مجال التأمين الصحي ليشمل الجميع، وبخصوص الشباب فإنه يعيش واقع التيه والضياع والإحباط ولابد من سياسات جادة تفكر في وضع حلول لمشاكل هذه الشريحة، هذه هي الأولويات في نظري وأشاطر الأستاذ جميل منصور في موضوع التطبيع السياسي والتناوب السلمي على السلطة، إن التناوب يسمح بتجديد القيادة والطبقة السياسية معا كما أنه يضمن مبدأ المحاسبة ومعالجة الاختلالات وهنا أعلق الآمال كغيري من الموريتانيين على لجنة التحقيق البرلمانية ولاشك أن مطلب الجميع هو تحقيق العدالة والإنصاف.

 

مداخلة الأستاذ الدكتور إسلمو ولد محمد

يبدو أن معظم المتدخلين أجمعوا على أهمية الخطوات الانفتاحية التي عبر عنها النظام الجديدة، لكن مربط الفرس يكمن برأيي في المسائل الجوهرية والحساسة ومنها طبعا سوء الحكامة وما تحقق على مستواه، ينبغي للنظام القائم أن يعمل على تجسيد مبدأ الفصل بين السلطات وقيام كل سلطة على حدة بالدور المنوط بها، ولابد من التأكيد على أن الجانب المؤسسي في غاية الأهمية ويجب أخذه بعين الاعتبار، وفيما يخص الحكم الرشيد فإنه لا يمكن أن يقوم في غياب إرادة سياسية جادة تعمل على فرض حسن التسيير على مستوى جميع إدارات ومؤسسات الدولة مع ما يقتضيه ذلك من مكافحة الرشوة وتطبيق مبدأ المكافأة والعقوبة، ويتعين على النخبة الوطنية أن تتخلى عن المسلكيات البائدة وعلى رأسها التطبيل والمحاباة فهما يقفان عائقا أمام قيام الدولة العصرية.

 

 مداخلة   الطالب أخيار ولد مامينَّه

بداية، أثمن عاليا انفتاح النظام الجديد على المعارضة وجو التهدئة الذي حرص الرئيس الجديد على إشاعته، ولكن يحز في نفسي غياب مظاهر الدولة والسلطة في كثير من مناحي الحياة ولذا فمن الضروري حضور سلطة الدولة وهيبتها وأن يتجلى ذلك في تنظيم الأسواق وضبط الأسعار والقضاء على فوضى المرور وينبغي ان يطبق القانون بصرامة على الجميع فلا أحد فوق القانون، لقد علمتني التجربة والعمل في الإدارة الإقليمية أن شعبنا تسهل قيادته وتصعب في الوقت نفسه ويتوقف كل شيء على إرادة الحاكم، إن من المؤسف أن تكون الفوضى هي الطابع العام لحياتنا كلها، لابد من احترام القانون واحترام مؤسسات الدولة ولابد كذلك من تفعيل القانون وتطبيقه بكل صرامة وما من شك في أن استقامة الدولة وصلاح أمرها متوقف على إصلاح القضاء فلا يتصور تقدم بلد في ظل غياب قضاء عادل ولعل الخطوات الأولى لإصلاح القضاء تبدأ بمنح عناية خاصة للقضاة ورفع أجورهم وينبغي الشروع في تشكيل محكمة العدل السامية واختيار أعضائها وفق معايير صارمة لضمان قيامها بمهمتها على الوجه الأكمل. إن المحكمة السامية تناط بها مهمة مقدسة تتعلق بمساءلة ومحاكمة أعلى هرم في السلطة ولا أحد يستسيغ اتهام رئيس الدولة بنهب المال العام فتلك معرة وأي معرة، وينبغي أن يكون الولاء للوطن ومصالحه هو معيار اختيار المسؤولين في الوظائف السامية.

في عهد الرئيس السابق المختار ولد داداه كان التعيين على أساس الكفاءة والاستقامة وربما نجد عدة مسؤولين من عائلة واحدة في حكومات الرئيس المختار لا لشيء سوى أنهم توفرت فيهم معايير الكفاءة والأهلية. التعيين في المناصب العليا ينبغي أن يخضع لقاعدة التدرج في الوظائف الإدارية ومن المفارقات أن نسمع بين حين وآخر عن نكرات في مناصب حساسة وربما على رأس وزارات، أما الإدارة وما أدراك ما الإدارة فهي فاسدة بالمرة وبعيدة عن المواطنين وبموازاة ذلك فإن الفرص متاحة للمتزلفين والمطبلين ومن على شاكلتهم. أما ذوو الكفاءات فحظهم التهميش والإقصاء، وأختم فأقول إن سنة واحدة سقف زمني غير كاف لتقييم أداء النظام.

 

مداخلة الأستاذ الدكتور سيدي أعمر ولد شيخنا

على نخبنا الوطنية الوقوف على أهم التحديات التي تواجهنا، إننا بحاجة إلى بناء دولة قوية فهذه البلاد لم تعرف في الماضي دولة مركزية والتجارب القصيرة التي عرفتها لم ترق إلى مستوى الدولة المركزية لأنها ببساطة مجرد إمارات نشأت هنا وهناك، في العهد الاستعماري برزت مقاربات تحاول مواجهة التحدي المتمثل في غياب دولة مركزية موحدة بيد أن ذلك المسعى اصطدم بمقاربات دينية متفاوتة بعضها مناهض لوجود المستعمر على هذه الأرض وعلى النقيض منها ظهرت فتاوى وحججا دينية تؤيد الاستعمار وتدعمه وكانت ترفع مطلب بناء دولة في هذا الكيان، وفي نهاية الخمسينيات برز اتجاهان تجليا في حركة النهضة وحزب التجمع وقد توحدا فيما بعد في إطار حزب الشعب الموريتاني.

 لقد عرفت بلادنا قرونا من غياب الدولة ولكن مشروع دولة المؤسسات الذي بدأت ملامحه مطلع الستينيات ما لبث أن أجهض ليتم اعتماد نظام الحزب الواحد، وفي مرحلة لاحقة تدخل الجيش وسيطر على مقاليد الأمور في البلد. الدولة عندنا مازالت ضعيفة وتقترب من الفشل، إن بناء مؤسسات حكومية فاعلة يتطلب الانفتاح والابتعاد عن التعنت، لا مجال اليوم للمعارضات العدمية والأنظمة الإقصائية فالديمقراطية عملية تراكم لابد أن تفضي إلى بناء مؤسسات حكومية فاعلة. اليوم وفي ظل النظام الجديد أصبحت للوزراء صلاحيات واسعة وهذا مؤشر إيجابي ويبقى التحدي الأكبر هو بناء مجتمع متماسك وهو مطلب لا يمكن أن يتأتى في ظل تقصير الدولة وعجزها عن القيام بوظائفها ومهامها التقليدية، علينا أن نحارب الفقر والإقصاء ونشرع في إطلاق برامج اجتماعية جادة تحقق عدالة اجتماعية حقيقية. إن تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية مؤخرا أحيا الأمل في النفوس وأظهر أهمية الدور الرقابي للبرلمان واليوم فإن الانطباع السائد لدى الناس هو أن الفساد يجب أن ينتهي ويتم اجتثاثه، إن موريتانيا تقع في محيط إقليمي يعرف تحديات أمنية وإستراتيجية وهي مقبلة على مرحلة إنتاج الغاز. هناك خطوتين مهمتين لتقوية الدولة، بدأهما الرئيس إحداهما خلق مناخ سياسي يعزز تقاليد الانفتاح والتشارك بين المولاة والمعارضة، تتمثل الخطوة الثانية في إعادة الحياة للمؤسسات والوزارات ومنحها الصلاحيات المطلوبة.

كما أنه في إطار التصدي للتناقضات الناجمة عن تقصير الدولة في القيام بمهامها تحقق أيضا خلال هذه السنة الأولى إنجازات في مجال تحقيق العدالة والمواطنة المتساوية، ومحاربة الآثار الاقتصادية للغبن والتهميش، بإنشاء مندوبية حكومية هدفها العمل على تجفيف منابع هذا الإقصاء والتفاوت الاجتماعي، ولعل الرسالة المراد تمريرها من خلال لجنة التحقيق البرلمانية فزيادة على تفعيل الدول الرقابي للبرلمان هو أن الفساد لم يعد مقبولا.

ويبقى على الدولة مواجهة التحديات الإقليمية المحيطة بها بقدر كبير المرونة والحنكة نظرا لحساسيتها وتأثيرها على الأوضاع الداخلية في البلد، كما أن على النخب السياسية فتح النقاش حول طبيعة العلاقة مع الجيش، فكما أنه يوجد ثلاثة أنواع من الجيوش:

  • الجيش الاحترافي؛
  • جيش الأمة؛
  • الجيش الشعبي؛

توجد ثلاث نظريات للتعامل مع الجيش هي:

  • نظرية الفصل التام؛
  • نظرية التنافس والتصارع؛
  • نظرية التعاون والتكامل.

المفاضلة بين هذه النظريات والأخذ بأي منها يتطلب حوارا بين جميع القوى والاتفاق على الأسلوب الأنجع للأخذ به.

 

مداخلة الأستاذ الدكتور ديدي ولد السالك

توجد موريتانيا اليوم في وضعية حرجة؛ لوجودها في المنطقة الفاصلة بين الدولة الهشة والدولة الفاشلة وإن كانت اقتربت كثيرا من مرحلة الدولة الفاشلة؛ وذلك للأسباب التالية:

١ – إنتشار الفساد البنيوي المعمم الذي يخترق الدولة أفقيا وعموديا؟؛ وجعل كل أجهزتها في حالة إنهيار شامل.

٢ – تصاعد الخطاب الشرائحي التحريضي الذي مزق النسيج الاجتماعي؛ وهذا الخطاب يتغذى على التهميش والغبن والحرمان.

٣-  موقع موريتانيا بوصفها بوابة منطقة الساحل والصحراء؛ على أوروبا؛ ومعروف أن كل دول هذه المنطقة من العالم؛ إما أنها دول هشة أو دول فاشلة؛ مما جعل المنطقة تتحول إلى عاصمة اقتصاد الجريمة المنظمة.

٤-  تراجع الدور الفرنسي في العالم وفشل سياستها في المنطقة؛ وهي الدولة التي كانت تضمن وجود واستمرار الدولة الموريتانية.

أما حصيلة سنة من حكم الرئيس ولد الغزواني؛ فيمكن تلخيصها في كلمتين:

١-  تهدئة واضحة  للحياة السياسية.

٢-  ارتباك وتردد في إدارة ملفات الدولة.

المطلوب:

أولا: حوار سياسي شامل؛ يؤدي إلى التوافق على الثوابت والمرجعيات الوطنية.

ثانيا: إصلاحات سياسية ودستورية عميقة؛ تضمن:

١-  إقامة دولة القانون؛

٢ – فصل حقيقي للسلطات؛

٣-  تحديد دور الجيش في إدارة الدولة.

ثالثا: إقامة حكامة شاملة ترتكز على:

١-  إعادة هيكلة أجهزة الدولة؛ وتحويل الإدارة العمومية من إدارة مسار وظيفي إلى إدارة كفاءة.

٢-  إعادة الاهتمام بتسيير الموارد البشرية عبر إعادة الاعتبار للنزاهة والكفاءة؛ مع تحسين أوضاعها ماديا ومعنويا.

٣-  محاربة جدية للفساد والمفسدين؛ تضمن اقتلاعه من جذوره.

رابعا: تأسيس مجلس وطني علمي متعدد الاختصاصات؛ يضع نموذجا تنمويا لموريتانيا.

خامسا: وضع إستراتيجية وطنية للتنمية تخلق ديناميكية تنموية تثمن الثروات الوطنية وتضمن الاستفادة القصوى منها .

سادسا: إقامة بنية مؤسسية تضمن متابعة وتقييم السياسات العمومية.

سابعا: تأسيس هيئة لمحاربة الفساد واسترجاع أموال الشعب الموريتاني.

ثامنا: تركيز سياسات الحكومة في المدى المنظور على اقتصاد الحياة:

التعليم والبحث العلم؛ الصحة؛ الزراعة؛ المياه؛ الكهرباء؛ اقتصاد المعرفة؛ والبيئة.

 

مداخلة الأستاذ الشيخ أحمد ولد الزحاف

لا يمكن الحديث عن حصيلة دون تحديد المرتكزات والرجوع إلى الوراء وإلى الوضع الذي كان قائما غداة تولي الرئيس الحالي مقاليد الأمور في البلد. لقد امتازت الفترة السابقة بنوع من الاستقطاب الحدي والتجاذب الذي كان باديا للجميع ولم يكن الوضع سويا، فالمهتمون بالشأن العام في حالة قطيعة لا يتحاورون ولا شيء يجمعهم وكانت العلاقة بين الموالاة والمعارضة تتسم بالازدراء المتبادل وعموما كان الفساد هو الطابع الغالب على النظام السابق فسادت حالة من انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين صاحبها انعدام للثقة كذلك بين الشرائح والمكونات الوطنية وأصبحت الشعارات الشرائحية والفئوية هي أسرع طريق إلى الشهرة والنجومية وبعد انتخاب الرئيس محمد ولد الغزواني تغيرت الأمور وتم الوفاء بالتعهدات السياسية التي تضمنها برنامجه الانتخابي كما ساد جو من التهدئة بين الفرقاء السياسيين، ثمة من يرى أن هذه التهدئة ينبغي أن تتوج بحوار وطني يتم خلاله التوافق على القيام بإصلاحات ديمقراطية وسياسية واقتصادية، وبخصوص الملف الاجتماعي فقد انطلق البرنامج الانتخابي للرئيس غزواني من وعي عميق مؤداه أن المجتمع يعاني العديد من الاختلالات منها ما هو بنيوي كالتراتبية الاجتماعية الموروثة ومخلفات الرق التي تتجلى في الفقر والجهل والإقصاء وتضمن البرنامج الانتخابي للرئيس الحالي تصورات واضحة لمعالجة جذرية لهذه الاختلالات، وبودي أن أنبه هنا إلى أن القضية المتعلقة بالحراطين ليست مشكلة هوية وانتماء وإنما هي مسالة مطالب وحقوق تتمثل في ضرورة القضاء على الحرمان الذي تعاني منه هذه الشريحة في المدن والأرياف وتضمن برنامج السيد الرئيس مقاربات سياسية تهدف إلى معالجة الإقصاء والغبن لدى الحراطين (تآزر وغيرها) وهو ما سيؤدي حتما إلى سحب البساط من تحت المتاجرين بموضوع العبودية كما سيقطع الطريق أمام الخطابات الشرائحية ويضع حدا لها، والمطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تعزيز النهج الإصلاحي وبناء المدرسة الجمهورية التي ستوحد أبناء موريتانيا وتحقق الترقية الاجتماعية المنشودة. إن من المسلم به أن ثمة مكانة اجتماعية جاهزة ومكانة اجتماعية مكتسبة وسعيا إلى تقليص الهوة بين طبقات المجتمع يجب بناء المدرسة الجمهورية والعمل من أجل ولوج كل المكونات الوطنية إلى المقدرات الاقتصادية للبلد. إن واقع الغبن يتجلى في شتى مناحي الحياة، فهو في البنوك وفي أحياء الصفيح وأحزمة الفقر وفي الأحياء الراقية أيضا. يجب تعزيز الوحدة الوطنية وتوفير الشروط الضرورية لحل مشاكل ما يسمى بالإرث الإنساني. لقد قطعنا خطوات مهمة ينبغي أن يتم تعزيزها وتقويم ما تم إنجازه لننطلق من ثم نحو المشاكل العالقة بما فيها موضوع الإرث الإنساني والمبعدين والتعويض للضحايا وأصحاب المظالم الأخرى. وفي الأخير يجب إعداد استراتيجيات وطنية ناجعة من أجل القضاء على الاختلالات التي يعاني منها المجتمع، وفي هذا المضمار أطالب بتطبيق مبدأ التمييز الإيجابي ومن الملح إيجاد حلول جذرية لرواسب الرق ومخلفاته وهنالك من يطالب بجعل الحراطين مكونة خامسة والواقع كما أسفلت أن قضية الحراطين ليست قضية ثقافية وإنما هي مسالة إقصاء واضطهاد اجتماعي ليس إلا.

 

مداخلة الأستاذ الشيخ الخليل النحوي

إن بلدنا الآن يعيش فرصة نادرة لا يجب تضييعها، ولعل الوقت مبكر لحديد قيمة سنة أولى من العمل السياسي، فالمسألة تأتي في إطار تعجيل الحصيلة التي سبق أن عشناها في فترات سابقة من تاريخ البلد، حيث سبق وأن طالبنا من أحد رؤسائنا حصيلة خمسة سنوات في هذه السنة الواحدة.

كانت سنة أمل وهذا شيء جيد وتحويلها إلى عمل يتطلب جهدا من الضروري تجاوز مرحلة التهدئة إلى مرحلة بناء مناخ جديد.

في الأنظمة المماثلة لنظامنا السياسي هناك تطوير تراكمي مهما كان، فلا يمكن أن يكون النظام نسخة من سابقه، هذه هي القاعدة.

باب المساءلة مشروع ليس من أجل التشفي ولا المحاسبة، والتحقيق الجاري اليوم تكمن أهميته في الرسالة التي يوجهها إلى منهم اليوم في السلطة.

نحن بحاجة إلى وعي برهانات دولية وإقليمية ومحلية:

الدولي: بانهيار جدار برلين شكل سقوطه سقوط حاجزا معنويا انهارت تبعا له أنظمة واختفت دول، لكنه شكل نهاية الجغرافيا وليس نهاية للتاريخ، وبروز نظام عولمي عابر للقارات.

يجب أن نعي واقع العالم وندرك أن العلم ما قبل كورونا أو Covid 19 ليس هو ما بعده.

  • الرهان الإقليمي وانتشار الجريمة المنظمة
  • خطورة الثروات على بعض الدول.
  • مسألة الأمن الغذائي.
  • ويأتي الرهان المحلي
  • الرهان التنموي
  • الرهان السياسي الناظم لهذه الرهانات السابقة.
  • ضرورة الحكم الرشيد
  • بناء ثقافة سياسية جديدة.

 

إن مشكلتنا الكبيرة هي في الطبقة المثقفة، التي تحابي الحاكم والنظام القائم، ثقافة التزلف والانتفاع السياسي لا يمكن أن تبنى بها الدول، فنحن من أفسد الحاكم المدني.

لا بد من إعادة بناء الخريطة السياسية والخروج من هذه القطيعة الحدية بين المولاة والمعارضة، ولن يكون ذلك متأتيا إلا من خلال الكثير من الحوارات والتشاور والانفتاح.

 

مداخلة الأستاذ لو كورمو عبدول

بداية أسجل تذمري وانزعاجي من طريقة تنظيم الندوة وانعدام الترجمة، فهي ندوة بيضاء لغتها العربية مما يعنى إقصاء تاما للعديد ممن لا يجدون ذواتهم فيها؛ فعندما دخلت القاعة قلت ربما أنني لست معنيا بها فالحضور لا يعكس الوحدة الوطنية واللغة مثل  ذلك، فلا ترجمة ولا مشاركة من الزنوج هناك فقط ثلاثة أشخاص سمر فقط.

أما في ما يخص الموضوع اعتقد أن الحصيلة تبقى حصيلة متواضعة، فالبعض يتحدث عن بناء الثقة بين المعارضة والنظام، وعن ضرورة تطوير مقاربة سياسية للتعليم والصحة والزراعة، وهى مقاربة طال انتظارها بسبب التغييب بل أنها ظلت خارجة عن دائرة الجدال والنقاش السياسي الدائر بصفة مقصودة. 

انعدام تقاسم المسؤوليات افقد البرلمان دوره  فكان عليه أن يتحمل كامل مسؤولياته التشريعية  إلا أنني انوه هنا بدور اللجنة البرلمانية للتحقيق فهي بادرة تنم عن حسن نية وعن رؤية جديدة استشرافية نأمل أن تكون عند حسن ظننا وأن يستمر في المراقبة والمحاسبة.

أما الكارثة التي لا يمكن أن نتجاوزها فهي معضلة التربية والتعليم، فنحن في وضع لا نحسد عليه يحتاج إلى الكثير من الجدية والصرامة، فواقع التعليم في البلد واقع مزري سواء تعلق الأمر بالمدارس أو بالمدرس أو بالمناهج والمضمون، وهو أمر طبيعي نظرا للوضعية التي يعيشها القطاع منذ أمد بعيد.

فا الدولة أفسدت وجذرت من خلال  النظام التعليمي سياسة تفريقية  أضرت بالوحدة الوطنية،

ثم إن مشكل الوحدة الوطنية صار مطروحا بإلحاح ولا أدل على ذلك من ندوتنا هذه التي توضح بما لا يدع مجالا للشك حدة هذا المشكل، ندوة لا يحضرها سوى ثلاثة زنوج وأريد  أن أسجل هنا أن المسالة مسالة نخبة وليست مسالة شعب، كما أن تعقيدات هذه القضية ستطرح في البلد  بصفة أكثر حدة في العقود القادمة، مما يتطلب الشجاعة لطرح هذا المشكل وهذا التحدي  ومواجهته من خلال إطلاق حوار يضمن تامين استقرار موريتانيا وحمايتها. 

وأخيرا لا يفوتني أن أسجل أن مشكل اللغة الرسمية واللغات الوطنية وإعطائها مكانتها التي تستحق مسالة يجب أن نعطيها حقها ونصيبها من النقاش الموضوعي الجاد، كما أشير إلى ضرورة فتح حوار جاد وصريح حول مشكل الحراطين والرق وأثاره ومخلفاته.

 

مداخلة السيد النائب محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل

مداخلتي ستكون على شكل مجموعة أفكار محددة، تتناول الحصيلة والمطلوب والتوصيات، ولكن قبل ذلك أود الحديث عن لجنة التحقيق البرلمانية التي كثر الحديث عنها من قبل البعض، وأدو إعطاء بعض التوضيحات بخصوصها.

هذه اللجنة البرلمانية ليست وليدة إرادة الحزب الحاكم، بل على العكس من ذلك وقف ضد إنشائها، وأصدر تعليمات واضحة لنوابه لسحب توقيعاتهم لإنشاء اللجنة، وبما أن المسطرة التشريعية لإنشاء لجان التحقيق البرلمانية لا تتيح كبيرة مناورة للنواب، وذلك من خلال تمكين النائب من الاختيار بين دعم المسار أو الوقوف ضده، وبما أن الوقوف ضد إنشاء لجنة التحقيق انتحار سياسي ولا يمكن جحدانه، كان دعم الحزب الحاكم لخيار إنشاء اللجة هو القرار المتخذ، ولكن بشكل غير جدي، يظهر ذلك من خلال الأشخاص المقرحين لعضويتها، والذين لا تتوفر في بعضهم الشروط الأخلاقية للقيام بالتحقيق في الفساد الممارس خلال العشرية السابقة.

وبالعودة إلى الحصيلة، فإن الحدث الأبرز في هذه الفترة تجسد في إخراج الرئيس السابق من المشهد السياسي، بما يحمله بقاؤه فيه من مخاطر متعددة. ولا تفوتني الإشارة إلى المسحة الأخلاقية الكبيرة التي طبعت المشهد السياسي لكنها غير كافية لتحقيق العدالة.

غير أنه على المستوى السياسي اتبع أسلوب تهجين سياسي ممنهج، الهدف منه إبقاء الأغلبية على عاداتها وممارساتها التقليدية. وإلهاء المعارضة بشكل ذكي جدا، ينضاف إلى ذلك تراجعا كبيرا على مستوى ممارسة الحريات والتشريع.

وتبقى الحكامة الرشيدة، المجال الذي لم يطرأ عليه أي شيء لا في الأسلوب حيث  تواصل صفقات التراضي، ولا في النتيجة مع عدم لمس المواطن للخدمة، ولا في الشركاء، فنفس المقاولون ما زالوا يحصدون نفس المكافآت التعاقدية والضريبية والجمركية.

لقد شكل تغيير سن التقاعد ضربة قاضية لفرص تشغيل الشباب، فهذا الإجراء المتخذ من قبل النظام سيؤدي إلى تضييع 4861 فرصة عمل في السنوات الأربع المتبقية من المأمورية.

وعلى الرغم من رفع شعار مكافحة الفساد، والذي أخذ إلى حد الساعة صورتين، الأولى على مستوى محكمة الحسابات، والثاني على مستوى لجنة التحقيق البرلمانية.

ففيما يخص تقارير محكمة الحسابات، فإن الإرادة السياسية سمحت بنشر تلك التقارير، وتمكن الجمهور من الإطلاع على محتوى تلك التقارير وحجم الاختلاسات والمخالفات المرتكبة من قبل بعض مسيري الشأن العام، وكذلك حجم أموال هذا الشعب في ظل نظام سياسي كان يفاخر بمحاربة الفساد والمفسدين.

ويبقى مصير تلك التقارير والخطوات اللازم اتخاذها من اجل المحاسبة واسترجاع الأموال المنهوبة، هو الذي سيتم من خلاله الحكم على جدية النظام السياسي القائم في مسعاه لمكافحة الفساد.

أما على مستوى لجنة التحقيق البرلمانية، فإنني استطيع أن أجزم أن النظام السياسي لم تتجه إرادته لتشكيل لجنة التحقيق، وأن كل ما في الأمر هو أنه كانت توجد مبادرة لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في العشرية الماضية، وقد تذبذب الموقف السياسي للحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، بين الرفض والقبول والتحفظ، وقد عبر عن ذلك طبيعة مشاركة الحزب في اللجنة، والتي سوف يعمل جاهدا في مرحلة لاحقة على استغلالها من اجل إعطاء صورة عن جدية النظام في المحاسبة ومكافحة الفساد، لكن النتيجة كانت تكرار خرق القانون بخصوص اختصاص اللجنة ومسطرة عملها. 

وبتعدد الإخفاقات الملاحظة على مستوى الحصيلة يتعدد المطلوب من النظام في الفترة المتبقية من مأموريته.

نتطلع إلى تغيير دستوري يسمح بمقاضاة الرئيس عن جميع أفعاله فور انتهاء مأموريته، وذلك للخروج من الحصانة الدستورية المطلقة، وكذلك تعديل المواد: 67-69 من القانون الجنائي لتشمل مقتضيات الخيانة العظمى المرتبطة بالرئاسة، وإظهار جدية أكبر في محاربة الفساد.

وعلينا في المقابل العمل على حماية المكتسبات الديمقراطية التي تحققت في البلد حتى الآن، من خلال إيجاد بنية مؤسساتية تطلع بدورها الإشرافي على العملية الانتخابية وكذلك توفير الضمانات لشفافية العملية الديمقراطية، واستطيع أن أأكد أن هناك محاولات متقدمة للتراجع عن مستوى النسبية المطبق الآن في الانتخابات، وسوف يكون لهذا الإجراء في حالة ما تم الأخذ به، آثار وخيمة منها عودة البرلمان ذي الوجه الواحد، وسيسمح بهيمنة القوى التقليدية وأصحاب النفوذ على العملية الانتخابية.

ومن المطالب الملحة والتي لا تقبل التأجيل هي الإسراع في معالجة آثار الاسترقاق، وترميم فوارق الوحدة الوطنية المتعددة، ومراجعة النظام التربوي، وستبقى سيادتنا ناقصة مع اعتمادنا على الواردات الغذائية، لهذا أدعوا إلى اتخاذ سياسة تمكن من تحقيق اكتفاء ذاتي في المجال الزراعي.

وفي الختام ينتابني بعض التخوفات من أن تقوم النخبة السياسية بإفساد النوايا الحسنة لدى الرئيس الحالي (إذ لم نشهد حتى الآن سوى النوايا) وذلك بالقدرة على المسايرة، ونجاحها في ربط مستقبل البلد بشخص الرئيس.

الاعتماد على الطبقة السياسية التي حكم بها معاوية واعل وسيدي وعزيز، والتي هي مستعدة أيضا الآن ليحكم بها غزواني؟ هو أمر غير واقعي في هذا الفترة! لما فيه من تغييب الجيل الجديد الشاب، لهذا ندعو إلى إبعاد الطبقة السياسية السابقة عن المسؤوليات الإدارية والسياسية.

ومن  المقلق دائما ما نلاحظه من عدم الجدية في محاربة الفساد، والمساعي الهادفة إلى التراجع عن تعزيز الديمقراطية من خلال التراجع عن النظام النسبي، واستمرار أو مواصلة الدور العسكري السياسي، الذي يظهر قادة المؤسسة العسكرية وهم يزاحمون المدنيين في المبادرات السياسية الداعمة للنظام، كما أ، مواصلة نفس المعايير لاختيارات أطقم العمل والأشخاص ليس بالمؤشر الجيد على خلق قطيعة مع الممارسات السابقة.

ومن هنا أوصي  بالعمل على فترة انتقالية تمكن نظام محمد ولد الشيخ الغزواني من تحقيق  انتقال من الحكم الديمقراطي العسكري  إلى الحكم المدني الديمقراطي التام ؟ وسيكون ذلك مكسبا كبيرا!.

ولعل الآلية أو المدخل الواقعي لتحقيق ذلك يكمن في حوار شامل جدي لا يذكر فيه اسم الرئيس الملهم المنقذ … وإنما الوطن بكل قدسيته.

 

مداخلة الدكتور محمد سيدي أحمد فال /بوياتي

من المهم الإشارة بداية إلى تأثر موريتانيا بجوارها الإقليمي ووضعها المحلي، فاليوم نسعى إلى موريتانيا الممكنة المتصالحة مع ذاتها ومع تاريخها.

أما بخصوص الحصيلة، فهو عام نتمنى أن يغاث فيه الناس ويعصرون…. عام نصفه بداية التأسيس والنصف الآخر جائحة كورونا …… تميز بانفتاح سياسي ديمقراطي ويحمل رسائل متعددة منها المصالحة مع الذات الوطنية من خلال اللقاءات مع الفاعلين، وكذلك التفاف بعض الطيف السياسي المعارض حول رئيس الجمهورية، وهو ما يعطى انطباعا حسنا عن نية صادقة لانفتاح سياسي …وكذلك مشاركة الطبقة السياسية في تسيير الأزمات من خلال لجنة الأحزاب السياسية الخاصة بأزمة كوفيد19 … انفتاح على المستوى الدبلوماسي من خلال الزيارات وتنظيم قمة دول الساحل في ظرف زمني شكل تحدي استطاعت موريتانيا كسب رهانه.

ولا ننسى الأمن الذي ساد خلال هذه الفترة، والذي كان نتيجة جهود كبيرة قيم بها من أجل تأمين الاستقرار على مستوى الحدود الشرقية، التي تعتبر البوابة الرخوة لمنطقة الساحل المتوترة أصلا.

الديمقراطية لم تكن في هذا البلد وليدة مطالب، فكما أن الانجازات الاجتماعية تحدث بشكل تراكمي، فإن مفهوم الدولة لم يتجذر بعد في المجتمع، وبالتالي فان التفكير في بناء الدولة يحتاج وجود قائد  يتمتع برؤية ويملك الإرادة لبلورة تلك الرؤية إلى واقع.

 

 مداخلة الأستاذ محمد يحظيه ولد أبريد الليل

يحضرني الآن في هذا المقام، غياب شخصية وطنية بارزة، تغيب عنا بسبب المرض وطلب العلاج في الخارج، ويتعلق الأمر بالأستاذ محمد المصطفى ولد بدر الدين، الذي لا يمكن أن ننساه، لكونه ضحى كثيرا من أجل هذا البلد.. وثمة شخصية أخرى لا تقل شأنا تغيب عنا للسبب ذاته ألا وهي الشاعر الكبير أحمدو ولد عبد القادر، الذي سخر شعره ونثره وفكره على مدى عقود لقضايا الوطن.. مثل هؤلاء الرجال لا يمكن نسيانهم.

أما بخصوص موضوع الحصيلة، الحصيلة منها ما هو اقتصادي بحت يعبر عنه بالكم وبلغة الأرقام والإنجازات الملموسة وليس بمقدوري الحديث عنه أما الحصيلة السياسية فأمرها أسهل لأنها ببساطة تتعلق بسقف زمني قصير وقد تعودنا على الحديث عنها بسهولة ودون ضوابط. إن مهمة السياسيين هي قراءة الأحداث غير الواضحة وليس من الصعب قراءة فترة محدودة ما حدث خلالها كان واضحا وجليا، إن شبه الإجماع الوطني الذي حصل مؤخرا كان مهما وبغض النظر عن الحالات المرضية في ديمقراطيتنا فقد حصل شبه إجماع بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة وهو أمر بالغ الأهمية فثمة أشخاص صوتوا ضد الرئيس الحالي ودعموه بعد ذلك ومن الضروري استنطاق هذه الحالة أو قل هذه الظاهرة والوقوف على كنهها وبالنسبة لي لا أجد لها تفسيرا سوى أنها حالة رهان على شخص الرئيس محمد ولد الغزواني وثقة في قدرته على تحقيق مطالبنا، وعلى كل هذه ظاهرة غير طبيعية ونادرا ما تحدث ويمكن من وجه آخر تفسيرها على أنها انعكاس لما يدور في أذهان الموريتانيين وبغض النظر عن كون حالة الإجماع الشعبي هذه مرضية ومقبولة ديمقراطيا فما يهمنا هو حصول هكذا إجماع لأننا ببساطة نريد أن نطمئن على أنفسنا وعلى من هم أضعف منا، والأكيد أن حالة الإجماع مصدرها كما يبدو لي هو لين جانب الرجل وأخلاقه الكريمة، هناك مسألة بالغة الأهمية يمكن أن نسميها إنجازا لا ريب أنه عالق بأذهان الناس رغم أنها أي المسألة قد عزبت عن بال المتحدثين في الندوة، وهي متصلة بالمسحة الأخلاقية للرئيس، فنحن لم تتسرب إلينا منذ عام تقريبا معلومات من الرئاسة تفيد أن شخصا تم النيل من عرضه أو تعرض للسب والشتم لأتفه الأسباب، وهذه هي الأخرى مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لهذا المجتمع. يبدو لي أن بمقدور الاقتصاديين إجراء مقارنة بين هذه السنة والسنة الفارطة للوقوف على ما سحب من المال العام بغير وجه حق والأمر على كل حال يتطلب الحصول على معلومات وسندات وبيانات رسمية ونحن تواقون لمعرفة نتائج هذه المقارنة بغية إدراجها في الحصيلة..

 أيضا ينبغي أن نقول وبلسان فصيح لماذا الشعب راهن على الرئيس محمد ولد الغزواني؟ حالة الإجماع الشعبي قد تظهر في بعض المراحل والمحطات التاريخية عندما تتحقق مطالب جوهرية تصب في صميم مصالح الشعب، فالرئيس المختار ولد داداه عندما مر بأزمات خانقة بحث عن ما يراه مطلبا جماهيريا ملحا فأعلن عن تأميم شركة ميفرما فتغيرت الأمور رأسا على عقب ولقي قراره القبول والتأييد من طرف جميع الموريتانيين بمن فيهم خصومه الألداء ومعارضوه لأنه عبر عن إرادة المواطنين وحتى الرئيس معاوية ولد الطائع عندما مر هو الآخر بأزمة عام 1990 وقد تكون أزمته أشد وأخطر من حالة المختار بحث عن تحقيق ما يدور في أذهان الناس وأعلن فجأة عن تبني الديمقراطية، صحيح أن مطلب الديمقراطية لم يكن يومها يعبر عنه محليا بشكل كاف ولم تعرف الساحة تضحيات ونضالات للمطالبة بها والمهم أن معاوية بإعلانه عن الديمقراطية لقي قراره هو الآخر تأييدا منقطع النظير، إذن كان المطلب الرئيسي في تلك المرحلة هو الديمقراطية وعليه فإننا الآن نريد معرفة المطلب الرئيسي لدى الناس وبالنسبة لي فما تطرق إليه الجميع ولم يعد مبهما وأعتقد أنه مطلب شعبي ملح هو التغيير الشامل ومن التغيير محاسبة الفاسدين والبحث عن النزهاء والطيبين والمخلصين للوطن ووضعهم في مراكز صنع القرار وفي المناصب المناسبة وهذه مطالب مستعجلة يمليها الواقع ورغبة الناس في التغيير. أما المطلوب في المستقبل فيبدو أكثر تعقيدا لأنه يرتبط بالتركة التي خلفها النظام السابق ويرتبط كذلك بالواقع المريض وإكراهاته.

 وعلى كل فثمة مطالب مستعجلة ومطالب يمكن أن تتحقق على المدى البعيد وهي علاج الأوضاع العامة في حين أن المطلوب آنيا وبصورة ملحة هو تغيير أوضاع البلاد وخلق حالة من التوحد والانسجام بين السلطة والمواطنين. إن المطلب الجوهري للناس يكمن في التغيير فهو الذي سيمدنا بالوقود اللازم للانطلاق الفعلي ويعطينا قوة الدفع المناسبة من أجل النظر مليا في أوضاع البلاد واختلالاتها، وأعتقد أن من أمراض هذا البلد قصر النفس وكون معظم المشاريع تنجز في آجال قصيرة، لقد جرت العادة أن نخطط لمشاريع على مدى عام واحد وذلك أمر بالغ الضرر، على مدى تاريخنا لم ننفذ مشروعا وطنيا يمتد على مدى طويل فطريق الأمل موله الخليجيون وتولت شركة مندز تنفيذه فهو إذن لا يحسب للرئيس المختار. أما ميناء الصداقة فقد نفذته الصين على حسابها والمطلوب خلق مشاريع مفيدة نقررها نحن ونقوم بتنفيذها تمتد على آجال طويلة ولا ترتبط بتغيير نظام معين ولا يتوقف إنجازها بسبب ذلك، عندما وقع انقلاب 10 يوليو 1978 لم يكن قد أنجز من طريق الأمل سوى نصفها لكن الحكام الجدد كانوا أكثر حماسا لإكمال الطريق. التغيير المنشود ليس بالأمر الهين لأنه يتعلق بعلاج أوضاعنا ومشاكلنا المستعصية التي هي نتاج عدة عقود اتسمت السياسات خلالها بالتخبط والارتجال. إن الإنجازات المهمة ستظل محفورة في ذاكرة الأمم والشعوب ولن تندثر وتتلاشى بل ستبقى حية وحاضرة في الأذهان، علينا بل ومن حقنا أن نطمح لتحقيق مشاريع استراتيجية طويلة الأمد، إن تركة عقود من السلبيات آثارها لا تنمحي بسهولة فهي نتاج مئات القرارات الفردية الخاطئة التي اتخذت غالبا دون تشاور أو نقاش ومن الأمثلة على تلك القرارات فرض اللغة العربية عام 1965 في نظامنا التعليمي لأن المطلوب يومها رفع الحظر عنها والتمكين لها على أرضها لتتبوأ مكانتها اللائقة. في عصر الانحطاط وتحديدا في القرنين السابع عشر والثامن عشر اجتاحت اللغة العربية ربوع أفريقيا جنوب الصحراء دون أن تكون وراء ذلك المد والانتشار إرادة دولة مركزية، عندما أراد الفرنسيون دخول دولة موسي (وهي ليست مسلمة)، قبل اجتياحها واحتلالها عسكريا عمدوا إلى وضع أسس اتفاقية معها تحدد مجالات التعاون فكان ردهم بالقبول بيد أنهم اشترطوا أن تكون نسختهم من الاتفاقية باللغة العربية فقبل الفرنسيون ذلك العرض. في المقابل قرار إصلاح التعليم الذي صدر عام 1999 ضار وكان خاطئا بالمرة إذ ينص على أن اللغة العربية لا تدرس بها المواد العلمية، هذا القرار خاطئ وليس له أي وجه حق إذ لا يحق للرئيس ولا لغيره إصدار هكذا قرارات. القرارات التي من شأنها أن تغير الوجه الحضاري لبلد تحتاج إلى استفتاء شعبي لأنها أكبر  من الأشخاص، مثلها موضوع التعايش بين القوميات العرقية الذي كثر الحديث عنه فذلك هو الآخر لا يحق لرئيس البت فيه، فتلك قضايا أكبر من أن يعهد لرئيس بالحسم فيها لأنها أكبر من أن يقرر فيها الأشخاص..

ما هي الطريقة المثلى لمعالجة موضوع التعايش القومي؟ لا أدري على وجه الدقة ولكن ينبغي أن يرتكز أي تصور للحل على الحوار والنقاش بين الأطراف المعنية وقد يلجأ في مثل هذه الأمور إلى الاستفتاء ولا أرى أن البرلمان هو الجهة المناسبة لحسم ذلك لأن برلماننا قد اتخذ في الماضي قرارات خاطئة منها قرار 1964 الذي يحظر قيام أي حزب في البلاد غير حزب الشعب وعلى كل فإن الأنظمة المتعاقبة كانت تمنع على المواطنين الخوض في موضوع المكونات العرقية وإذن فمسألة التعايش لا تحل بالتوافق بين أطراف معينة بل لابد من أن تكون صيغة الحل نهائية وحاسمة ومرضية بالنسبة لكل الأطراف ولكن النقاش والحوار هو الذي سيبين الأسئلة التي ستطرح على الاستفتاء وهي على كل حال مسألة مستعصية لا بد أن نفكر في وضع حلول لها. وبالعودة إلى ما هو مطلوب فأنا أرى أن لا أمل في إصلاح التعليم في ظل السياسات والتوجهات الراهنة لأن المجتمع والإدارة هما اللذان أفسداه وبما أن الفساد متجذر في المجتمع فإن الإدارة فسدت بفساد المجتمع ولأن فساد الإدارة سببه فساده المجتمع فلا يتصور إصلاحها هي الأخرى، وعليه فإن العلاج مرتبط بالحاضنة الكبيرة التي هي المجتمع. كل الأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد منذ الاستقلال كانت لديها قناعة بأن منافسها الرئيسي هو المجتمع بل وعدوها فعمدت إلى تحطيمه والقضاء عليه وكلما برز قادة في المجتمع تقوم الأنظمة بالقضاء عليهم، في حين أن الدولة لا تستقيم دون مجتمع والعكس هو الصحيح فقد يوجد مجتمع بلا دولة وحدث ذلك في هذه البلاد طيلة قرون..

 كل رؤساء موريتانيا سعوا إلى خلق طبقة سياسية جديدة لكن مساعيهم باءت بالفشل لأن الطبقة السياسية لا يمكن خلقها بل هي بالضرورة من إفرازات المجتمع وعليه فإن مصدر ضعف الدولة هو سياسيتها الهادفة إلى إضعاف المجتمع، كيف السبيل إلى تقوية الدولة؟ ذلك لا يتأتى إلا بتقوية المجتمع لأن الدولة أداة لخدمة المجتمع وليست غاية في حد ذاتها، ونتيجة للتوجهات الخاطئة توقف كل شيء وآلت الأوضاع إلى ما هي عليه، لا أمل في إصلاح الدولة بمعزل عن المجتمع الصالح وعليه فإن التغيير الشامل بات مطلبا ملحا. الثورة الثقافية البروليتارية العظمى في الصين التي أطلقها القائد ماو تسي تونغ، دفعه إلى إحداثها ما وصل إليه الاتحاد السوفيتي الذي تأثر بغياب لينين واتروتسكي، حيث أصبح الاعتماد على المنطق وطبعا قواعد المنطق في غاية الأهمية لكن تطبيقها في نهج الدول وسياساتها أمر بالغ الخطورة وهذا يدركه المختصون في الفكر السياسي. الاتحاد السوفيتي قرر الاعتماد على الإنتاج الذهني والعلوم التجريدية واعتبر أن قمة الإنتاج الذهني للبشر هي العلوم الصلبة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء  والعلوم الطبيعية، وبذلك قطعوا الطريق أمام أي تفكير آخر وعندما أدرك ماو تسي تونغ، ذلك قرر إنقاذ بلاده من الهاوية التي سقط فيها الاتحاد السوفيتي فأقر الثورة الثقافية التي استمرت سبع سنوات، فإذن تغيير الأوضاع وعلاجها بأسلوب جذري لا يتأتى إلا من خلال تفكير عميق وسياسات جادة تروم الإصلاح والتغيير..

 وفي رأيي، ثمة أمور تم التخلي عنها يجب الرجوع إليها، فمثلا الهجرة من المدن الداخلية يجب وضع حد لها وينبغي العودة إلى الريف والمدن الداخلية لأن العاصمة ليس فيها إنتاج والبقاء فيها لا معنى له ولا مبرر له. المسألة الأخرى هي الرجوع إلى العمل اليدوي، لقد تم التخلي عن العمل اليدوي منذ الاستقلال والعزوف عن العمل اليدوي غير مفيد ولا يخدم البلد ولا يمكن العودة إلى العمل اليدوي والدفع به إلى الأمام إلا إذا تم إغلاق المدارس لعدة سنوات لأن اليد العاملة التي ستمارس العمل اليدوي هي من فئة الشباب والتلاميذ، ليس المهم ما سينجزونه لو تمكنوا مثلا من إنجاز طريق في الجبال الوعرة بين تجكجة وتامشكط بأيديهم فهذا بالغ الأهمية ولكن ليس هذا هو الأساس وإذا ما جلبوا المياه من اللكات باتجاه تمسميت، فذلك أيضا في غاية الأهمية ولكن الهدف هو تلافي الوضع الذي يعيشه الشباب والتلاميذ والسعي لإصلاحه. ما يقع الآن هو نوع من الانفصام في الشخصية بالغ الخطورة والتأثير ويتعين علينا أن نعلم الناس المطالعة ونحملهم على القيام بها، إذ لا يتصور قيام نهضة وتقدم في بلد دون المطالعة، صحيح أن الرئيس معاوية كانت له محاولاته في هذا المسعى ولكنها لم تؤسس بشكل صحيح، المطالعة التي أدعوا إليها هي مطالعة الأدب والفكر والتاريخ والاطلاع على تجارب الأمم والشعوب التي حققت نهضة ونجاحا غير مسيرتها وهي عكس ما ذهب إليه معاوية الذي أغرق المكتبات بكتب الطبخ وما إليه، مثل هذه الأفكار قد ينظر إلى صاحبها بأنه قادم من المريخ ويعيش خارج إطار التاريخ لأنه ببساطة يصعب حمل الناس اليوم على المطالعة والقراءة الدائمة والرجوع إلى العمل اليدوي، إذا كان من سبيل آخر يمكن اعتماده لإصلاح المجتمع فهذا جيد أما أنا فقد أعياني وجوده. أعود إلى ثورة ماو، الذي قرر إغلاق المدارس لمدة سبع سنوات وأبقى على التعليم البدائي وحده وعليكم أن تنظروا الآن هل الصين تعاني من التخلف أو لديها ثغرات في إعداد وتكوين كوادرها، سبع سنوات والتعليم في الصين معطل ومع ذلك لم توجد أي ثغرة في تلك الدولة ولا في مسيرتها.

 أنا زرت الصين في أوج ثورتها الثقافية، ونظموا لي زيارة لإحدى المدارس وفي يوم عمل سألتهم أين التلاميذ؟ قالوا لي إنهم بسبب الثورة يوجدون في مؤسسات أخرى أما الأساتذة فإنهم تم إرسالهم إلى الريف ليتعلموا من الفلاحين وقال لي مرافقي إن الأساتذة أذهانهم ملوثة وبحاجة إلى صقلها أما التلاميذ فهم أرضية خصبة ومناسبة لتحقيق أهداف الثورة الثقافية، وعلى كل فعندما نعجز عن وجود علاج لأمراض مجتمعنا – وهو طبعا لا يتأتى بالوعظ ولا بافتتاحيات الإذاعة – فإن علاج المجتمع وإصلاحه يتطلبان كثيرا من الجدية والصرامة وربما تطلب الأمر تأسيس هيئة تتسم بصرامة المؤسسات العسكرية تحمل الناس والشباب بوجه خاص على قضاء فترة معينة في العمل التطوعي المفروض والخدمة العامة لأن الناس هنا لا يعول كثيرا على التطوع عندهم وفي ظل حالة التداعي والتدهور العام لابد من التفكير مليا في إصلاح أوضاع البلاد والعباد، والأكيد أن الإصلاح المطلوب لا يتحقق ببناء المزيد من الأسواق والمحلات التجارية كما لا يتحقق بالمزيد من الاكتتاب في الوظائف للحد من البطالة، المطلوب هو علاج المجتمع لأن المجتمع في مرحلة متقدمة من المرض، كان ينبغي الشروع في وضع أسس العلاج هذا عام 2005 أيام كانت الظروف مواتية والأوضاع في محل تدارك والمرض لما يتفاقم بعد، ما جرى بعد ذلك لم يعد يخضع لنسق ولا قواعد مضبوطة، هذه مجرد خواطر وملاحظات أردت إبداءها عندما أعطيت لي فرصة الكلام.

 

مداخلة الأستاذ داؤود أحمد عيشه

أنوه بجو التهدئة السياسية وإضفاء الأخلاق على المشهد السياسي الذي تولد عنه اطمئنان من الطيف السياسي وأمل كبير في التغيير، إذا فقده الموريتانيون لن تقوم لهم قائمة، ان أهم ما ميز هذه السنة من عمر النظام هو الانسلاخ الايجابي من النظام السابق وتشكيل لجنة التحقيق البرلمانية وأهمية دورها في تعزيز مهمة المحاسبة والمساءلة وأعتقد أنها ستكون سنة حسنة في المستقبل .

والمطلوب بالنسبة لي  يحتاج إلى دراسات وندوات ، لكن يمكن تلخيصه في الأمور التالية :

– الهوية باعتبارها من الأولويات الوطنية ومصدر قوة المجتمع وانسجامه، ضرورة ترسيم اللغة العربية

– أهمية الحوار من أجل مناقشة كل القضايا الوطنية الملحة والخروج بتوصيات  تكون محل إجماع وطني.

 

مداخلة الأستاذ التيجاني محمد كريم

أتقدم بمقترح بعث وفود إلى ثلاث دول هي (رواندا ، كوبا ، سنغافورا ) لاستفادة من تجاربها في مجال التعليم والصحة،  والحكامة الرشيدة ، كما اقترح تشكيل لجان للأحياء ستمكن في المستقبل  من التنسيق بين سكان الحي والإدارة وأي متدخل أخر في مجال التنمية .

وأعتبر أننا بحاجة إلى تكوين الموارد البشرية ، وأطالب  بالعمل على تغيير عقليات المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية ودولة المواطنة وأعتبر أن “الحراطين” جزء من المكون العربي .

وأعتبر أن التوعية والتحسيس هما المدخلان المناسبان لتغيير المجتمع ، وذكر وفي هذا الإطار أعددت مجموعة من الكتب من بينها :

  • دليل الناشط السياسي والاجتماعي
  • دليل السياقة في المدينة
  • دليل الأسرة.

مداخلة السيدة النائب كاديجاتا مالك ديالو

بادئ ذي بدء، أتقدم بالشكر الجزيل إلى السيد محمد يحظيه ولد أبريد الليل، الذي قدم الشكر للسيد الرئيس على التكفل بعلاج الأخ المناضل المصطفى ولد بدر الدين، الذي سأبلغه تحياتكم وتمنياتكم له بالشفاء، وبالمناسبة فصحته في تحسن ولله الحمد.

إن ما قاله السيد لو كورمو عبدول هذا الصباح واضح ولا غبار عليه وتعرفونه بأنفسكم. ولست في حاجة إلى الرجوع إليه، فمسألة الهوية أو الوحدة الوطنية صارت في مهب الريح، إن كان لنا الحق في استخدام هذه الكلمة.

لقد بات من الضروري المصارحة لأن ما نعيشه اليوم لا يطمأن على مستقبل البلاد، فواقعنا اليوم يبين أننا لم نعد مجموعة واحدة بل تفرقنا، ولم تعد تربطنا علاقات فالشرخ اتسع كثيرا. فأنا قادمة للتو من حفل تدشين شارع الشيخ الفقيه المرحوم مؤسس مدارس الفلاح الحاج عبد الله محمود با، حيث إن الحضور في مجمله من العنصر الأسمر ومن مكونة الزنوج، في المقابل السلطات الإدارية والمحلية من مكونة أخرى، والأدهى من هذا أن الحضور يجلسون في العراء وتحت أشعة الشمس الحارقة في وضع أقرب إلى كونهم لاجئون، وربما انعكست الآية لو كنا في حدث مشابه في منطقة مختلفة.

عند دخولي هذه القاعة وجدت أن الحضور كلهم من البيض لا يتكلمون سوى اللغة العربية، وهو ما يؤكد أنه لم تعد هناك قواسم مشتركة بل هناك قطيعة تامة حيث لا وجود للوحدة الوطنية ولا للعيش المشترك، وحتى إن رجعنا إلى بعد النوع والتمثيل النسائي فالقاعة مذكرة بالأساس مما جعلني أفكر كثيرا قبل الدخول إليها.

وفيما يتعلق بموضوع الندوة وهو الحصيلة، فإن الحديث عنها يسبقه الحديث عن ما ننتظره، كان على الرئيس الجديد أن يعرف وضعية البلد ويشخص حالته وهو ما لم يتم القيام به.

تدركون جميعكم أن عزيز والغزوانى هما أخوين حل الأخير محل الأول، وقد كنا قد عرفناهما عسكريان صديقان، يشتركان في كونهما وصلا إلى الحكم عن طريق الانقلابات منذ  سنة 2005، وهما يقومان بتبادل الأدوار احدهما كان رئيس الجمهورية والآخر رئيس الأركان.

واليوم، فإن استحضار هذه الحقيقة مسالة أساسية، و بدونها تظل الأمور ضبابية، فالنزعة العامة تتجه إلى الاستمرارية وليس إلى التغيير، وهو ما يتضح من خلال البيان الرئاسي للجيش الذي قرر فيه ترشيح الرئيس الحالي ومنع الآخر من مأمورية ثالثة.

وقد قامت نفس المجموعة المتملقة وبدون حياء أو خجل، والتي كانت بالأمس تنادي باستمرار عزيز، بالدعوة الصريحة إلى دعم ترشيح محمد ولد الغزواني وإلى محاسبة الرئيس السابق محمد ولد عزيز.

لقد عقدت العلاقة المتوترة بين الأخوين المحمدين الرئيس الحالي والرئيس السابق المشهد وطغت عليه، وأضفت عليه الكثير من التوتر والتشكيك، ورغم ذلك أتقدم بملاحظات اعتقد أنها ميزت السنة الماضية وهى:

–          انفتاح سياسي غير مسبوق سمح بانفراج سياسي وانفتاح متوقع؛

–         إنشاء لجنة التحقيق البرلمانية وهو أمر يذكر فيشكر وإن يكن بإيعاز من النظام (السلطة)، فالقانون كان وإلى عهد قريب يعبر عن إرادة السلطة (الرئيس) مثل حل مجلس الشيوخ وانتخاب نواب الخارج.

أما بالنسبة للأزمة السياسية فقد انتشر الخطاب الفئوي وانتشرت النزعات الفئوية والطائفية في الفترة الماضية ولم نجد لحد الساعة مقترحات لحلها، كما أننا لن نجد آليات ووسائل لترقية الغبن والتكفل به، فالوحدة الوطنية ليست من بين أولويات الرئيس الحالي فالتفاوت الطبقي يعمق الشرخ المجتمعي.

ثم إننا اليوم نفتقد لمعارضة جادة فالشعب لا يزال يتبع سلوكيات عفى عليها الزمن، مما يستوجب منا الكثير من تغيير العقليات والمسلكيات حتى السياسية منها.

وقبل أن أختم حديثي أو إثارة مسألة تحدث البعض عنها، وهي مسألة الحراطين التي كثر الحديث عن كونهم  جزء من مكونة البيظان في الوقت الذي بدأنا نلاحظ خطابات من هذه الشريحة ترفض ذلك، وهو ما يدفعني إلى التساؤل هل سيفرض عليهم أن يكونوا  جزء من هذه المكونة رغما عنهم.

أعتقد أن حل مسألة الرق وآثاره معضلة تجب مواجهتها بكل موضوعية وصراحة من خلال التشاور.

 

 

مداخلة البروفسور محمدو ولد أميّن

لا يسعني في البداية إلا أن أشكر المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل على دعوته الكريمة وتمكيني من حضور هذه الندوة المهمة.

كما أنني أجدد الشكر لزميلي الدكتور محمد السالك ولد إبراهيم رئيس هذا المركز على الثقة التي منحني عندما اختارني كبيرا لمقرري الندوة، وطبعا فإن اعتذاري عن هذا التشريف والتكليف عائد بالدرجة الأولى إلى وعكة صحية عابرة أوشكت أن تمنعني حتى من الحضور بصفتي مشاركا عاديا، غير أن إلحاح هذا الأخ الفاضل والزميل العزيز جعلني أصارع المرض وأتحدى تكييف القاعة وتأثيره على صحتي لأشارككم في أشغال هذه الندوة المهمة في وقتها وموضوعها ونوعية المتدخلين فيها.

لم تسمح لي ظروفي الصحية الخاصة بإعداد تدخل ممنهج ومتكامل، وبالتالي فإن مداخلتي ستأخذ شكل خواطر وملاحظات عامة تتعلق أساسا بالتعليم والبحث العلمي والثقافة لأن من تدخلوا قبلي ركزوا على محاور أخرى (الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، الإصلاح الديمقراطي والانتخابات، الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد، الجيش والسياسة، إلخ).وبالطبع، لا يشكك أحد فيما لهذه المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أهمية.واستكمالا لقضايا المسألة التنموية في أبعادها التربوية والعلمية والثقافية، أسوق بعض الملاحظات السريعة غير المرتبة:

بادئ ذي بدء أود أن أدخل الموضوع بالتنبيه على أن الرهان الجوهري في عالمنا اليوم، هو رهان تربوي وثقافي أولا وقبل كل شيء. وقد وعت النمور الآسيوية هذه الحقيقة فأعطت الأولوية لقطاعات التعليم والبحث العلمي والثقافة بصفتها الرافعة الفعلية لأي تنمية جديرة بهذا الاسم فضمنت بذلك تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية ونهضتها العلمية.

إن واقع تعليمنا بمختلف مراحله مأساوي بدرجة لا يصدقها العقل، فالمدرسة الجمهورية التي تغرس في تلامذتها الانتماء إلى الوطن وتجاوز الانتماءات الضيقة من قبلية وجهوية وعرقية وفئوية؛ هذه المدرسة لم تعد موجودة عمليا، فهي مهملة وبناياتها متهالكة، بل إن بعضها تم بيعه بالمزاد العلني رغم أنه يشكل جزءا من ذاكرة الأمة. وهي متروكة لأبناء الفقراء لأن من لديهم إمكانيات (أعضاء الحكومة والنواب والأطر ورجال الأعمال، إلخ) يرسلون أبناءهم للتكوين في المدارس الخصوصية الأجنبية (الفرنسية، التركية، إلخ). ورواتب المعلمين والأساتذة زهيدة إلى حد مخجل. وحتى أساتذة التعليم العالي الذين عرفت مرتباتهم تحسنا خلال السنوات الأخيرة لم تراجع بعد -رغم مختلف الوعود- وضعيةُ تقاعدهم المخجلة للبلد والمهينة لكرامتهم، إذ أنها لا تكفي حتى لتسديد فاتورة الكهرباء والماء الشهرية. وهو ما يقدم إيحاء للأجيال بأن من أوقف عمره على العلم والتحصيل لا محالة تنتهي حياته بشكل بائس.

ومن هنا فإن التعليم والثقافة والبحث العلمي تحتاج إلى تدخل سريع وجدي باعتبارها مجالات حيوية ومدخلا لكل إصلاح وضمانا جوهريا للتنمية الفعلية والاستقرار الحقيقي.

إنني مقتنع اقتناعا راسخا بأن مجهودات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحالية مآلها الفشل ما لم تعط الأولوية للتعليم والبحث العلمي.وهو ما سبق لي أن نبهت عليه فخامة رئيس الجمهورية بمدينة شنقيط أثناء زيارته لجناح وزارة الثقافة خلال مهرجان المدن التاريخية.

أشار بعض المتدخلين إلى تقصير المثقفين في واجباتهم الوطنية، وأعتقد أنه يجب تفادي التعميم وأن من بين مثقفينا المثقف العضوي الملتزم الذي يضطلع بدوره وبمسؤولياته بأمانة واستقامة وعفة وصدق، والمثقف الانتهازي الذي تتلخص وظيفته في تلميع وجوه الحكام ومسح أحذيتهم. وقد ظل مثقفونا الملتزمون وما زالوا يعربون عن آرائهم بشأن أوضاع البلاد، لكن لا أحد يستمع إليهم. وأرى في القاعة بعض هؤلاء المثقفين العضويين الذين خدموا البلاد بكل إخلاص وتفان،

ورغم أن الوحدة الوطنية هشة والدولة ضعيفة والمجتمع يائس ومستقبل البلاد غامض، فإن هنالك مؤشرات أشار من تحدثوا قبلي إليها تجعل السلطات العمومية قادرة على مواجهة هذه التحديات وإخراج البلاد من النفق.

يتطلب الأمر من بين ما يتطلب مزيدا من العناية بقطاعات التعليم والثقافة والاعتماد على الكفاءات الوطنية النزيهة والمجربة ووضع حد لثقافة التملق والنفاق والتزلف لأن من يمارسونها برهنوا على أنهم غير مقتنعين حتى بالخُطب التي تصدر عنهم.

أجدد الشكر للمركز متمنيا أن تتمكن البلاد من تجاوز الصعوبات والعراقيل الظرفية وأن تنجح في رهان التنمية والتقدم والإزهار

 

مداخلة الأستاذ خالد ولد لبَّات

أتقدم الشكر للمركز ، وبالنسبة لتشخيص الوضع الحالي فانه بالنسبة لي  تميز بسيطرة الجيش على المشهد السياسي وهو ما تسبب في إدخال موريتانيا في مرحلة الصراع السياسي . وأعتبر أن أبرز ما يميز حصيلة هذه السنة هو تهدئة المناخ السياسي، وإنشاء لجنة التحقيق البرلمانية باعتبارها المكسب الأساسي والأمل الوحيد عند الشعب الموريتاني في استرجاع بعض أمواله ومحاسبة الضالعين في الفساد.

ان الدور الحالي للمدرسة  يكرس الطبقية في المجتمع والمدرسة الجمهورية هي الحل ،وأطالب بضرورة تدريس المواد العلمية باللغة العربية .

وأقدم التوصيات التالية:

  • متابعة تنفيذ مشاريع وكالة تآزر حتى تصل إلى مستحقيها ؛
  • ضرورة الاهتمام بالمطالعة وإنشاء مكتبات في الأحياء لتشجيع القراءة؛
  • أهمية خلق أقطاب تنموية محلية.

 

 

مداخلة الأستاذ محمد فال ولد هنضيَّه

أتقدم بالشكر للمركز على تنظيم هذه الندوة وتقييم حصيلة سنة من عمر النظام ، هذه السنة التى كانت الآمال فيها معلقة على برنامج الرئيس محمد الشيخ الغزواني والذي أعتبر أن ما تحقق منه تحقق بوتيرة بطيئة جدا، إن   حجم وخطر المحاصصة يشكل مصدر قلق بالنسبة لي، رغم وجودها منذ نشأة الدولة؛  إلا أنها تطورت من محاصصة القبائل والجهات إلى محاصصة الأسرة. وهذا في نظري يشكل خطرا على وحدة وانسجام المجتمع.  لذا، فإنني أطالب بضرورة التساوي بين المواطنين في التمثيل  في الوظائف السياسية والإدارية واعتماد معاير موضوعية لذلك .

 

وبخصوص قضية العبودية، فاني أعتبر أنها مشكلة ثقافية واجتماعية قبل أن تكون اقتصادية كما يصنفها البعض، و أن التراتبية الموجودة في المجتمع تعمق مشكل الوحدة الوطنية، وهذا ما يشكل التحدي الكبير للانسجام الاجتماعي وهو مصدر عدم اطمئنان لي ولكل الموريتانيين على مستقبل البلاد انطلاقا من وضعها الحالي.

 

مداخلة الأستاذ أممد ولد أحمد

لاشك أن مثل هذه المبادرات بالغة الأهمية لأنها تتيح فرصة للقاء ومناقشة الوضع العام، نحن نريد استمرار هذا التفاؤل واستمرار جو التهدئة والسلم الذي خلقه النظام الجديد وإن من واجبنا الحفاظ على مصالح البلد ومستقبله، وعلى كل فثمة ما يدفعنا إلى الإنجازات والتوجهات المعلنة ومنها طبعا التعاطي مع أزمة كوفيد 19 وجهود مكافحتها فضلا عن ما قيم به لصالح الفقراء والمعوزين ناهيك عن تكفل الدولة بعلاج قادة الرأي وبعد المناضلين الفقراء، فتلك لفتة إنسانية غير مسبوقة تذكر فتشكر، وعموما فنحن ننتظر من النظام إنجازات أخرى تشجعنا على المضي في تأييده فالناس ينتظرون من النظام الجديد إنجازات كثيرة لا تقتصر على ما أشير إليه، يقول إخواننا الولوف: “دسن دسن” ومعناها بقي الكثير. صحيح أن مطالب البلاد والعباد لا يمكن تحقيقها خلال عام ولا بين عشية وضحاها ولكننا نريد أن نعرف على وجه الدقة ما الذي يريده الرئيس وماذا ينوي إنجازه، نحن كسياسيين يهمنا الشأن العام ولا نرى أن خيار المعارضة هدف في حد ذاته لا نريد لوطننا أن تمزقه الفتن والحروب الأهلية كما يحدث في اليمن وليبيا وسوريا، إننا كما أسلفت نريد ما يشجعنا على دعم هذا النظام، نريد إصلاحا وتوجهات جادة تسلك بنا طريق البناء والتقدم فإذا لم تتضح النوايا وتتجسد لدى السلطة إرادة حقيقية لتحقيق التنمية والعدالة والمساواة فلا مبرر لتأييد النظام ولا أمل في التوافق، البلد بحاجة إلى الاستقرار ونبذ الخلافات. ومرة أخرى أدعو إلى تضافر الجهود للمحافظة على هذا الكيان وحمايته من أي خطر يتهدده ويجعل مستقبله في مهب الريح. ينبغي للدولة أن تطبق مبدأ المكافأة والعقوبة وتعتمد في التعيينات على أصحاب الكفاءات، البلد لديه كفاءات ولديه أشخاص معروفون بالنزاهة والاستقامة ينبغي الاستفادة من خبرتهم كما يجب الاستفادة من ثروات البلد وعدم الاعتماد على المساعدات الخارجية التي لا يعول عليها أصلا، لم تعد ثمة مساعدات خارجية لابد من الاعتماد على الثروة الوطنية ولا ينبغي أن تظل أملاك الدولة وثروتها بيد ثلة قليلة تعيث في الأرض فسادا، وكما قال أحدهم: ليس من المقبول إسناد المسؤوليات والمناصب العليا لأشخاص جيء بهم من الشارع وليس لهم ماض معروف ولا يتمتعون بالكفاءة. إذا كانت الحكومة عاجزة عن مواجهة التركة الثقيلة للنظام السابق فينبغي على الأقل أن تتجه إلى الحاضر وما يضمن المستقبل، لابد من محاسبة الفاسدين ومختلسي المال العالم، لقد آن الأوان لتطبيق القانون بكل صرامة وتنفيذ أحكام القضاء ووضع خطط للنهوض بالاقتصاد ومكافحة الفساد. أخيرا نحن نتطلع إلى الإصلاح والتغيير والقلق يساورنا على مستقبل البلاد.

 

 

مداخلة الأستاذ محمد ولد العابد

أنا من جيل الستينيات، دخلت المدرسة الابتدائية عام 1970، والدي كان يعمل مدرسا للغة الفرنسية ومشكل اللغة برأيي ليس هو مصدر الخطر الذي يتهددنا، لقد كنت قبل خمس عشرة سنة عضوا في حكومة انتقالية وأعني الحكومة التي عينها المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية عام 2005 وكنت اعتقد يومها أن المؤسسة العسكرية على وعي تام في تلك الفترة بخطورة الوضع الذي يمر به البلد وحريصة على مستقبله والحفاظ على كيانه ووجوده، وقد أقدمت على إزاحة رأس النظام وأعلنت عن توجهات اعتبرتها كفيلة بتحقيق إصلاحات جوهرية وما عزز قناعتي تلك هو التفاف مختلف مكونات الطيف السياسي حول الأهداف والإصلاحات التي أعلنها المجلس العسكري الحاكم لقد نظمت منتديات عامة وصدرت عنها خارطة طريق حددت الأجندات الانتخابية والتعديلات الدستورية المقترحة، وكان يحدونا الأمل يومها أن عهدا جديدا قد بدأ ووضعت أسس الإصلاح ليتم بصورة تدريجية القضاء على الفوارق والغبن والشعور بالظلم وإقامة دولة المواطنة الحقة وتواصلت مسيرة الإصلاح حتى كانت النكسة عام 2008، وبغض النظر عن العشرية الماضية أو العشرية الضائعة كما سماها البعض وما وصمت به من تجاوزات وفساد طال قطاعات حساسة، فنحن قد دخلنا بالفعل في مرحلة جديدة ولا شك أن عاما واحدا يكفي لإظهار ملامح التوجهات الإصلاحية لدى النظام الجديد. تابعت كغيري خطاب ترشح رئيس الجمهورية والتعهدات التي أعلن عنها فضلا عن الإجراءات التي أعقبت انتخابه، ونحن واعون من أن ثمة إكراهات وتركة ثقيلة يجب التعامل معها ويبدو أن الأولوية كانت منذ البداية لترتيب البيت الداخلي، وعموما فالناس لا ينظرون بعين الرضى إلى الإنجازات التي تحققت ويتطلعون إلى القيام بإجراءات ملموسة وخطوات أخرى أكثر إيجابية، البعض يرى أن عوامل التفجير الكامنة في المجتمع والمخاطر التي تتهددنا باتت ماثلة للعيان، فالسلم الأهلي والسكينة العامة مهددان اليوم أكثر من أي وقت مضى، وبناء عليه فمن حقنا أن نحلم بان يكون العهد الجديد بداية لتأسيس كيان الدولة الموريتانية وإرساء دعائم إصلاح جاد وحقيقي يترجم على مستوى الأفعال ويضمن دولة المواطنة، والحقيقة أننا لا نجد على أرض الواقع ما يجسد مصداقية النوايا المعلنة في الخطاب السياسي الذي أعلن عنه النظام الجديد، لابد من توفر إرادة سياسية جادة ترسي توجهات إصلاحية حقيقية، صحيح أن موارد ومقدرات توفرت خلال المرحلة الانتقالية وما تلاها، حيث ارتفعت أسعار الحديد وتم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على إلغاء المديونية ورغم ذلك تم إثقال كاهل المواطنين بالضرائب والجبايات وكان المفروض أن توجه تلك الموارد التي حصلت عليها الدولة من أجل تحقيق إصلاحات جوهرية وتحسين أوضاع الناس وظروف عيشهم، وأعود لأذكر بأن عاما واحدا يكفي لإظهار النوايا والتوجهات ووضع الأمور على المحك ولكن ينبغي أن يتجلى على الأرض ما يؤكد صدق النوايا وجدية التوجهات المعلنة. وهنا لا أجانب الحقيقة إذا قلت إن الناس في هذه البلاد شابهم الملل وأحسوا بالإحباط واليأس ولم يعودوا يتقبلون ممارسات النظام السابق التي تجلت في أمور كثيرة ليس أقلها تحويل الأملاك العمومية إلى ملكية خصوصية، إن أزمة هذا البلد تتلخص في سوء الحكامة ولا يوجد ما يطمئن على مستقبل البلاد، إن موضوع الحكامة أصبح أساسيا وهو سر استقرار الدول والضامن لمستقبلها، دعونا نتكاتف ونعمل سويا على إنقاذ موريتانيا التي أصبحت على شفا الهاوية وتوشك كما قال أحد الإخوة أن تصنف دولة فاشلة، انظروا من حولكم دول مثل ليبيا ومالي والصومال عصفت بها الأزمات والحروب الأهلية وارى أن تأسيس المدرسة الجمهورية التي يتربى الجميع في كنفها كفيل بتحقيق المستقبل الذي نتوق إليه جميعا، إن أسس الإصلاح لا تتأتى إلا بوضع استراتيجيات واضحة لتطبيق النوايا والتوجهات المعلنة واختيار طواقم إدارية ذات كفاءة عالية يعهد إليها بتنفيذ البرامج والخطط المرسومة، وفي الحكم الصينية القديمة فإن التعفن في السمك يبدأ في الرأس، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، كل البلدان التي تطورت وعرفت تقدما ونهوضا أثبتت النتائج أن قوة الدفع مصدرها الرأس وهرم السلطة ولابد من أن يطمئن الناس على مصادر القرار المفصلية ويثقوا بصورة تامة في القائمين على الشأن العام، لابد من ترجمة النوايا إلى أفعال وإعطاء مصداقية للشعارات والخطاب المعلن، كيف نردد على مرأى ومسمع من الجميع أننا سنحارب الفساد والمفسدين ونقوم بتحويل الاستثمارات العمومية إلا أملاك خصوصية (حدث ذلك منذ العام 2008 واستمر حتى منتصف 2019)، حدثني مسؤول كبير عن صفقات كثيرة مشوبة بالفساد أذكر منها اقتناء طائرة من شركة في جوهانسبورغ بثمن يفوق سعرها الحقيقي عدة مرات، وكل الذين تحدثوا في الماضي عن قضايا الفساد وتحملوا مسؤولية كشف بعض ملفاته كان مصيرهم الإقصاء والعقاب. إن موريتانيا دولة غنية بمواردها وشعبها قليل ومع ذلك فسكانها يعيشون وضعا اقتصاديا واجتماعيا مزريا بسبب النهب وسوء التسيير. إن مشكلتنا وأزمتنا ترجع كلها إلى سوء الحكامة، والحكامة تعني أن يتصرف القائمون على شؤون البلد وفق مبادئ العدل والإنصاف، وانطلاقا من أن الوطن أمانة في أعناقهم ومصالحه فوق كل اعتبار، وتعني الحكامة كذلك أن يتم تسخير موارد الدولة لما ينفع الناس ويمكث في الأرض بدل تحويلها إلى حسابات خارجية وأملاك خصوصية. لقد عودتنا الحكومات المتعاقبة على عدم تقبل النقد وكل حديث عن سوء التسيير وعن تفشي الفساد يعتبر مجرد مزاعم تروجها المعارضة ومن على شاكلتها من المرجفين في المدينة. من المفارقات الغريبة في هذا البلد أن يكون الخطاب عسلا والفعل نار تلظى تحرق الأخضر واليابس. الناس لديهم أزمة ثقة في كل شيء، وكما قال أحد المتدخلين:

إذا كان رب البيت للدف ضاربا      فلا تلم الأطفال يوما على الرقص

لقد آن الأوان أن تتحمل النخب الوطنية مسؤوليتها وتتخلى عن المسلكيات الضارة المقيتة من قبيل التزلف لكل نظام جديد مقابل امتيازات شخصية تافهة. من المؤسف أن يظل شبابنا يعيش واقع التيه والضياع بعضهم تلقى التكوين في أعرق الجامعات والمعاهد الفرنسية والأمريكية ومع ذلك لا يجدون فرصة للتوظيف والأدهى من ذلك والأمر أن بعض حملة الشهادات لم يجد أمامه سوى العمل بائعا في دكاكين ومحلات “أمل” في حين يعين آخرون ممن ليس لهم نصيب من العلم في وظائف ومناصب سامية لا لشيء إلا لأنهم سلكوا طريق التزلف والنفاق. إن مشكلتنا ليست في الموارد بل في عدم اقتناع الطبقة الحاكمة بالدولة، إن الجميع يتصرف كما لو كان يعمل ضد مصالح الوطن والمجتمع.

 

 

مداخلة الأستاذ المختار ولد داهي

سأقدم مداخلة قصيرة حول ما أراه حصيلة وما أتوقعه مطلوبا في المرحلة المقبلة. أعتقد أن ثمة أربع ورشات أو قل مؤشرات أربعا إذا أمعنا النظر فيها ستتضح لدينا ملامح حصيلة السنة الماضية. أول هذه المؤشرات ما أسميه مصطلح تطبيع المشهد السياسي، أعتقد أن لا خلاف في أنه حصل نوع من التطبيع على مستوى المشهد السياسي الذي شهد في الماضي نوعا من التجاذب العنيف خلال الفترة الماضية ومن المؤشرات الواضحة أيضا إعادة تطبيع مأسسة اللقاء المنصوص عليها في الدستور كل ثلاثة أشهر بين رئيس الجمهورية وزعيم مؤسسة المعارضة والذي يتم خلاله عادة نقاش أوضاع البلد، ينضاف إلى ذلك لقاء رئيس الجمهورية مع المترشحين المنافسين له، فهو أمر لم يحدث في الفترات السابقة وعلى مدى تاريخ الديمقراطية في بلادنا فقد جرت العادة أن يعقب كل انتخابات رئاسية شيء من التجاذب العنيف.

 كذلك تم مؤخرا خلق إطار تشاوري بين أحزاب الأغلبية وأحزاب المعارضة لبحث سبل مواجهة جائحة كوفيد 19 والتعاطي معها وأتوقع أن هذا الإطار التشاوري بين المعارضة والموالاة سيتطور في المستقبل ليشمل ملفات أخرى. وأنا أطالب بخلق هكذا إطار للتشاور الدائم بين الأغلبية والمعارضة. المؤشر الثاني هو مؤشر دولة العدل سألت أحد المتابعين للشأن المحلي فقال لي إن هذه السنة لم يحدث فيها ظلم لأحد وبعض المظالم ولا أقول كلها جرت تسويتها سواء تعلق الأمر بمظالم المجموعات أو الأفراد، المهم أنه لم يستجد ظلم ضد أحد أو جهة معينة كذلك فقد التزمت الدولة مبدأ الحياد فيما يتعلق بانتخابات أعوان القضاء وأعني هيئة المحامين وذلك مؤشر على ما تحقق من خطوات تخدم دولة العدل والإنصاف، إذن تمت تسوية بعض المظالم والتزمت الدولة الحياد خلال انتخابات المحامين ولم نسمع أن المجلس الأعلى للقضاء الذي التأم برئاسة رئيس الجمهورية أجرى تحويلات تعسفية للقضاة، كما لم نسمع من خلال الصحافة والإعلام البديل عن تدخل سافر للسلطة في عمل القضاء. وهكذا يتضح من هذه المؤشرات أن حصيلة هذه السنة كانت أحسن من حصيلة السنوات الماضية، ثمة مؤشرات يتضح من خلالها أن الحصيلة السنوية تدل على تحقيق بعض التقدم والتطور على مستوى إقامة دولة العدل.

وفيما يتعلق بالشأن الاجتماعي، أعتقد أن إنشاء مندوبية “تآزر” وإعطاءها موارد مالية كافية ومأمورية محددة لمساعدتها على تحقيق أهدافها وبرامجها التي من بينها إتاحة فرصة التمدرس في التعليم ما قبل المدرسي لمائة ألف تلميذ من أبناء الفقراء خاصة من المنحدرين من القرى والبلدات التي يقطنها منحدرون من أصول الرق، فضلا عن إعطائهم مساعدات مالية ونقدية وتوفير الضمان الصحي لهم، أعتقد أن ذلك يمثل تطورا واضحا فيما يتعلق بالسياسة الاجتماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية المطلوبة. وبخصوص التنمية ومؤشراتها ورغم الطارئ الدولي المتعلق بجائحة كوفيد 19 والذي أثر على اقتصاديات الدول كافة حتى أن بعضها فقد عشر نقاط من مستوى نموه، في حين أن موريتانيا فقدت ثمانية نقاط من مستوى نموها الذي كان متوقعا أن يكون 6 نقاط إيجابية وأصبح 2 نقطة سلبية..

 مع ذلك تم إنشاء صندوق لمواجهة كوفيد 19 وتداعياتها ورصدت له 43 مليار وسمعت مؤخرا أنه ما زال في رصيده 15 مليارا والأزمة الصحية في تراجع والمشاريع التنموية الأخرى التي يطلق عليها برنامج “أولوياتي” لم تتوقف، وعليه فإنه رغم الجائحة والضرر الذي لحق باقتصاديات العالم فقد قدمت الدولة الموريتانية مساعدات لمائة ألف أسرة فقيرة ورفع العدد مؤخرا ليصبح مائتي ألف أسرة، وعلى كل زادت نسب البطالة من جراء تداعيات كوفيد 19 ومع ذلك فالإجراءات التي اتبعتها الحكومة كانت نوعا ما موفقة. إن هذه المعايير الأربعة التي هي تطبيع المشهد السياسي وإقامة دولة العدل وما تحقق على الصعيد الاجتماعي والتنمية الاقتصادية لا أقول إنها إيجابية بالمرة ولكنها أكثر إيجابية مما شهدته السنوات الماضية.. وبالتالي يمكن القول إن الحصيلة كانت جيدة بالمقارنة مع السنوات الأخرى.

أما بخصوص التطلعات، فإن المطلوب قوي والطموح كبير وأتقاسم مع البعض آلامه التي عبر عنها بعض المتدخلين خاصة فيما يتعلق بضرورة تقوية اللحمة الاجتماعية، وأنا حين أتحدث عن اللحمة فلا أقصد الأعراق وإنما اقصد لحمة الشرائح. أما فيما يتعلق بالتعليم والصحة وضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإحداث قطيعة مع أسلوب تمجيد الحاكم فهذا برأيي هو المطلوب في المرحلة المقبلة.

 ومعروف أن مأمورية الرئيس من خمس سنوات والسنة الأولى منها عبارة عن فترة مسامحة وتأسيس للمسار، أما السنوات الثانية والثالثة فهي بمثابة العمود الفقري الذي حين يسقط ينهار كل شيء في حين أن السنتين الأخيرتين من هذه المأمورية تهيمن عليهما عادة مشاغل التحضير للمأمورية الأخرى والتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة.

 وإذا، فالسنتان المقبلتان مفصليتان وينبغي أن يتم خلالهما تعزيز المنجزات وتطوير ما تحقق من حصيلة إيجابية، وينبغي أن تتسم هذه المأمورية بترسيخ دولة العدل، حيث لا يتعرض أحد للظلم ولا يقع ظلم إلا رفع ولا تتدخل الدولة في عمل القضاء وتحرص على مبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية. فيما يتعلق بالأمور المستعجلة والشأن الاجتماعي فأرى أنه ينبغي زيادة الموارد المالية المخصصة لمندوبية “تآزر” في حال نجحت في تحقيق أهدافها وأولها القضاء على رواسب الرق وأتمنى أن تستفيد “تآزر” من المبالغ التي كانت تسدد سنويا على أقساط لقضاء الدين العام وهي حوالي 90 مليار أوقية وإذا ما تحققت التوقعات بشأن إلغاء المديونية فينبغي أن توجه هذه الموارد (90 مليار) لمضاعفة ميزانية مندوبية “تآزر”، كثيرون تحدثوا عن موضوع المحاصصة وأنا أرى أن الدول التي اعتمدت المحاصصة لم تحقق نجاحا وينبغي تحديد المصطلح وما أخشاه أن يكون تحذير البعض من المحاصصة يستهدف الحد من سياسة التمييز الإيجابي، وأنا أدعو للمعيارية الحكيمة التي تتلخص في ضرورة إسناد الوظائف السامية على أساس ثلاثة معايير: الكفاءة العلمية القصوى والتجربة والأمانة والخلو من السوابق التسييرية، ولا بد من توفر معيارين آخرين: أحدهما توزيع الوظائف والتعيينات على المكونات وهو ما يضمن أن تكون هذه الأعراق في المشهد السياسي والحكومي والإداري ولابد من تمييز إيجابي اتجاه ضحايا الرق وأصحاب التظلمات، إذن لابد من الكفاءة كمعيار أول، ثم نذهب بعد ذلك للمعايير الترجيحية الأخرى المتعلقة بالتوزيع على المكونات وسياسة التمييز الإيجابي لصالح الشرائح التي عانت من الاضطهاد والظلم.

 أخيرا اعتقد أن هذه السنة التي عرفت تحديات كثيرة مثل علاقة النظام الحالي مع النظام السابق ومحددات تلك العلاقة ولجنة التحقيق البرلمانية وكيف أثرت على الرأي العام الذي يترقب نتائج عملها منذ ستة أشهر وهي المسائل التي سيؤسس عليها ما سيؤسس إضافة إلى الأزمة الصحية الطارئة وموجة الجفاف وغيرها، رغم كل هذه التحديات فإن الحصيلة تبدو على ضوء المؤشرات السابقة إيجابية ولكن تبقى الآمال والتطلعات كبيرة جدا.

 

مداخلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن محمد الغاظي

أعتقد بأن الجامع بين هؤلاء الإخوة المشاركين في الندوة هو التعلق بالوطن ومصالحه، لقد درسنا في الجغرافيا حدود البلاد وجوارها الإقليمي وفي ظل الصراعات التي يشهدها العالم اليوم فإن الحدود تبدو متغيرة اليوم وربما تشهد تغييرات ادراماتيكية. نحن بلد فقير بالنظر إلى مستوى دخل الفرد، صحيح أن موارد مالية كبيرة وصلت إلى مستوى الطفرة قد جنتها البلاد بين الفترة 2008 و2011 بسبب ارتفاع أسعار الحديد في العالم ولكن هذه الطفرة تلاشت ولم يكن لها مردود على الوضع المعيشي للناس، نحن لسنا بلدا غنيا كما يروج البعض واقتصادنا يعاني من تحديات كثيرة، سمعت السفير داهي يتمنى بل يتوقع مضاعفة ميزانية مندوبية هيئة “تآزر” بناء على توقعاته بشأن الإلغاء المفترض للمديونية، نحن شعب نستهلك ولا ننتج ينبغي أن نستثمر وندخر من أجل مشاريع تنموية مهمة، نحن شعب قليل لو نعمنا بالتسيير الحسن لمواردنا لكان وضعنا اليوم أفضل، الواقع أن إدارات الدولة ومؤسساتها ومرافقها العمومية تشهد نوعا من الإهمال واللامبالاة والمكتب الوطني للإحصاء الذي يعول عليه في تقديم معطيات وبيانات لصناع القرار لإعداد السياسات والاستراتيجيات على ضوئها، هذا المكتب مثال للإهمال والتلاعب. لقد آن الأوان كي نتوقف عن الاستثمار في مشاريع فاشلة وعديمة الجدوائية وأعود إلى واقع الإهمال والترهل الذي يشل عمل مؤسساتنا وقطاعاتنا الإدارية المختلفة، وإذا كان من استثناء اليوم فهو في وزارة الصحة التي صارت على الأقل في زمن كوفيد 19 تمتلك إحصاءات محددة وبيانات عن الحالة الوبائية للبلد وما عدى ذلك فالإهمال هو السائد في القطاعات. رئيس الجمهورية ليس زعيم قبيلة ولا ينبغي أن يكون كذلك كما لا ينبغي أن يمدح بالكياسة والتروي، وعلى كل فلا فرق عندي بين الأمس واليوم وأكاد أقول ما أشبه الليلة بالبارحة، لقد توليت مسؤوليات عديدة في الدولة ووقفت على نوع من الإهمال واللامبالاة في العديد من تلك القطاعات الوزارية. قبل الإطاحة بالرئيس السابق معاوية ولد الطايع في أغشت 2005 كانت كل مؤسسات الدولة في طريقها إلى الخصخصة وكانت بلا استثناء على وشك الإفلاس، والمطلوب اليوم هو وضع إصلاحات اقتصادية وإدارية تعالج الاختلالات الكامنة في إداراتنا ومؤسساتنا.

 

مداخلة الأستاذ محمدن ولد محمد الدنبجه

أعتقد بأن الخيط الناظم لمجمل ما أثير ويثار هو “العقليات” المطلوب تغييرها نحو الأفضل، وهو أمر يتطلب وقتا طويلا، لملاحظة الحياة. لكن هناك بعض المؤشرات والرسائل الإيجابية .. فخلال الفترة الماضية، لاحظ أصحاب المظالم الموجهة لرئاسة الجمهورية اهتماما من الديوان بملفاتهم وإطلاعهم على مسارها الإداري، وفي جائحة كوفيد 19، أظهرت السلطات مستوى جديدا من الإيجابية في الجدية والشفافية في التعامل مع المواطن، تنويرا وتبصيرا…

بخصوص المطلوب، أعتقد أن التركيز وقع على المطلوب من السلطات وحدها، ولا أرى أنها تستطيع الاضطلاع بمهمات بقية الفاعلين. ففي مجال بناء العقليات، لا بد من تضافر جهود الفاعلين جميعا لتثمين الأعمال وخاصة اليدوية والتكوين المناسب لحاجات سوق العمل، وتأمين احتياجاتها المستقبلية حتى نتجنب تكوين العاطلين عن العمل.

وفي سياق المسؤولية المشتركة، يتعين على الجميع المساهمة الفاعلة في ترسيخ قيم أخلاقية مبنية على التنشئة السليمة على المواطنة ومبادئ العيش المشترك. ومن هذا المنبر أدعو إلى تأسيس  ميثاق شرف ينخرط فيه كافة الشركاء: المجتمع المدني والأحزاب والمدونون ورجال الفكر والإعلام للتغلب على أزمتنا الأخلاقية والتربوية.

 

مداخلة الأستاذ با عبدول

إن الحصيلة حسب ما أرى في مجملها إيجابية من خلال التشاور الحسن واللقاءات المستمرة مع المرشحين ومع المعارضين ومع المعارضين، إلا أن الحصيلة نوعان حصيلة رئاسية وحصيلة حكومية.

فسياسة التقارب مع المعارضة مسالة جديدة وجد ايجابية ،كما أن إنشاء مندوبية تآزر أمر مهم، إلا ان أزمة الثقة والصراع بين السيد الرئيس ورفيق دربه وسلفه  تظل خطيرة على البلد  فانا احسب ان التجارب المتراكمة الغنية لهما ستفيد البلد أكثر لو تضافرت الجهود بدلا من الصراع.

أما بالنسبة لمسالة الهوية فانا من بين الدفعات الأولى التى اختارت ان تدرس باللغة العربية إلا أن بعض الأساتذة من العرب هم من طردوني وجعلوني أكره اللغة العربية.. ففي سنة 1978 كنت ممن اختار ان يدرس باللغة العربية ولكن شاء الله وقدر ففي مدينة انواذيبو كان مدرسنا للغة العربية  يمنعنا  من الحضور إلى  درس اللغة العربية مما جعلني اكره اللغة العربية رغم المستوى الجيد الذي كنت تحصلت عليه وكنت من بين القلائل اللذين لديهم مستويات جيدة في اللغة .

كما أرى انه من الضروري مراجعة قانون الإنتخابات، وإعادة هيكلة الإدارة الموريتانية .

 

مداخلة الأستاذ دفالي ولد الشين

المشاركون في هذه الندوة هم صفوة الطبقة السياسية في البلد وطليعتها، ونحن على كل حال مرتاحون للمناخ الذي ساد بعد تولي الرئيس محمد ولد الغزواني السلطة، ونؤيد نهج التشاور الذي أرساه وكذا اللقاءات التي أجراها مع القوى السياسية..

 ونحن اليوم يجمعنا موقف واحد ألا وهو تأييد الرئيس غزواني، ولكن علينا أن نعي أن تسيير الدولة لا يكون إلا وفق توجه سياسي واضح وعمل سياسي محض، وأي حاكم لابد له من داعمين سياسيين يعتمد على مشورتهم وآرائهم في تسيير شؤون البلد.

أما المطلوب من الرئيس فهو صيانة الدستور وحماية سيادة البلاد واختيار معاونيه طبقا لمعايير محددة وواضحة، وطبعا على رأس أولئك المعاونين أعضاء الحكومة، وكما قال أحد المتدخلين لا يمكن تصور حكومة بعض أفرادها مغمور والبعض الآخر جاء من الشارع وليست له المؤهلات المطلوبة لإدارة قطاعات وزارية وتسيير شؤونها.

 فالوزير شخصية سياسية يجب أن يكون له ماض سياسي معروف وتجربة كافية تخوله القيام بمهمته على الوجه الأكمل. إن المطلوب من الحكومة هو توفير الأمن والقيام بالمهام الأساسية للدولة ومنها خدمات التعليم والصحة وما إليها وإذا نظرنا إلى الواقع اليوم نجد أن هذه الخدمات متردية للغاية، فالأمن غائب والتعليم منهار وحدث ولا حرج عن تدهور قطاع الصحة.

سمعنا توجيهات السيد الرئيس التي تحث على تقريب الإدارة من المواطنين، ولكن يبدو أن تلك التوجيهات لا تجد آذانا صاغية فالمراجعون للإدارات والوزارات ومؤسسات الدولة يجدون عكس ذلك، و مازالت مظاهر البيروقراطية متحكمة في العمل الإداري والأبواب موصدة أمام المواطنين الذين لا يتسنى لهم في الغالب مقابلة المسؤولين من وزراء ومديرين وولاة وحكام لطرح مشاكلهم. ومازالت للأسف تسود الأساليب الملتوية في عمل الإدارة، وإذا، فموضوع تقريب الإدارة من المواطنين لم يتحقق وهيهات أن يتحقق فهو أمر بعيد المنال في ظل الممارسات السائدة داخل إداراتنا ومرافقنا العمومية.

ثمة قضايا أخرى تشغل الرأي العام ولابد من التطرق إليها ومنها قضية نزاع الصحراء. وقد سمعت رئيس المركز قال في الكلمة التي افتتح بها الندوة إن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ربما يريدان اعتماد اتفاقية مدريد كمرجعية لحل المشكل، ومنذ أعوام لم أسمع مثل هذا الطرح.. وهو على كل حال بادرة مقبولة وتصب في صالحنا.

 إن علينا أن ندرك أن الشعب الصحراوي جزء لا يتجزأ من هذا الشعب ومصالحهما مرتبطة ولذا لا يمكن للأمم المتحدة أو غيرها وجود فوارق بيننا والصحراويين، والمهم أن أزمة الصحراء دخلت في طريق مسدود وكانت لدى الرئيس الألماني السابق – وهو آخر مبعوث أممي إلى الصحراء – رغبة في تسوية النزاع ومعروف أنه بعد انتهاء مهامه لم يعين خلف له، وما أريد قوله هنا أن أي تسوية أو حل لهذا المشكل سينعكس على بلادنا نظرا لوشائج القربى والأواصر التي تجمع الشعبين. ولا يمكن ولا يتصور أن يكون موقفنا من قضية الصحراء هو التزام الحياد. وغني عن القول إن الحل المقبول والمنصف لقضية الصحراء الغربية هو تقرير المصير، وأي سيناريو آخر للحل لن يكتب له النجاح.. وهنا أقترح على المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل تنظيم ندوة أخرى حول موضوع الصحراء وآفاق الحل وتداعياته على الوضع في موريتانيا.

القضية الأخرى هي الوحدة الوطنية وموضوع التعايش بين المكونات العرقية في البلاد، فكل الأنظمة المتعاقبة لم تحقق شيئا لجهة حلحلة القضية ووضع مقاربات لحلها.. فمنذ الخمسينيات والكل ينادي بضرورة معالجة مشاكل الوحدة الوطنية ومعروف أن هذه القضية طرحت في مؤتمر ألاك عام 1958 لكن إخواننا الزنوج انسحبوا من المؤتمر وبعد ذلك الانسحاب لجأ الرئيس المختار ولد داداه للمرحوم سيد المختار ولد يحي أنجاي وطلب منه التشاور مع أعيانهم وقادتهم والاستماع إلى مطالبهم، ولكن الخطوة لم تسفر عن تحقيق شيء يذكر ومازال مشكل الوحدة الوطنية يراوح مكانه.. والغريب أن من بين الشخصيات المنسحبة من مؤتمر ألاك مسؤولون وساسة بارزون من الإخوة الزنوج اذكر منهم المرحوم با صمبولي والشيخ سعد بوه كان.. إذن منذ عام 58 ونحن نتحدث عن موضوع الوحدة الوطنية ومشكل التعايش بين القوميات لكننا لم نحقق تقدما في هذا المضمار،وكما قالت النائب المحترمة السيدة كادياتا مالك ديالو، فالمجموعات الوطنية اليوم في حالة قطيعة تامة وليس بينها تواصل، فما الحل إذن؟

بالنسبة لي أرى أن إخوتنا الزنوج ينبغي أن يكونوا معنا في السراء والضراء ويكونوا جزءا لا يتجزأ من هذا الشعب.. ويجب أن يعيشوا بين ظهرانينا دونما حيف ولا إقصاء، وإذا تعذر ذلك فيمكن اللجوء إلى حل استالين واتروتسكي في الاتحاد السوفيتي وما تضمنه من مقاربات لحل مشكل الأقليات في ذلك البلد. وينبغي أن يكون من أولوياتنا اليوم وضع موضوع الوحدة الوطنية والتعايش القومي مع إخواننا الزنوج على بساط البحث والنقاش كيما نتوصل إلى تفاهمات ترضي جميع الأطراف.

 

مداخلة الاستاذ أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا

أحيي القائمين على المركز، وأخص بالذكر مديره الدكتور محمد السالك. وأحيي هذه العقول وهذه الخبرات الكبيرة.

فاتح أغشت.. ما الحصيلة وما المطلوب.

سأحاول أن أتحدث باختصار عن الشق الثاني من الموضوع: المطلوب؛ وذلك على النحو التالي:

– المطلوب من الدولة.

– المطلوب من السلطة الجديدة.

– المطلوب من النخب السياسية.

 

1 .المطلوب من الدولة:

وهذا في الحقيقة هو الأكثر تعقيدا واستعصاء، لأن مشكل الدولة الموريتانية تبين خلال الستين سنة الماضية أنه بنيوي؛ والمشاكل البنيوية لا يمكن حلها بالخطرات والارتجالات والعلاج السريع، بل لا بد له من النظر المعمق المتخصص والتخطيط البعيد المدى…

ومع هذا، يمكن الحديث عن بعض المراجعات التي حان وقتها، حسب رأيي، ومن شأنها ان تفيد الدولة.

من ذلك مراجعة نظامنا السياسي والدستوري، وإعادة التوازن للجمهورية. ومن الملاحظ أن دستورنا الأول وضع سنة 1961، وفي يوليو تحديدا. وبعد ثلاثين سنة بالضبط جاءنا دستور يوليو 1991. وبعد أشهر من الآن سيكون دستور 1991 قد بلغ من العمر ثلاثين سنة. وأظن أنها الوقت مناسب للتحيين ووضع دستور جديد من أجل موريتانيا، لا من أجل غيرها، بناء على رؤية الرئيس المنتخب ونظامه والنخبة السياسية.

 

أظن أيضا أن الوقت قد حان للانتقال إلى تعددية حقيقية، نختلف فيها ونتفق على آراء سياسية أصيلة ومواقف وطنية. فما نعيشه الآن هو تعددية حزبية وليس تعددية سياسية، نختلف على العدم ونتفق على العدم.

الأحزاب السياسية، إذآ، والنصوص المنظمة لها، والنظام الانتخابي، والحملات وتمويلها، وأدوات ذلك كله تم إحداثها في ظروف خاصة انتهت، وصارت بحاجة إلى مراجعة بنيوية تسمح بتأسيس حضانات سياسية مؤهلة للتأطير والمشاركة وممارسة السلطة، وتكوين القادة.

إذا نظرنا أيضا إلى الإدارة، التي هي الأداة الأولى للدولة الحديثة، لن يخفى علينا أن النموذج البيروقراطي الذي خلفه المستعمر وثبته خلفاؤهم الأولون، تعرض لكثير من الإهمال والارتجال والفساد، ولم يحظ يوما بالتطوير المناسب، مما أوصل الإدارة والخدمات إلى الحالة التي نحن فيها. فلا بد إذآ من إصلاح إداري عميق.

 

وفي هذا المجال، يمكن أن نطرح فكرة إنشاء شركات إنتاج وطنية قطاعية كبرى، ذات رأسمال مختلط، من حجم ونوع شركة اسنيم، تخفف العبء عن الإدارة وتتولى التسيير العصري والمباشر للقطاعات الحيوية التي لم تتقدم، كالثروة الحيوانية والسمكية، والزراعة، والنقل والاتصال والعمران والنظافة والأشغال العمومية… فقد أثبتت نموذجنا البيروقراطي، ومشروعاته العبثية، عجزهما عن إحداث التنمية.

 

  1. .المطلوب من السلطة:

أول تحد يواجه السلطة الحالية هو تحويل الإجماع، الذي تحدث عنه أغلبكم، من إجماع جامد إلى إجماع ديناميكي (أي متحرك). لأن الإجماع الجامد عقيم وهش ومهيأ للسقوط في أي وقت. فإذا وفق النظام في تحريك هذا الإجماع، والحفاظ عليه متحركا، عندها ستكون النتائج عميقة وفعالة وبعيدة الأمد.

شمولية التغيير، أو التجديد مطلوبة، هي الأخرى، من السلطة القائمة. فخطوات التغيير المعزولة، تبقى باهتة محدودة التأثير، مهما كان مستواها. أما إذا تمت الخطوات ضمن إرادة ومنهج شامل وواضح للتغيير فإن مفعولها سيكون شديدا.

إن المطلب التقليدي لأي سلطة جديدة، هو صناعة وتقوية أدوات جديدة خاصة بها؛ وفي مقدمة ذلك الأدوات السياسية والبشرية. وأول ذلك الحكومة، التي ينبغي أن يكون أفرادها كاملين متفق على مستواهم.

وهنا يمكن القول إن فكرة “الرجل الجديد” التي نظَّر لها الفيلسوف الكبير نيتشه وروَّج لها، بشكل آخر، نظام ستالين ونظام هتلر وبعض الإيكولوجيين الجدد، أثبتت عدم نجاحها على أرض الواقع السياسي والإداري. والموظفون المخضرمون أصناف، وقد رأينا في مختلف الأنظمة، بما في ذلك الأنظمة المعروفة بفسادها، رجالا نزهاء وأكفاء. لكن هذا لا ينفي أن لكل قائد رجاله، ولكل نظام أدواته.

يتعين أيضا على النظام أن ينقب تنقيبا دقيقا عن اللامعين والمميزين والكفاءات النادرة، من خارج الحكومة والإدارة. فمما يبعث أملا حقيقيا مبررا أن نعلم، مثلا وبالطرق الرسمية، أن رئيس الجمهورية استدعى فريقا من كبار الاقتصاديين، أساتذة ومتقاعدين وعاملين في هيئات دولية كبرى، وكلفهم بالنظر المعمق في اقتصاد البلد وتنميته، سبل إعادة توجيههما وتقويتهما، ويرئس على الفريق شخصية متفقا عليها، ويأمرهم بتقديم نتيجة في يوم معلوم. وقل الشيء نفسه عن السياسة والحزب، والتعليم والأمن القومي والغذائي وشركة اسنيم والحقوق والوحدة الوطنية.

 

3 . وأخيرا المطلوب من النخبة:

يتعين على المهتمين بالأمر العام، خصوصا من الشباب، أن يتحرك بعضهم نحو بعض ويتلاقوا ويتعاطوا الأمر العام بصورة مباشرة، ويبنوا بينهم ثقة وتفاهما، والأهم من ذلك أن ينزلوا من سماء التدوين والمثاليات إلى أرض السياسة والواقع المعيش وتحمل المسؤولية الوطنية عن قرب. أما الذين لا يهتمون حقيقة بالأمر العام ولا يضحون من أجله، بل يريد أن يؤجروا على السياسة، فقد حان الوقت لأن يتوجهوا إلى ميادين أخرى غير السياسة.

فكثيرا ما نشعر أنه لا يوجد أربعة أشخاص يجلسون للحديث والنظر في الهم العام، سواء كان ذلك بالطرق المصنفة أو غير المصنفة.

 

وهنا أختم بالقول إننا نعيش في دولة غير مصنفة، وفي ظل سياسة واقتصاد غير مصنفين، وسياسة وأحزاب غير مصنفة… فلكي يحصل النظام على نتائج هامة يجب أن نبرع في استحداث واستخدام أدوات غير مصنفة، لكن مدروسة. ومن ذلك، ومن أهمه، استعانة رئيس الجمهورية بمستشارين غير مصنفين، غير رسميين، غير مقيدين بواجب التحفظ وإكراهات الراتب والوظيفة… وقد اتبع بعض كبار قادة العالم هذه التقنية وأثبتت نتيجتها.

 

مداخلة الأستاذ محمد غلام ولد الحاج الشيخ

 

الوقت كما يقول الإمام الهروي :”سريع التقضي بطيء التأتي، أبي الرجوع “.. مر عام كامل انقضى من ولاية رئيس الجمهورية: السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وهو ما يعني نسبة 20% من ولايته.

وليس بالوقت اليسير؛ عام من الأمل، عام من الصراع الداخلي، صراع النظام مع أطرافه، وصراع المعارضة مع إلفها وخطابها.

 عام توجست فيه دوائر مختلفة ، وأملت أخرى وترقبت.

يمكن القول بدون مواربة في  تقييم الزمن المنقضي إن الأداء في السنة الفارطة لم يكن سلبيا، لكنه لم يكن قطعا عند طموح المشفقين على البلد الطامحين لتغيير الأوضاع وقلب الطاولة على الأنماط العتيقة.

إن المراقب لن يجد العناء الكبير – وهو يحسن الظن ويراقب بعدل- في ملاحظة نقاط بارزة من الإيجابيات التي تميزت بها السنة المنتهية ومن أهمها :

        1 – إعادة الوقار والاحترام إلى موقع الرئاسة: حيث جلس في الكرسي من لا يلعن الناس، ويلعنونه ويبغضهم ويبغضونه.

ويستطيع المتتبع لخطابات الرئيس أن يتلمس بوضوح احتراما وتقديرا منه لشعبه ، وذلك شرط النجاح الأول لمن يحكم شعبا ما، فلابد من أن يقدر أبناءه ويحترم رموزه.

ولذلك فإن التواصل مع المعارضة ونزع الفتيل مع رموزها، وإعادة الاعتبار لشخصياتها من قبل الرئاسة (سيدي ولد الشيخ عبد الله أحمد ولد داداه )والتواصل مع  أصحاب الملمات والحوائج ، كل ذلك زرع في الناس شعورا بأنهم أمام رئيس تعنيه أمورهم ، ويديرها بشفقة وخُلق كنا أحوج ما نكون إليه ، ظهر ذلك بشكل جلي في حضور الرئيس بخطابات وإجراءات ملموسة أيام ظهور الوباء ، كما أن دوره في القمم التي شهدتها العاصمة نواكشوط أيام حكمه شدت انتباه أهل الجد الذين لم تكن الأدوار الاستعراضية للرؤساء تعني لهم شيئا ، وقد اتخذت في تلك الاجتماعات النوعية تمثيلا وجدول أعمال ، خطوات وإجراءات تتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة كل ذلك برعاية رئيس قد خبر الملف قبل وتابع خباياه كما أنه يحوز ثقة الشركاء.

2-  وطنية وإجماع عيد الاستقلال:

كانت إجراءات عيد الاستقلال تاريخية بكل المقاييس لأن الرئيس الجديد والذي شكك (البعض) في حزمه واستقلاله قرر بحزم أن يحسم بوصلة الحكم وأن يأخذ صلاحياته كاملة غير منقوصة، وذلك من خلال السيطرة المتقنة على الأجهزة الأمنية والعسكرية الأمر الذي أعطى رسالة مهمة بحسم الشعور الطاغي عند البعض بشكلية التغيير وازدواجية مصدر القرار.

      3-  لجنة التحقيق البرلمانية سابقة وطنية

 

وهي عمل مهم وتاريخي في بلد مثل موريتانيا، يؤسس لدور مهم للمؤسسات الرقابية المنتخبة من الأمة، وهو إجراء لم يكن قطعا ليتم إلا في”دين الملك” وإرادته، وسوف يضحي سنة وسابقة تشهد بجرجرة المسؤولين أمام ممثلي الشعب وقواه الحية.

ورغم تلك المؤشرات والقرارات الإيجابية فإن المتتبع يمكنه أن يسجل أبرز الاختلالات أو السلوك الذي لا ينسجم مع تطلعات المشفقين من ضياع الوقت وتصرم الزمان،

ويمكن إجمال ذلك في ثلاثية أخرى

        ⁃       1 استمرار  تكلس الإدارة: فلم نلحظ لها من تحسن في أداء مهمتها؛ قربا من المواطن وبسطا للعدل ونشرا للمساواة، بل تعزز الخوف بتعيين بعض الأشخاص الذين اشتهروا بالتفاهة وانعدام الأمانة والكفاءة، وتم وضع بعضهم في أماكن حساسة ليس متوقعا أن يعدل فيها أحرى أن يطور.

 

وقد حافظ مجلس وزراء الجمهورية الإسلامية على بعث ذات الشعور لمواطنيه من الدرجة العاشرة الموسومين بالمعارضة فلم يخطئ في تعيين واحد من الفنيين الكثر المنتسبين للمعارضة، ولو عضوا في سلطة من السلطات، أو مجلس إدارة من الإدارات وهو استمرار لحرمان استمر عقودا، ما لم تكسره السلطة بعدل فسوف يتفاقم شعور أصبح طاغيا بدولة لمخلوقات محددة ..

 

 2-  تأخر الإنصاف في المظالم

وهو ظاهر في بعض الملفات الموروثة من العهد السابق،  وإن تمت حلحلة بعضها، مثل موضوع رجُلي الأعمال: محمد بوعماتو، ومصطفى ولد الإمام الشافعي .. إلا أن مظالم أخرى تتعلق بمؤسسات مجتمع مدني وأملاك خاصة مثل: مركز تكوين العلماء وجامعة عبد الله بن ياسين والتي هي ملك خاص ولا أحقية لأحد في حلها أو مصادرتها مع جمعية الخير التي يتضور 5 آلاف من أيتامها جوعا وعريا وقد قطعت أرزاقهم ووعيد ظلم الأيتام مرعب ومخيف .

ولا يمكن بحال للإنسان العادي إلا أن يذكر السيد الرئيس بوجوب رفع الظلم وإزاحة القهر عن المظلوم وكون ذلك أمرًا واجبا شرعا ومفروضا قانونا.

 

   3-  رهان الموقع والاستقلال

نظرا للإمكانيات الذهنية والمعرفية والخبرات التي يتمتع بها السيد الرئيس، فقد كان وما يزال الوطنيون  ينتظرون منه إحياءً لمدرسة الرئيس المختار ولد داداه خصوصا في موضوع الحفاظ على السيادة والاستقلال الوطني، والدفاع عن موقع موريتانيا ، وإخراجها من الاندفاع في سياسة المحاور الحدية، التي لا تنسجم مع موقف الحكمة والوسطية، نعم نحن بلد فقير ونحتاج للمساعدة، والودائع التي بحوزة البنك المركزي حيوية جدا لصمود عملتنا وقدرة اقتصادنا على مقاومة العواصف.

لكن نذكر أيضا أن الرئيس المختار ولد داداه عزل وزير ماليته لأنه لم يمتثل أمره برفض المنحة الفرنسية التي كانت أساسية في كل سنة للموازنة الوطنية، تلك الموازنة التي كانت أقل من القليل.

لقد فعل المختار ذلك، لا تعاليا أو شعورا بالغني الكاذب كما يذكر في مذكراته، ولكن لضرورة أن تفهم فرنسا بأننا يمكن ان نستقل عنها وندير أمرنا من دونها .

 ثم إن الخطورة كامنة في أن المحور الذي بيعت له سيادة موريتانيا في العشرية المنصرمة، لا يمتلك العقلية القانونية والفلسفية للاحتلال الفرنسي،

 بل هم قوم موتورون، قرروا-بحنق وغطرسة- أن ينتقموا من الشعوب العربية والإسلامية، وأن يدمروا مقدراتها ويجعلوها تدفع ثمنا باهظا لمجرد توقانها إلى الحرية والعدل والتنمية ، ولذلك قام حلف الحرائق ، بإدارة حروب لا هوادة فيها على الأوطان الإسلامية! حيث فكك البنى الاجتماعية زارعا عملاء اشتراهم بالمال وأسقطهم في الوحل الأخلاقي …

 

والخطر كامن أيضا في أن ذلك الحلف لا يقبل من الدول المندفعة فيه التعاون التقليدي بين الأنظمة والأجهزة المختصة بل يحول مؤسسات تلك الدول التابعة له إلى أوكار يشتري مسؤوليها ويسقطهم أخلاقيا ليصبحوا عملاء أجراء تبعيتهم ليست لدُولهم ومصالحها الإستراتيجية، بل لحفنة العمولات والأوامر التي تصدر إليهم من خارج الحدود؛

 

 

 كنا وما زلنا ننتظر من السيد الرئيس وهو يمتلك المؤهلات اللازمة لذلك أن يدير علاقاتنا بقدر كبير من المهارة الدبلوماسية، وأن يقنع الجميع بأننا نحتاجهم وهم يحتاجون موريتانيا قوية موحدة بعيدا عن الحرائق والمحاور.

 

وإن الموريتانيين على أتم الاستعداد لعصب الحجارة على بطونهم من أجل وطن يعيش في عافية وانسجام.

وهنا، وبعد عقد من دعاية الانحياز للفقراء والحرب على الفساد، كشفت لجنة التحقيق البرلمانية المستور!!

  لن يمنعنا من ذات المصير سوى الخروج من دائرة الحزب الواحد -التي نعيشها عمليا-والزمرة الواحدة التي تُحكم سيطرتها على كل من جلس على الكرسي لتدخله في غيبوبة من الدعاية والمدح-ليتأكد من الخلود، أو عدم المؤاخذة-ثم لا يفيق إلا وقد انتهى الوقت وحاصره الزمن وأحاطت به خيبات الفشل،

 لا بد من كسر تلك الحلقة بالنفاذ إلى أهل الجد والإخلاص للصالح العام وإشراكهم في خدمة الأمة؛ ارتقاءً بالشعور الوطني وصناعة الإجماع الوطني الذي بدونه لن يتغير الحال ، أو يتجسد الأمل بمستقبل وطني تنموي، عادل، فيه يغاث الناس وفيه يعصرون. وذلك ما نرجو. والله غالب على أمره.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجزء الثالث:

التوصيات الختامية للندوة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التوصيات الختامية للندوة

 

تميزت أشغال الندوة بالحرص على رعاية وترشيد النقاش بين مختلف الفاعلين والمتدخلين، وأظهرت مدى استعدادهم للتعاطي مع تجديد آليات التفكير والطرح والحوار بين المهتمين، ورغبتهم في الخروج من منطق الانغلاق الضيق والطرح التقليدي الجامد، عبر نقاشات عميقة تجعل من جميع الإشكاليات سواء تعلق الأمر بالإستقرار السياسي، والوحدة الوطنية، والتعايش السلمي ومشكل اللغات، أو بتكريس ثقافة المساءلة وتكريس ممارسة محاربة الفساد وتطبيق القانون، أو بالحكامة الرشيدة، وإبعاد المؤسسة العسكرية عن ممارسة السياسة والحكم والإنقلابات، أو بمراجعة السياسة الخارجية واستقلالية القرار الوطني، أو بمشكلة الغبن وإدماج الفئات المهمشة، أو بإعادة تأسيس الجمهورية وتفعيل دولة القانون والمؤسسات، أو بآفاق التنمية المستدامة وإصلاح القطاعات الخدمية مثل التعليم والصحة، والسكن، النقل، إلخ، أو بإصلاح المدونة الإنتخابية ومراجعة المسار الإنتخابي، أو بالتمكين الإقتصادي للمرأة ومكانة النوع، أو بضرورة استخلاص الدروس والعبر من جائحة كوفيد 19 والعمل على رسم استراتيجيات وخطط لتدبير الأزمات وللتصدي والاستجابة للكوارث؛ بإعتبارها مداخل أساسية لفهم الإكراهات التي مازالت تعيق عملية وضع آليات لدراسة ومناقشة وترشيد المفاضلة فيما بين البدائل والخيارات حول تصور شكل معين لمستقبل البلاد يكون مرغوبا فيه ومتفقا عليه، على أساس تقدير مدروس للتكاليف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لكل منها على حدة؛ وكذا المساعدة في ترشيد عملية اتخاذ القرارات خدمة للصالح العام، عبر دراسة السيناريوهات الممكنة.

 

وهكذا، فإن مخرجات نقاش هذه المواضيع والإشكالات والتساؤلات ضمن هذه الندوة  الفكرية، كانت بمثابة حصص من العصف الذهني، وتوليد الأفكار، وتحسيس الرأي العام الوطني وكذا أصحاب القرار، حول قضايا جوهرية تحظى بالحد الأدنى من الإجماع الوطني حولها، وتأتي في مقدمتها:

  • الفرص المتاحة للتوصل إلى تدبير سياسي عقلاني للحكامة؛
  • بلورة سيناريوهات مستقبلية لموريتانيا الممكنة ؛
  • طرح خيارات بديلة متعددة.

 

 

وفي ختام الندوة استطاعت هيئة المقررين توثيق وصياغة أهم الأفكار والاقتراحات والتوصيات على النحو التالي:

 

  1. التناوب على السلطة يجب أن يطوى حقبة الانقلابات العسكرية؛
  2. الحصيلة على العموم إيجابية نظرا لمستوى التشاور والانفتاح لكن الخطوات لم تعكس بعدُ القيمة الفعلية المجسدة للتوجهات؛
  3. مطلوب تدارك النواقص من خلال تنظيم ورشات حول الإصلاح الانتخابي والوحدة الوطنية والإصلاح الاقتصادي؛
  4. المعالجة الإستعجالية لملف الوحدة الوطنية ضرورة وطنية والانسجام الاجتماعي؛
  5. لا بد من التمكين الإقتصادي للمرأة وإشراكها في صنع القرار؛
  6. يجب الإبتعاد عن توظيف المفسدين وإعادة تدويرهم في عملية الإصلاح؛
  7. مطلوب إعادة الاعتبار للدولة الوطنية باستلهام التجارب المفيدة الماضية؛
  8. مطلوب تثمين تعدد الثقافات باعتباره مصدر قوة والعمل على القضاء على التراتبية الاجتماعية التقليدية؛
  9. ينبغي الاستمرار في تطبيع المشهد السياسي من خلال تعزيز التناوب السلمي على السلطة؛
  10. مطلوب تفعيل القانون وإصلاح العدالة؛
  11. مطلوب تجفيف منابع الإقصاء والتفاوت الاجتماعي؛
  12. مطلوب من النخب السياسية والحكومة أن تفتح النقاش العمومي حول طبيعة علاقة الدولة مع الجيش؛
  13. من الضروري فتح حوار سياسي شامل يفضي إلى التوافق على الثوابت والمرجعيات الوطنية؛
  14. مطلوب تحويل الإدارة العمومية من إدارة مسار وظيفي إلى إدارة كفاءة؛
  15. مطلوب تأسيس مجلس علمي متعدد الاختصاصات مهمته وضع نموذج تنموي مدروس لموريتانيا؛
  16. مطلوب الكف عن مكافأة التطرف على حساب الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية؛
  17. مطلوب إعادة تأسيس المدرسة الجمهورية واعتبارها المصدر الوحيد للارتقاء الاجتماعي؛
  18. مطلوب ولوج الفئات الاجتماعية الهشة إلى المقدرات الاقتصادية للبلاد؛
  19. من الضروري تجاوز مرحلة التهدئة إلى مرحلة بناء مناخ جديد؛
  20. لا بد من توخي الحذر من خطورة الثروات الطبيعية على الاستقرار في بلادنا؛
  21. مطلوب من النحب ومن أصحاب القرار نبذ ثقافة التزلف والانتفاع السياسي التي هي مصدر فساد الحكم المدني؛
  22. ضرورة فتح حوار جاد وصريح حول مشكل الرق وآثاره ومخلفاته.
  23. مجال الحكامة الرشيدة بحاجة إلى إعادة النظر.
  24. لا بد من تعديل دستوري يسمح بمقاضاة رئيس الجمهورية.
  25. مطلوب خلق بنية مؤسساتية لتوفير ضمانات الشفافية للعملية الديمقراطية؛
  26. يجب إبعاد الطبقة السياسية من المسؤوليات الإدارية والسياسية؛
  27. مطلوب مشاركة الطبقة السياسية في تسيير الأزمات؛
  28. المطلب الملح من النظام هو تغيير أوضاع البلاد وخلق حالة من التوحد والانسجام بين السلطة والمواطنين؛
  29. الطريقة المثلى لمعالجة التعايش القومي هي الحوار والنقاش بين الأطراف المعنية على أن تكون صيغة الحل نهائية وحاسمة ومرضية لكل الأطراف.
  30. إصلاح التعليم مرتبط بإصلاح الحاضنة الكبيرة التي هي المجتمع؛
  31. تسيير الدولة لا يكون إلا وفق توجه وعمل سياسي واضح؛
  32. مطلوب أن يكون لمن يتقد منصب وزير ماض سياسي معروف وتجربة سياسية؛
  33. على الكومة توفير الأمن والقيام بمهام التعليم والصحة، وهي قطاعات تعرف تردي في خدماتها غير مسبوق؛
  34. مطلوب خلق إطار تشاوري دائم بين المولاة والمعارضة حول القضايا الوطنية؛
  35. مطلوب إحداث قطيعة مع أسلوب تمجيد الحاكم؛
  36. لا بد من العمل على تقوية اللحمة الاجتماعية وتعزيز السلم الأهلي؛
  37. مطلوب إعتماد المعيارية بدل المحاصصة في تقلد الوظائف العمومية، بما يضمن توزيعها تباع لذلك على المكونات الوطنية؛
  38. مطلوب اتباع تمييز إيجابي لصالح ضحايا الرق وأصحاب المظالم؛
  39. مطلوب تقوية قدرات الإداخار لتوفير موارد مالية للاستثمار في المشاريع التنموية المهمة؛
  40. مطلوب وضع إصلاحات اقتصادية وإدارية تعالج الاختلالات الكامنة في الإدارة والمؤسسات؛
  41. لا بد من تجسيد النوايا الحسنة لدى السلطة في إرادة حقيقية لتحقيق التنمية والعدالة؛
  42. يجب تضافر الجهود للمحافظة على كيان الدولة وحمايته من أي خطر يهدده؛
  43. مطلوب تطبيق مبدأ المكافأة والعقوبة؛
  44. من الضروري تطبيق القانون بكل صرامة وتنفيذ أحكام القضاء؛
  45. على النخب الوطنية أن تتحمل مسؤولياتها وتتخلى عن المسلكيات المقيتة من قبيل التزلف لكل نظام جديد؛
  46. تثمين ومتابعة وتطوير الإستثمار في تعميق مناخ الانفتاح العام الحالي والمزاج السياسي الإيجابي بين الدولة وأصحاب القرار من جهة، والفرقاء في الساحة العامة؛
  47. المطالبة بالترتيب لإجراء جوار وطني شامل سياسي واجتماعي غير نمطي، وغير موجه لغرض معين غير تشجيع إعادة بناء المؤسسات وتفعيل الأدوار المختلفة في إطار دولة القانون..
  48. مطلوب مراجعة قانون الانتخابات وإعادة هيكلة الإدارة الموريتانية؛
  49. مطلوب ترسيم اللغة العربية طبقا لمقتضيات الدستور؛
  50. مطلوبة الاستفادة من التجارب الناجحة لبعض الدول مثل رواندا في مجال الصحة والتعليم وتدبير الحكامة الرشيدة ؛
  51. الحاجة الملحة إلى تطوير تكوين الموارد البشرية وترشيد إستغلالها والعناية بها؛
  52. مطلوب تكثيف التوعية والتحسيس باعتبارهما المدخلان المناسبان لتغيير المجتمع؛
  53. مطلوب تكثيف التشاور من أجل تقديم حلول لمشكل الرق والتفاوت الطبقي؛
  54. أهمية الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد والاعتماد على الكفاءات الوطنية؛
  55. ضرورة تحمل النخب المسؤولية الوطنية؛
  56. مطلوب الاهتمام بالثقافة والبحث العلمي؛
  57. الاهتمام بالمطالعة وإنشاء مكتبات في الأحياء
  58. مطلوب الانتباه إلى حجم وخطر المحاصصة على وحدة وانسجام المجتمع؛
  59. مطلوب تحقيق العدالة والإنصاف بين المواطنين في ولوج الوظائف السياسية والإدارية؛
  60. ضرورة تضافر جهود الفاعلين لتثمين الأعمال اليدوية والتكوين المناسب لحاجيات السوق ؛
  61. المساهمة الفعالة في ترسيخ قيم أخلاقية مبنية على التنشئة السليمة على المواطنة ومبادئ العيش المشترك
  62. تأسيس ميثاق شرف ينخرط فيه كافة الشركاء للتغلب على أزمتنا الأخلاقية والتربوية ؛
  63. مطلوب مراجعة النظام السياسي والدستوري وإعادة التوازن للنظام الجمهوري؛
  64. لا بد من إنشاء شركات إنتاج وطنية قطاعية كبرى ذات رأس مال مختلط تخفف العبء عن الإدارة وتتولى التسيير العصري والمباشر للقطاعات الحيوية؛
  65. من ضرورة القيام بإصلاح إداري عميق؛
  66. مطلوب تثمين عمل لجنة التحقيق البرلمانية، وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان؛
  67. مطلوب تمكين أهل الجد والإخلاص للصالح العام من الولوج إلى الوظائف السياسية والإدارية؛
  68. مطلوب خلق إجماع وطني يتجدد من خلاله الأمل في مستقبل تنموي واعد ومستديم للوطن والشعب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الملحقات

 

 

 

 

 

 

 

 

برنامج الندوة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المدعوين

  الاسم الكامل   الاسم الكامل
1.         أحمد  ولد آب 32. العيد ولد  محمدن
2.         احمد  ولد الوافي 33. كاديجاتا مالك جالو
3.         أحمد ولد  هارون 34. لو كورمو عبدول
4.         أحمدو ولد  عبد الله 35. محفوظ ولد  حادي
5.         أسغير ولد  العتيق 36. محمد  الحسن  ولد  لبات
6.         أسغير ولد أمبارك 37. محمد الامين السالم ولد الداه
7.         اسلم ولد محمد 38. محمد الأمين ولد  الناتي
8.         اسماعيل ولد  اعمر 39. محمد بوي  ولد  الشيخ  محمد  فاضل
9.         أعلي ولد  اصنيبه 40. محمد جميل منصور
10.      با عبدول 41. محمد غلام الحاج الشيخ
11.      باباه سيدي عبد  الله 42. محمد فال ولد  هنضيه
12.      البكاي ولد  عبد  المالك 43. محمد محمود ولد لمات
13.      توتو بنت خطري 44. محمد ولد  احظانا
14.      التيجاني ولد  كريم  45. محمد ولد  احمدناه
15.      خالد ولد  لبات 46. محمد ولد  العابد
16.      الخليل النحوي 47. محمد ولد  خباز
17.      داوود ولد  احمد عيشه 48. محمد ولد  سيد احمد فال ( بوياتي)
18.      الدفالي ولد  الشين 49. محمد ولد  شيخنا
19.      ديدي  ولد  السالك 50. محمد ولد البرناوي
20.      السعد ولد  بيه 51. محمد يحظيه ولد  ابريد  الليل
21.      سيد  أعمر ولد  شيخنا 52. محمدن ولد محمد الدنبجه
22.      سيدي  ولد  اليسع 53. محمدو الناجي ولد  محمد ولد  احمد
23.      سيدي محمد ولد  محم 54. محمذن ولد  محمودا
24.      سيدي ولد  سيد  احمد 55. المختار ولد  داهي
25.      الشيخ احمد ولد  الزحاف 56. المدير ولد  بونه
26.      الشيخ الطالب اخيار ولد  مامين 57. مسعوده بنت بحام
27.      الشيخ ولد  حننه 58. ممد ولد احمد
28.      عبد  الرحمن ولد  ميني 59. موسى افال
29.      عبد  القادر ولد  محمد 60 موسى ولد  حامد
30.      عبد الرحمن ولد القاظي 61 النانه بنت  شيخنا
31. عبد الله ممادو باه 62 هيبتنا ولد سيدي هيبه
    63 يعقوب جالو

 

لائحة الحاضرين

الاسم الكامل الاسم الكامل
1.     أحمد ولد  هارون 2.     لو كورمو عبدول
3.     أسغير ولد  العتيق 4.     محفوظ ولد  حادي
5.     أسغير ولد أمبارك 6.     محمدو  ولد  أمَيِنْ
7.     اسلم ولد محمد 8.     محمد بوي  ولد  الشيخ  محمد  فاضل
9.     أعلي ولد  اصنيبه 10.                       محمد جميل منصور
11.                       با عبدول 12.                       محمد غلام الحاج الشيخ
13.                       البكاي ولد  عبد  المالك 14.                       محمد فال ولد  هنضيه
15.                       توتو بنت خطري 16.                       محمد محمود ولد لمات
17.                       التيجاني ولد  كريم  18.                       محمد ولد  احمدناه
19.                       خالد ولد  لبات 20.                       محمد ولد  العابد
21.                       الخليل النحوي 22.                       محمد ولد  سيد احمد فال ( بوياتي)
23.                       داوود ولد  احمد عيشه 24.                       محمد يحظيه ولد  ابريد  الليل
25.                       الدفالي ولد  الشين 26.                       محمدن ولد محمد الدنبجه
27.                       ديدي  ولد  السالك 28.                       المختار ولد  داهي
29.                       سيد  أعمر ولد  شيخنا 30.                      المدير ولد  بونه
31.                       سييدي ولد  سيد  احمد 32.                      مسعوده بنت بحام
33.                       الشيخ احمد ولد  الزحاف 34.                      أممد ولد احمد
35.                       الطالب اخيار ولد  مامين 36.                      موسى افال
37.                       عبد  القادر ولد  محمد 38.                      موسى ولد  حامد
39.                       عبد الرحمن ولد القاظي 40.                      هيبتنا ولد سيدي هيبه
41.                       كاديجاتا مالك جالو 42.                       

 

لائحة المتدخلين

1.     أحمد ولد  هارون
2.     أسغير ولد أمبارك
3.     اسلم ولد محمد
4.     أعلي ولد  اصنيبه
5.     با عبدول
6.     توتو بنت خطري
7.     التيجاني ولد  كريم 
8.     خالد ولد  لبات
9.     الخليل النحوي
10.                       داوود ولد  احمد عيشه
11.                       الدفالي ولد  الشين
12.                       ديدي  ولد  السالك
13.                       سيد  أعمر ولد  شيخنا
14.                       الشيخ احمد ولد  الزحاف
15.                       الطالب اخيار ولد  مامين
16.                       عبد الرحمن ولد القاظي
17.                       كاديجاتا مالك جالو
18.                       لو كورمو عبدول
19.                       محمدو  ولد  أمَيِنْ
20.                       محمد بوي  ولد  الشيخ  محمد  فاضل
21.                       محمد جميل منصور
22.                       محمد غلام الحاج الشيخ
23.                       محمد فال ولد  هنضيه
24.                       محمد ولد  العابد
25.                       محمد ولد  سيد احمد فال ( بوياتي)
26.                       محمد يحظيه ولد  ابريد  الليل
27.                       محمدن ولد محمد الدنبجه
28.                       المختار ولد  داهي
29.                       أممد ولد احمد
30.                       هيبتنا ولد سيدي هيبه
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أبروتوكول المداخلات

يتيح المركز فرصة المشاركة في مناقشة موضوع الندوة بشكل حر، لكل متدخل يرغب في الحديث حسب البروتوكول التالي:

1- يمنح كل متدخل حق التحد ث مرة واحدة على الأقل في الجلسات العامة للتعبير عن رأيه وإعطاء تصوراته حول موضوع الندوة ؛

2- يطلب من كل متدخل الإلتزام بصلب الموضوع: ما الحصيلة؟ وما المطلوب ؟

3- ضوابط التحدث في الندوة مستلهمة من تقاليد شاتم هاوس/المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية، من حيث تشجيع المتدخلين على التعبير بكل حرية عن آرائهم بصفتهم الشخصية، وليس بوصفهم ممثلين لهيئات أو مؤسسات معينة بالضرورة؛

4 – يحرص المركز على توثيق مداولات الندوة بالتركيز على المضامين والأفكار والمقترحات والتوصيات، وذلك من خلال تكليف هيئة من المقررين، مؤلفة من شخصيات مرجعية، يسعد المركز أن يقدمهم إليكم، وهم:

  • الأستاذ محمد المختار ولد محمذ فال، كاتب/ صحفي؛
  • د. محمد ا لأمين ولد إبراهيم/ قانوني/أكاديمي ومؤلف؛
  • د. أم كلثوم بنت حامدينو، أكاديمية وخبيرة .

5- سيعمل المركز على نشر أعمال الندوة في كتيب يكون متاحا للرأي العام ولصناع القرار .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *