أرضية ندوة : التجربة البرلمانية في موريتانيا ما بين 1992- 2024: الحصيلة والآفاق.
تعتبر التجربة البرلمانية في موريتانيا حديثة نسبيا، مقارنة مع بعض التجارب البرلمانية في العالم ، وقد بدأت تلك التجربة في أربعينيات القرن العشرين في ظل الاستعمار الفرنسي الذي خضعت له موريتانيا بداية القرن الماضي، حيث مرت تلك التجربة، منذ انطلاقها بثلاث مراحل متمايزة من حيث الشكل والمضمون، فكانت البداية في ظل الإدارة الاستعمارية الفرنسية، حيث أجريت أول انتخابات برلمانية في 1946 على المقاعد الخاصة بممثلي “بلدان ما وراء البحار” في الجمعية الوطنية الفرنسية، وقد استمرت تلك التجربة حتى نهاية الفترة الاستعمارية 1960.
لكن التجربة البرلمانية ستعرف نمطا جديدا مع حصول موريتانيا على استقلالها من الاستعمار الفرنسي، وتغير شكل النظام من نظام برلماني إلى نظام رئاسي وكذلك تغير الممارسة السياسية، من التعددية الحزبية التي كانت قائمة في ظل الاستعمار إلى الأحادية الحزبية وهيمنة الحزب الواحد – حزب الشعب – على الحياة السياسية ، الذي جاء به التعديل الدستوري 1965 لي دستور 1961، وتحول العمل البرلماني إلى ممارسة شكلية الغرض منها إضفاء الشرعية على العمل التنفيذي وتبرير سياسات السلطة الحاكمة، وقد استمرت هذه التجربة البرلمانية طيلة فترة الحكم المدني الممتدة ما بين 1960 – 1978.
وبعد تعطيل النظام العسكري الذي جاء به انقلاب 1978 للحياة البرلمانية بموريتانيا، فإنها ستعرف انطلاقة جديدة، مع إقرار دستور 20 يوليو 1991، الذي كرس التعددية السياسية والحزبية، فجاء الدستور الجديد بنظام برلماني ثنائي التشكيلة، من غرفتين :هما الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ اللتان تم انتخابهما في 1992، لكن التعديل الدستوري لسنة 2017 تم بموجبه إلغاء غرفة الشيوخ، مما جعل البرلمان يتحول من الثنائية البرلمانية إلى برلمان أحادي الغرفة.
وقد تميزت التجربة البرلمانية الموريتانية الثالثة التي انطلقت في عام 1992، بالإستمرارية عكس التجارب السابقة، ورغم ما راكمته من تجارب في الممارسة البرلمانية وما فتحت من نقاشات للقضايا الوطنية، فإن تلك التجربة واجهت تحديات خلال العقود الماضة، بعضها ذاتي وبعضها موضوعي، حالت دون قيام البرلمان بمهامه المعهودة على الوجه المطلوب، وما كان معلقا على الحياة البرلمانية الجديدة من آمال في دفع مسار الانتقال الديمقراطي بموريتانيا، بل إن التشكيلات البرلمانية المتعاقبة أظهرت عجزا متزايدا عن لعب دورها المعهود ، فالقيام بالمهام التقليدية للبرلمانات في العالم، كمهمة سن القوانين والتشريع بصفة عامة ومراقبة عمل السلطة التنفيذية وترشيد العمل الحكومي وطرح نفسه كقوة اقتراحية تساعد في خلق ديناميكية للتنمية في البلد، الذي تظهر التقارير الدولية تأخره على مؤشرات التنمية .
وعموما تميزت التجربة البرلمانية الموريتانية، عبر مسار تطورها، بما يلي :
- أن الممارسة البرلمانية في موريتانيا، كانت سابقة على وجود الدولة الوطنية.
- أنها كانت تجربة متقطعة من حيث الزمان، قبل التجربة البرلمانية الأخيرة التي انطلقت منذ 1992.
- أن التجربة البرلمانية في موريتانيا، لم تعرف نمطا واحدا، بل كانت مختلفة من حيث الشكل والمضمون.
- أن الممارسة البرلمانية كان يهيمن عليها الحزب الحاكم، رغم مشاركة أحزاب المعارضة في التجربة الأخيرة، منذ 2001.
سعيا من المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية، لتقيم التجربة البرلمانية الموريتانية، فإن المركز سيعمل على تنظيم ندوة علمية موسعة، حول : “التجربة البرلمانية في موريتانيا ما بين 1992 – 2024: الحصيلة والآفاق”، يومي 26-27 أكتوبر 2024 بنواكشوط، بالشراكة مع الجمعية الوطنية، من أجل فتح نقاش وطني شامل حول تلك التجربة، بهدف تقييمها تقييما موضوعيا والوقوف على نقاط ضعفها وبإبراز مكاسبها، لدفع العمل البرلماني في موريتانيا، انطلاقا من أن فاعلية العمل البرلماني، رافعة مهمة لبلوغ أهداف التنمية في البلاد.